• ×
السبت 27 أبريل 2024 | 04-26-2024
عبدالباقي الطيب

وداعا فارس الجود الخال فضيل .. ستظل بيننا نبراسا لمكارم الأخلاق النبيلة!

عبدالباقي الطيب

 0  0  7993
عبدالباقي الطيب

وداعا معدن الإنسانية وأسطورة الكرم الحاتمي !!
وداعا عبقرية المكان والزمان!!

قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) .
وقال ﴿إنك ميت وإنهم ميتون .ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) صدق الله العظيم.
نحتسب عند الله الفقد الجلل المرحوم بإذن الله تعالى الحاج/ الخال فضيل علي فضيل احمد الذي رحل عن دنيانا الفانية بمستشفى تقى بأم درمان صباح يوم السبت غرة ربيع الأول 1437هـ الموافق (12/12/2015م) بعد معاناة طويلة مع المرض المقعد والذي تقبله بصبر جميل وإيمان تام بقضاء الله وقدره واحتسابا للأجر من عنده والذي نحسبه دليل محبة من الله للراحل فان الله إذا أحب عبدا ابتلاه بما يكفر ذنوبه قبل الموت.
نعي الناعون وخطب الخطباء وكتب الكتاب عن خلق ومحاسن وكرم وتواصل الخال/ فضيل وعن رحيله المر والمفجع للجميع فجزاهم الله خيرا الجزاء ونسأله ألا يريهم مكروها في عزيز لهم.
لا يختلف اثنان على أن الراحل المرحوم بإذن الله فضيل فقد جلل ومصيبة عظيمة حلت بالإنسانية وبقيم الكرم والمروءة ومكارم الأخلاق النبيلة قبل أن تحل بقبيلة الجعليين عامة أو بأهله وعشيرته الأقربون فقد جسد المرحوم في حياته الطويلة والمستمرة بحساب أعماله العظيمة والجليلة أجمل وأنبل قيم الإنسانية الحقة ومكارم الأخلاق التي جاء بها الإسلام ويكفيه ما قاله بحقه صديقه الأديب والباحث في التراث الشعبي المرحوم/ الطيب محمد الطيب ما في راجل بقدل مع حاج فضيل على امتداد ارض الجعليين العرامنة من الجيلي إلى مقرن الاتبراوي) ولا نبالغ أبدا إن قلنا أن الراحل فضيل يعد من أكرم الكرماء الذين أنجبتهم بطون العرب على اختلافهم و امتداد تاريخهم الطويل إن لم يكن أكرمهم على الإطلاق !.
عرفته عن قرب ومحبة ومعايشة وعن قرب ومعايشة وحب واسى اكتب عنه فقد كان لي كما كان للجميع نعم الأب والعم والخال والأخ والجد والصديق والحبيب جالسته كثيرا ورافقته في كثير من رحلاته والمناسبات المختلفة وكان ما حل بدار أو بمناسبة أو مركبة أو سوق إلا وحل فيها شيئا جديدا تفتقده في غيابه فقد كان محركا للمجتمع باعثا للحياة في خمول المجالس والمناسبات المختلفة يحل في المكان والزمان فيحل فيهما الخير والكرم والبشر والترحاب وبالاختصار كان جمال المكان والزمان وعبقريتهما في الكرم والبشاشة والخلق الجميل والنبل ومساعدة الناس وحل مشاكلهم لذا تجد بصمته الخاصة والمتفردة واضحة في كل مكان وزمان ومناسبة شارك فيها!!.
كان نسيج وحده في كل شيء وحالة استثنائية في عالم البشر ونسمة إلهية لطيفة وظاهرة فريدة لن تكرر كما قال أديب الجباراب وشاعرها محمد عمارة الذي عاصره منذ الطفولة وفي مختلف مراحل حياته.. اختصه الله بمهمة إكرام كل الناس وحل مشاكلهم وإدخال الفرح على قلوبهم والمشي بينهم بالخلق الجميل النبيل وأهله تأهيلا فطريا فريدا لتلك المهمة سخر لتلك المهمة عمره ومكانته وأسرته وعلاقاته وكل ما يملك في الدنيا حتى أصبح (رجلا مهنته الكرم) كما وصفه بذلك الكاتب الصحفي الكبير احمد عبد الوهاب في مقالته الشهيرة عنه بصحيفة ألوان ويشهد الجميع انه أدى تلك المهمة العظيمة بفطرة الإسلام السوية السمحة سلوكا وعملا ودون من أو أذى أو انتظار مقابل من احد !.
