• ×
الإثنين 29 أبريل 2024 | 04-28-2024
جلال داوود ابوجهينة

نحن كدة

جلال داوود ابوجهينة

 1  0  1567
جلال داوود ابوجهينة

قَضْمَة أولى :
تفاحة آدم جعلتنا نهبط من الجنة إلى الأرض ..
وتفاحة نيوتن أكَدَتْ لنا استحالة الصعود ..
وما بين التفاحتين يكمن بعض من سر الحياة ..
***
تفاحة آدم،، ذلك النتوء الغضروفي في الحنجرة والذي يتضخم عند البعض كدلالة على الوصول لسن البلوغ ضمن دلالات أخرى يشترك فيها جميع ذرية آدم .. ولكن البعض يتَمتٌع بها بشكل ظاهر وبائن للعيان .
البعض يقول أن النتوء هذا ظهر عند أبونا آدم مباشرة بعد أن أكل التفاحة وبعد أن قام ( إبليس ) بممارسة الوسوسة عليه بشكل منتظم دون كلل أو ملل حتى رضخ له.. ونزل بغضروفه المتضخم إلى الأرض فانتقلت جينات الغضروف إلى بعضٍ من نسله والذين صاروا فيما بعد منقسمين غضروفيا إلى فئتين ... والفئتين هم الرجال الذين إذا تحدثوا أو قاموا بالغناء أو الشرب أو البلع نجد أن غضروفهم المتضخم هذا ( تفاحة آدم ) يعلو و يهبط كما الزئبق في مقياس الحرارة .. حتى أن البعض يجد صعوبة في إحكام ربطة العنق أو استعمال آخر أزرار عند ياقة القميص.
إذن هم في ذلك فئتين :
الفئة الأولى : تجدهم رجالا ذوي صوت جهوري وأحيانا مبحوح أو حزين .. ولهم مزاج متقلب حسب الحالة المادية أو حالة الطقس ... ودائما لهم الرغبة في أن يكونوا في موقع الريادة والقيادة، وأغلبهم من المدخنين الذين يزيد (التلذذ بالدخان) من ارتجاف الغضروف المذكور عند ابتلاع الدخان وكذلك عند ابتلاع الماء في حالة ( العطش شديد ) وسوائل أخرى لا مجال لذكرها.. وأعناقهم تمتاز بالطول والنحافة نوعا ما وهم في الغالب طوال قامة.. ممشوقي القوام ..
هذه الفئة ( بمنطق علم الهندسة الوراثية ) تجذبهم شخصية سيدنا آدم وهو يصارع إبليس قبل الغواية وقبل الهبوط .. مرحلة التردد بين العصيان والطاعة .. مرحلة الطمع في خلود إبليس المزعوم والتمسك بجنة الله الوارفة..
أما الفئة الثانية فهم ( سريعي الإذعان لإبليس ولجنس النساء )، فحينما تجزم أنهم يتجهون شمالا، فجأة تجدهم قد انحرفوا وبشكل حاد عن مسارهم وسلكوا طريقا باتجاه آخر بفعل امرأة أو إبليس ( لا يظنّن أحد بأن الاثنين في الوسوسة سيان، لأن لكلٍ طريقته في الغواية ) فإبليس يأتي بجيشه وقبيله ويبدأ عملا جماعيا منظما ليل نهار في معسكر مقفول لا تسمع ضجيجه لأن وسوسته تجري فينا مجرى الدم بشكل خناس .. أما المرأة فتعمل منفردة ولكن بكامل أسلحتها الهجومية والدفاعية ودعم لوجستي ذاتي ونيران صديقة وكلها أدوات منحها الله لها فأحسنتْ استعمالها ،،، وهذه الفئة من الرجال هم في الغالب ( أزيار نساء ) ماركة ( قناوي ) و (كل فرد منهم دون جوان وكازانوفا ) من طراز ( لا فكاك منه ) يظل الواحد منهم يناور حول فريسته الأنثى ولا يتركها حتى تقع طريحة شباكه ( تفرفر فرفرة المذبوح الذي وقع حتْف أنفه ) ، وهؤلاء يحبون النساء حبا جما ويجمعون المال كيفا وكمَا .. ويتمتعون ( بعَمَى ألوان ) عند فرز أنواع النساء وتفحٌص أنواعهن، فلا فرق عندهم بين دميمة أو جميلة أو عربية أو أعجمية أو بيضاء أو سوداء إلا (بطول اليد لا بالتقوى)، حيث يصيبهم الخوف ولكن لا (يستحون) ويمكنهم تحمل أي نوع من ( ذلاقة اللسان )، وتجد غضاريفهم المتضخمة هذه تعلو وتهبط بشكل متسارع عند ( كل معضلة ) وعند كل حديث خجول مع الأنثى أو غزل مبطن أو اعتذار بتبرير كاذب ومُخْتَلَق.. فعلى المَعْنيَات بالأمر أن يعرفن أن تفاحة آدم لدى هؤلاء الصنف يمكنها أن تقوم بعمل (جهاز كشف الكذب المشهور لدى الأمريكان) أو جهاز تخطيط القلب .. فيجب مراعاة ذلك ومراقبة الغضروف آنف الذكْر عند الحاجة .. وأفراد هذه الفئة تجذبهم وراثيا شخصية أبونا آدم عندما تمّتْ غوايته وأكل التفاحة المحرمة.... وهم في الغالب يكرهون قانون الجاذبية وأي مخلوق أسمه إسحق ويتحاشون التفاح ويحبون (البرتقال أبو صرة).

