• ×
الجمعة 26 أبريل 2024 | 04-25-2024
الواثق عبدالرحمن

همس الهتاف

الواثق عبدالرحمن

 2  0  1361
الواثق عبدالرحمن
كبار...في مشاهد صغيرة
+ اذكر، منذ ميعة الصبا وسنوات التشكل، انني نموت وشببت في بئية ملئ بحب الفن وكرة القدم ، كانت هلال مريخ جزء لا يتجزأ من الثقافة المجتمعية الغالبة ، الناس تتمايز وتتجاذب بين عشق الازرق والذوبان في حب الاحمر ، كانت تلك الذائقة التشجيعية مكون اصيل وفاعل اساسي في تفاصيل كل حارة وكل حلة ، غلبناكم ، جضمناكم ، اها المرة الفاتت موش ضربناكم بالاتنين ، الاتنين الليلة وين .
+ كان الانحياز لاحد فريقي القمة وتشجيعه ملمحاً يضفى على الحياة جزءاً من كيميائها الحية وصيرورتها الطاعمة ، الناس كلها تشجع ، حتى الامهات والحبوبات ، ينقسمن مع ابنائهن ، والتفضيل يكون دائماً للابن الاقرب الى الوجدان والسليقة السودانية المتوارثة تقرأ القول السادر (في جناك ليك جنا) .
+ ما عرف السودان وقتها هذا الغلو والتطرف والعنف التشجيعي ولا استشرت ظاهرة الاستقطاب الحاد في الانتماء الى الازرق او الاحمر ، كان التشجيع ظريفاً عقلانياً ممتعاً ماتعاً ب(مكاواة) لذيذة وهزار مقبول .
+ واذكر في طفولتي ان بعض المتعصبين للهلال والمريخ ، واظنهم هم نواة ما يحدث الآن من انفلات وتفلت تشجيعي في مسرح القمة ، كان هؤلاء يجتمعون تحت الشجرة الظليلة الوارفة في السوق العربي جوار ميدان الامم المتحدة ، واحة الخرطوم حالياً، وانهم كانوا عرضة دائماً ، اثر اصواتهم العالية وحالات الشد والجذب ، للجلد بسياط لاهبة من عساكر البوليس المسئولين عن امن السوق العربي ، في ايامه الخوالي ، حليلك يا العربي .
+ اما الآن فان التعصب في التشجيع والغلو في اظهار الانتماء الى درجة العنف وسقوط القيم الاخلاقية وتراجعها هو سيد الموقف ، وهي ظاهرة نكيدة منكرة ، لا تعبر عن وعي الانسان السوداني ولا عن ثقافته العالية ولا حبه المتجذر للناس والاشياء .
+ لست بصدد البحث في تاريخ هذه الظاهرة ، ولا انا في معرض نسبها تاريخياً الى مشجعي الازرق او الاحمر ، لاسباب عديدة اجمل انصعها تمظهراً في كون التاريخ الرياضي ، على خطى التاريخ السوداني الاب ، هو مجال خصب للتأويل والتحريك والفبركات ، وتكفيك (الغلوتية) الدائرة في ارجاع تأسيس نادي المريخ ، (ثاني اثنين) في دنيا الكبار، الى العام 1927 حيناً وشده الى الوراء حتى 1908 أحايين اخر ، كما ان الحجة والكبسيبة قائمة وجارية حتى الآن في نسبة هذا الغلو والتطرف وابتداره ما بين الهلال والمريخ وراسي الصلعاء هذه، ليست في حاجة الآن، الى مزيد من التهجمات والتخرصات .
+ تذهب ظاهرة التطرف في التشجيع الرياضي الى اقصى حدودها واسوأ مخرجاتها حين يصل الامر الى تشجيع الفرق الاجنيبة حين تلاعب الفريق الند ، فقد اصبح المريخاب يناصرون الفرق الاجنبية ضد الهلالاب والعكس صحيح ، وهي ظاهرة تستبطن اول ما تستبطن جهالة فاحشة وتراجعاً حقيقياً في قيم الوطنية والانتماء .
