• ×
الجمعة 3 مايو 2024 | 05-02-2024
اماسا

زووم

اماسا

 5  0  2009
اماسا
زووم
مأساة الرياضة في عهد المؤتمر الوطني (3)
تناولنا في الحلقتين الماضيتين جوانب عديدة من مأساة الرياضة في بلادنا بصفة عامة، ودور الحزب الحاكم في النكبات التي ظلت تتوالى عليها مؤخراً، ابتداءً بالتدهور الذي سيطر على حالتها العامة في أصول الممارسة وإفرازاتها، وكيف أنهم ركزوا على اختراق الوسط الرياضي والسيطرة عليه كمجال جماهيري أكثر من تطويره إلى الأفضل، وفي رأيي هي قضايا لم تكن في يوم من الأيام ولن تكون محل جدل بيننا والآخرين من أنصار الحزب أو بقية الرياضيين، والأدلة على قفا من يشيل، وإذا افترضنا أننا قد تجاوزنا مرحلة تشخيص الداء وبدأنا مشوار البحث عن الدواء، واتفقنا على أن نهضة الرياضة في بلادنا تبدأ بمحورين: الأول هو تأسيس بنية تحتية متينة على المستويين المتمثل في الملاعب والآخر الذي هو عبارة عن تنمية وتطوير الكادر البشري، وهو الأهم في بناء أي حضارة.. كيف تتم وتنفذ هذه الإستراتيجيات وصولاً لنتائج ترفع من مستوانا الرياضي؟، وماهي الشركات التي سيوكل إليها الأمر في بناء الملاعب؟.. والمعيار الذي سنحتكم إليه في ضبط الجودة والمواصفات، بالطبع لن تلجأ الحكومة إلى الشركات الأوربية التي شيدت إستادات غانا وجنوب أفريقيا وغينيا والجابون، ولن تطرح المشروعات تلك في مزادات علنية لتضارب عليها من داخل البلاد وخارجها على أساس من الشفافية، بل سينسحب على ذلك ما حدث في قطاع الطرق والجسور والمنشآت الحكومية، حيث أوكل تنفيذها لشركات تتبع لأقطاب ومتنفذين في الحكومة نفسها، تمرر إليهم تلك المشروعات بدون عطاءات مع تساهل كبير في مسألة ضبط الجودة والمواصفات والجداول الزمنية، فتتسرب الأموال ومواد البناء وتسقط العمارات من عليائها ويصمت الناس كالعادة لتمر السنوات الطوال ونحن يا أبازيد لا غزونا ولا حدثنا أنفسنا بالغزو.. ولا رحنا ولا جينا.. تعبث بنا المحسوبيات والجهويات من كل جانب.
إذن.. لو بحثنا عن الحلول للرياضة فإننا سنكون بحاجة ماسة لحلول للجوانب الأخرى من السلوك العام الذي بات يحكمنا ويدير شئووننا، من السلطات التنفيذية وبقية أجهزة الدولة التي لا تدخل منافسات، ولا يعرف أحد منا نتائج لها وأرقام مثل ما حدث بالدوحة حتى نقارن بينها وما يجري في الدول العربية والأجنبية الأخرى، فقد عرفنا موقعنا في الخارطة الرياضية والعربية والعالمية لأننا نشارك في منافسات دولية وحصدنا نتائجاً وضعتنا على ميزان عادل لم نحتج عليه ولم نتهم أحداً بإستهدافنا وحياكة المؤامرات ضد شعبنا، ولكن ما يخرج من المنظمة العالمية للشفافية يفضح أمرنا في كل عام بذلك الترتيب المتأخر لبلادنا في قائمة الدول التي تسيطر عليها الفساد وسوء إستخدام السلطة والتربح الذي انتشر بين الساسة وأصبح يسيطر على أحاديث المجالس تارة بأقل مما هو على الواقع المعاش، وتارة أخرى مع زيادات وتهويل، وثالثة بين هذه وتلك..!
