• ×
الأحد 19 مايو 2024 | 05-17-2024
محمد احمد سوقي

الشارع الرياضي

محمد احمد سوقي

 2  0  1730
محمد احمد سوقي
أحرجت السودان بتأهلها لدور الثمانية
جذر الرأس الأخضر قدمت درساً مجانياً مفاده أن التطور لا يتحقق إلا عن طريق المدارس السنية
80 إتحاداً وآلاف الأندية وعشرات الاستادات وملايين المشجعين ومليارات الجنيهات تصرف سنوياً علي التسجيلات والنتيجة صفر كبير
في أزمان سابقة وعهود بعيدة كانت كرة القدم تعتمد على المهارة والموهبة الفطرية والحلول الفردية في إحراز الانتصارات وليس على الأداء الجماعي واللعب المنظم وتكتيكات وتكنيكات الكرة الحديثة كما هو الحال اليوم بعد أن أصبحت الكرة علماً يدرس له أصوله ومناهجه التي يتخرج منها لاعبون مؤهلون بدنياً وفنياً ويملكون القوة والسرعة والمهارة التي تمكنهم من تطبيق خطط وطرق اللعب الحديثة والتي تتكامل فيها أدوار اللاعبين وقدراتهم وحركتهم في كل أنحاء الملعب فيظهر الفريق بأداء جماعي ودفاع قوي ووسط ديناميكي وهجوم خطير قادر على تسجيل الأهداف وتحقيق الانتصارات التي لم يعدّ فيها مجال للصدفة أو الحظ في ظلّ المستوى المتطور للاعبين والفريق.
وقد حققت الكثير من الدول العربية والأفريقية التي كنا نهزمها بالخمسات والستات تطوراً كبيراً خلال العقود الماضية بعد أن اعتمدت على مدارس الكرة والمراحل السنية في تخريج إعداد كبيرة من اللاعبين أصحاب المهارات العالية والقدرات الكبيرة بعد أن صقلت موهبتهم وعجمت أعوادهم بالدراسة في سنّ مبكرة فاحترف العشرات منهم في الدوريات الأوربية وأصبحوا نجوماً ساطعة في أقوى المنافسات كما وصلت لنهائيات كأس العالم بعض الدول العربية والأفريقية كغانا ونيجيريا وساحل العاج والكاميرون وتونس والجزائر والمغرب ومصر والسعودية والإمارات بينما ظل المنتخب السوداني الذي أقيمت أول بطولة أفريقية على أرضه لأكثر من 30 عاماً بعيداً عن النهائيات الأفريقية وعندما وصل إليها في غانا خسر كل مبارياته ولم يحرز هدفاً شرفياً يحفظ به ماء وجهه.. وفي الموسم الماضي خسر منتخبنا في تصفات بطولة كأس العالم للناشئين من الصومال الدولة الفاشلة التي لم تتوقف فيها الحرب منذ أكثر من 25 عاماً وكما خرج منتخبنا من الدور الأول لبطولة سيكافا بيوغندا والتي يطلق عليها بطولة الفقر والجوع والمرض وفشلنا في الوصول لنهائيات البطولة الأفريقية التي تقام هذه الأيام بجنوب أفريقيا بعد أن تجرعنا مرارة هزيمة قاسية ومذلة من المنتخب الأثيوبي الذي تأكد خروجه من الدور الأول لضعف مستواه .. أما على مستوى الأندية فقد فشل الهلال والمريخ أصحاب الإمكانيات الضخمة والجماهيرية الكبيرة والتأريخ العظيم في الوصول لنهائي بطولة الكونفدرالية بعد الخسارة من ناديين مغمورين هما جوليبا المالي وليوباردز الكونغولي ليضيعا فرصة نادرة لإقامة النهائي في السودان والفوز بالبطولة التي كانت ستعيد للكرة السودانية شيئاً من سمعتها ومكانتها ومجدها المفقود الذي تسبب في ضياعه الاعتماد على اللاعب الجاهز الذي أثبت فشله الذريع على امتداد أربعة عقود أصبحنا فيها ملطشة لدول لم تكن تحلم بالصمود أمامنا في الستينيات والسبعينيات ناهيك عن هزيمتنا وإخراجنا من البطولات.. ورغم ذلك لم تقتنع إدارات الأندية والاتحاد أن الكرة قد تطورت في كل أنحاء أفريقيا والوطن العربي عن طريق المراحل السنية التي جعلت معظم الأندية الأوروبية تعتمد في ركائزها على اللاعبين الأفارقة امثال ايتو ودروغبا وسيدو كيتا وايسيان ولعل أبلغ دليل على أهمية مدارس الكرة أن اليابان التي لم تكن لها أية علاقة بالكرة قبل ثلاثة عقود قد وصلت إلى كأس العالم وأصبح لديها محترفون في الأندية الأوروبية ولماذا نذهب بعيداً فقد استطاع منتخب جذر الرأس الأخضر الذي لم يسمع به