عرف الراحل منذ طفولته وحتى مماته بالخلق الجميل والمعشر الطيب اللطيف والبساطة والتواضع وسماحة النفس والطبع وحسن الجوار والصحبة والترفع عن دنيا الناس ودناياهم ومتعهم وشهواتهم كان كريما بما يفوق الخيال . كريما في كل خطوة مشاها وفي كل كلمة قالها وفي كل سلام القاه ومجلس غشاه ومناسبة شارك فيها ومشكلة قام بحلها وفي كل عناق عانقه أو ضحكة ضحكها بل في كل لحظة عاشها في حياته الطويلة جدا بحساب مكارمه وفي كل نفس تنفسه كان خيرا برا محسنا عطوفا رحيما رحب الصدر طاهر القلب لا يعرف الحقد والبغضاء والحسد والكيد والضر والخبث والدسائس والكراهية والشماتة عفيف اللسان عذب الحديث والمزاح تتفق سريرته مع علانيته في النقاء والصفاء وحب الخير للناس صالحا شفافا خفيف الروح والحجاب !.
مهما أبدع الكتاب والخطباء والرواة في الحديث عن قيمة الكرم (فقط) عند الراحل فضيل فلن يوفوها جزءا بسيطا من حقها وذلك بسبب تنوع كرمه وتميزه وطرافته وتفوقه على كرم مشاهير عرب الجاهلية والإسلام وعصرنا الحالي فقد كان (قاموسا) فريدا يحوي كل معاني الجود والبشاشة ومكارم الأخلاق النبيلة كان ينثر كرمه الفياض مصحوبا بالاحترام والتقدير والتواضع والعطف والحنان أينما ذهب وحل فكان كريما في بيته وبيت غيره وفي الشارع والمواصلات العامة والأسواق والمناسبات فرحها وكرهها في سفرياته بالقطار واللواري والبصات وبين أهله وغيرهم ومع الصغار والكبار والنساء والأطفال بل كريما حتى بالحيوانات يفعل كل هذا رغم انه لم يكن غنيا كأنما أراد أن يعلم الناس أن الجود والكرم اكبر من المال له في كل أنواع الكرم المتفرد قصصا وطرائف فطرية عفوية عجيبة تستحق أن تفرد لها المجلدات والقواميس وتدرس في المدارس والمعاهد والجامعات لتنشأ عليها الأجيال وتتربى وتصلح لأن تكون مواضيع بحث لنيل الدرجات العلمية المختلفة من ماجستير ودكتوراه!!.
كان عظيما في قومه وجيها في مجتمعه وفي كل مكان يحل به وآية في محبة أهله وأرحامه وصلتهم وبرهم والإحسان إليهم ونموذجاً يحتذى في كل ذلك كان برنامجه اليومي الأساسي والذي بدأ بطفولته المتفردة واستمر حتى وفاته هو إكرام الناس بمختلف السبل والسعي في حل مشاكلهم وإدخال السعادة والفرح على قلوبهم و غاية فرحته ومتعته أن يكون بيته عامرا بالضيوف والطعام متوفرا لا ينقطع!.
ابلغ درجات كرم الراحل كانت في بشاشته العجيبة وطلاقة وجهه في استقبال الضيوف وترحابه بهم في كل الأوقات والأحوال ولا يغير من ذلك كثرة الضيوف وظروفه المادية الصعبة فقد كان سواء في ترحابه وبشاشته في حالتي الوفرة والعدم وليس هناك ابلغ من هذا الكرم .. كان يستقبل ضيوفه بألطف وأروع وأعذب عبارات الترحيب والاستقبال وأغربها وله في ذلك قاموس خاص يتجدد بتجدد الضيوف وكثرتهم (حبابكم عشرة .. حبابكم مليون حبابكم دشليون.. حبابكم وحباب الجابكم .. الجابكم يجيب عقابكم .. حباب عقابي حباب اهلي حباب عزي حباب أعمامي حباب أخوالي عزيتوني اكرمتوني شرفتوني ...الخ) وغيرها من عجائب وغرائب عبارات الترحيب المقرونة بالأعداد الضخمة والتي قد لا توجد في قاموس الأعداد وتتنزل عليه في وقتها فرحة بمقدم الضيوف متزامنة مع دموعه السخية والصادقة .. إن بشاشته في استقبال ضيوفه كانت تنافس إكرامه لهم بالطعام والمال والاحترام والتقدير والعطف وكم شهدنا ضيوفه يبكون من حرارة الاستقبال والترحاب وصدق كرمه وعاطفته!!