الدولة ترفض أن تعترف بدورها في تدهور الرياضة، وكلما تحدث الناس بنظريات وإثباتات وأدلة وبراهين عن إنهيار وشيك للتعليم على سبيل المثال بفعل السياسات الخاطئة التي حولت المسألة من تربية وتعليم إلى تجارة وتكسب، تجتهد الأجهزة العليا في تفنيد ذلك وتحويل القضية من حلقة نقاش من أجل الوطن إلى ما يشبه الخيانة العظمى له.. وهو ما يجعل الناس يترددون في مناقشة بعض القضايا الملحة المرتبطة مباشرة بالمصلحة العليا، والرياضة مثلها والتعليم في بلادنا، تنوء بأثقال من الفساد الظاهر والمتخفي وراء النشاط الكبير الذي تعج به الساحات الرياضية، والإعلام الذي جرف كل الرياضيين من ميدان التنافس الحر إلى ساحات التناحر المحتدم أسكر القوم لدرجة أنهم نسوا المنشط ذاته وتحولوا إلى الإسفاف من القضايا، فانشغلنا بمعارك التسجيلات مثلاً، مع علمنا التام بأنها سبب من أسباب تخلف الكرة السودانية ..لأن التنافس بين الناديين الكبيرين يبرز أنصاف المواهب أحياناً بل وغالباً على حساب المواهب الحقيقية، وتصنع محرقة لأموال طائلة كانت كفيلة بإنشاء ملاعب واستادات تضاهي في فخامتها المدينة الرياضية بعد اكتمالها في العام 250 بإذن الله، ووقت ثمين من عمر الأجيال يهدر في عمليات لا تفيد المستوى العام بقدر ما تشفي غليل الفارغين وتلمع الباحثين عن الأضواء.
الرياضة ليست المجال الوحيد الذي تدهور في السودان، فالناس يتباكون على تدهور حال الخدمة المدنية، ولو ذهبت اليوم إلى السكة حديد ستجد من بقي من العمال القدامى منهار ومحبط لدرجة انه لا يستطيع أن يبذل أي جهد نظير ما يتلقى من مرتبات تأتيه في كل ستة أشهر مرة، وفي الهيئة القومية للكهرباء أيضاً ستجد أرقاماً مهولة من المهندسين الذين هربوا من السفينة الغارقة بعد أن شلعوها الجماعه، ولو تركت كل شيء وتوجهت إلى مشروع الجزيرة ستجد أن مواطني الولاية قد خرجوا عن بكرة أبيهم يشيعون مشروعهم الذي تحول فجأة من عنفوان شبابه إلى أرزل العمر والشيخوخة لا يلوي على منفعة لهم، وفي أقصى كردفان، حيث يعيش الناس على سجيتهم ويعبرون بصدق عن قضاياهم.. قالوا أن برك الدماء التي تفجرت في تلك الأصقاع كانت وراء جفاف الآبار وشح الأمطار.
حواشي
ومن الذي قال أن الرياضة قد تدهورت لوحدها في بلادنا؟
ولكن المشكلة الكبرى في السودان أن من يشكو ويناقش كل هذه القضايا لا يجد من يستمع إليه لأنهم غير موجودين في عالمنا هذا.. عالم المعاناة والقهر والضنك.. فهم في نعيم الدنيا يمرحون..!
لن نسبق الأحداث، ولكن وزير الشباب والرياضة الجديد سيعبر عبر محطة (شارع النيل) هكذا بدون أن يشعر به أحد، ربما امتداداً لمحمد يوسف عبد الله، ولن يجد الإمكانيات التي كانت توفر لحاج ماجد السوار مثلاً لأنه ليس عضواً في المؤتمر الوطني.
حاج ماجد نفسه وبكل حزمه وصرامته في مسألة الفساد ونفوذه في المؤتمر الوطني كأحد القيادات الشبابية فشل في استعادة الأراضي الضائعة من مساحات المدينة الرياضية إلى الحق العام وبالتالي لن يعاقب أحد من المذنبين وطالما أن حاج ماجد نفسه فشل في ذلك فإننا لا نتوقع من خليفته ان ينجز في هذا الملف ما لم يستطع عليه السوار.
الأسباب يعرفها الجميع داخل وخارج الوطن.
