بهدوء
لا احد يمكن ان يكابر على الدعم المالي الذى ظل يقدمه جمال الوالي للمريخ منذ ان جاء لرئاسة النادى قبل اكثر من عشر سنوات وعلى وفائه واخلاصه فى عمله وتحمله للكثير من الصعوبات الادارية وصبره على سيل الانتقادات والاساءات التى تعرض لها من داخل وخارج مجتمع المريخ الا انها لم تثنيه من عمله او تثبط من همته وعزيمته فى ان يظل على رئاسة النادى برغبته وفى مرات اخرى استجابة لرغبة الجماهير والاقطاب .
كذلك لااحد يمكن ان ينكر ان المال قد صار عنصرا اساسيا فى العمل الرياضى خاصة فى الاندية ذات الشعبية الواسعه وبدونه لايمكن ان يتم تسيير العمل اليومي ناهيك من سداد الالتزامات الاخرى من اجهزة فنية ومحترفين اجانب ومحليين وغيرها من متطلبات النشاط الكروى لاسيما فى بلد مثل السودان الذى تتحمل انديته كل تكلفة النشاط دون ان تتوفر لها الموارد المالية الضخمة التى تعينها على تغطية هذه التكلفة الباهظة ,,
كل ذلك معلوم ومحفوظ على ظهر قلب وراسخ فى اذهان كل المتابعين والمراقبين لمسيرة العمل الرياضى وخصوصا فى نادى المريخ الذى اضحى فى وجود جمال الوالي يصنف من اندية الخمسة نجوم من حيث الصرف على اللاعبين والاجهزة الفنية ومن ناحية تقديم الحوافز والامتيازات فى السكن والاقامه الاعاشه ووسائل التنقل وكل المغريات التى يسيل لها لعاب الكثير من المحترفين الاجانب للتعاقد مع المريخ حتى حطم النادى الرقم القياسي من حيث عدد الجنسيات الافريقية والاسيوية وقليلا من الاوربية فضلا عن عشرات المدربين الذين جاءوا للمريخ من كل اركان الدنيا ,, ولكن رغم كل ذلك لم يكن السيد جمال الوالي محظوظا فى ان ينعكس هذا الصرف المالي الضخم على تطور العمل الفنى ولم يكن الحصاد وفيرا سوى عدد قليل من البطولات المحلية ومراكز متقدمه فى البطولات الافريقية تحسب على اصابع اليد الواحده وجميعها لاترقى الى سقف طموحات رئيس النادى ولا حتى لجماهير المريخ التى ظلت ولسنوات تحلم بعودة فريقها من جديد لمعانقة الالقاب الافريقية .
فى كل مرة تحدث الاخفاقات من موسم الى اخر وتصدر ردود الفعل الغاضبة من هنا وهناك وتعقبها مجموعة من القرارات بالاقالة والشطب ثم التعاقد والتسجيل حتى اصبح المريخ يدور فى حلقة مفرغه دون ان تكون هناك معالجات جذرية تخرج النادى من هذه الدائرة الجهنميه فى الوقت الذى تتعالى فيه الاصوات باطلاق الاتهامات بالتقصير ضد الادارة واخرى ضد الاجهزة الفنية واللاعبين وكذلك ضد الاعلام المريخى نفسه ,, وفى نهاية المطاف تهدأ النفوس ويتم التصالح وكأن شيئا لم يكن ليبدأ المريخ من نقطة الصفر من جديد !
اعتقد انه قد حان الوقت ليستمع الاخ جمال الوالى الى الاصوات البعيدة عن مركز القرار ويعمل بنصيحتها بعدما ثبت بالدليل والبرهان والتجربة ان الاستمرار فى سياسة صرف الاموال دون تخطيط او دراسة امر لايمكن ان يقدم المريخ خطوة للامام ولن يجلب له سوى المزيد من الاخفاقات والفشل الذريع ولن تحقق لرئيس النادى نفسه ذرة من طموحاته واهدافه التى سبق وان اعلنها ووعد بها جماهير النادى اكثر من مرة طوال سنوات رئاسته للنادى ,, فقد كنا نظن ان تمسك مجلس الادارة ببقاء كروجر بعد الخروج من البطولة الافريقية هو بداية العودة للطريق الصحيح ولم نكن نتوقع ان ثمن ذلك القرار كان هو تخفيض راتب المدرب الالمانى ومن ثم اجباره على ترك منصبه ومغادرة النادى مما يدخل المريخ مرة اخرى فى دوامة عدم الاستقرار الفنى التى عانى منها عشرات المرات وكانت سببا فى ان يظل الحال على ماهو عليه حتى الان !
الان المريخ على مفترق طرق وهو فى انتظار مدربه الجديد ان كان اتوفيستر او غيره ولاندرى ماسيكون عليه وضع الفريق فى موسمه الحالي ومدى قدرته فى المحافظة على القابه المحلية فى الدورى الممتاز وكاس السودان , ولكن مانود قوله ان على رئيس النادى ان يغير من سياسته الحالية خاصة فيما يتعلق بفريق كرة القدم وعليه ان يدرك بان بناء فريق او تحقيق بطولة لايمكن ان يتم بين يوم و ليله حتى لو صرف مئات المليارات فى الموسم الواحد فلابد له من الصبر على الفريق والجهاز الفنى لفترة لاتقل عن ثلاث سنوات وهو ماكنا نتمنى ان يحدث مع كروجر ولكن طالما تم ارغام المدرب الالمانى على الرحيل ندعو الوالي ان يلتزم الصبر على القادم , نرجو ذلك !