• ×
الجمعة 26 أبريل 2024 | 04-25-2024
اسماعيل محمد علي

حكاوي رمضان

اسماعيل محمد علي

 0  0  1536
اسماعيل محمد علي
من الآخر
حكاوي رمضان
إسماعيل محمد علي

مما لا شك فيه أن كرة القدم ليست لعبة فقط، بل تجتمع فيها كل المشاعر الإنسانية في لحظات إبداعية للبشر يعبرون فيها عن دواخلهم المكبوتة والصريحة بطرق مختلفة وبمواهب متعددة ومن هنا يأتي سر هذه اللعبة الساحرة التي يجبها الجميع بلا استثناء وبدرجات متفاوتة.

- كرة القدم تعطينا القيم الإيجابية في المنافسة والمباراة النزيهة والشريفة، فكرة كرة القدم مثل أي مظهر إنساني غني وغامض ويحمل تناقضات فلسفية في آن واحد.
فعلى هذه المساحة المستطيلة المزروعة بالحشائش الخضراء تتصارع الأقدام الذهبية من أجل تحقيق شيء ما، يحرك دواخلنا، وهو ما يُسمى الفوز أو الانتصار أو الفخر أو التباهي، كل العناصر النفسية تدخل ضمنها.

- تكمن أهمية كرة القدم في أن الجمهور يشارك اللاعبين في حركاتهم، لذا دائما نرى الجمهور يرقص، يصرخ، يفرح، ويبكي، يقفز، يتخاصم، يلوح بالأعلام، لأن اللاعب يثير كل هذه المشاعر في نفسية الجمهور، فيجعله مشاركا في اللعبة لا منفصلاً عنها، لأنها لعبة المشاعر الجماعية التي يشارك فيها الكل في الفرح والحزن، أليس ذلك جوهر الأدب؟.

- الكاتب الفرنسي الشهير ألبير كامو، حارس مرمى في فريق كرة القدم أيام شبابه، ولم يتوقف عن ممارسة هذه الرياضة حتى بعد انتقاله إلى الأدب، قال عنها "كل ما تعلمته من الأخلاق والتزاماتها مدين بها إلى كرة القدم".

- ونجد أيضا الكاتب الأوروغوياني إدواردو غاليانو -الذي تم تلقيبه بشاعر كرة القدم- ألف كتاباً تحت عنوان "كرة القدم بين الشمس والظل" (Soccer in Sun and Shadow) كعاشق ومشجع وناقد اجتماعي للعبة في الوقت نفسه. لقد رفع الكتاب الذي نشر في عام 1995 مستوى الكتابة الأدبية حول كرة القدم؛ فكان بمثابة تحية من غاليانو لتلك الرياضة الزاخرة بالسياسة والعظمة والفساد والتنفيس.

- كتاب غاليانو "كرة القدم بين الشمس والظل" تناول فيه تاريخ كرة القدم وأحوالها منذ كأس العالم 1938 وحتى مونديال 1994، كما تتبّع فيه كرة القدم أيضاً، منذ أن كانت مجرد هواية، وتحولّها بعد ذلك إلى صناعة تدرّ الملايين، ويستثمر فيها الأرباح الفلكية، وتجري في أروقتها الصفقات، ويخرج منها دخان الاتهامات بالفساد والرشوة.

- إنّ كرة القدم، كما يقول غاليانو، هي مرآة للعالم، وهي تقدم ألف حكاية وحكاية مهمة؛ فيها المجد والاستغلال والحب والبؤس، وفيها يتبدّى الصراع بين الحرية والخوف.

في رأيي الشخصي أن العالم لم يهم بشيء مثل هيامه بكرة القدم، ولم يفتن الأدباء بلعبة رياضية كما فتنوا بكرة القدم، وليس صحيحا أن النقاد الرياضيين هم أفضل من يتحدث عن تلك اللعبة الساحرة التي سحرت الجميع، الأدباء هم أفضل من كتبوا عن الكرة، نصوص مفعمة بالسحر كتلك الساحرة المستديرة.

من هنا أعتقد أن كتاب «كرة القدم بين الشمس والظل» للروائي الأورغوياني الراحل إدواردو غاليانو، من أهم الكتب التي أصدرها الأدباء عن هذه اللعبة الساحرة، غاليانو بدا كتابه البديع بإهداء يقول فيه «هذه الصفحات مهداة إلى أولئك الأطفال الذين التقيت بهم ذات مرة، قبل سنوات عديدة، فـي كاليّا دي الكوستا كانوا عائدين من لعب كرة القدم وهم يغنون:
ربحنا أم خسرنا، لن تتبدل متعتنا،
متعتنا تبقى كما هي
سواء أخسرنا أم ربحنا».
يتبع ..
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : اسماعيل محمد علي
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019