من المخزي أن يصبح المجتمع بأكمله متداعياً تحت سطوة المال، من يتحدث يفعل ذلك من أجل المال، ومن يمشي على الطرقات ومن يخاصم ومن يهتف ومن ينادي ومن يصادق.. كلهم يفعلون ذلك من أجل المال.. فمن الممل أن يحيا الإنسان كآلة لجمع النقود وكأن هذه الدنيا قد أصبحت دار بقاء للأبد..!
المال عصب الحياة نعم.. ولكن أن يكون كل شيء وبهذه السطوة فهنالك ما هو خطأ ويجب مراجعته لنعرف ماذا فعلنا بالشريعة الإسلامية وماذا فعلت فينا..!
الحزب الحاكم ظهر علينا في مسألة العضوية في الاندية الجماهيرية بأكثر من وجه وبأكثر من رأي.. في البداية دفع إلينا بالفاتح عزالدين المنصور وكان ذلك في 1993 وهو رئيس لمنظمة شباب الوطن، وقد ظهر في الساحة المريخية ليطلب من المسؤولين وقتها بالمصادقة على عضوية جماعية قوامها مئات من شباب الوطن.. فرفض الطلب الذي كان عبارة عن بداية الإجتياح.. وفي نهاية التسعينات وبداية الألفية أعلنت الحكومة نفسها الحرب على العضوية المستجلبة التي كان الفاتح عزالدين قد تقدم لنيلها مع مئات من شباب الوطن الذي هو السودان، وفي النصف الثاني من العقد الأول من الألفية ظهرت علينا فسيفساء العضوية.. علناً يقولون أن هذه عضوية تابعة للمؤتمر الوطني وأخرى لمؤسسات سيادية يسيطر عليها الحزب في كل شيء.
من أجل ذلك التناقض الكبير لم ندر ماهي نظرة الحكومة السودانية حالياً للرياضة وماهو موقعها في قائمة أولوياتها أصلاً؟
الحزب نفسه شكل دائرة للرياضة على مضض وكان قوامه مجموعة من الشباب المهمشين الذين لا يعرفون موقعهم من الأحداث حتى الآن ولم ينجحوا في وضع بصمة إيجابية في المجتمع الرياضي حتى الآن.
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : اماسا
 5  0
التعليقات ( 5 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    فهري عبده 12-25-2011 08:0
    ملينا الوضع ده صراحة.. لكن المخرج شنو.. الرياضه في محنه، وغيرها في محن كتيره..
  • #3
    ابراهيم أحمد 12-23-2011 12:0
    والله انت حاله خاصة وفريدة ومتفردة وما بتشبه صحافة عصر المؤتمر واقلام المشجعين الصحفين ناس سلك ومزمل والرشيد...حقيقة نحتاجك بشدة ونحتاج لمثل مقالات مامون التي نشرت قبل سنتين وتوقف عنها...اقف اجلالا واحتراما لك ولقلمك
  • #4
    سكسك 12-22-2011 11:0
    لله درك يا اماسا فكل حرف كتبته حقيقة ويحتاج لمقال منفصل.. بل ق بحث متخصص لنصل لحل ناجع..
  • #5
    عاشق الهلال 12-22-2011 09:0
    تعرف يا استاذ احسن حاجة فى الرياضة دى انها غير قابله للمغالطات يعنى 1+1=2 والا كان طلع علينا واحد زى غندور او نافع اقنعنا بان الطفرة الرياضية التى حدثت فى السودان تعتبر من اعلى المعدلات فى العالم وان انسان السودان هو افضل شعوب الارض رياضةً ودينا ومعاشا ومماتا،،،،، انت يا استاذ بتخاطب فى ناس مات فيها الاحساس و انعدم الضمير و الاخلاق ،،،، نشكر لك سلسلة مقالاتك المتميزة و مازلنا نستغرب دفاعك عن سعادة الفريق داعم المحاربات و الذى تحدثت عن معرفتك الشخصية به و نقول لك ان استمراره فى العمل بهذه الحكومة متقلبا فى شتى انواع المناصب و كأن حواء السودان لم تلد غيره يعتبر قرينة كافية للبحث فى ملفاته فهلا دفعته اخى الكريم للتوجه للقضاء لاثبات براءته ان كان فعلا كما تقول!!!
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019