حمدوك و لسان عمر
أوتاد - أحمد الفكي
إنتقاء الكلمات الطيبة ذات الوقع الطيب على مسامع الآخرين تنم عن عظيم الأخلاق الكريمة التي يحملها المرء .
بعد ليل الرابع من يونيو 2020 كانت التعليقات التي ضجت بها منصات التواصل الاجتماعي السودانية جراء كلمة طيبة منتقاه من رئيس الوزراء د/ عبد الله حمدوك مستخدماً كلمة لم ننجح بدلاً عن لم نفشل ، فأنكرت ثلة مستنكرة تلك العبارة و اعتبرتها فلسفة ، متناسين الأثر النفسي الإيجابي الذي تُخلفه الكلمة الطيبة و هو نوع من الأدب الخطابي .
يقول الله تعالى مؤدبًا أهل الإيمان: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة البقرة:104].
يُقال إنَّ الإمام الشافعي -رحمه الله- حينما سمع المزني يومًا يقول: فلان كذاب، فقال: يا أبا إبراهيم اكس ألفاظك أحسنها، فلا تقل: فلان كذاب، ولكن قل: حديثه ليس بشيء . لماذا قال ذلك الإمام الشافعي لأنَّ العبارة الأولى قاسية شديدة، والعبارة الثانية أليق .
ونقل ما جرى بين هارون الرشيد وامرأته زُبيدة، حينما لامته على حبه، وإيثاره لابنه المأمون، وتقديمه على الأمين، فقال لها: الآن أريك عذري، فدعا ولده الأمين، وكانت عند الرشيد مساويك، جمع سواك، سُوك، فقال للأمين الملقب بالأمين واسمه محمد: ما هذه؟ قال: مساويك، فدعا المأمون، وقال له: ما هذه يا عبد الله؟ فقال: ضد محاسنك يا أمير المؤمنين، يعني: مساويك جمع مسواك، لكن المخاطبة بها كأنك تقول للمخاطب: مساويك، يعني مساوئك، فالمخاطبة بها ليست كما ينبغي؛ لأن المعنى: هذه مساويك ومعايبك، وهو يقصد جمع سواك، فالمأمون غيّر العبارة لما تفطن لما فيها، فقال: هذه ضد محاسنك، فانظر عزيزي القارئ مراعاة الأدب في المخاطبات و الألفاظ .
وقد جاء في الحديث: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذي . ، ومعناه التعبير عن الأمور المستقبحة بعبارة صريحة، وإن كانت صحيحة، والمتكلم بها صادقًا . و القرآن الكريم والسنن الصحيحة فيهما من التعابير الجميلة و الأدب ما تُشير إليه من المراد المفهوم وعلى سبيل المثال لا الحصر هذه الآية الكريمة ، قال تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [سورة البقرة:187]
لذا ينبغي أن يستعمل في هذا وما أشبهه من العبارات التي يستحيى من ذكرها بصريح اسمها الكنايات المفهومة.
* آخر الأوتاد :
لعلكم تذكرون مخاطبة سيدنا عمر بن الخطاب عندما رأي ناراً أثناء سيره ليلاً متفقداً رعيته و عندما اقترب من مكان النار وجد حولها أسرة فألقى عليهم تحية الإسلام قائلاً لهم السلام عليكم أهل الضوء ولم يقل أهل النار .
عندما قال د/ حمدوك لا أقول فشلنا بل أقول لم ننجح ، هي عبارة تشحذ الهمم لبلوغ الهدف المنشود .
( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) 7 غافر
أوتاد - أحمد الفكي
إنتقاء الكلمات الطيبة ذات الوقع الطيب على مسامع الآخرين تنم عن عظيم الأخلاق الكريمة التي يحملها المرء .
بعد ليل الرابع من يونيو 2020 كانت التعليقات التي ضجت بها منصات التواصل الاجتماعي السودانية جراء كلمة طيبة منتقاه من رئيس الوزراء د/ عبد الله حمدوك مستخدماً كلمة لم ننجح بدلاً عن لم نفشل ، فأنكرت ثلة مستنكرة تلك العبارة و اعتبرتها فلسفة ، متناسين الأثر النفسي الإيجابي الذي تُخلفه الكلمة الطيبة و هو نوع من الأدب الخطابي .
يقول الله تعالى مؤدبًا أهل الإيمان: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة البقرة:104].
يُقال إنَّ الإمام الشافعي -رحمه الله- حينما سمع المزني يومًا يقول: فلان كذاب، فقال: يا أبا إبراهيم اكس ألفاظك أحسنها، فلا تقل: فلان كذاب، ولكن قل: حديثه ليس بشيء . لماذا قال ذلك الإمام الشافعي لأنَّ العبارة الأولى قاسية شديدة، والعبارة الثانية أليق .
ونقل ما جرى بين هارون الرشيد وامرأته زُبيدة، حينما لامته على حبه، وإيثاره لابنه المأمون، وتقديمه على الأمين، فقال لها: الآن أريك عذري، فدعا ولده الأمين، وكانت عند الرشيد مساويك، جمع سواك، سُوك، فقال للأمين الملقب بالأمين واسمه محمد: ما هذه؟ قال: مساويك، فدعا المأمون، وقال له: ما هذه يا عبد الله؟ فقال: ضد محاسنك يا أمير المؤمنين، يعني: مساويك جمع مسواك، لكن المخاطبة بها كأنك تقول للمخاطب: مساويك، يعني مساوئك، فالمخاطبة بها ليست كما ينبغي؛ لأن المعنى: هذه مساويك ومعايبك، وهو يقصد جمع سواك، فالمأمون غيّر العبارة لما تفطن لما فيها، فقال: هذه ضد محاسنك، فانظر عزيزي القارئ مراعاة الأدب في المخاطبات و الألفاظ .
وقد جاء في الحديث: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذي . ، ومعناه التعبير عن الأمور المستقبحة بعبارة صريحة، وإن كانت صحيحة، والمتكلم بها صادقًا . و القرآن الكريم والسنن الصحيحة فيهما من التعابير الجميلة و الأدب ما تُشير إليه من المراد المفهوم وعلى سبيل المثال لا الحصر هذه الآية الكريمة ، قال تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [سورة البقرة:187]
لذا ينبغي أن يستعمل في هذا وما أشبهه من العبارات التي يستحيى من ذكرها بصريح اسمها الكنايات المفهومة.
* آخر الأوتاد :
لعلكم تذكرون مخاطبة سيدنا عمر بن الخطاب عندما رأي ناراً أثناء سيره ليلاً متفقداً رعيته و عندما اقترب من مكان النار وجد حولها أسرة فألقى عليهم تحية الإسلام قائلاً لهم السلام عليكم أهل الضوء ولم يقل أهل النار .
عندما قال د/ حمدوك لا أقول فشلنا بل أقول لم ننجح ، هي عبارة تشحذ الهمم لبلوغ الهدف المنشود .
( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) 7 غافر