بهرجة المعسكرات الإعدادية..!
إعلام القمة ومروجي الصحف الرياضية يصرون بعناد شديد على إعادة أفلام كل عام، وكتاباتهم الممجوجة عن المعسكرات الإعدادية التي يقيمها حسن وحسين في الخارج غالباً، وهي المعسكرات التي يبدأ منها تضليل القراء البسطاء بتلك الطريقة التي يكتب بها في الصحف اليومية عن التدريبات وتألق النجم فلان وتمزيق علان للشباك ووعوده بتحطيم الأرقام القياسية في قوائم هدافي البطولات القادمة وكالعادة يبدأ الموسم وينصدم الجمهور بأن كل ما كانت الصحف تنقله وتكتب عنه ماهي إلا أضغاث أحلام ولا مكانة لكل ذلك في الواقع المعاش.. ومن الأشياء التي اعتدنا عليها أيضاً في بداية كل موسم أو بداية كل نصف من الموسم، ذلك المدح غير الطبيعي للنجوم الجدد في كل فرقة، فالصحف المريخية التي صدرت في الفترة الأخيرة حطمت أدمغتنا في الغزل الصريح وغير الصريح في قدرات مهدي بن ضيف الله وهيثم مرابط وحتى النجو الصغار الذين التحقوا بالفريق ضمن الفئات العمرية الشبابية، فكل منهم يساوي ميسي وأنييستا وتشافي هيرنانديز بحسب التصوير، وأجمل ما كتب، أو قل أكثرها إثارة للضحك.. وشر البلية ما يضحك دائماً في رياضتنا ذلك الحديث الذي اتفق على متابته كبار الكتاب الحمر: تسجيلات المريخ جاءت وفق رؤية فنية ثاقبة ولبت كل الإحتياجات والثغرات الموجودة في الفريق، وما يمكننا فهمه هنا أن المريخ بات منذ الآن فصاعداً بلا ثغرات وأننا لن نسمع ذلك الموال الذي يعيد إخفاقات الفريق إلى حادثة وفاة إيداهور والإصابات وغيرها من الشماعات التي علقنا عليها خسارة الفريق أمام الهلال.
بالنسبة لي شخصياً ليس هنالك ما هو جديد، لأن هذه العبارات ظلت تكتب منذ أكثر من عشر سنوات بالكربون ومهما كانت تعاقدات نادي القمة فهنالك عدد من الزملاء يمتدحونها حتى يخال لك أنك سوف تشاهد العجب من فنون كرة القدم، وفي كل مرة نأتي ونكتشف العكس لأن من يكتبون ذلك الكلام ببساطة ليس من هوايتهم مشاهدة كرة القدم حتى يقيموا مستويات اللاعبين وكل ما يهمهم هو تلميع ذلك العمل ووقاية بعض الإداريين من تهمة العشوائية في الإختيار وتبديد الأموال في تعاقدات بعيدة عن حاجة الفريق والرؤية الفنية، ورغم أنها مشاهد مكررة وممجوجة ومكشوفة إلا أنها مستمرة ولا أعرف إلى متى.. ولكنه مستمرة.
في المعسكر الآخر تسابق نجوم الصحافة الزرقاء وبما تبقت من معنويات الفوز على المريخ نحو مدح نجوم الهلال القدامى والجدد، والغريبة أنهم نفس اللاعبين الذين نالوا أقساطاً من الشتائم والإنتقادات والتقليل من الشأن والترشيح للشطب، ومن غير المنطقي والمعقول أن يتحول الواحد منهم بين ليلة وضحاها من لاعب (لا يشبه) الهلال ولا يستحق الدفاع عن شعاره لمجرد أنه تألق أمام المريخ وقاد الفريق لفوز قلص الفارق بينه والخصم المتصدر، ولا يمكن أن يكون الفوز على المريخ قد غير صورة ذات اللاعب أمام هلال كادقلي وحي العرب وأمام الإسماعيلي المصري عندما أسقط الهلال على أرضه وبين جماهيره وأبعده عن دوري أبطال أفريقيا وهو ما يدل على أن العملية التنافسية عندنا تتحكم فيها مقادير الحساسية بين الناديين فقط وهو وضع غريب لا يساعد على التقدم أبداً.
المعروف أن المعسكرات الإعدادية تقام بناءً على رؤى فنية بحتة من أجل تهيئة اللاعب بدنياً ونفسياً للسجال الطويل على المستويين الخارجي والداخلي، وكلما يجري فيها لا يعد مهماً على الإطلاق طالما أن هنالك مباريات رسمية سوف تلعب وطالما أن ذلك اللاعب الجديد سيخوضها ويثبت من خلالها وجوده أو يعلن فيها إخفاقه ولا داعي لإستعجال تألق النجوم هنا وهناك ونعتهم بصفات ربما ليست بهم وإطلاق الأحكام المسبقة عليهم دون أن يمنحوا الفرصة الكافية لإظهار قدراتهم الحقيقية.. وذلك إن أبدينا الإستعداد للمعرفة هو الغش بعينه، والخداع ذاته لأن المشجع البسيط يتابع أخبار المعسكرات هذه بنوع من الشغف، ويصدق كل ما تكتبه الصحف ويبني كل آراءه على تلك الأخبار وعندما يرى على أرض الواقع أشياء مخالفة تتآكل الثقة بينه وبين الصحف والصحفيين الذين كتبوا ذلك ونسبة لكثرة التكرار إنهارت الثقة فعلاً بين الصحف وجماهير الكرة فأصبحت تشتري الصحف وكأنها تمني نفسها قراءة خبر واحد صحيح وجاد من بين كل مائة خبر.. والبعض يبحث قرر عدم متابعة الصحف الرياضية لذلك تقلص توزيعها من مئات الآلاف إلى أقل من مائة ألف نسخة لكل الصحف الرياضية في الظروف الطبيعية.