كما أفكر
أكرم حماد
رفع مستويات اللاعبين وليس المشجعين يا كوكي
يقول الأخ القاريء محمد الواثق رداً على حديثي في مقال أمس عن اندرزينهو (لو قيّض الله لنا بصيرة متواضعة بالتفريق بين الموهبة وبين ضدها للتمييز بين لاعبي كرة القدم ومن يمارسونها لانصفنا ومن المرة الأولى اللاعب البرازيلي اندرزينهو وصنفناه من الموهوبين جدا.. لدينا مشكلة حقيقية في ذائقتنا وفي بصرنا وفي احساسنا بالفنون عموما.. اندرزينهو .. موهوب ومن طراز فريد في وسط الملعب).
وأنا أقول للأخ القاريء إذا كانت هناك مشكلة حقيقية فهي تتعلق بك وبإستيعابك للجزئية المتعلقة باندرزينهو.. فانا لم أتحدث عن إمتلاك النجم البرازيلي للمهارات من عدمه.. فهو يمتلك المهارات دون أدنى شك بل مهاراته حسب الفيديو الذي شاهدناه عالية جداً.. ولكنني تحدثتُ عن الفائدة التي يمكن أن يقدمها للهلال.. فمجرد إمتلاك اللاعب للمهارة أو الموهبة لا يعني بالضرورة أنه سيقدم الإضافة للفريق.. أكبر مثال على ذلك وارغو الذي جاء إلى المريخ تسبقه سمعة كبيرة ولكنه فشل.. ليس لأنه لاعب محدود القدرات.. وإنما لأن هناك شيء إسمه التوفيق وهناك شيء آخر إسمه عدم التوفيق لأسباب أو لأخرى.. حتى اوتوبونغ الذي جاء إلى الهلال لم يكن مهاجماً متواضعاً من ناحية الإمكانيات.. فقد كان يقدم مستويات كبيرة في الدوري المصري.. ولكنه لم ينجح مع الهلال.. والأمثلة العالمية كثيرة من بينها زلاتان ابراهيموفيتش الذي ورغم إمتلاكه لمهارات إستثنائية إلا أنه لم ينجح مع برشلونة.. وكذلك فالكاو مع مانشستر يونايتد.. شنايدر وروبن مع ريال مدريد وتوريس مع تشلسي وقبل كل هؤلاء هنري مع اليوفي.. إلخ.
أنا لم أحكم إيجاباً أو سلباً على اندرزينهو.. بل طالبتُ بعدم الإستعجال في تقييمه.. لأنه لم يلعب حتى الآن سوى مباراتين فقط.. الأمل عطبرة والخرطوم الوطني.. والتقييم أو القراءة يجب أن تتم بعد أن نشاهد اللاعب في خمس أو ست مباريات على الأقل.. حتى هذه الفترة لا يمكنها أن تخلق أو تصنع قراءة دقيقة ولكنها على الأقل تجعل القراءة الأولية مقبولة.
الأيام وحدها ستوضح الإضافة التي يمكن أن يقدمها اندرزينهو.. بمعنى أن الكرة في ملعب اللاعب البرازيلي.. ولكن هناك لاعبين آخرين في الهلال لا يجدون الفرص الكافية حتى يتم الحكم عليهم إيجاباً أو سلباً ومن بينهم النجم المظلوم فيصل موسى والذي يعيش الآن نفس التفاصيل التي عاشها في المريخ.
فيصل موسى لاعب حريف وصاحب إمكانيات فنية طيبة وأذكر أن كابتن المريخ السابق محمد موسى قال لي أن فيصل موسى سينجح مع الهلال إذا وجد الفرصة ولكنه للأسف لم يجد الفرصة فهو لا يشارك حتى في الشوط الثاني وهو أمر سلبي بالطبع وقد ينعكس على الحالة النفسية للاعب.. فلا يوجد لاعب صاحب إمكانيات عالية يقبل أن يكون مهمشاً لدرجة أن لا يشارك ولو لدقائق قليلة في عدد من المباريات.
