• ×
الجمعة 26 أبريل 2024 | 04-25-2024
عبدالله مسعود

حصاد الألسن

عبدالله مسعود

 1  0  1804
عبدالله مسعود
حصاد الألسن عبدالله مسعود
يا حبنا الكبير
كنا في أوائل الستينات وحتي أواخر السبعينات نحرص علي إرتياد دور الرياضة لمشاهدة مباريات الهلال وتلك المباريات التي تؤثر نتائجها علي مسيرة الهلال في المنافسات. كنا من رواد المساطب الشمالية رغما عن أننا طلبة وذلك بفضل أريحية عبداللطيف زروق "عوض الله" سكرتير الهلال لاحقا الذي كان يصحبني أنا وشقيق زوجته أخي الحبيب أحمد الشايقي إلي المباريات ويعزمنا علي العشاء قبل أن يعيدنا لداخليات الجامعة. إستمرت تلك العادة حتي بعد تخرجنا في الجامعة ماعدا الأوقات التي يكون فيها عوض الله خارج العاصمة.
كنا نجلس في الصف الأخير قرب الحائط غير آبهين لما يحف ذلك من مخاطر عندما تتعذر الرؤية لوقوف الرواد من "الشفقة". كان الصف الأخير يضم في الغالب الأعم عبدالله مسعود - أحمد الشايقي - إلياس كردمان - عثمان عبدالرحمن الشيخ "عثمان أبونضارات" - عبدالرحمن التني - عاصم موافي - مسعود حسن حمو. الصف الذي يليه كان يضم عوض الله زروق عبدالباسط حسين يعقوب أحمد بدر عبد الرحيم ومحمد عطاي الذي كان يحضر خصيصا لمباريات الهلال من مسقط رأسه الدويم. ما يلي هذا الصف كان يضم الطيب عبدالله محمد عبدالرحمن "نافو" الذي كان حريصا علي أن يصحبه أبناه وهما بالكاد قد بلغا سن التمييز. أما علي اليمين منا وبعد الممر وعلي بعد ثلاثة أو أربعة صفوف إلي الأسفل كان يقف عم حمودة "موظف البريد والبرق" ذلك الهلالي المتيم الذي لم يشاهده أحد جلوسا في مباريات الهلال وقل أن تبارح لفافة التبغ يده التي ترتجف علي الدوام إن كان الهلال منتصرا أو مهزوما. أمام عم حمودة كان يجلس د. علي شبيكة والثنائي السني الضوي وإبراهيم أبودية "مريخي الهوي". كان كل منا يشجع علي طريقته فالتشجيع الجماعي المنظم والأهازيج التي عرفها حتي العالم الرابع كانت ولا زالت عصية علينا. بقاري كان يثير حماس لاعبي الهلال وإن أدي ذلك لشتمهم وإلياس كردمان كان يطلق التشبيهات والنعوت اللاذعة والمضحكة علي اللاعبين والحكام علي حد سواء، وعلي سائق التاكسي الذي تبرع بإحضار عم سنجاوي لجميع المباريات كان يزرع الممر جيئة وذهابا وهو يبرطم ولا يلقي نظرة علي المباراة إلا لماما، وعطاي يصر علي أن المباراة مكتوفة كلما ضاع هدف، وعلي البعد يأتينا صوت عبدالكريم الزبير "كبير مشجعي الهلال" من المساطب الجانبية متهكما علي صديقه وغريمه ميرغني الشايقي وعلي سائر المريخيين إذ كانا يجلسان معا في الجهة الشمالية من إستاد الخرطوم والمخصصة لمشجعي الهلال.
شهدت مئات المباريات للهلال إلا أن هنالك مباريتان حفرتا في الذاكرة. كانت المباراة الأولي في نهاية دوري عام 1960م. كانت للموردة فرصتان للفوز بالدوري، الفوز أو التعادل وكانت فرصة الهلال في تحقيق بطولة الدوري هي الفوز فقط.
