• ×
السبت 27 أبريل 2024 | 04-26-2024
محمد احمد سوقي

ورحل ود الجبل شيخ العرب وإبن البلد الأصيل وعمدة من الزمن الجميل

محمد احمد سوقي

 0  0  3114
محمد احمد سوقي

صديقي دسوقي أسمح لي بالاطلالة عبر شارعك الرياضي (حافي حالق) والحزن يعتصرني ويمزق دواخلي لأكتب عن رحيل رجل أمة رجل ولا كل الرجال.. رجل شيخ عرب ود بلد إصيل وعمدة من الزمن الجميل وهلالي كامل الدسم.. انه رجل المال والاعمال رمز البر والاحسان عنوان الكرم والشهامة الراحل المقيم في وجدان البسطاء والفقراء والأرامل والأيتام والطلاب وكافة شرائح المجتمع السوداني الحاج بابكر حامد موسى الشهير بـ(ود الجبل).. وحقاً كان الاسم على مسمى فقد تعلم من الجبل الصمود والثبات والكبرياء والأنفة والشموخ واستمد منه الصبر وقوة الاحتمال والشكيمة والثبات على المبادئ والعزيمة القوية والارادة الفولاذية ..
والكتابة عن راحلنا المقيم تحتاج الى قلم يعرف صاحبه الاسلوب السلس والعبارة الانيقة والسرد الممتع والتعبير الجاذب حتى يحلق بالقارئ فوق سماوات الاعجاب ومداومة الاطلاع وشخصي يملك قلماً متواضعاً وذخيرة قليلة من اللغة ولكن كما يقول أهلنا في مثلهم السوداني (العندو بليلة بعشيبة) ويقولوا أيضاً (عيب الزاد ولا عيب سيدو) فالفقد الجلل والمصاب الأكبر أجبرني على أن ادلوا بدلوي وأسطر أحرفي مهما كانت موغلة في التواضع وأمثال ود الجبل يجب على حملة الاقلام وملوك التحبير ورسل الكلمة المقروءة والمسموعة ان يكتبوا فيه المجلدات الضخمة والأسفار التي تنوء عن حملها الجبال الرأسيات لأنه أنفق انفاق من لا يخشى الفقر وقام بتشييد المدارس والخلاوي والمساجد والمجمعات الاسلامية والمشافي والأندية الرياضية والمرافق العامة وكان معيناً وداعماً للمرضى ومنحازاً للفقراء والمحتاجين وحالاً للغارمين وكان باذلاً أمواله لفك الأسرى وللطلاب في جميع مراحلهم الدراسية.. كان نافقاً سخياً يعطي يمينه دون ان تعلم شماله شيئاً.
أخي دسوقي ان الأهلة خصاهم الله بالتميز والتفرد وقضاء جوائج الناس وقد أصلح الله بهم البلاد والعباد. فالخريجون الاوائل وكما هو معلوم للجميع هم أبناء الهلال الذين قادوا الحركة الوطنية وطردوا المستعمر الغاشم والغازي الدخيل وحرروا التراب الغالي من دنسه وصنعوا استقلالاً نظيفاً مثل الصحن الصيني لا فيه شق لا فيه طق ولم يقفوا عند هذا بل قادوا السودان من التحرير الى التعمير.. وابناء الهلال قادوا كتائب المجاهدين في الغابات والأدغال والأحراش وتصدوا بقوة وصلابة ورباطة جأش للمتمردين والخوارج وسماسرة الحروب وأعداء الاسلام والسلام وأبناء الهلال هم الذين يطعمون الطعام ويكسون العراة ويسقون الظمأى ويعينوا على نوائب الدهر ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.. ولا ندري كيف يكون الحال ان لم نكن من عشاق ومحبي وانصار الهلال؟؟
ان راحلنا المقيم ودالجبل هو العنوان الأبرز للعصامية في ارض السودان وهو الواجهة الحقيقية للكد والكفاح والتجارة الحرة ولا أبالغ او اشتط وقلت ان رأس ماله الذي بدأ به مشواره التجاري كان عبارة عن (ثلاثة قروش) اشترى بها ليموناً ابتاعه في قريته وواصل عمله الى ان بلغ رأس ماله (15) قرشاً اشترى بها حماراً ليمكنه من التجارة الجائلة مابين منطقته وأمدرمان ليتاجر في البيض والدجاج والفراخ ومن أمدرمان يأتي بالرغيف والطماطم وقصب السكر ويتم التوزيع في منطقته ثم انتقل بعد ذلك الى ميدان الأمم المتحدة بالخرطوم ليفترش البضاعة على الأرض وكان ذلك في العام 1965م فتعرض للمضايقات من قبل السلطات، فأنشأ طبلية لبيع السجائر وعربة لبيع الباسطة وتطورت تجارته وافتتح سوبر ماركت جوار مقابر فاروق بالخرطوم وقضى به قرابة العامين.
وفي حقبة السبعينيات من القرن الماضي ظهرت صرافات النقد الأجنبي بالعاصمة القومية فأسس صرافة وعمل بها وبعد ايقاف الحكومة للصرافات التي نشط فيها عاد الى تجارته القديمة وأسس شركة بابكو للتجارة والمقاولات على يد صديقه الاستاذ المحامي عبدالباسط سبدرات ثم أسس شركة ود الجبل وأصبح من كبار التجار المستوردين وازدهرت تجارته بصورة كبيرة ورغم أميته الأبجدية الا انه كان فارط الذكاء . متقد الذهن، متوهج العقل، وصار بعد ذلك رقماً لايمكن تجاوزه في خارطة الاقتصاد السوداني.
ان البلاد بفقد ابنها البار ود الجبل من حقها ان تلتحف ثياب الحداد وتذرف عليه الدمع الهتون لأنه كان قبلة كل سائل ومحتاج وصاحب مشكلة ويأخذ بيد كل من يطرق أبواب منزله أو مكتبه.
ومن المواقف المشهوده له انه دعم الحقل الشرطي بعدد كبير من السيارات وهذا وحده يكفيه.
لقد ترأس نادي الخرطوم الثقافي الاجتماعي بالعمارات الذي يضم عدداً من رجال الأعمال.
اننا ننعى ود الجبل الذي عمر بيوت الله وأطعم الجياع وحسن الخلق وطيب المعشر ونقاء الضمير والعصامية اللافتة والاعتداد بالنفس والنخوة والشهامة وكفالة الأيتام والمرؤة العالية والايادي المبذولة دوماً للأخرين.
تعازينا الحارة وصادق مواساتنا لأبنائه وأصدقائه الكثر وجيرانه وعارفي أفضاله وأهله الجموعية بجبل الأولياء شرقاً وغرباً وكل مواطني ولاية بحر أبيض ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
ان مواراة جثمانه بمنطقة جبيل الطينة كان استفتاءً شعبياً على مكانة الرجل وحب الناس له فقد تدفقت الجموع مثل السيل الهادر واتت الوفود من كل حدب وصوب وكان التشييع مهيباً وعظيماً.. وكانت الدموع تنزل بغزارة من مآقي المعزيين.
اللهم تقبله قبولاً حسناً وأغسله بالماء والثلج والبرد وأنزله منازل الشهداء والصديقين والصالحين وحسن اولئك رفيقا وأجعل البركة في ذريته وألهم آله وعشيرته الصبر والسلوان وحسن العزاء.. ونسألك ياذو الجلال والاكرام الا ترينا مكروهاً في عزيز لدينا.
وكل من عليها فان.
حسن السيد عبدالله حجر العسل

امسح للحصول على الرابط
بواسطة : محمد احمد سوقي
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019