لم يكن غنيا بالمال يوما ما ولكنه كان يعتبر نفسه اغني أهل الدنيا ويتعامل على هذا الأساس حتى وهو في اشد حالات العدم فقد كان غنيا بربه وبثقته الكبيرة فيه والتي تمثل ابلغ درجات الإيمان والتوكل لم نشاهده حزينا يوما أو مهموما أو متخاذلا عن واجب أو دعم أو مساعدة مهما كانت ظروفه المادية أو الصحية وازدحام بيته الضيوف ولذلك لم يخذله ربه الأكرم يوما في إكرام الضيوف أو قضاء حوائج الناس !.
لم يكن كريما بضيوفه فقط بل كان كريما وبدرجة (الإحسان) حتى بمن يحل بينهم ضيفا ولدرجة تجعل مضيفه يشك في أيهما الضيف وهذا كرم عجيب ومتفرد وغير مسبوق وقد لا يخطر على بال احد .. كان كريما في ملاطفة ومؤانسة ضيوفه بدون فرز منذ استقبالهم وحتى رحيلهم وبأحلى وألطف وأطيب وأجمل عبارات الاحترام والمحبة والتقرب والعطف لم يمنعه المرض المقعد والعجز عن العمل والحركة والكلام وانقطاع مصدر الرزق عن ممارسة مهنة الكرم ومساعدة الناس فكان يجبر من يزورونه وخاصة النساء والطلاب والصغار على استلام عطاياه المالية ويلح عليهم في ذلك بقوة تعكسها ملامح وجهه البهي الصبوح بعد أن فقد القدرة على التعبير بالكلام ورغم ذلك الكرم العفوي الأصيل في حال المرض كان يشعر بالتقصير ويعبر عن ذلك بما استطاع من إيماءات وحركات!!.
تميز فضيل بالحس والحضور الاجتماعي المتميز والذي جسد من خلاله أسمى وأنبل القيم كان يخصص معظم يومه لمواصلة ومساعدة أرحامه ومعارفه وأصدقائه في أفراحهم وأتراحهم ويقضي أوقاتاً جميلة بينهم بقصد إرضائهم وجبر خواطرهم ويرسل لهم ما يستطيع من مال أو هدايا إن لم يستطع الحضور بنفسه وكان يجهد نفسه كثيراً ويحملها فوق طاقتها يجوب الأرض التماساً لصِلَة الرَّحِم ووفاء للمعارف ومجاملة لهم وكان برنامجه اليومي لا يخلو من زيارة قريب أو عيادة مريض أو إجابة دعوة أو مجاملة والسعي في حل مشكلة ما أو غيره ذلك فكنت تراه في حركة دائبة وتنقل دائم في البلاد وبين الدامر وأم درمان والأحياء والقرى والحلَّال !
كان محبا لوطنه وشعبه لا يتعالى على احد ولا يشعر بتفوق عليه ولا يفتخر بعصبية أو قبلية .. محبا لأهله يعتز بهم ويفتخر لا يتكلم عنهم أو يناديهم بأسمائهم المجردة بل بموجب قرابتهم منه (خالي فلان وعمي فلان ...) كريما (محسنا) في صلة أرحامه وجيرانه ومعارفه وأصدقائه الواصل منهم والقاطع يصلهم بنفسه وماله وطعامه وسلامه الحار الدافيء (أب قلدة) ويبذل لهم من بشاشته وطيب كلامه ودموعه السخية أكثر مما يبذل من ماله وطعامه ويبقى بينهم لحظات ودية جميلة وخالدة تتجدد فيها حياتهم وطموحاتهم وثقتهم بالله والناس والأهل كان لا يقصر زياراته وصلته على أرحامه وجيرانه وأهله بل يمر على البيوت المجاورة لهم فيمنح أهلها ما منح أرحامه من البشاشة والكرم المتنوع وباختصار كان فضيل خيرا ورحمة تتنزل في كل دار يدخلها !! .
كان كريما محبا للمساكين والبسطاء ومن لا ينشغل بهم الناس في العادة يناديهم بأحب وألطف العبارات ويستدرجهم بطيب كلامه لتناول الطعام معه كان كريما في حبه للأطفال الذين يبادلونه الحب فما حل بين أهله بالجباراب إلا وتسابق الأطفال إلى حيث نزل فرحين بمقدمه الميمون كأنهم في يوم عيد سعيد ويتلقاهم هو بروحه الشفيفة وبالفرحة والبشاشة والأحضان والقبلات والمداعبات اللطيفة نثرا وشعرا وينقلب معهم طفلا وديعا غريرا ويظل بينهم هكذا إلى أن يرجعوا من عنده بالمال والحلوى والتمر وما لذ وطاب مما يهدى له ويقدم لضيافته !!.
