• ×
الجمعة 26 أبريل 2024 | 04-25-2024
مزمل ابوالقاسم

محكمة النظام العام.. في الهلال!

مزمل ابوالقاسم

 0  0  2289
مزمل ابوالقاسم
كبد الحقيقة
د . مزمل أبو القاسم
محكمة النظام العام.. في الهلال!
* كثيراً ما ذكرت للزملاء العاملين في الصحافة السياسية أن الممارسة الرياضية متقدمة على الممارسة السياسية في بلادنا بسنوات ضوئية، وأن الرياضيين سبقوا الساسة بأشواط بعيدة في معالجة قضية (التداول السلمي للسلطة)، وفي ديمومة الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وفي التمسك بتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات، وحتى في الحرص على تطبيق الشفافية في إدارة المال العام.
* المجلس الحالي للاتحاد العام منتخب، ومجلس المريخ منتخب، ومجلس الهلال منتخب، ومجلس إدارة اللجنة الأولمبية السودانية التي تمثل قمة الهرم الرياضي في بلادنا منتخب أيضاً، ولا يكاد يمر شهر من دون أن نسمع بانعقاد جمعية عمومية انتخابية في أحد الأندية أو الاتحادات الرياضية.
* الاحتكام لصناديق الاقتراع ممارسة راسخة تحدث في ساحة الرياضة السودانية باستمرار، بينما تمت آخر انتخابات حرة ونزيهة على الصعيد السياسي في بلادنا سنة 1986، أي قبل 37 عاماً من الآن، وهي الانتخابات التي أنت بالإمام الصادق المهدي (رحمة الله عليه) رئيساً للوزراء، وعن حال الأحزاب السياسية حدث ولا حرج، إذ لم نعهد فيها ميلاً لانتخاب قادةٍ لا يزحزحهم عن مناصبهم إلا مَلك الموت!
* لا تخلو المؤسسات الرياضية في بلادنا من الفساد، لكنها وفي الحد الأدنى تحرص على تقديم ميزانيات مدققة لجمعياتها العمومية، وفيها تستبين موارد ومنصرفات النادي أو الاتحاد ومصادر دخله، فهل سمعتم بحزب سياسي سوداني قدم ميزانية أعلن فيها عن مداخليه ومنصرفاته؟
* ما ذكرناه لا يعني أن المؤسسات الرياضية السودانية مثالية، ومنزهة عن الخطأ ومنزوعة الفساد، لكن الثابت أنها أوفر ديمقراطية وأكثر قدرةً على تجديد قياداتها ومحاسبة إداراتها عبر جمعيات عمومية تنعقد بانتظام، لتجدد الدماء وترسخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، وتمنع الكهنوت المسيطر على غالب الأحزاب السياسية في بلادنا.
* لو كان الإمام الصادق حياً لاستمر رئيساً لحزب الأمة، والأمر نفسه ينطبق على الراحل محمد إبراهيم نقد، أمين عام الحزب الشيوعي السوداني، ولا يخالجني أدنى شك في أن سلفه الخطيب سيبقى في منصبه حتى يلتحق بالرفيق الأعلى، والحديث نفسه ينطبق على مولانا محمد عثمان الميرغني وعلي الريح السنهوري أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي، وغيرهم.
* الحال يختلف في الوسط الرياضي الذي شهد تعاقب رئيسين على اتحاد الكرة في آخر أربع سنوات، وأربعة رؤساء على المريخ في آخر خمس سنوات، ورئيسين للهلال في الفترة نفسها.
* لفت نظري خلال الأيام الماضية القرار الذي أصدرته لجنة الانضباط في نادي الهلال على اثنين من أعضاء مجلس إدارة النادي، وهو يمثل في ظاهره أمراً إيجابياً، لأنه يؤكد أن اللجان القضائية في الوسط الرياضي تمارس سلطاتها، وتحاسب المتجاوزين، وتحرس المال العام وتمنع التغول عليه.
* الوجه السالب في القرار المذكور يتمثل في اللغة الفظة والعنيفة التي استخدمتها اللجنة في قرارها المعيب.
