• ×
الإثنين 29 أبريل 2024 | 04-28-2024
جلال داوود ابوجهينة

نحن كدة

جلال داوود ابوجهينة

 1  0  1782
جلال داوود ابوجهينة
التكتيك الجندري في الحدث الفنجري

مقدمة مفروكة زى البامية :

نسيبي ود المبارك .. شاب سوداني حتى النخاع ..
خليط من البطاحين و الحلاوين..
لا تمل الإستماع إليه ..
فيه سرعة بديهة أهلنا الرباطاب ..
و فصاحة أهلنا الشايقية
موسوعة في أخبار أهله بالجزيرة ..
قال لي ذات حديث عن المائدة السودانية :
بالله حبوبتي لما تكون عاملة ملاح شرموط .. تخش و تمرق طول اليوم .. أتَّقول عندها نص عرقي ..

هنا ليس المقصود تشبيهه للحدث فقط بهذه العبارة الطريفة .. و إنما بروز نقطتين هامتين :
المائدة السودانية الفقيرة .
و المثل الذي يقول أن أقرب طريق لقلب الرجل هو معدته ..
فنساءنا ربنا يبارك في أصابع أيديهن .. ( فإن أقرب طريق لهن لمعدة الرجل .. هو قلبه .. ) ..
نساءنا يقفزن إلي بطوننا مستغلات حبنا لهن .. و ليس العكس ..
فتأتيك الزوجة اليوم في وجبة الغداء بملاح ويكة حمرا
ثم الغداء بملاح بامية مفروكة
ثم أم رقيقة
ثم طبيخ بامية
ثم بامية بالفرن ( إن إستطاع الزوج للفرن سبيلا ) ..

و إذا ما سوّلتْ لك نفسك بالإحتجاج من هذه الموسوعة ( البامْيَوية ) المتكررة يأتيك الرد كمواء القطة الحنون:
شنو يا حمادة يعني ؟ إخص عليك .. مش كنت بتقول أنا بسوي من الفسيخ شربات .. ؟ حسع شرباتي بقى فسيخ ؟
فيتراجع الفحل الصنديد فاصلا كل كوابل إحتجاجه .. و هو يلعق أصابع يديه التي تشبثتْ ببقايا البامية .. و يتمعن بنهم في أشياء أخرى قد تعوضه لاحقا عن نداءات بطنه ..
فقد وصلتْ الزوجة إلى معدته و تربعتْ برابط القلب المتين الذي لا إنفصام له ..
.. .. .. ..