وهناك ايضاً سيدي بيه اللاعب الموهوب والذي تألق في الدورة الأولى أمام الميرغني كسلا وتوقعنا بعد ذلك أن يواصل المستويات الجيدة ولكنه وجد نفسه بعد فترة قليلة في دكة البدلاء.. ولا ندري ما هو السبب الحقيقي لعدم مشاركة لاعب بموهبة سيدي بيه ولو في الشوط الثاني.. مع الإشارة إلى ان هناك إفادات للكاردينال للزميلة قوون قال من خلالها أن اللاعب لم يكن يريد أن يواصل مع الهلال.. بمعنى أن تركيزه خارج نطاق الفريق.. وأنا هنا أقول طالما أن اللاعب موجود الآن في الهلال فيجب الإستفادة من خدماته.. وهذا الأمر يتطلب الجلوس معه ومعرفة الأسباب التي تحول دون مشاركته أو دون تقديمه للمستويات الطيبة عندما يشارك
الهلال يحتاج إلى كل نجومه في الفترة القادمة.. فهناك إصابات.. إيقافات.. ويجب أن تكون المداورة محصورة بشكل مدروس في التشكيلة بإشراك لاعب أو لاعبين فقط (للحفاظ على التناغم).. هذا بالإضافة إلى التبديلات في الشوط الثاني والتي يمكن من خلالها منح الفرص لعدد من اللاعبين حسب ظروف المباريات وحسب الحوجة.. فهناك مباريات تحتاج فيها لصانع لعب.. بالتالي يمكن الدفع بفيصل موسى أو سيدي بيه.. ولا ننسى وليد علاء الدين الذي قدم أوراق إعتماده في المباريات التي شارك فيها.. وهناك مباريات تحتاج إلى حلول هجومية في الشوط الثاني وهناك صلاح الجزولي ووليد الشعلة.. بمعنى أن الأمور لا تنحصر في كيبي وجوليام وكاريكا فقط.. وفي الدفاع هناك مالك وكانوتيه.

صباح الخير بالليل
الكوكي مستاء من جماهير الهلال واصفاً إياها بالجماهير المتفرجة مطالباً بالتشجيع الداوي.. مسكين الكوكي.. لا يعلم أن الجمهور السوداني جمهور (متفرج) في الأصل.. وأن التشجيع يكون في البداية فقط وبعد ذلك يتحول الجميع إلى مدربين.. عفواً.. منظراتية.. مع قليل من الفول المدمس وكثير من التسالي وشيء من قصب السكر.
شاهدتُ الكثير من المباريات في الملاعب المختلفة ولكن أكثر مباراة عالقى في ذهني هي مباراة منتخبنا الوطني ونظيره النيجيري في تصفيات كأس العالم 2002.. فقد دخلتُ إلى المباراة ومعي عدد من الأصدقاء منذ الساعة الثانية ظهراً.. وقد كان الملعب ممتليء عن آخره قبل ست ساعات كاملة من إنطلاقة المباراة.. والأمر اللافت للنظر هو أن الجمهور كان يشجع بحرارة ولمدة ست ساعات متواصلة رغم سخونة الأجواء.. هتافات.. تصفيق داوي.. أمواج مكسيكية على الطريقة السودانية.. وبمجرد أن بدأت المباراة توقف كل هذا.. وأصبح الكل مبهور بلمسات النجم النيجيري اوكوشا.. بمعنى ان الجمهور كان يشجع قبل المباراة في النجيل والمرمى ولوحات الإعلانات.
أعود وأقول وبدلاً من أن يتحدث عن الجمهور يجب أن يعمل الكوكي على تطوير شكل الفريق ورفع مستويات اللاعبين.. فالكوكي لم يتم التعاقد معه لتدريب الجمهور.. وإنما لتدريب اللاعبين وقيادة الفريق نحو البطولات.. والخروج عن صلب الموضوع يدل على حالة التوتر التي يعيشها هذا المدرب بعد الصعوبات التي وجدها في مباراة الخرطوم الوطني لتحقيق الفوز.. هذا بالإضافة إلى الصعوبات المتواصلة والمتعلقة بالنواحي التهديفية الضعيفة.
عزيزي الكوكي.. عندما لعب الهلال مباراة كبيرة أمام مازيمبي في الكونغو لم يكن هناك جمهور للهلال.. فقد كانت المباراة في حضرة جماهير الفريق الكنغولي.. بالتالي لا يجب الحديث عن أمر ثانوي.. فالإنتصارات يحققها اللاعبين وتُحضر لها الاجهزة الفنية.. الجمهور يُمكن أن يكون اللاعب رقم 12 (في بعض الحالات وإذا كان واعياً من الأساس).. ولكنه ليس اللاعب رقم واحد كما يتحدث البعض.. لو كان الجمهور اللاعب رقم واحد لما خسرت البرازيل من المانيا في عقر دارها بسباعية!