هذا ما كان من أمر تفاحة آدم .. وأثرها على بعض بني البشر ..

( قضمة ثانوية متفرعة من القضمة الأولى )

وبما أن التفاح يدخل في باب ( الرفاهية وأحيانا باب التباهي الاجتماعي وفي أحيان قليلة جدا يدخل في باب العلم بالشيء ولا الجهل به ) ، لذا فإن البصل والدوم ( نسميهما تفاح الغلابة ) .. ويقومان بعمل البديل النفسي الذي نخدع به أنفسنا كلما رأينا التفاح وعجزنا عن شرائه تماما.

عشاق البصل لدينا من الرجال والنساء يتمتعون بخاصية متفردة في المقدرة على النوم وقتما شاءوا وأينما كانوا وكيفما أرادوا ،، فكم من رجل في (الأتوبيس) سبح في بحور النوم وتجاوز محطته، فترجل في محطة غير محطته وهو يلعن الكمساري وسائق البص .. وكم من امرأة نامت في البص فأنزلق رأسها على صدرها لترفعه بحركة آلية ثم تدريجيا يتدلدل رأسها مرة أخرى على ترقوتها لترفعه بحركة مفاجئة ليرتاح على كتف الرجل الجالس على يمينها، فيعطيها (كتف قانوني) ليرتمي رأسها على صدر الرجل الذي على يسارها وكأنها في رقصة ( زار ) بفعل مطبات الطريق وبمفعول تلكم البصلات .. ولو استعملنا الأشعة فوق الحمراء أو التي تحت البنفسجية بعد الوجبة البصلية لوجدنا أن طبقة كبيرة من الفوسفور المُشِع ينطلق من فتحتي الأنف ومن الفم، ويقال والعهدة على الراوي أن طبقة الأوزون قد (تم اختراقها) بفعل هذا الفوسفور المتنامي لدينا... وينطلق هذا الفوسفور بمصاحبة (شخير سيمفوني) يصلح لأن يكون خلفية موسيقية لفيلم الفك المفترس الجزء الرابع ..

( توابع البصل كتوابع الزلزال ) :

