يوم الحذن الكبير يوم الاربعاء الماضى لم تستطع شمس النهارالساطعة ان تحجب ا لظلام الذى خيم على السودان والسودانيين اينما وجدوا وعلى قبيلة الفن العالمى الذى لايعترف بالحدود او اللغة وذلك حذنا على رحيل الفنان المبدع محمدية الانسان حلو البسمة.
كما لم تستطع السماء ان تغرق السودان بسيولها بعد ان اغرقته سيول دموع الباكين على رحيل العالم الموسيقى محمدية الفنان سمح الكلمة عف االلسان
يوم رحيلك يا محمدية صمتت الاوتار والات الكمان وكفت عن الصداح الالحان واضربت سماعات الساوند عن الكلام حذنا على رحيل فارسها وقائدها محمدية الذى توج بين ملوكها على المستويين العربى والافريقى.
ففى يوم الحذن الكبير هذا رحل عن دنيانا الفانية محمدية الانسان ملك الكمان جسدا وسيبقى خالدا بابدعاته وانسانيته وحلو بسمته وسماحة كلمته وعفة لسانه التى يشهد عليها كل من عاشره عن قرب.
ولعلنى كنت من المحظوظين الذين انعم الله عليهم بالتعرف عليه عن قرب بعيدا عن الاوتار والالحان التى اوفاه زملاؤه ورفقاء دربه من الفنانين والعازفين الحديث عنها لاقف على ملامح محمدية الانسان حلو البسمة سمح الكلمة عفيف اللسان اخو الاخوان.
عرفته والتقيته وجالسته مع كوكبة من زملائه الفنانين المبدعين منذ الربع الاول من السبعينات رحمة الله على من رحل منهم واطال الله من بقى منهم وانعم عليهم بالصحة والعافية واخص منهم على سبيل المثال لا الحصر رفيق دربه وصديقه عازف الكمان عبد لله عربى وضابط الايقاع المبدع عبيد .
فلقد كنت ومجموعة من المسرحيين نحل ضيوفا واعضاء شرف على دار الفنا نين فى ذلك المنزل الحكومى الذى خصص لهم جوار الاذاعة والمسرح القومى حيث نقضى فترة الفراغ التى تسبق رفع ستارة المسرح وانطلاقة الفنانين نحو الحفلات الغنائية.
كان الفقيد محمدية فاكهة تلك الجلسات ببسمته وسماحة كلمته وضحكاته التى لا تنقطع وطرائفه وقفاشته التى لم يكن يجاريه فيه الا الفنان المبدع رحمة الله عليه خليل اسماعيل ورحمة الله علية الفنان الرقم زيدان عندما يحل احيانا بالنادى وتواصلت هذه الجلسات حتى نهاية الثمانينات بدار نقابة الفنانين الجديدة الحالية ويومها انضم للمنافسين لمحمدية فى سماحة اللفظ والطرفة رحمة الله عليه الذى اغتيل غدرا الفنان خوجلى عثمان ملك (الظرافة) والطرفة
و للتاريخ لابد ان اسجل هنا موقفا للفقيد محمدية وهو من الرياضيين الذين مارسوا كرة القدم لعبا وعشقا فلقد تصادف قرار حكومة النميرى رحمة لله عليه بمنح الفنانين قطعة ارض لتشييد دار لهم مع اصدارى لجريدة نجوم وكواكب الرياضية الفنية فى اغسطس 78.
ففى ذلك الوقت انفرد بى محمدية جانبا وهمس لى قائلا لماذا لا تتبنى مباراة بين الهلال والمريخ دعما للنقابة لتشيد دارها ولم يكن هذا قد خطر ببالى وقتها فشكرته و رحبت بفكرته وبحمد لله نجحنا يومها عبرا لصحيفة فى ان يلعب الهلال والموردة لصالح تشييد ا لدار وان يتنازلا عن الدخل والذى بلغ يومها ثمانية الف جنيه كانت تكفى لشراء 160طن حديد تسليح بسعر خمسين جنيها للطن يومها وكان الذى لعب ضربة البدايةمن منتصف الملعب رحمة الله عليه النقيب احمدا لمصطفى .
هذه المباراة موثقة فى ارشيف نجوم وكواكب
ويحمد لصاحب الاقترح محمدية انه هو المبادر بطرح الفكرة وهذا ما يجهله الفنانون
ثانى المواقف للفقيد محمدية والتى لم تغيب عن ذاكرتى انه انقذنى من موقف حرج مع زملائه الفنانين وما كان ليفعل ذلك لولا طبعه الانسانى لانه لا يعرف الغضب والانفعا ل .
ففى السبعينات كنت اعمل مديرا عاما لواحدة من المؤسسات التجارية ومقرها بالخرطوم2 جوار معهد الموسيقى والمسرح الذى كان يدرس فيه كوكبة من كبار الفنانين والعازفين فى بديات مشوار المعهد.
وكان اغلبية الفنانين ا لطلاب يتناولون افطارهم ببوفيه الشركة حيث نلتقى صباح كل يوم ولما علم الفنانون بالمزرعة طلبوامنى ان ينظموا رحلة لزملائهم بالمزرعة وتحدد يوم الجمعة للرحلة حيث اتفقنا ان احضر لهم صباح الجمعة بالمعهد لاصحبهم للمزرعة ولكنى نسيت الموعد ولم احضر اليهم حسب الاتفاق وكانوا قد تجمعوا فى االموعد المحدد وجهزوا امرهم(بخروفين)وكل ما يلزم مما اثار غضبهم فكانوا بانتظار وصولى صباح السبت ولحظة وصولى كانوا فى قمة الانفعال والغضب وبصفة خصة رحمة الله عليه الفنان الرقم محمد وردى ووقفت حائرا ابحث عن مخرج من هذا الحرج ولكن محمدية فاجأنى وهو يطلق ضحكته المعهودة ويقول لى:/
(0عافى منك مقلبت الفنانين اللتعودوا يمقلبوا الناس) ثم التفت اليهم وقال لهم(شوفوا المقالب حارة كيف) وهنا انقلب الحال وضحكوا جمعيا ونسو الحكاية فكان محمدية هو الذى اخرجنى من ذلك لموقف.
هكذاا كان محمدية المبدع فى انسانيته وسماحته قبل ان يكون رقما فى ا بداعه الفنى.
ربنا تقبله قبولا حسنا واغفر له ان كان مذنبا فتجاوزعن سيئاته واسكنه فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء والهم ا سرته الكبيرة والصغيرة الصبر واالسلوان وانا لله وانا اليه راجعون