• ×
السبت 27 أبريل 2024 | 04-26-2024
اكرم حماد

إلى الأمام فاروق جبرة

اكرم حماد

 0  0  1955
اكرم حماد

مهما كنتَ مدرباً جيداً وصاحب كفاءة حقيقية فإنك لن تجد الإنصاف والتقدير لأنك لا تمتلك عيون خضراء ولا شعر أشقر.. فالمدرب المميز في نظر الكثيرين هو المدرب الأجنبي لمجرد أنه مدرب أجنبي وهذه مشكلة حقيقية وتكشف لك الخلل الذي تعاني منه العقلية الكروية السودانية.. والعربية ايضاً.. فالظاهرة تشمل جميع الدول العربية.. وتظهر بشكل واضح في بعض الدول التي تختار الحكام الأجانب لإدارة المباريات الكبيرة.. رغم أن الأخطاء التي يرتكبها الحكام المحليين (تقريبا) هي نفسها التي يرتكبها الحكام الأجانب ولكن الفرق الوحيد هو أن هذا حكم سعودي مثلاً وذاك حكم ياباني أو إيطالي.
المدرب في السودان مظلوم.. لأنه لا يجد الفرصة الكافية.. فالإقالة تتم في أسرع وقت.. والفرصة لا تتاح له إلا في حالات الطوارئ.. وحتى عندما يجد الفرصة الكافية فإنه لا يجد الإنصاف.. وأبلغ مثال على ذلك الثنائي برهان تية ومحسن سيد وقبل ذلك صلاح محمد آدم.
برهان ومحسن جاءا للمريخ في توقيت صعب وهو منتصف الموسم قبل الماضي.. ورغم ذلك نجحا بشكل كبير في تقديم الإضافة في ذلك الوقت.. فإذا تحدثنا بلغة المستويات نجد أن المريخ مع هذا الثنائي قدم مستويات جيدة وأبلغ مثال مباراة الهلال في نهائي كأس السودان.. وإذا تحدثنا بلغة الأرقام لا بد أن نشير إلى فوز المريخ ببطولة كأس السودان وقبل ذلك لا بد أن نشير إلى فوزه ببطولة شرق ووسط أفريقيا (سيكافا).. وبالرغم من رأيي القديم في بطولة سيكافا وتأكيدي على أنها بطولة ضعيفة وغير معترف بها إلا أن الفوز بهذه البطولة يُحسب ايضاً لهذا الثنائي لأنهما نجحا فيما فشل فيه العديد من المدربين الأجانب.
وفي بطولة الدوري الممتاز لم يخسر المريخ في فترة برهان ومحسن أي مباراة.. حتى المباراة الأخيرة أمام الهلال والتي دخلها الفريق الأزرق من أجل الثأر لخسارة مباراة كأس السودان لم يتذوق فيها المريخ طعم الخسارة.
ورغم كل ذلك عاد مجلس المريخ (في بداية الموسم الماضي) من جديد للمدربين الأجانب وإستعان بغازريتو لينسحب برهان من الجهاز الفني ثم بعد ذلك يصطدم محسن بغارزيتو الإصطدام المعروف في نهاية الموسم الماضي.. ورغم رأيي الإيجابي في غازريتو إلا أن ما قدمه برهان ومحسن في النصف الثاني من الموسم قبل الماضي كان يستوجب أن يقوم مجلس المريخ بمنحهما الفرصة لقيادة الفريق لوحدهما في الموسم الماضي ولكنها عقدة الأجنبي أو الخواجة.
تغيير المدربين المتواصل في رأيي هو الذي أضر بالمريخ.. ليس لأن المدربين الأجانب لا يمتلكون الإمكانيات ولكن لأن المدرب الأجنبي يحتاج لعام واحد على الأقل حتى يتأقلم مع الأوضاع العشوائية في الأندية السودانية وحتى يتأقلم اللاعبين على الطريقة التي يلعب بها وبعد ذلك ينطلق هذا المدرب بصورة أفضل في الموسم الثاني.. ولكن مجلس المريخ لا يصبر لأن الجمهور لا يصبر.. المجلس والجمهور يريدان مدرباً يحمل عصا سحرية.. يأتي اليوم ويُحدث التغيير بسرعة البرق ويقود الفريق لمنصات التتويج في الموسم الأول.. وهذا الأمر لا يمكن أن يحدث وحتى إذا حدث فإنه يكون نتاج للصدفة.. شاهدوا غارزيتو.. رغم أنه من المدربين القلائل الذين ظهروا بشكل جيد مع المريخ في السنوات الأخيرة إلا أنه لم يتم التجديد له موسم آخر ليتم الإستغناء عنه والتعاقد مع المدرب البلجيكي لوك ايمال.
والمدرب الأجنبي الجديد كان يُفترض أن يكون معه المدرب الشاب المتميز فاروق جبرة كمدرب عام ولكن جبرة كان يريد أن يكون الرجل الأول في الفريق وليس مدربا عاما مساعدا للمدرب الأجنبي وقد قال بهذا الخصوص (اكتسبتُ خبرات جيدة في مجال التدريب تؤهلني لأن أكون الرجل الأول في الجهاز الفني في أكبر الأندية وإن لم تتح لي ذلك فالأفضل لي أن اكون الرجل الأول حتى لو كان ذلك بعيداً عن الأندية الكبيرة حتى اضع بصمتي كمدرب وحتى اترك عملي يتحدث عني لأن أي نجاح يتحقق يُحسب للرجل الأول في الجهاز الفني وليس للطاقم المعاون).
أعجبني كلام جبرة وأعجبني طموحه الكبير وكلامه هذا جعلني أتذكر كلام برهان تية قبل عام ففي مثل هذه الفترة من العام الماضي رفض برهان تية العمل مع غارزيتو مؤكدا أن النجاح يُحسب للمدرب الأجنبي والفشل يُحسب ضد الطاقم المعاون ولكنه في النهاية إستجاب لرجاءات الوالي وعمل قليلا مع غارزيتو ثم رحل بعد ذلك لأنه عانى من التهميش!
قليل من المدربين يفكر بالطريقة التي يفكر بها فاروق جبرة.. فالأغلبية يُفضلون العمل في الهلال والمريخ ولو كان العمل بأدوار غير رئيسية لأن القمة تعني الزخم وتعني الأضواء.. ولكن جبرة عقليته مختلفة فهو يريد أن يكون الرجل الأول وحتى ولو كان في فريق غير كبير لهذا إختار أن يتعاقد مع الفريق الطموح هلال الأبيض ليقود الفريق في الموسم الجديد وهو قرار قوي ومحترم من جبرة ويؤكد أنه سيكون له شأن كبير في عالم التدريب لأنه مدرب يعرف قدر نفسه ويمتلك قراره.
شخصياً أعتقد أنه سيأتي اليوم الذي سيصبح فيه فاروق جبرة مدربا للمريخ.. ليس مدرب طواريء كما حدث ويحدث في العادة ولكن مدرب يقود الفريق بعقد رسمي.. فهو مدرب متطور.. وصاحب شخصية مستقلة وقوية.. وبالإضافة إلى ذلك مليء بالطموح.. كما أنه نجح تماما في الخروج من عباءة العاطفة.. فلا يوجد شيء إسمه إبن المريخ أو إبن الهلال.. المدرب يجب أن يحسب الأمور بالورقة والقلم ويختار العرض المناسب... إلى الأمام جبرة.

امسح للحصول على الرابط
بواسطة : اكرم حماد
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019