كرتونة رمضان
لا تكاد تحس بمرور الزمن وتعاقب الايام مع زحمة الحياة والعمل ومع ما افرزته العولمة من مواقع التواصل والتي من جانبها استقطعت جزءا كبيرا من الوقت وفي هذه الدوامة تجد نفسك أمام الكثير من المناسبات والتي يظن الفرد ان أمدها بعيد وزمنها لن يأتي قريبا ومن ابرز هذه المناسبات التي تطل علينا قريبا هو شهر رمضان الكريم شهر الصوم والقران بل هو شهر الخيرات جميعا.
رمضان ظل يأتي كما القائد المنتصر رافلا في كرنفالات ضخمة واحتفالات توحي بأن القادم عظيم وهو بلا شك كذلك وأذكر تلك الزفة التي كانت تجوب مدينة بربر حين كنا في مرحلة الدراسة وهي زفة عظيمة يشترك فيها البوليس مع الطرق الصوفية والطلاب وينتظرها الناس علي الشارع الرئيسي تبشرهم بمقدم الشهر ولعمري أنها مظاهر تنتظم العالم الاسلامي باسره فرحة بهذا القادم جليل القدر والمكانة.
واذا كانت كل الشعوب المسلمة تستقبل الشهر بالعديد من العادات والتقاليد وما يدور في مائدة الصوم من أطعمة وأشربة خاصة بالشهر فقط فان البيت السوداني بلا شك له نصيب كبير من هذه العادات وقد ظلت كل الاسر تبدأ في الاستعداد منذ شهر رجب خاصة والاسرة السودانية لا زالت تحتفظ بعلاقاتها المتشعبة والتي اعطت طابع الاسرة الممتدة وربطت الجميع برباط الرحم والتواصل ولهذا فلا بد ان تكون ( كرتونة رمضان) قد أعدت وارسلت لأفراد الاسرة داخل وخارج الوطن وهي عادة تناقلها الناس مع العديد من العادات الرائعة والراسخة في وجدان الناس.
أهم المحتويات بلا شك هو ( الحلومر) هذا المشروب العذب لذيذ الطعم وهو مشروب مرتبط برمضان ونعلم جميعا تلكم الخطوات الكثيرة والمعقدة التي تمر بها مرحلة صناعته وتجويده ليخرج بهذه النكهة المعروفة وتصاب النساء بالرهق والعنت جراء البحث عن المكونات والسهر علي الاعداد وحيث أصبح الحلومريصل للمغتربين في مهاجرهم فقد عرفه غيرنا من الشعوب واستعذبوا طعمه رغم ان اسمه ظل علامة استفهامية كبيرة ولا زال صديقنا السعودي ابو ركان يستفسرنى عن ( هذا المشروب ايش اسمه حامض حلو!) وما هذا الا دليل علي اعجابهم به. ولا بد ان تشتمل ( كرتونة رمضان) عليالويكة سيدة المائدة ثم العديد من الاشياء السودانية التي تعرفها الأسر وتحفظها عن ظهر قلب وقد تزيد بحسب الامكانيات والحاجة وهذه الأغراض برغم وجودها الآن وتوفرها في السوق الخليجي إلا أن وصولها من السودان له وقع خاص وأثر طيب في النفوس اضافة لفارق الجودة ورائحة الاهل وبصماتهم.
التهنئة للجميع بمقدم الشهر الفضيل والتحية لأهلنا في السودان وهم يتذكرون هذه المناسبات ولا يمر رمضان دون ان تصلنا هداياهم وكذلك المولد النبوي وغير ذلك مما يجعل الصلات موصولة دائما تحقق معنى الحديث الشريف ( تهادوا تحابوا).