* من يقرأ القرار سيظن للوهلة الأولى أنه صادر من محكمة للنظام العام، وأن عضوية مجلس إدارة نادي الهلال رامي كمال (ورفيقه علم الدين) ضبطا متلبسين بالسرقة أو تعاطي المخدرات أو الإتجار فيها، بعد أن استخدمت اللجنة مصطلحات فظة في مواجهتهما (مثل متهم ومدان وجُرم)، وتلك مصطلحات تستخدم في المحاكم العامة، لا في لجان عدلية ذات طابع رياضي.
* هنا يستخدم مصطلح مخالفة (وليس جُرماً)، ومشكو ضده (وليس متهماً)، وعقوبة (لا إدانة)، وبالطبع لا يستقيم عقلاً ولا منطقاً أن تقدم اللجنة على معاقبة إداريين يعملان متطوعين بالغرامة المالية!
* حتى النهج الذي اتبعته اللجنة في إقرار (الغرامة) خلا من أي سند من النظام الأساسي لنادي الهلال، ومعلوم انه لا عقوبة بلا نص، ولا ندري لماذا فرضت اللجنة على رامي وعلم الدين أن يدفعا خمسة ملايين وليس مليوناً واحداً أو عشرة أو خمسين؟
* وضح من صياغة القرار (الزاخر بالأخطاء الإملائية والنحوية) أن اللجنة استخدمت النهج المتبع في محاكم الاستئناف (القرار الأول والثاني والثالث)، واللجان العدلية أو القضائية الرياضية لا تعمل بذلك النهج، بل تناقش القضية وتتخذ قرارها فيها إما توافقاً أو بالتصويت، ليتم تذييل القرار بتوقيع رئيس اللجنة أو مقررها.
* يتضح كذلك من صياغة القرار أن من أصدروه قانونيون لا يمتلكون الحد الأدنى من المعرفة بالنهج الذي تعمل به اللجان القانونية أو العدلية في المجال الرياضي، وهو معيب في مجمله، وقاس في لغته، وخال من أي سند في النظام الأساسي للنادي الكبير.
آخر الحقائق
* أسوأ ما احتواه القرار توجيه اللجنة بعدم نشره (تنفيذاً لموجهات الفيفا)!
* ياتو فيفا دي البتمنع النشر يا ناس اللجنة؟
* بموجب النظام الأساسي للفيفا، المتوافق مع الميثاق الأولمبي الدولي، تمثل الشفافية واحداً من أهم تسعة مبادئ أساسية للحوكمة الرياضية.
* يحرص الفيفا (المتهم زوراً بالدكتاتورية وتكميم الأفواه) على نشر كل تفاصيل عمله وحساباته وقراراته وقرارات لجانه المساعدة والقضائية والمستقلة في موقعه الرسمي بانتظام.
* يعمل الفيفا بشفافية كاملة ولا يمكن أن يدعو لمنع النشر، لأنه لا يمتلك سلطةً تخوله منع النشر أصلاً.
* في عُرف الفيفا وكل لوائحها لا يوجد ذكر لمصطلح (مُدان) ولا يوجد ذكر لمصطلحي (جرم وجريمة)، بل يُستخدم مصطلح (مخالفة).
* ترفقت اللجنة مع العليقي وتعاملت معه بمبدأ (سيد الزبدة) وقست على رامي كمال وعلم الدين محمد.
* كنا نشكو من سوء صياغة وركاكة نصوص النظام الأساسي (المزور) في المريخ.
* عندما طالعنا النظام الأساسي للهلال هانت علينا مصيبتنا.
* واضح أن مفهوم (فصل السلطات) ملتبس تماماً عند أعضاء لجنة الانضباط في الهلال.
* المجلس هو الذي يمثل السلطة التنفيذية وليس المدير العام، والأخير يعمل تحت إمرة المجلس وليس مستقلاً عنه.
* نقترح على رئيس وأعضاء لجنة الانضباط والأخلاق في نادي الهلال مطالعة الميثاق الأولمبي، والنظم الأساسية التي تحكم الفيفا وغيرها من الاتحادات الدولية، وقانون محكمة كاس، ليعلموا أن المؤسسات الرياضية لا تحكم بقانون ومصطلحات محاكم.. النظام العام!!
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : مزمل ابوالقاسم
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019