+ ومبلغ ظني ان الصحافة الرياضية ، وخصوصاً كتاب الاعمدة ممن بنوا امجادهم الصحفية وثرواتهم البنكنوتية على ادب السخرية والتقليل السخيف من قيمة المنافس اتكاءاً مخادعاً على كونه يندرج في ادب المناكفة والمفاكهة ، هم من عمقوا ظاهرة العنف التشجيعي الذي وصل حد زيارة اعداد كبيرة من المشجعين في معظم لقاءات الغريمين السودانيين الى المستشفيات اما من اثر تعانف مباشر او اثر تكثيف الجرعة المعنوية والتحميس الزائد فتحصل الخسارة التي هي احدى وجوه الكرة ويتعرض الشخص الى نوبة من الحزن الضاغط وكم من مواطن مسكين فقد حياته ثمناً لاحد لقاءات القمة .
+ في زمن ضيق المعايش واللهث خلف الشهرة الساحرة الزائفة تسابق كتاب الاعمدة الى استخدام اردأ انواع التلميح البغيض والسخرية المنفرة ، وولغوا في متون اللغة الحارقة والحروف النكيرة المقللة من شأن الند النديد حتى اورثونا هذا البغض ، وحولوا كرة القدم من ملمح انساني مجتمعي جميل الى ساحة قتال واقتتال ومبارزات واحن وبغضاء .
+ ان تعابير من مثل (لوكاندة زرقان) و(ايبولا) و(الدلاقين) و(الصهاينة) و(زريبة العيش) وغيرها كثيرات، من شأنها تموين البغضاء وتشجيع العنف والتعانف وتوسيع الهوة بين المشجعين السودانيين ، وهذا لا يتقاطع بالضرورة- مع ادب المفاكهة اللطيفة والمشاغلة المبهرة التي من شأنها تحبيب الناس في الكرة وحثهم على متابعتها كإكسير من اكاسير الحياة في عصر تحركت فيه كرة القدم من مجرد لعبة الى منشط استثماري ودبلوماسي حاضن لثقافة وعلوم تخصه وتتمحور حول تفاصيله وخباياه الشائكة .
+ في عدد الاحد 27/10/2010 وفي عموده (المسلكن) كتب الاخ الزميل، في مهنتي الصحافة والمحاماة، الاستاذ بابكر سلك، مقالة بعنوان (العد التنازلي)، تبشر بهزيمة كبرى للهلال في تونس و(مخارجة) محزنة للهلالاب مسعدة لسلك ومن يتعلقون بسلكه الواهي في واحدة من تجليات هذه الظاهرة العجيبة، ظاهرة اعتماد التقليل من المنافس كحائط تسلق ووسيلة ميكافيلية بغيضة، تصل بك الى مراتب الشهرة، وتؤمن لك ان تكون كاتب شباك درجة اولى، وبالتالي تقبض مبلغاً كبيراً من المال، ولتذهب امانة الكلمة، وقيمة الحرف الى الجحيم .
+ كنت قد زاملت الاخ سلك في جريدة النخبة ، وكان له خط متوازن ومميز في تشجيع الفرقة الحمراء ، لكنه في زمان الوالي واللهاث و(الشو) انتقل بحسه الفكاهي الاصيل وروحه السمحة الى مجاهل من الكتابة اللميضة الجارحة ، التي تقضم في طريقها كل زهور الوطنية ومنابت الموضوعية .
سلك اخير
يا سلك يا حبيب ، عمودك هذا وكتاباتك الاخيرة لم تكن في السلك ، انا معك ان مباصرة الحياة تحتاج الى (تسليك) ...بس ما للدرجة دي كمان ، ارجوك اخي عد الى (اسلاكك) الجميلة ، حتى نستمتع جميلاً بكتابتك الطاعمة ، ونكون سوا (في السلك) .

امسح للحصول على الرابط
بواسطة : الواثق عبدالرحمن
 2  0
التعليقات ( 2 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    سودانى 10-29-2010 12:0
    نادى كان وكرا للبغيض اى كائن سودانى لا يتمنى له الخير حتى ولو كان سلك.انتو بريئيين وطيبيين تتمنوا للمريخ كل الخير نقدر لكم مشاعركم الطيبة
  • #2
    طارق محمد 10-29-2010 09:0
    تسلم يا رائع سلك مين يا عم خليك من الارجوازات ديل .. الصحافة البتفرد صفحاتها لامثال هذا السلك .. هي الصحافة الصفراء فقط .. كتابات ناس بتي قالت وعمتي سوت زي المشاطة الزمان بنسمع عنها ان شاءالله ربنا يوفق سيد البلد نشوف المتسلكين ومن شايعهم حا يقولوا شنو؟
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019