تبت يد المستحيل.. لا مستحيل تحت الشمس.. الإرادة.. العزيمة.. المعجزة.. هذه العبارات والكلمات نسمعها ونقرأها هذه الأيام.. وسنسمعها ونقرأها في اليومين القادمين.. تحديداً يوم السبت حيث لقاء الهلال المصيري.. صحيح هي عبارات وكلمات مستهلكة.. ونقرأها كثيرا في مثل هذه الظروف.. ولكن في نفس الوقت يجب أن نتفق على أنها بحسابات كرة القدم واقعية.. مهما كانت مستبعدة على الورق.
مدرب إتحاد الجزائر ميلود حمدي ورغم فوز فريقه على الهلال في ام درمان إلا أنه لم ينجرف وراء النتيجة المميزة وقال بحنكة كبيرة أن الحظوظ ما زالت متساوية بين الناديين.. وهو تصريح يدل على إحترافية الرجل لأن إحترام المنافس أول خطوات الفوز عليه.. ولأنه لا يريد أن يجعل لاعبيه يشعرون بأن المهمة قد إنتهت.. لأن هذا الشعور إذا تسرب إلى عقول اللاعبين سيحدث الإسترخاء وسيخسر فريقه.. هكذا يفكر مدرب إتحاد الجزائر.. والمؤكد أنه لم يكتفِ بالتصريح عبر قناة بين سبورتس وتحدث مع لاعبيه عن خطورة لقاء الإياب.. رغم أنه في قرارة نفسه يعلم أن فرصة فريقه كبيرة جدا.. ويعلم ايضا أن فرصة الهلال ليست 50% كما تحدث.
فرصة الهلال في رأيي ضئيلة.. ربما تكون 10%.. أو 5 %.. ولكن في النهاية طالما أن هناك فرصة يجب أن يقاتل الفريق.. لا أقول أنه لا يوجد شيء يخسره.. ولكنني أقول أن نسبة ال10% أو ال5% يمكنها أن تتمدد و(تعلو) أثناء المباراة.. فهدف مبكر من الهلال سيجعل الفرصة أكثر معقولية وسيتحول لقاء الإياب من معركة (كروية) ثانية إلى حرب (كروية) قائمة بذاتها.. أعلم تماماً أن المهمة صعبة.. بل أن كلمة صعبة كلمة (بسيطة) بالمقارنة بحسابات الإياب المعقدة.. وبحسابات المشاكل الدفاعية والهجومية التي يعاني منها الهلال.. ولكنها ليست مستحيلة.. نعم.. أعلم تماماً أن (ليست مستحيلة) عبارة مستهلكة.. وربما شعر القاريء بالتشبُع المقترن بالملل من هذه العبارة التي تبدو خيالية في مثل هذه الظروف العصيبة.. ولكن كما قلتُ أعلاه بحسابات كرة القدم لا يوجد مستحيل.
أذكر أنني بعد مباراة مازيمبي الكنغولي في عام 2009 والتي خسرها الهلال في أم درمان بخماسية.. أذكر أنني تحدثتُ عن إمكانية أن يحقق الهلال الفوز برباعية نظيفة في لوممباشي.. لم أقل أن الهلال سيتأهل.. ولكنني تحدثتُ عن (إمكانية) أن يقلب الطاولة.. سخر مني الكثيرين.. وقالوا أن الهلال سيتعرض لهزيمة أكبر من هزيمة أم درمان.. في النهاية لم يتأهل.. ولكنه حقق الفوز بهدفين نظيفين.. بل أنه وحسب مجريات تلك المباراة يمكن القول أن الهلال أهدر فرصة أن يحقق ما بدا للكثيرين مستحيلاً.. فقد أهدر أكثر من فرصة (كبيرة).. من بينها إذا لم تخني الذاكرة إنفراد كامل لكاريكا.. بمعنى أن المهمة ورغم أنها لم تنجح إلا أن الفريق أكد من خلال تلك المباراة أن كل شيء وارد في كرة القدم.