كان كريما في سماحته وتسامحه يجود على الجميع سواء المحسن فيه والمسيء المقدر له والجاحد .. ويشهد الجميع انه قابل أهل قاتل ابنه بالخطأ (من السيد) بالتهليل وعفا عنه قبل دخولهم عليه وطلب إطلاق سراحه من السجن أن كان لا زال سجينا .. كان كريما في عفته وصون أعراض الآخرين لا يرفع بصره نحو امرأة أو جارة أو فتاة ولا يهمه كثير إن كانت التي أمامه عجوز غابرة أو فتاة جميلة أو امرأة أو غيرها فقد كان في شغل عن هذا كله فكل همه أن يكرم ويحترم (الإنسان) الذي أمامه - مجرد الإنسان أيا كان نوعه وجنسه وحاله - بكل سبل الكرم والإحسان المتاحة وغير المتاحة له وأن يكون الناس كل الناس سعداء مبسوطين في حضوره ليس لديهم هم أو مشكلة أو حاجة وليس في ذلك عجب فالراحل كان على فطرة الإسلام السمحة ويجسد مكارم الأخلاق أينما حل وعلى العموم كان مكارم أخلاق تمشي على قدمين!! .
كان يكره أن يمدحه الناس بكرمه وسجاياه وأعماله السمحة ولا يكترث أبدا لمدح يقال في وجهه أو شعر أو قراءة لما كتب عنه بالصحف وكان سريعا ما يصرف الناس عن ذلك بالحث على إكرام الضيوف واستعجال إحضار الطعام أو بالمناداة على احد للقيام بمهمة ما !!.
كان يعتبر كل ضيف أو جليس أو نزيل بداره بمثابة أخيه وأبيه وابنه وخاله وعمه وجده بغض النظر عن اختلافهم وتنوعهم وعمرهم أسرته الحقيقية كانت تتكون ممن يتواجدون معه بالمنزل من المقيمين والضيوف والطلاب وغيرهم وليس في مجرد زوجته وأولاده ونشهد انه لم يميز أو يفضل أو يجامل أسرته على أسرة نزلت بداره أو أبنائه أو بناته يوما ما على حساب المقيمون معه بالبيت من الطلاب والمرضى وأصحاب الحوائج المختلفة بل كان يقدم هؤلاء على أبنائه وبناته وأسرته في محبته وعطفه ويخصهم بالمزايا والعطايا ويغلظ كثيرا علي أبنائه وبناته إرضاء لغيرهم وتطييبا لخواطرهم وكم كانت تأتي الهدايا والعطايا لأبنائه وبناته فيوزعها على غيرهم دون أن يعرفوها أو يشاهدوها لأنه يرى أنهم أحوج إليها وأولى بها منهم ونشهد أن ما ناله الآخرون من كرمه وعطائه كان اكبر بكثير مما نالته أسرته وأولاده فلله دره مع الخالدين في بيت الكرم بالفردوس الأعلى !!.
كان كريما رحيما عطوفا حتى بالباعة في الأسواق وخاصة النساء والأطفال فكثيرا ما يحضر للسوق نهارا ويجد بضاعة النساء والأطفال والبسطاء كاسدة بائرة فيجمعها كوما واحدا ويعطي صاحبها سعرها ليس لأنه يحتاجها ولكن رحمة بالمرأة أو الطفل من طول الجلوس وحر الشمس ومساعدة لهم ولمن يعولون!!
من النادر أن تراه ماشيا في حاجته الخاصة أو حاجة أسرته أو أولاده بل وربما مشى في مثل هذه الأمور وتحول عنها لقضاء حاجة شخص آخر يعرفه أو قابله مصادفة واكتفى بذلك وعاد فرحا مسرورا سخره الله واختصه بقدرة عجيبة لقضاء حوائج الناس وإكرامهم وحل مشاكلهم وإدخال الفرح عليهم وسخر لهذا الهدف العظيم أبنائه وأسرته وعلاقاته وأصدقائه ويسعد بذلك غاية السعادة فكم من أسرة أهداها قطعة ارض تسكن فيها وكم من زوجين أعاد لهم صفاء حياتهم الزوجية وجنبهم شر الطلاق وتشتت الأبناء وكم من طالب تكفله حتى تخرج من الجامعة وكم من أناس وظفهم بدور الحكومة والقطاع الخاص وكم أولئك الذين شفع لهم بمكانته ووجاهته وكم من آلاف تمتعوا بماله وكسواته وخيرات طعامه ونعيم شرابه كان رحمه الله ممن أتموا مكارم الأخلاق السمحة التي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لإكمالهما ولذلك انعقدت القلوب على محبته واحترامه ونطقت الألسن بذكره والثناء عليه في حياته وبعد مماته !