والبصل به مادتين يدمنهما الآكل ولا علاج من إدمانهما،، فقرقشة البصل بين الأسنان تجعل مادة سائلة لها رغوة خفيفة تنساب وتلتصق بالأسنان وتعطيها إحساسا بالخَدَر الوقتي وإدمانا وقتيا يستغرق زمن الوجبة و يجعل الرأس في حالة (استزادة) وطلبا للمزيد، ويزول الخدر والإدمان تدريجيا عند التهام اللقمة التي تَلِي القرقشة البصلية، وخاصة إن كانت اللقمة من وجبة مكونة من (الفسيخ أو إحدى فصائله السمكية) ، لأن هذه الأكلات بها مادة أسمها ( Anti Onion Anesthetic ) ويسميها بعض الفرنجة:
( Onion Nectar Eraser) ولأن هذه الأكلات تقتل فقط مفعول المادة إياها التي في البصل، لذا فقد تجاهلها عمدا علماء ومخترعو (معطرات الفم) حتى لا ينطبق عليهم المثل ( كالمستجير بالرمضاء من النار ) .. و لاذوا بالمثل : ( اللي تعرفو أحسن من اللي ما تعرفوش ) ..
والمادة الثانية تبدأ مفعولها كما أسلفنا بعد انتهاء الوجبة حيث نجد أن آكل البصل قد زاغت عيناه وأصابهما ( حَوَلٌ ) طفيف و لكنه ليس من النوع الذي يمكن أن نطلق عليه ( إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا ) ، بل هو حَوَلٌ يجعل الآكل منكسر النظرات، لا اتجاه لها، عابس الوجه، لا يراك رغم أنك تجلس على بعد متر واحد منه ورغم أن عينيه نصف مفتوحتين.. وتنتابه على فترات متقطعة رجفة طفيفة في الشفة السفلى ويتمتم بكلام مبهم ويمضغ لقمة وهمية في فمه ويزدرد ريقا معدوما لا وجود له، مع مط الشفتين للأمام و كأنه يقول ( هاتي بوسة ) وتنساب هذه المادة من لسانه بواسطة لعابه إلى المعدة ثم عن طريق الجهاز العصبي المركزي إلى المخ مباشرة دون الحاجة إلى تلك الإشارة العصبية التي تحتاجها الكحوليات للصعود بالتبخر إلى المخيخ وإصابته بالسُكْر والعربدة،، فهذه المادة تنتقل كانتقال الصوت عبر اللاهوائيات ( اللاسلكي ) ويمتد مفعولها إلى حين موعد ( البصلة ) التالية في أقرب وجبة .. و هَلٌم بَصَلا..

( قضمة ثانية لها صوت )

أحب ثمرة الدوم عموما وخاصة الذي ما زال طريا ولم يصل حالة الجفاف الحجري.. وكنت وأنا صبي بارعا في إصابة مرمى شجرة الدوم العالية بالحجارة لتتساقط حبات الدوم ونتسابق لتلقفها.. وأحب الدوم رغم كراهيتي للشعيرات الليفية التي تنحشر بين الأسنان بعد كل قضمة ..

( قضمة أخيرة) :

أما عشاق الدوم الجاف فهم غالبا من ذوي الأسنان الصلبة والقواطع الحادة والأضراس المتينة وذوي أفكاك راسخة في القوة، وغالبا ما تكون أسنانهم الأمامية العلوية نافرة للأمام كالبطل الكرتوني ( بَقْز بَنِي ) .. مع لسان قصير مدبب من الأمام وخشن الملمس كالحجر المستعمَل في فَرْك كعب القدم لإزالة ( الجفاف الجلدي ) وتفيدهم هذه المواصفات المكتسبة وراثيا في تفادي الأطراف المدببة والخشنة في الدومة اليابسة .. ( رأيت مرة أحد هؤلاء يقضي على كوب آيس كريم من لحسة واحدة وبقيتْ بين أصابعه فقط قطعة صغيرة من بسكويت الآيسكريم تشكو الغربة المفاجئة )..
واحد من هؤلاء الفئة من مدمني الدوم اليابس ،، قام بأكل تفاحة لأول مرة في حياته في زمن قياسي ( يؤهله لموسوعة غينيس ) ،، أكلها بنفس طريقة أكْل الدوم ( 2-4-2 ) حيث انتهى منها دون أن يترك أثرا للبذور أو الجزء الذي في وسط التفاحة .. حيث أبتلعها في غمرة اكتساحه للفاكهة الناعمة الهشة..




امسح للحصول على الرابط
بواسطة : جلال داوود ابوجهينة
 1  0
التعليقات ( 1 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    عزالدين سيد وديدي 06-04-2012 11:0
    لك التحية يا ابا جهينة فقد متعتنا بهذه الاستراحة الجميلة
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019