قلتُ في مقال سابق أن لجنة المساعي الحميدة لن تستطيع أن تجد حلا يرضي كل الأطراف مهما فعلت.. فإذا طلبت اللجنة من الهلال والأمل أن يقدما تنازلات فهذا يعني ضرورة أن يقدم المريخ تنازلات.. ويعني ايضا أن يقدم الإتحاد العام نفسه تنازلات.. والمؤكد أنه وحتى إذا تعامل البعض بمرونة (وهو أمر مستبعد) فإن البعض الآخر لن يتحلى بهذه المرونة طالما أنها ستعني التنازل عن الحق.. أو ما يراهُ حقا.
وبالفعل فشلت لجنة الجودية فشلت ذريعا وقد ألقت باللائمة على جميع الأطراف ولكنها أكدت أن الإتحاد العام هو المتسبب الأول والأكبر في هذه الأزمة.. وبفشل لجنة الجودية.. وبالقرارات الأخيرة للجنة المنظمة.. ومع رفض الأمل عطبرة لأداء مباراة السنترليق مع تأكيد الهلال على عدم خوض مباراة القمة أمام المريخ تدخل البرلمان في الأزمة.. فقد كلف البرلمان البروفيسور إبراهيم أحمد عمر برئاسة لجنة أخرى لحل الأزمة.. ولكن البرلمان ورغم إجتماعه مع جميع الأطراف (الإتحاد والهلال والمريخ والأمل عطبرة والميرغني كسلا) إلا أنه لم يتوصل إلى أي حل.. مثله مثل لجنة الجودية.
فقد تمسك جميع الأطراف وكما هو متوقع بمواقفهم.. فالإتحاد العام رفض تقديم أي تنازلات رغم تأكيد مجدي شمس الدين وإعترافه بأن قرارات لجنة الإستئنافات خاطئة.. وهو أمر يؤكد إصرار الإتحاد على المضي قدما في طريق الخطأ.. لأن أكثر طرف كان ينبغي أن يقدم تنازلات هو الإتحاد العام لأنه سبب كل هذه المصائب.. وفي ذات الوقت تمسك الهلال بموقفه من الإنسحاب مؤكدا إستحالة قبوله بمواجهة المريخ في الاسبوع الأخير من الدوري الممتاز.. ونفس الأمر الأمل عطبرة الذي تمسك بموقفه رافضا خوض مباراة السنترليق.. بالتالي يمكن أن نقول أن اللجنة البرلمانية فشلت مثل لجنة الجودية تماما.
أعتقد أن المفوضية كان يمكنها أن تحسم بشكل كبير هذه القضية المعقدة من خلال إتخاذها لقرار شجاع بخصوص طعن الأمل عطبرة.. والقرار هو قبول طعن الأمل مضمونا لا شكلا.. لأن تكوين لجنة الإستئنافات غير شرعي وبالتالي قراراتها باطلة.. ولكن المفوضية لم تختلف كثيرا عن إتحاد أسامة.. مارست المماطلة.. ثم مارست التسويف.. لتقرر الهروب من الحقيقة والحق من خلال تحويلها للطعن وبشكل غريب للجمعية العمومية.. بمعنى أنها حولت الطعن للإتحاد العام أو لضباط الإتحاد العام لأن الجمعية العمومية (في جيب الإتحاد).. مع التأكيد على أن المفوضية ليس من حقها أن تدعو لجمعية عمومية طارئة من الأساس.
لو لم تكن الجمعية العمومية في جيب الإتحاد لشاهدنا موقفا قويا من الإتحادات المحلية لأن ما حدث ويحدث في هذا الموسم كفيل بسحب الثقة من هذا الإتحاد!
هذه الأزمة ورغم أنها إزدادت تعقيدا إلا أنها أكسبت مجلس الهلال بقيادة أشرف الكاردينال أراضي كبيرة.. إذا كان من خلال رفض المجلس لفساد الإتحاد العام.. أو إذا كان من خلال التمسُك بالموقف وعدم الإنكسار.. فالملاحظ أن هناك إلتفاف جماهيري وإعلامي كبير.. وهذا أمر طيب.. ونفس الأمر الأمل عطبرة بقيادة مولانا جمال حسن سعيد.. فالنادي العطبراوي كان وما زال صامدا بصورة تستحق الثناء.. الهلال والأمل يقودان ثورة التغيير.. في الوقت الذي يكتفي فيه الآخرين بالفرجة!
عموما هناك قرار قادم لا محالة.. ولكن ما هو هذ القرار؟.. هل سيتم إلغاء أو تجميد الموسم كما يتحدث البعض؟.. لا أعتقد أن هذا الحل يعتبر حلا مثاليا.. لأنه طالما أن الإتحاد المنحاز موجود.. والمريخ موجود.. والهلال والأمل بمواقفهما القوية موجودين.. فإن المشاكل ستطل برأسها في الموسم القادم.. الحل الوحيد هو إجتثاث الفساد من خلال الإطاحة بالإتحاد.. لن نمل من المطالبة بهذا القرار.. فالإتحاد العام هو السبب الأول والأخير لكل هذه المشاكل.
وأعتقد أنه حتى ولو لم تتسبب قضية الموسم في الإطاحة بهذا الإتحاد فإن الفشل الكبير والمتراكم لمنتخبنا الوطني والذي أصبح متخصصا في الخسائر يُعتبر سبباً وجيهاً لإخراج هؤلاء النفعيين من الإتحاد.. فالمنتخب معهم أصبح (ملطشة).. من خسارة لخسارة.. مع تنويع الخسائر.. خسائر في تصفيات بطولة الأمم الأفريقية للمحليين.. خسائر في تصفيات بطولة الأمم الأفريقية.. خسائر في التصفيات المونديالية.. خسائر في سيكافا.. وكمان الخسائر (ذهاب وإياب).. كما حدث أمام يوغندا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية للمحليين.. وكما حدث أمام زامبيا قبل أيام في تصفيات مونديال 2018.... إخفاقات المنتخب المتراكمة لوحدها تطيح بالإتحاد.. دعك من أزمة الموسم!