قد يقول قائل أن جيل 2009 أفضل من هذا الجيل.. والظروف في ذلك العام كان أفضل.. لهذا حقق الهلال الفوز في ملعب مازيمبي.. وهذا أمر صحيح.. هلال 2009 أفضل بكل المقاييس من هلال 2015.. ولكن هذا الأمر لا يعني أن هذا الجيل لا يمتلك أمل أو حتى بصيص أمل في مباراة الجزائر.. بالمنطق الهلال خرج كالعادة من الدور نصف النهائي.. ولكن كرة القدم لا منطق لها.. في بعض الاحيان تمارس الجنون.. ونتمنى أن يكون يوم السبت هو يوم جنون الكرة.. ونأمل ايضا أن يتفوق لاعبو الهلال على أنفسهم ويقدموا عرض تاريخي وهو أمر وارد ايضا.
وعندما أقول وارد لا أدغدغ المشاعر أو أبيع الأوهام.. فاللاعب السوداني بشكل عام لديه إنفصام في الشخصية.. يمكنه أن يظهر لك بمظهر ضعيف جداً ويتلقى الخسارة في أرضه أو خارج أرضه بنتيجة كبيرة.. ويمكنه بالمقابل أن يقدم عرض بطولي ويخرج بنتيجة (مدهشة).. وقد شاهدنا وعايشنا هذا الأمر أكثر من مرة.
نعم.. الفرصة ضعيفة.. ضئيلة.. بل (ضئيلة جدا).. وإذا قلنا كلام غير ذلك سنخدع أنفسنا لا أكثر.. ولكنني أكرر.. طالما أن هناك فرصة.. يجب أن نحاول.. يجب أن يعمل الجهاز الفني بقيادة الكوكي على إختيار أفضل تشكيلة ممكنة واللعب بأفضل تنظيم.. ويجب على لاعبي الهلال أن يتذكروا أن المهمة ورغم أنها صعبة إلا أنها قد تجعلهم يدخلون التاريخ.. بل يضربون موعداً معه.. هدف مبكر قد يعني الكثير.. وأحداث المباراة نفسها قد تخدم الهلال.. صحيح إمكانية أن يخرج لاعب من لاعبي إتحاد الجزائر بالبطاقة الحمراء أمر مستبعد إلى حد ما بإعتبار أن المباراة في الجزائر والحكام الأفارقة يميلون بشكل كبير إلى الفريق صاحب الأرض.. ولكنه غير مستبعد بشكل نهائي.. كل شيء وارد.. بطاقة حمراء مثلا.. هفوات دفاعية.. عدم توفيق للمنافس.. إلخ.
المهمة صعبة.. ربما تكون (شبه) مستحيلة.. ولكنها لا تصل لمرحلة (مستحيلة).. الكرة في ملعب الجهاز الفني.. وبشكل أكبر في ملعب اللاعبين.. أقول لكاريكا.. بشة.. كيبي.. اندرزينهو.. الشغيل.. نزار.. والبقية.. مباراة السبت قد تعني الخروج كما يتوقع الكثيرين.. وقد تعني دخول التاريخ من بابه الواسع.. الإختيار لكم.

صباح الخير بالليل
الزميل الرشيد علي عمر إنقلب على الكاردينال.. وهذا أمر ليس بالأمر الغريب.. فهو تاجر يُتاجر بالهلال.. وسبق أن إنقلب على صلاح إدريس والبرير وأساء إليهم بعد أن كانا في نظره الأفضل والأروع والأعظم!!.. هي تقاطعات مصالح.. ولعبة كراسي.. ولكن هذا ليس الموضوع.. الموضوع يتعلق بنجم الهلال مدثر كاريكا.. كاريكا يقدم أفضل العروض في الآونة الأخيرة بل ساهم بشكل واضح في وصول الهلال للدور نصف النهائي وكان أفضل لاعب في مباراة إتحاد الجزائر (بالمشاركة مع اندرزينهو).. ورغم ذلك ما زال يتعرض لهجوم قذر من الرشيد.. نفس الأسلوب القبيح الذي مارسه مع عمر بخيت والمعز محجوب يمارسه الآن مع كاريكا... إتقِ الله يا رشيد..!!