• ×
الجمعة 26 أبريل 2024 | 04-25-2024
جمال عيسى

رؤية

جمال عيسى

 0  0  7794
جمال عيسى
خطاب البشير .. قراءة هادئة
رؤية ـ جمال عيسى
بعد عامين من انطلاق ثورة الانقاذ وتجربة ناجحة جداً في صحيفة الانقاذ الوطني من خلال التحليل السياسي ونظرة شمولية للأحداث الإقليمية والعالمية ، حملت أوراقي وخبراتي وقدمت للعمل في المكتب الصحفي لرئاسة الجمهورية ببراءة الشباب الطامحين والواثقين وكانت واسطتي وشفاعتي كفاءتي التي شهدت لي بها صحيفة الانقاذ الوطني وكانت تضم عمالقة الكتاب أمثال اسحق أحمد فضل الله وموسى يعقوب وسيد الخطيب وعلي عبدالكريم وعبدالسلام محمد خير وعفاف بخاري ، واعتقد أنني والأخ عماد أبو شامة والمرحوم مهيد بخاري كنا الأصغر سناً.
كان طبيعياً أن يرفض طلبي لأنني لم أكن منظماً وكان الاستقطاب ساعتها على أشده ، وكان يمكن أن أبيع مبادئي وأنضم لجيش من المتسلقين والمنتفعين الطامعين في نصيب من (كيكة) السلطة والثروة و الانتماء الكاذب خاصة بعد (ميني دراسة) قدمتها للصحيفة عن (النظام السياسي بين النظرية والتطبيق) طالبت فيها بتنزيل النظام السياسي الذي طرحته الانقاذ ساعتها، من القمة إلى القاعدة بدلاً من تداوله في دوائر النخبة الحاكمة يموت عندها بالكسل السياسي والفكري والفساد والمحسوبية .. كما ناديت بضرورة نزول القيادة السياسية إلى هذه القواعد في الأقاليم(ساعتها) والفرقان ، بعيداً عن هيمنة المركز ، وكانت (الميني دراسة) هذه أول جرس إنذار لانتفاضات مسلحة محتملة من الهامش الغاضب وهو ما حدث بالضبط في دارفور والشرق.
تذكرت هذه اليوميات قبل 20 عاماً وأنا أستمع لخطاب الرئيس البشير من منظور مهني صحفي .. وهو بالمناسبة وعلى غير ما يظن الكثيرون ، لم يكن ركيكاً ولا غير مرتب ، وإنما جاء بدرجة عالية من التكلف أفقدته صفة الشعبية والجماهيرية التي وُصف بها قبل إلقائه ، يصلح للصفوة ورؤساء الأحزاب والمؤتمرات واللجان والورش ، ولا يصلح لعامة الناس ممن تتفاوت درجة استيعابهم وتعليمهم وثقافتهم وكان يتوجب أن يكون بمساحة واحدة من فهم العالم والطبيب والمهندس والمزارع وربة المنزل والأمي والمتعلم ، لكنه لم يأت كذلك.
(مود) الخطاب العالي اصاب عامة الناس بالصدمة خصوصاً أنهم كانوا يتوقعون قرارات واضحة وصريحة (1+1=2) متزامنة مع السخط والتذمر من الأزمات والضيق والملل في الشارع السياسي.
والظاهر للعيان أن الرئيس البشير نفسه كان يجد صعوبة في قراءة الحطاب والتعامل مع مفرداته الصعبة ، مع إنه خطاباً مكتوباً وليس مرتجلاً وهو الذي عرف منه الفصاحة والشجاع في الارتجال ، ومما لاشك فيه أن مخرجات اللقاء كانت ستكون أقوى وأسهل لو أنه تحدث للشعب من القلب للقلب بلغة العسكر البسيطة التي عرف بها هو نفسه ويجيدها بامتياز.
والمثير في خطاب البشير أن فقرة واحدة من فقرات بيان انطلاق الثورة في 30 يونيو 1989 واستدعائها بـ(copy baste) ، كانت كافية للقيام بالغرض نفسه لأن المشكلات هي نفس المشكلات قبل 20 عاماً ولم يتغير شئ .. وسبحان الله ، الفقرة تتحدث عن المعاناة نفسها التي يعاني منها الشعب حالياً ، لكن ينقصها فقط قرار شجاع بالتنحي وهو ما كان يتوقعه الكثيرون ، ونصها مواطني الشــرفاء ... لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في ايقاف هذا التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية ، فازدادت حدة التضخم وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم اما لانعدامها أو لارتفاع أسعارها مما جعل كثيرا من أبناء الوطن يعيشون على حافة المجاعة ، وقد أدى هذا التدهور الاقتصادي إلى خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطل الانتاج وبعد أن كنا نطمح أن نكون بلادا سلة غذاء العالم أصبحنا أمة متسولة وتستجدي غذائها وضرورياتها من خارج الحدود وانشغل المسئولين بجمع المال الحرام حتى عم الفساد كل مرافق الدولة وكل هذا مع استشراء الفساد والتهريب والسوق الأسود مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراء يوما بعد يوم بسبب فساد المسئولين وتهاونهم في ضبط الحياة والنظام).
رغم أن كل الشبهات تشير إلى أن أمين حسن عمر هو من قام بوضع مشروع الخاطب من خلال اللغة المتكلفة التي عرف بها ، إلا ان أياً من كان قام بكتابته ، فإنه وضع الرئيس في موقف حرج ، ولو كنت مكان وزارة شئون الرئاسة ، لأقمت مؤتمراً صحفياً للرئيس بمشاركة وسائل الإعلام المختلفة للإجابة الصريحة على الأسئلة الصريحة (يعني تعديل) على قولهن!!.
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : جمال عيسى
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019