قوالب رياضية

ليلة جادت بالفرح الجميل

عبدالحي ابوزيد - الرياض



كلنا نحب الوطن .. رأيتها في نبضاتهم وفي احساسهم وفي انفعالاتهم وفي عيونهم وفي دمعاتهم مع كل لمسة وكل همسة .. كانت ليلة جادت بالفرح الجميل .. حينما تجسد روح الوطن في اعماقنا .. انها كرة القدم التي حركت فينا الشجون وكسرت فينا الظنون لنعيد الثقة في انفسنا ونقدم للعالم جملا مفيدة فيها الكثير مما نملكه من حب وطاقات .. التحية لمازدا والتحية لاخوان البرنس الذين نالوا الاعجاب بما قدموه في واحدة من اروع المباريات وهم يزيلون الدهشة ويفرضون اسم السودان في كل مكان ..

لم اكتب منذ زمن .. فانتصار السودان وتأهله اعاد لي روح الكتابة .. تسمرت كغيري أمام التلفازمن ابناء السودان الذين تفرغت منهم الشوارع في رياض الخير عاصمة العرب وهي تحتضن آهاتنا وتتدثر بمشاعرنا وتشاطرنا بالدعوات في اروع صورة كما كان اخوتنا الاشقاء في مصر وفي اكثر من موقع يتفاعلون وهم مشدودين مع التابلوهات التي قدمها ابناء اللاعبين في تلك الليلة الحالمة التي اعادت الينا سنوات الامتاع عندما كانت الكرة السودانية ذات شأن تلامس عنان السماء ..

الاحساس بالوطن موجود في وجدان كل مواطن سوداني واجترار الفرح في هذا الزمن هو في حد ذاته أمل جميل افتقدناه كثيرا .. فكرة القدم تحمل في جوفها الكثير من المعاني التي يمكنها ان تخزل فينا كل صنوف المتعة التي ننسى من خلالها همومنا .. وكل الذين راهنوا ان المنتخب الوطني لايجد التشجيع والمؤازرة قد خاب ظنهم بمثل ما تجده فرقنا متمثلة في الهلال والمريخ .. والشواهد تقول ان الجميع يحمل الوطن في حدقات العيون ودائما تمنياتهم في الانتظار على تجاوز الاحباطات ليكون السودان في مقدمة الدول وهي تنوء لهم بالفخر والاعزاز ..

ذهب المنتخب الي بطولة الامم الافريقية والكثير منا قد تملكه الشعور بانه لن يصنع فارقا يقدمه في هذه البطولة خاصة وان المجموعة التي تقع فيها السودان من الفرق ذات الوزن الثقيل التي تمتلك الفوارق الفنية بمحترفيها الذين لهم قدر كبير من التميز والتفوق .. كما ان الكثيرين سخطو من ضعف الاعداد وعدم مبالاة الاتحاد بالمنتخب ونال مانال المدير الفني مازدا الكثير من الانتقادات حيث طالب الكثيرين بعزله والاستفادة من منحة الاخوة الاشقاء في قطر في جلب جهاز فني اجنبي يستطيع ان يغير واقع المنتخب السوداني .. لكن الرجل تقبل كل قساوة النقد وصبر وكافح وراهن على اختياراته التي لم تخيب ظنه ..

منذ المباراة الاولى مع ساحل العاج رسم صقور الجديان خطا جديدا في التعامل مع هذه البطولة وهم يخيبون كل التوقعات ويقدمون مستوا كان جديرا با، يحلق بهم عاليا احرجوا به محترفي الافيال حيث وقف الحظ وبعض الاخطاء البسيطة في خط الدفاع ونالوا التصفيق والاعجاب من خبراء الكرة العالمية .. ولم تلين هممهم فقدموا امام انجولا واحدة من اجمل المباريات وايضا وقف الحظ امام التفوق وخرجنا بالتعادل الذي ارضي طموحاتنا .. لتجيء مباراة بوركينا فاسو وتعلن عن ميلاد جديد للكرة السودانية حيث قدم ابطال السودان ومن خلفهم المدرب الصبور مازدا احد اجمل المباريات في السنوات الاخيرة وهم يجندلون البوركيني درسا لن ينساه .. لتعم الافراح ارجاء السودان وأرجاء الوطن العربي الذين لم يبخلوا علينا بدعواتهم .. ليكون السودان في قمة الاحداث العالمية ..

اننا هنا لن نستثني احد من الابطال فكل واحد منهم ادى دوره كما رسم له بل اجاد كل لاعب في خانته وسطروا اجمل المفردات الكروية .. وبينوا ان اللاعب السوداني متى ما توفرت له المعينا ت فانه يبدع ويذهل لانه يمتلك الذكاء الفطرى والموهبة وحب كرة القدم التي اصبحت تشكل التقارب بين الشعوب ..

لابد ان تقوم الدولة بواجبها نحو دعم الرياضة بكل الامكانيات وتوفير البني التحتية لها وليس من المعقول ان تكون لدول اقل شأنا منا في احداث نقلة في هذا الجانب .. فمثل ما نبي الطرق والمصانع لابد ان نبني الشباب والتمنية لاتقوم الا بطاقاتهم .. والرياضة هي عنوان القدرة على التميز .. وهي التي ترسم ملامح الخلود وهي التي تبقى في السجلات محفورة في ناصية التاريخ .. نحتاج الي ثورة رياضية حتى لو وضعنا بنياتنا الاساسية طوبة طوبة باستنفار طاقات الشباب ..

الف الف مبروك للوطن الغالي بهذا الانجاز مع تمنياتنا ان يخيب منتخبنا الوطني التوقعات مرة اخرى ويتأهل عبر منتخب غانا لدور الاربعة .. زحينها يمكن ان نحلم بكأس الامم الافريقية هذا العام ونفتح الافاق للرياضة السودانية قولوا يارب .