• ×
الإثنين 29 أبريل 2024 | 04-28-2024
علي الكرار هاشم

المأمون الحاج... النجم الذي غاب

علي الكرار هاشم

 2  0  11888
علي الكرار هاشم
من تصاريف القدر ان جعل بين الخلق نجوما تضئ طرقات الحياة وتبين للناس الكثير من المسالك المظلمة وتهديهم الي سبل سوية ما كان لهم ان يعرفوها, وهي نجوم قليلة كما هو حال الخيار من البشر وكما هو حال أهل الخير والصلاح الذين عناهم الحديث الشريف (إن لله تعالى عباداً اختصهم بحوائج الناس يفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك هم الآمنون من عذاب الله) ومن حسن هذه التصاريف وروعتها أن تعرفنا الي واحد من هذه الزمرة الطيبة ذلكم هو ( المأمون الحاج الجميعابي ) وعاشرناه ردحا من الزمن حتى فارق الدنيا اثر حادث اليم بالسودان عصر الخميس13/11/2014م.
لم يكن من الصعب ان تتعرف علي المأمون الحاج فهو يعمل داخل السفارة السودانية بالرياض ويتحرك وسط الناس ويبدو ظاهرا كالبدر ليلة تمامه ولعل هذا ما جعل كل السودانيين بالرياض يعرفونه فهو امام مسجد السفارة وخطيب المناسبات وهو مأذون الأنكحة ومسؤل ديوان الزكاة ومشرف الجامعات في الدراسة عن بعد واشرف مؤخرا علي ملف السودانيين بالتوقيف والمحكومين بالسجون هذا اضافة لكونه درس العديد من مراحله حتى جامعة الامام بهذا البلد الطيب.
لكن الامر الشاق هو ان تتصل علاقتك وتتمدد معرفتك به فهذا شخص كما قال الشاعر ( أوزع جسمي في جسوم كثيرة وأحسو قراح الماء والماء بارد) فقد وزع نفسه وعلاقاته ووقته بين الناس كلهم ولم تكن معرفة سطحية وعلاقات وليدة لحظاتها بل كان يعرف الكل بأسمائهم ومناطقهم ووظائفهم وقد استفاد من هذه الذاكرة الضابطة والذخيرة المعرفية ووظفها تماما لخدمة الجالية وكانت هي مفاتيح تحركه بينهم في سبيل فائدة الجميع وحل مشاكلهم وتآلف قلوبهم .
امتاز المأمون بنفس صبورة كان لا يمل من استماع الشكاوى ومناقشة الطرف الآخر حتى يحل اشكالاته ويقف الساعات علي رجليه بل لا يهمل شخصا مهما كان ولا يتجاوز فردا ولا يقلل من شأن موضوع مهما صغر فإذا ما تحركت معه لمهمة فقطعا يتوقف في طريقه مع هذا وذاك وحالما يحس بضجرك من التأخير تأتيك اجابته بأن للناس ظروف وحاجات وهكذا يظل وسطهم كالنحلة حركة وعملا .
عند انطلاقة مشروع التعليم عن بعد بدأ العمل تشوبه العديد من السلبيات ولم يجد الاهتمام الكافي من طرف الجامعات بالسودان وقد انعكس كل هذا بإشكالات عدة واجهها الطلاب فلم يكن امامهم غير المأمون وقد صبوا مشاكلهم علي رأسه فتصدي لها يهاتف السودان مرارا وتكرارا ويراجع ويصوب ويرسل الاوراق ويذهب في اجازاته للجامعات ويطيب خاطر الطلاب حتى سارت الامور وقد استغل معارفه في مساعدة العديد من الطلاب والطالبات الذين أتوا من خارج الرياض وربطهم بطلاب الرياض وبفضل مجهوداته أرسي لهذا الأمر حتى انداح بين العديد من الجامعات بل وصل بعض خريجي التعليم عن بعد الآن لمرحلة الدكتوراه والفضل بعد الله يرجع له علي صبره ومصابرته وطول باله.
اتاح تغلغل المأمون وسط الجالية وعمله في ملف المساجين وأصحاب القضايا وكذلك عملة كمأذون بأن يعرف تفاصيل ما يدور داخل الاسر وان يطلع علي اسرار البيوت وهي بلا شكل تفاصيل كثيرة وأسرار مهمة فكان أمينا علي هذه الاسرار لا يبوح بها كما وانه ساهم في حل العديد منها مستفيدا من معارفه وصداقاته وزملائه من السعوديين والسودانيين وقد اتاحت له معرفته هذه في تسهيل زواج العديد من الشباب وكان يقولها صراحة لكل من يظنه قادرا علي الزواج بان هناك حرائر وبنات فاضلات وهذه هي شيمة الكرام ان يتحركوا دائما في نطاقات الخير ومجالاته المفتوحة.
رغم أن عمل المأمون داخل السفارة كان كبيرا وعلي درجة من الأهمية إلا أن ذلك لم يقعده عن تواصله مع الجالية خارج السفارة فكان من الفاعلين والمؤسسين للعديد من الروابط والجمعيات وظل عضوا تنفيذيا نشطا في رابطة الاعلاميين وفي الرابطة الرياضية وغير ذلك يسجل حضورا قويا تجده في الافراح وتجده في المقابر ولا تكاد تكون هناك مناسبة إلا وهو في المقدمة يجود بماله وبفكره ويسجل تواجده بين اخوته المغتربين كواحد منهم.
هذه الحروف هي نذر يسير من سفر ضخم كتبه المأمون الحاج ونفذه عمليا في عمر قصير بحساب السنين لكنه طويل وحافل بالأعمال بل بجلائل الأعمال وقد تحدث عنها المتحدثون داخل السفارة ليلة العزاء فبكاه الجميع وسالت الدموع علي اللحى والخدود من رجال تكاد تظنهم لا يعرفون البكاء لكن المصاب عظيم وقد نعاه السفير بعبارات قاطعتها العبرات ونعاه القنصل قائلا بأنه يمينه التي شلت بفقده ولا زالت جالية الرياض تعزي بعضها حيثما تلاقوا في دروب الرياض ذلك أن المأمون الحاج هو بنيان قوما تهدما نسأل الله له الرحمة ولأسرته الصبر الجميل.

علي الكرار هاشم محمد
الرياض


امسح للحصول على الرابط
بواسطة : علي الكرار هاشم
 2  0
التعليقات ( 2 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    انور التاج - الرياض 11-27-2014 09:0
    والله على ما اقول شهيد وقف معنا هذا الرجل فى محنة ليس لها حل موقف انسانى لا ينسى ابدا وساهم فى حل المشكله التى ليس لها حل رحم الله هذا الرجل واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداءوحسن اولئك رفيقا انا لله وانا اليه راجعون
  • #2
    اسيياد 11-26-2014 06:0
    والله لا أعرف المرحوم ولكن سال دمعي وأنا أقرأ مآثره التى ذكرتها يا أخ علي ، رحم الله المأمون الحاج وجعل الجنة مأؤاه والفردوس مثواه ، راحو الطيبين
       الرد على زائر
    • 2 - 1
      علي الكرار 11-27-2014 09:0
      شكرا أخي الفاضل( اسيياد) علي مشاعرك ذلك أن الفقيد يظل اكبر من حروفنا وهذا قدر الرجال الذين يعيشون حياتهم طولا وعرضا ويسجلون حضورا فاعلا ونافعا حتى اذا غابوا عن المشهد بكتهم العيون بالدمع المدرار وهذا ما حدث لنا في الرياض.نسال الله له الرحمة والمغفرة ولاسرته الصبر والعون
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019