• ×
الإثنين 29 أبريل 2024 | 04-28-2024
جلال داوود ابوجهينة

نحن كدة

جلال داوود ابوجهينة

 1  0  2240
جلال داوود ابوجهينة
كثيرة هي تعليقات الناس علينا كسودانيين حينما ننطق القاف غينا والغين قافا.
كأمثلة، فإننا نقول نطقا :
( ليلة الغدر ) : ونقصد تلك الليلة العظيمة ليلة القدر ، ولكننا نقلبها ليلة سوداء يلفها الغدر.
( عيد الاستغلال ) : وكأننا نحتفل باستغلال الحكومات المتعاقبة علينا منذ الاستقلال.
( أنتظره بفارق الصبر ) : و كأن الصبر نقاط ترجح كفة الانتظار ، الصحيح هو بفروغ الصبر و ليس فارغ الصبر.
( استمتعت بالنقمات ) : لا حول الله ، وكأننا نستمتع بالنقمات والمصائب واللعنات.
والأمثلة كثيرة ، والمؤسف أنها تنطق من شخصيات في محافل رسمية دوليا وإقليما ومحليا.

وبما أن حرف الغين عند النطق يتطلب حركة حلقية لا يتطلب غلق نهاية الحلق مع ترك اللهاة( تتراقص قليلا كبندول الساعة ) ومع ترك الهواء ينساب عبر فتحة صغيرة بين الشفتين والأنف ، فإنه عندما تفاجئ هذه الأعضاء في منظومة الجهاز التنفسي بحرف الغين، فإن هذه الأعضاء المذكورة تكون ربما غير جاهزة لأداء مهمتها، وأعتقد أن هذا بفعل مكونات غذائية عملت عمائلها في تكوين أعضاءنا التنفسية فجعلتها ( سايبة ومفككة ومرخرخة ) لا تقوى على مفاجئتها بهذا الحرف ( الغتيت ). وهي مكونات غذائية توارثنا أكلها باختلاف مناطقنا والتي تجعل أداء هذه الأعضاء تعمل بشكل انزلاقي تماما كالتروس في المحركات عندما نعطنها بالزيت ( سوبر شل ).
فقد قال أحد العارفين لا فض فوه أنه جرب أن يقول كلمة ( غنوة ) بعد أن إبتلع لقمة
( ماكنة ) من ملاح أم رقيقة ملفوفة بعناية في طرقة كسرة ، فنطقها ( قنوة ) فحاول عدة مرات و لكن محاولاته باءت بالفشل ، فسأم من المحاولات وقال ( يلا ما علينا ، كلو من أم رقيقة ). والغريبة أننا ننطق كلمة أم رقيقة هذه نطقا صحيحا بتخفيف حرف القاف وكأننا نسمح بمرور لقمة أم رقيقة بكسرة.

الخلاصة هنا أن المائدة السودانية منذ قديم الأزمان المكونة في أساسياتها من مشتقات البامية المجففة والخضروات المفروكة والعصائد المتنوعة وسوائل ما قبل وما بعد الأكل وأم فتفت ومكوناتها ، كل هذا وذاك مسئول عن انفلات منظوماتنا التنفسية المتحكمة في إخراج الحرف الغتيت.

أما حرف القاف ، فيحتاج عند النطق به إلى إغلاق البوابة المؤدية للفم عن طريق رفع نهاية اللسان وترك سقف الحلق لملاقاة هذا الجزء من اللسان حتى ( يتقلقل القاف قلقلة ).
ولكن بفعل العقدة المتركبة في قاع أذهاننا بنطق الغين قافا ، فإننا ما أن نجد القاف ملفوفة في كلمة (كحبة الشطة الحارة في ساندويتش دون أن ندري ، يتفاجأ الحلق ، ويتحشرج فيخرج القاف غينا.
فالمزاج السوداني هذا ، حتى في الجهاز التنفسي صار جزءا من هويتنا وتغلغل فينا وحدد أحماضنا النووية.
و لكننا أحسن حالا من بعض ذوي القربي الذين يقولون أنهم عربا مائة بالمائة.
فالمصري يقول : الدنيا كلها مآسي.
فيرد عليه واحد مبسوط خبتين ( و إنت مآسك كام ؟ )
المصريون ينطقون كل حروف القاف ألفا ، و لو أضطر لقراءة نص باللغة العربية الفصحى ، يعاني بقية يومه من ( أكولة ) في حلقه ، و نشفان لسان.
يقول بعض المصريين أن الذي أكتشف مصر أساسا كان راجل حلواني. حيث كان يأكل الكنافة والباسطة ويسيل لعابه مع السكر الذائب فيقول ( يا سلام على البألاوة ).
وأنا أقول أن كل السودانيين هم أحفاد جد ( ود السافل ) صاحب أشهر ويكة في الجزيرة وصاحب هذا الاسم غير التجاري الذي أنتشر و عم القرى والحضر ولف بلاد العالم.
هناك أمير سعودي أدمن الويكة بطريقة تجعلك تشك بأنه ربما كان يمت لود السافل بصلة قربى.
يقال أن جدنا ود السافل بعد أول لقمة من ملاح أم رقيقة ، حاول نطق كلمات بها القاف الغين ، فأنزلق الحرفان نزولا وطلوعا ، فقال لزوجته رقية بعد أن لحس أصابعه ( رغية عليك الله بعد القدوة السمحة دي قني لي قنوة بي صوتك الرغيغ .
فقالت له رقية : سجمي ، حلقك مالو ؟
فقال لها : ما تخافي ، من هنا ورايح حرم مافي زول ينعدلن معاهو .
وسار كلامه بين القبائل مثلا ملموسا و معاشا.
ومن يومها ظل الحرفان في حالة إشتباك ( حلقي ) في كل حلاقيم أهل السودان.
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : جلال داوود ابوجهينة
 1  0
التعليقات ( 1 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    حميدان سالم 09-18-2011 11:0
    السلام عليكم استاذ جلال ، أعتقد بأن المشكلة هذه قديمة و ليست حكراً علينا نحن كسودانيين فقط ، لأن أي سوداني عندما يتحدث بالفصحي ينطق الحروف نطقاً صحيحاً ، أما بالدارجي فحدث ولا حرج فجميع الدول العربية سوا في ذلك ، أحسن نحن نقلب الغين قاف ، هناك بعض الدول يقلبونها ألف و بعضهم يقلب الفاء كاف عزيزي هل الشاعر الذي قال : قولي يقلقل القاف قلقلة *** و قول غيري يغير الغين تغييرا هل كان سودانياً ولك تحياتي
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019