• ×
الخميس 2 مايو 2024 | 05-01-2024
اماسا

زووم

اماسا

 0  0  1212
اماسا

أكذوبة الإعتماد على اللاعبين الصغار..!
في الدول التي تعرف أن كرة القدم أساسيات مهارية وعقليات إحترافية يعتمد الناس على اللاعبين الصغار القادمين من مراكز تكوين يكونوا قد تعلموا فيها كل ما يعينهم في ولوج عالم الإحتراف، فيضعون سقفاً محدداً للاعب قبل أن يعتزل اللعبة ومن ثم يتحول إلى المجالات الأخرى.. إما التدريب أو الإدارة أو إعتزال الوسط الرياضي نهائياً والتحول إلى مجالات الحياة الأخرى كالتجارة وغيرها، وذلك يعني أن فكرة الإعتماد على اللاعبين الصغار تقوم على وجود عشرات المراكز لتكوين وتربية النشء على أساسيات كرة القدم، وهو ما يعني أن إعتمادنا نحن في السودان على اللاعبين الصغار نظرية تمثل أكذوبة كبرى قادتنا في السابق ولا تكاد تقودنا إلى المتاهة والضلالة في كرة القدم، لأن لاعبنا يبدأ التعلم في السن التي يعتبرها الأوربيون مرحلة النضج وبروز الموهبة المتكاملة.. أي بعد أن يتجاوز الخامسة والعشرين، فتجد النادي يستغنى عن لاعب معين لأنه قد تجاوز الثلاثين بعام واحد، ويأتي بآخر عمره 27 سنة ليكون هو البديل له بحجة أن هذا البديل لاعب صغير السن ويرجى منه، مع الإشارة إلى أن هنالك فئات عمرية رسمية وأخرى غير رسمية، وأعني أن كل لاعبينا لديهم تأريخي ميلاد الأول معلن ومتداول وآخر لا يعرفه إلا والدي اللاعب وربما أفراد عائلته.. وفي بلد مثل هذه تصبح فكرة الإعتماد على اللاعبين الصغار كذبة كبرى ومضللة في ذات الوقت، وبالتالي فإن فيصل العجب وهيثم مصطفى عليها الإستمرار لخمس سنوات على الأقل قبل الإعتزال.
أنصار المريخ والهلال يقرون بدون تردد بأن الفريقين لا يظهران في صحتيهما بدون فيصل العجب وهيثم مصطفى، وعندما يكون أحدهما غائباً يحجم البعض عن حضور المباريات بحجة غياب المتعة، وبالأمس القريب كنت في نقاش حاد مع عددٍ من كبار الرياضيين على أن النجوم الدوليون بفريقهم المكون من عاطف القوز ومبارك سليمان وصبحي والرشيد استرليني ومغربي وعمر العلمين وغيرهم من نجو إعتزل آخرهم في منتصف التسعينات مؤهلون تماماً لسحق أي من فرق الدرجة الأولى أو كل فرق الدرجة الثانية ومنتخبات الإتحادات المحلية الولائية بدون مجهود يذكر، ويجيء الفارق هنا أن قدامى الدوليين يلعبون نوعية الكرة المنقرضة من ملاعبنا، تجدهم في قمة الإنضباط بوظائفهم وعندما يريد أحدهما أن يتحرك يفعل ذلك بدقة لا تخطيء إلا نادراً ولا تراهم يركضون بدون هدى كما يفعل نجوم اليوم من صغار السن، فهم إذا أردنا أن نقارن بينهم والقدامى يركضون في الملعب بشكل يثير الشكوك حول حقيقة كرة القدم، وهل ما يفعلونه له علاقة بها أم لا؟
في السابق كانت الأوساط الرياضية تتندر باللاعب الذي (يجلي) الكرة في إحدى مباريات الدرجة الثانية أو الأولى، وعندما نبحث عن النجوم المميزين في الأندية تجد في كل نادٍ ما لا يقل عن الخمسة، جميعهم من نجوم الصف الأول من الذين يقدمون أجمل فنون كرة القدم، وعلى سبيل المثال كنت قريباً من رفاقي بالعباسية في حقبة بداية التسعينات، حيث كان الفريق يلقب في وسائل الإعلام بفاكهة الدوري، وفي تشكيلتها الرسمية أكثر من خمسة من اللاعبين يتشرفون بإرتداء شعار المنتخب الوطني الأول أو المنتخبات السنية وأذكر منهم على سبيل المثال: ود إبليس أحد نجوم إيطاليا 91 وممن لعبوا في تلك النسخة من كأس العالم للناشئين، ضياء الدين إبراهيم، جعفر الأمين نورين، هيثم كمال، صلاح علي حامد وحموده اسماعيل، وأقل هؤلاء اللاعبين من حيث المستوى يساوي عدداً من اللاعبين الذين يدافعون عن ألوان العملاقين الآن، وفي ذات الحقبة لو راجعنا فريق التاج لوجدنا نخبة من النجوم القادرين على الإقناع بكرة قدم راقية من أمثال صديق نديم وبابكر علي كافي وعدولي وعادل تبيدي وعادل محمد صالح وغيرهم وجميعهم مؤهل لتقديم الأجمل في كل مباراة وليس من بينهم من يستحق لفظة (كيشه).. وإذا كانت المجالس الرياضية في ذلك الوقت تتندر باللاعب الذي يجلي (الكرة) مرة واحدة فإننا اليوم نشهد المنظر في المباراة الواحدة أكثر من خمس مرات في مباراة يقال عليها أنها من مباريات الديربي، وهو ما يعني أننا نتراجع بشكل مريب ونتخلف بصورة تثير المخاوف من حالة التلاشي التي ستصيب الكرة السودانية عما قريب، وبذلك فإن نظرية الإعتماد على النجوم الصغار التي تفشت في غير مكانها تعتبر أكبر أكذوبة تواجهها الكرة السودانية في تأريخها الحالي، ومن باب أولى أن نبدأ بتثبيت مدارس وأكاديميات كرة القدم، وندعها تعمل لسنوات لا تقل عن الخمسة قبل أن ننادي بالإعتماد على الصغار.