كان كريما حتى في تفكيره وهو مختلي بنفسه فكان لا يفكر في نفسه ومصلحته الخاصة أو مصلحة أولاده أو أسرته حتى وهو جالس لحاله فتراه يفكر في شخص يكرمه أو زوجين مختلفين يعيد الصفاء بينهما أو قريب يزروه أو مشكلة يذهب لحلها بوجاهته أو بماله فينهض متعجلا دون أن تعرف أسرته أو أولاده شيئا عن خروجه وربما طلب من احد الضيوف أو الموجودين بالبيت مرافقته لحل مشكلة زوجية أو مالية أو زيارة رحم وربما مكث اليوم واليومين والأسبوع والشهر خارج البيت في مهام تتعلق بمشاكل الناس !! .
غيض الله للراحل فضيل زوجة من نسيجه الخاص امرأة صالحة كريمة ذات خلق جميل ونبيل لا تقل عنه كرما مروءة ونبل إعانته بجدارة وصبر وعزيمة قوية على انجاز برنامج الكرم الحاتمي الذي حمل لوائه طوال مسيرة حياته أنها - بنت خاله - الخالة آمنة محمد حمزة عاشميق التي ظلت في صحبته حتى لقاء ربه وظلت تقوم بكامل واجبات ضيافة وإكرام وراحة الضيوف والمرضى والطلاب وأصحاب الحاجات في كل الأوقات دون كلل أو تضجر وتحملت من العناء والإجهاد ما لا يتحمله أشداء الرجال ولكنها امرأة فريدة صنعها الله خصيصا لهذا الرجل ولهذه المهمة الكبيرة النبيلة كانت تجهز الذبيحة والذبيحتين والثلاثة في اليوم الواحد وتبيت في المطبخ الأيام العديدة بسبب ازدحام البيت بالضيوف والنزلاء كما قيض الله للراحل أبناء وبنات من طينته أعانوه بقوة وعزم في مسيرة الكرم والضيافة وأحسنوا أداء الرسالة معه فظلوا يقومون بواجب إكرام الضيوف ليلا ونهارا بلا كلل أو ملل يستقبلون هذا ويودعون ذاك ويذهبون مع هذا للمستشفى ومع ذاك للطيب ومع ثالث في قضاء حاجته ونشهد بأنهم والخالة آمنة كانوا شركا في رسم اللوحة الاستثنائية الجميلة والخالدة للراحل فضيل ونسأل الله أن يجزيهم خيرا بما قدموا ويقدمون وينزل البركة فيهم وفي ذريتهم وان يوفقهم في حمل لوائه وان يعين ابنه الصادق الذي انبرى لحمل اللواء بقوة وعزيمة ماضية !.
كان فضيل كريما بحياته الخاصة وبخصوصية أسرته الكريمة التي لم تتمتع على امتداد مسيرتها الطويلة وتنقلها بين الموردة والفتيحاب والشقلة بأي خصوصية في الحياة كما بذلك عامة الأسر في العادة فكانت حياته وحياة أسرته وأبنائه مسخرة بالكامل وبشكل يومي ومستمر للناس والضيوف وبصورة لا يتحملها إلا أولوا العزم ومن كان مؤهلا تأهيلا إلهيا فطريا لذلك ! .
نشهد انه كان موحدا الله عامر القلب بإلايمان بالله والتوكل التام عليه واثقا من كرمه له وفضله عليه راجيا عطائه وإحسانه لا يخشى فقرا أو ضائقة ينفق كل ما بيده وجيبه وبيته ثقة بما عند الله وكان من باب ثقته المطلقة بعطاء الله وفضله انه لا يرضى أن يبيت مال بجيبه أو لحم أو طعام بالبيت كما كان كثير الذكر والتهليل والتسبيح وخاصة عندما يختلي بنفسه وربه ليلا .. له مسبحة طويلة يجردها بصدق واستحضار عفوي فطري كما كان محبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الصلاة عليه ليلا ونهارا وفي حله وترحاله ومحبا لمداح الرسول يغدق عليهم من كرمه الفياض حتى يرضوا .