في أتبرا ..
أوْكَل إلىَّ عمي ( و هو أخ غير شقيق لوالدي، فأمه جعلية من بربر كنا نحبها كثيرا رحمها الله ونقضي معها عطلة المدارس كل عام ) ..ورغم عقابها لنا عند أي غلطة بسيور ( محفضتها )، إلا أنها لا تزال تحتل حيزا كبيرا في ذاكرتي.
أوكل إلىّ عمي كل مهام مراسم زواج إبنته .. من الألف للياء
فأشار إلى أحدهم بأن أستعين بطباخ معروف لزوم العشاء ( أيامها كان صحن الكوكتيل جديدا على الناس و لا يحبذونه كثيرا حيث أن الضلعة كانت سيدة الموائد بلا نزاع ) ..
فوجئت بأن الرجل من نوع ( الجنس الثالث ) بمصطلحات اليوم .. أما زمان فكان يطلق عليهم لقب ( راجل ما راكب عدلو ) ..
جاء الرجل و أصابعه تزينها خواتم بفصوص حمراء و أخرى بجنيه الـ ( جورج ).. يرفع طرفا من جلابيته السكروتة .. و طاقيته الحمراء المغزولة بالحرير تقبع على الجزء الأيسر من رأسه و رائحة عطر نسائي تسبقه .. و قطعة من لبان ( اللادي ) يطرقع بصوت مسموع و كأنه يُوُدِع اللبانة كل غيظه المكبوت على نوعه ال ( بين بين ) ..
و سِنّة ذهبية تبرق بين الحين و الآخر يحرص هو أن يجعل الضحكة تميل على جهة سنته الذهبية لزوم إظهار ما بطن من زينته ..
يحمل ( حقة ) صعوط ماكنة مصنوعة من الفضة الخالصة ..
قطع صمتي بأن قال و هو يلوح بيده كأنه يزيح و يفتح ستارة : إسمع هوووووووى ... ما في مَرَة تجي عند كوانيني و حللي .. الأولو شرط آخرو لمبة ..
ثم ضحك ضحكة متغنجة تفوق دلال المتعجرمة نانسي .. و ضربني بيد ثقيلة ( كالمرزبة ) على صدري جعلتني أسعل بفعل دخان سجاير البرنجي و القمشة المترسب في صدري ..
ثم خلع جلبابه الهزاز و وقف بعراقي مصنوع من قماش ( العمم .. توتال سويسري ) و سروال بتكة حمراء مبرومة كما رسن ناقة تحمل هودج عروس ..
جهزت النساء له البصل و البهارات ..
و قرّبْن له اللحوم و الزيوت ..
ظللت أرصد عمله ..
يتنقل من كانون إلى كانون ..
و من حلة إلى أخرى ..
و الغريب في الأمر .. أنه كان يتجرع ( العرقي ) بل ( يبوزه ) رأسا من الزجاجة التي كان يلفها بجريدة قديمة و يبللها بالماء لزوم التبريد الذاتي..
ظلت يداه نظيفتان و كأنه لم يمس حلة أو يهز كانونا لزوم زيادة توهج الجمرات غير المشتعلة..
يعبث و يتمايل و يزغرد و يغني ..
و لكن ما أن يلتفت إلى الحلل، تجتاح وجهه جدية و صرامة ..
سرعان ما تتبدل إلى ضلالها القديم .. فيعاود نزقه، فيتمايل ويزغرد ويرمي شبالا من شعر معدوم.
لم يترنح الرجل ..
كانت عيناه تزدادان إحمرارا فقط .. و هو يتذوق طبخ يديه ..
و يتغنى بأغاني البنات .. ثم يطلق زغرودة طويلة تأتي بالنساء للفرجة عليه ..
ثم يتقدم أحيانا و يبادلهن ( شبالا بشبال ) و هو يتمايل تمايل هندرستم في فيلم ( صراع على النيل ) .. و يتناول زجاجته و يرشفها رضْعا ..
وقفتْ النساء يتاوقن للرجل و هو يؤدي هذه اللوحة بتجانس أنثوي رغم أنه رجل أو بالأصح محسوب على الرجال ..
لوحة يمتزج فيها إتقان العمل مع تعبئة المزاج بالكحول و محاكاة النساء و سرقة قفازاتهن أمام أعينهن وضح النهار ..
لم تتجرأ أي إمرأة بالتقدم ( لتغرف ) من طبخه الذي إتضح أنه يضاهي طبخ أكثر النساء إتقانا للطبخ.
فقد تعودتْ النساء دائما أن يختلسن بعض الطعام إلى بيوتهن من بيت الوليمة لأزواجهن و أولادهن لأنه لم يقمن بالطبخ يومها بحجة أنهن مشغولات في مجاملة أهل المناسبة ..
في ذاك المساء .. والفنان يصدح بأغنياته، أغنيات الزمن الجميل
إرتفع الغبار لعنان السماء في حلبة الرقص من الغيد الحسان.
و توسط صاحبنا الحلبة .. و فاق النساء في الرقص و الزغاريد ..
طاقة يحسد عليها ..
لم يكل و لم يمل ..
كان آخر من يغادر الحفل ..
بنفس حيويته التي أتى بها ..

سألت إمرأة عجوز تسكن في حينا : شفت عمايل الطباخ دة يا حجة ؟؟؟
فقالت وهي تحاول إخفاء ابتسامة : والله أكلو عجبني، علا الباقي ما عندي فيهو راى ولا غرد.
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : جلال داوود ابوجهينة
 1  0
التعليقات ( 1 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    عزالدين سيد وديدي 04-24-2012 11:0
    يا اخي الكريم والله قصصك جميلة ولكن لماذا ذكر مثل هذه التفاصيل الغير أخلاقية ولا شرعية ولا اتتوافق مع العادات الاجتماعية مثل وصف الرجل فكان يمكن ان تذكر افعال هذا الرجل من رقص وزغاريد وطباخة من دون ذكر صفته البين بين. وكذلك لا داعي لذكر الخمر. وافيدك بأني أقرأ كل مقالاتك بكل اهتمام ولك تحيي بلا حدود.
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019