حواشي
في الدول الأوربية وبعض العربية التي تحيط بنا يقولوا أن اللاعب الفلاني صغير السن ويرجى منه.. أي أنه دون العشرين أو فوق العشرين بسنة أو سنتين، ولكن ربما يكون اللاعب الصغير عندنا في السودان قد تجاوز الثلاثين أو دونها بعام واحد، وهنالك بعض اللاعبين تبدأ مسيرتهم الحقيقية مع كرة القدم عند بلوغ الخامسة والعشرين.
في مرة من المرات كنت أتابع مباراة لنيل الحصاحيصا أمام حي العرب في دوري الموسم الماضي أراد معلق الإذاعة الرياضية فيها أن يتغزل ويشيد بحارس مرمى النيل في تلك المباراة، وقد كان حارس الموردة الحالي هاني ماهر فقال: هاني ماهر حارس مرمى ينتظره مستقبل باهر لأنه لاعب صغير السن.. ضحكت بأعلى صوتي حينها والسبب أن هاني ماهر هذا عندما تابعته للمرة الأولى كان لاعباً بأشبال الأهلي الخرطومي في أيام محمد زائد ومعتصم شيخ إدريس ومعاويه الأمين في أواخر التسعينات، وهو ما يعني أنه قد بلغ الثلاثين في تلك المباراة مالم يكن قد تجاوزها بسنوات.
وفي مرة أخرى شهدت حواراً لأحد نجومنا الطاعنين في السن فقال أن عمره لم يتجاوز بعد ستة وعشرين عاماً.. وهو نفس اللاعب الذي ظللت أتابعه لأكثر من 14 سنه في الملاعب يتنقل من هنا لهناك.. هو نفسه بشحمه ولحمه..!
عندما يكون لدينا لاعبين صغار السن حقيقة في أنديتنا، وشباب حقيقيين في روابط الناشئين، وبراعم في المدارس والأكاديميات يمكننا وضع منهاج والتأطير لمفاهيم جديدة في الإعتماد على لاعبين صغار حقيقة، ولكننا الآن نضم لاعبين في فئات ما دون العشرين كلاعبين صغار وهم في نفس الوقت يكونون في الخامسة والعشرين.. فمن أين يرتجى الخير وتأتي الفائدة؟
تبدو فوارق المهارات الأساسية بجلاء ووضوح بين نجوم اليوم والأمس في كل شيء، فبالكاد تجد (ملامح) لكرة القدم في بعض الدرجات، أو حتى في الدرجة الممتازة..!
لنبدأ بذلك الخطأ الغريب الذي ارتكبه مدافع الخرطوم خالد شفيق في مباراة الهلال، عندما تسلم الكرة في منطقته أمام مرمى الفريق وبدلاً من تشتيتها وهو أقرب لخط التماس أو الركنية من خصمه، إحتفظ بها حتى داهمه الزيمبابوي سادومبا وانتزعها منه.. وعندما أراد معالجة خطأه العجيب عرقل اللاعب من الخلف في منظر شاهدته للمرة الأخيرة سنة 1986 ونحن في حواري الجزيره.
نجوم اليوم تجدهم في تجمعات ومقاهي الشيشه أكثر من تدريبات فرقهم، وفي صالونات الحلاقة أكثر من أنديتهم ولا أحد منهم يسعى لتطوير نفسه حتى على المستوى البدني.. مع العلم بأن كرة القدم لعبة إندفاع بدني وعنف تحتاج أول ما تحتاج إلى القوة والقدرة على الإلتحامات.
وأول ما يلفت نظر المتفرج على دورياتنا، من الممتاز وحتى الدرجة الثالثة أن اللاعبين متهالكين بدنياً وبعضهم يميل للرغي والحديث والإحتجاجات على قرارات الحكام أكثر من تركيزهم على تقديم الأفضل.. وإداراتنا كمن ضل طريقه في الصحراء.. تسجل اللاعب وتشطبه في نهاية الموسم، وتسجل بديلاً له وتستغنى عنه في التسجيلات التكميلية وهكذا..!
تجد اللاعب الموهوب في الحواري والفرقان والأندية تكتظ بأنصاف المواهب.
في السابق كنا نرصد عشرات النجوم ممن أبدعوا وتألقوا مع الفرق الأخرى بدون أن يجدوا حظهم في اللعب للقمة، والآن أصبحنا نبحث عن نجوم موهوبون انضموا للقمة..!
في السابق كانت صلاحية اللاعب وقدراته تقاس بالنظر للبنيان القوي والسرعة في الركض والإنقضاض والمهارة العالية في التعامل مع الكرة وتنفيذ مهام وظيفته.. أما الآن فهي تقاس بنوعية تسريحة الشعر و(الفلفله) ونوعية (الجل) الذي يستعمله.
نعيش عصر الأكذوبة الكبرى في كرة القدم.. ومع ذلك نحلم بأن يظهر منتخبنا في نهائيات كأس العالم مع منتخبات تهتم بلدانها بالأكاديميات وتؤسس لها جنباً إلى جنب مع المؤسسات الأكاديمية وتدفع بالتربويون لإدارة العمليات الرياضية.
غداً نتناول الدورة المدرسية في بحر الغزال.. وكيف أنها تحولت من دعاية سياسية للوحدة إلى حفل ترويج للإنفصال؟























































امسح للحصول على الرابط
بواسطة : اماسا
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019