ولأنه كان كريما بارا بأرحامه ومعارفه واصلا لهم فقد أكرمه الله بعمر طويل حافل بالخير والصلاح والسيرة الطيبة عاشه سليما معافى إلا من ذلك الذي يعتري المؤمنون عادة مما يكفر الخطايا ويمحو الذنوب فأكرمه الله بالمرض المقعد لمدة قاربت الأربعة سنوات كانت - باذن الله- كفارة له وطهورا فان الله إذا أحب عبدا ابتلاه وطهره قبل الموت بابتلاء موجب لذلك !
أكرم الله المرحوم بالحج وأداء العمرة مرتين والصلاة بالحرمين الشريفين لأكثر من شهرين والصلاة كما أكرمه بالمرض المقعد والمكفر للذنوب قرابة الأربع سنوات .
عندما نعاه الناعي بكته القلوب بحسرة وحرقة عظيمة وكان تشييعه مشهوداً مهيباً ودعه فيه المشيعون بالتهليل والتكبير وكانت أيام وليالي عزائه حدثا استثنائيا فريدا واستفتاء حقيقياً وعظيماً لمحبته ومكانته في القلوب والمجتمع وبين الناس ولما كان يحمل من قيم جميلة وسمحة وأمّ عزاؤها كافة أطياف المجتمع وشرائحه المختلفة من العلماء والساسة وأهل الثقافة والإعلام والفن والرياضة والطلاب والمعارف جاءوا من كل صوب وحدب وفيهم من لا يعرفه إلا من خلال سيرته الطيبة وأخباره التي تروى أو موقف جميل قدمه له وصار الجميع يعزى بعضهم فيه وكانوا كلهم في العزاء فيه سواء .
اللهمّ إنّه كان يشهد أنّك لا إله إلّا أنت وأنّ محمّداً عبدك ورسولك اللهم انه كريم قدم على أكرم الأكرمين فتقبله قبولا حسنا يليق بكرمك ورحمتك وعفوك وارحمه الواسعة بأكثر مما قدم وأكرم وانفق وساعد وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وأدخله الجنّة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النّار اللهمّ عامله بما أنت أهله ولا تعامله بما هو أهله اللهمّ اجزه عن الإحسان إحساناً وعن الإساءة عفواً وغفراناً اللهمّ إن كان محسناً فزد من حسناته، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته اللهمّ أدخله الجنّة من غير مناقشة حساب، ولا سابقة عذاب اللهمّ اّنسه في وحدته، وفي وحشته، وفي غربته اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين، والشّهداء، والصّالحين وحسن أولئك رفيقاً.اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة، وأملأه بالرّضا، والنّور، والفسحة، والسّرور وأسكنه في أعلى الجنّات، بجوار حبيبك ومصطفاك صلّى الله عليه وسلّم اللهمّ إنّه جاء ببابك، وأناخ بجنابك، فَجد عليه بعفوك، وإكرامك، وجود إحسانك. اللهمّ إنّ رحمتك وسعت كلّ شيء، فارحمه رحمةً تطمئنّ بها نفسه، وتقرّ بها عينه.اللهمّ اعف عنه، فإنّك القائل "ويعفو عن كثير اللهمّ إنّه صبر على البلاء فلم يجزع، فامنحه درجة الصّابرين، الذين يوفّون أجورهم بغير حساب، فإنّك القائل " إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حساب "اللهمّ اغفر لحيّنا وميّتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذَكرنَا وأنثانا. اللهمّ من أحييته منّا فأحيه على الإسلام، ومن توفّيته منّا فتوفّه على الإيمان اللهمّ لا تحرمنا أجره ولا تضللنا بعده اللهمّ لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده، واغفر لنا وله، واجمعنا معه في جنّات النّعيم يا ربّ العالمين اللهمّ أنزل على أهله الصّبر والسّلوان، وأرضهم بقضائك.
اللهم اجعل البركة في زوجته الحاجة آمنة وفي أبنائه الصادق وعمر وانتصار وأم سلمة والسرة وابتسام وأحفادهم وفي عموم أهله وأحبابه انك سميع مجيب الدعاء وصلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد، وعلى اّله وصحبه وسلّم إلى يوم الدّين.
عبد الباقي الطيب
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : عبدالباقي الطيب
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019