الكثيرون أن يحقق مفاجأة كبرى بتأهله لدور الثمانية بعد تعادله مع جنوب أفريقيا الدولة المضيفة بدون أهداف ومع المغرب بهدف لكل وفوزه على أنجولا بهدفين مقابل هدف وكانت جذر الرأس الأخضر قد تأهلت للنهائيات الأفريقية على حساب الكاميرون التي تأهلت لنهائيات كأس العالم ست مرات وحققت للكرة الأفريقية سمعة كبرى بتألقها وظهورها بمستوى رائع في نهائي عام 90 بإيطاليا و94 بأمريكا.. والمؤكد أن وصول هذه الجذر الصغيرة لدور الثمانية وتأهلها للنهائيات بعد إقصاءها لأسود الكاميرون أصحاب التأريخ العظيم لم يأتِ من فراغ أو ضربة حظ بل هو نتاج طبيعي للتخطيط العلمي والبرامج المدروسة للناشئين الذين شرّفوا بلادهم ورفعوا رأسها عالياً وجعلوا اسمها على كل لسان في أرجاء القارة بانتصاراتهم وعروضهم التي جعلتهم أنموذجاً للقوى الكروية الحديثة بأفريقيا التي تفوقت على الدول الأفريقية صاحبة التأريخ بالنتائج والمستوى.
لقد قدمت جذر الرأس الأخضر الدرس المجاني للمسئولين عن الكرة السودانية مفاده بأنه ليس هناك مستحيل في مجال كرة القدم وأن طريق التطور والتقدم والتفوق على الكبار وأصحاب التأريخ يمرّ عبر المدارس السنية التي ليس هناك من يهتم بها أو يؤمن بدورها ببلادنا لأن كلّ الإداريين يسعون للنتائج السريعة التي تحقق لهم المكاسب الإدارية والشهرة والمكانة مقابل ما يدفعونه من أموال من أجل أشخاصهم وليس من أجل اللعبة التي ستظل تدور في دوامة الفشل والهزائم إلى الأبد ما دام هذا هو مستوى تفكير وسلوك المسؤولين عن الأندية والاتحاد.
وأخيراً أليس من المخجل أن يفشل السودان بكل تأريخه وإمكانياته في الوصول للنهائيات بينما تصل جذر الرأس الأخضر التي لا تساوى مساحتها نصف مساحة محلية أم بدة و يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة وتعاني من مشكلة دائمة في مياه الشرب ويقدر إجمالي ميزانيتها بحوالي المليار دولار معظمها من السياحة في الوقت الذي يوجد بالسودان أكثر من 80 اتحادا محليا وآلاف الأندية وعشرات الإستادات وملايين المشجعين وملايين الدولارات تصرف سنوياً على تسجيلات اللاعبين المحليين والمحترفين والنتيجة صفر كبير لأن النجاح والتطور لا يتحقق إلا بالخطط والبرامج والعمل المؤسسي وهي أشياء لا وجود لها في مجال العمل الإداري في السودان.
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : محمد احمد سوقي
 2  0
التعليقات ( 2 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    الأحمر الوهاج 01-30-2013 09:0
    ما فيها خير أحسن ليك كدة، تكتب في بطولة الأمم الأفريقية، بدل تهرد فشفاشك بسيرة الهلال ومدربه العاشق، وسيرة سيدا وزعيم البلد، المقال الجاي خليه ثقب الأوزون وأثره على مسرح اللامعقول
  • #2
    النور عز الدين 01-30-2013 12:0
    سبب تأخرنا الكروي مرتبط ارتباطا وثيقا بتخلفنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي. اذا اردنا ان نتطور كرويا علينا إيقاف كل الصحف الرياضية بلا استثناء وتغيير حكومة المؤتمر الوطني وطرد صحفيي الفتنة والنفاق والمصلحة والمال وإيقاف نشاط ناديي الهلال والمريخ لمدة خمسة سنين وشطب أسماء ناديي الهلال والمريخ في كل ولايات السودان وإيقاف النشاط والمشاركة الخارجية للمنتخبات الوطنية لمدة خمسة سنين القادمة وأخيرا سحب كل التراخيص من الصحفيين الرياضيين المختصين في مجال كرة القدم. بخلاف ذلك المراحل السنية التي تتحدث عنها غير مفيدة. لان احدي عوامل تخلفنا الكروي هو تلك المراحل السنية التي بدأت عشوائيا. بمعني لا نسعي لإيجاد الموهوبين بقدر ما نسعي الي استقطاب أولاد المسئولين والصحفيين والفنانين لذلك المحصلة النهائية صفرا كبيرا.
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019