كانت المباريات تقام بعد الظهر لعدم وجود إنارة في إستاد الخرطوم وقتئذ. دخل فريق الموردة قبل فريق الهلال فارتعدت فرائصنا "فالموردة بتلعب" وانطلقت صرخات داوية متفرقة (درون نكسب غالبين نكسب). بدأت المباراة ولم تمض بضع دقائق حتي بادرالهلال بالتسجيل فضغطت الموردة وسجل لاعبها بكري عثمان التعادل، سجل الهلال هدفا ثانيا وعادل بكري للموردة أيضا مع أنه كان ثيرد باك الموردة. كلما تلقوا هدفا قاد بكري هجمة من الدفاع لينهيها بهدف ثم يرجع ليدافع. بقي من الوقت عشر دقائق وضغط الهلال وإستمات دفاع الموردة بقيادة بكري. وفي الوقت الضائع أحرز الهلال هدف الفوز الذي لم إعرف حتي الآن من أحرزه إذ دخل مع الكرة في شباك الموردة الكوارتي وممي ودريسة وأمين زكي. المباراة الثانية كانت في 31/7/1963م في ليلة ختام المولد. أدي الهلال مباراة بطولية إذ كان عليه وقف سيل المتواليات المريخية. ولجنا إستاد الخرطوم في وقت مبكر. عندما أضيئ الملعب وأزفت ساعة اللعب تجمع غبار كثيف إلا أنه ظل عالقا في الفضاء ثم ما لبث أن إنقشع فحمدنا الله. أدي جميع اللاعبين مباراة أكثر من رائعة إلا أن ما لفت نظري كان أداء متوسط دفاع الهلال رحمي الذي إستطاع أن يحبس جميع مهاجمي المريخ بما فيهم القانون في خندق ويقفل عليهم ويضع المفتاح في جيبه الخلفي ليسلمه للحكم بعد المباراة للإفراج عن الأسري. كان رحمي مصابا بكسر في يده اليسري التي ضمدت بجريدة وعصابة ليتمكن من اللعب. أحرز الهدف الذي أكسب الهلال بطولة الدوري وأنهي المتواليات لاعب الهلال الجديد نصر الدين عباس جاكسون الملقب بجكسا. خرجت صحيفة الرأي العام في اليوم التالي بعنوان رئيس يقول: "رحمي يجسد التضحية في أسمي معانيها". رحم الله من قضي نحبه من الأحباب والأصدقاء والمعارف الذين جمعنا بهم حبنا الكبير وأطال الله عمر من ينتظر.
عبدالله مسعود - الرياض المملكة العربية السعودية
19/2/1434هـ الموافق 1/1/2013م


امسح للحصول على الرابط
بواسطة : عبدالله مسعود
 1  0
التعليقات ( 1 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    ود الهلال 01-02-2013 09:0
    علقت على المقال السابق وقلت راي بكل صراحة في ما يكتبه قلم الاستاذ مسعود وهاهو يعود مع كل مقال جديد مبحرا في عالم الانا ليؤكد ما ذهبنا اليه بأن الرجل يعيش حالة نفسية يصعب البرء منها وهو في هذه السن. كثير من ذكرتهم في هذا المقال محفوظين في ذاكرة الاجيال أما شخصك مع الاحترام فمن المؤكد أنه ليس بينهم لذلك تصر على مواصلة الحديث عن نفسك وتلميعها رغم عطائها المتواضع متوهما انك بذلك ستكون بين العظام الخالدين في سجل مسيرة العطاء والقيادة في هذا الكيان العظيم. دون شك اذا اردنا ان نذكر الاستاذ مسعود ودوره وموقعه في مسيرة الهلال فسيسبقه عشرات الآلاف. شرف الانتماء لايعني يا استاذ أن الكيان قد تشرف بكم بأي حال من الأحوال.
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019