زووم
العبرة لمن يعتبر..!
تحدث البعض عن إمكانية أن يرأس الأمين البرير لبعثة الفريق التي ستغادر إلى بورتسودان لمواجهة هلال الساحل في الدوري الممتاز مع الإشارة إلى العقوبات الصادرة في حقه محلياً وأفريقياً، وهي عقوبات ما تزال طي الكتمان، بمعنى أنها لم تعلن رسمياً حتى يمنع الرجل من رئاسة بعثة فريقه إلى الثغر وإنما كانت المسألة كلها في حدود (تسريبات) لم ترقى إلى التأكيد بأن الوزارة الولائية أو المفوضية والإتحاد الأفريقي قد تطابقا في عقوبتهما المفروضة على البرير بعد تعديه على الحكم الجزائري بالضرب، ومن السابق لأوانه الحديث عن تطبيق وحظر وما شابه، لكن الموقف ومآلاته يعيدنا للحديث عن الفعل ذاته، وماهو الداعي أصلاً لأن يكون البرير في هذا الموقف الذي لا يحسد عليه، أو يكون الهلال بكل إسمه وتأريخه وسمعته التنافسية محل إهتمام الإعلام العالمي ليس لأنه حصل على بطولة أفريقية أو لأنه حقق إنجازاً رياضياً جديداً على مستوى التسويق والبورصات، ولكن بسبب آخر تماماً يخصم ولا يضيف لذلك الرصيد المهول من السمعة الطيبة.. ما الذي كان يضير رئيس الهلال لو أنه فكر في المنصب ولم يندفع وبنفعل مع تلك المباراة وينزل من مكانه على المقصورة ليرى وجه الجزائري وإن احتسب عشر ركلات جزاء ضد الهلال في الشوط الأول؟
التصرف في حد ذاته كان فعلاً تنبأ العقلاء في لحظته بما سيجلبه من متاعب للبرير والهلال والإتحاد السوداني والكرة السودانية بصفة عامة مع كل ذلك الكم من المشاعر الطيبة والإنفعالات الإيجابية التي تبعت الموقف وما بذل من جهد لتحاشي ما هو متوقع من عقوبات، من إتحاد كرة القدم السوداني الذي اجتهد في ذلك، والأخ عادل رجب الذي تبرع مشكوراً وضحى بإسمه كإداري نعرفه قبل ظهور الأمين البرير عندما كان إدارياً بهلال الأبيض، وحتى الصحف والأقلام الهلالية التي استعانت بكل مصانع البوهيات في البلاد من أجل تلوين الحقيقة وتغيير ملامحها، ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح فسارت الأمور نحو ما توقعه أولئك العقلاء وفي نهاية المطاف خرج الهلال كمؤسسة خاسراً لأن رئيسه بموقعه الإعتباري بات في قفص الإتهام.. وأرجو أن تكون عبرة لمن يعتبر، ودرساً بليغاً قد استوعبناه وعرفنا أن عهد الإداري ذو الصوت الأجش والمرعب والعضلات المفتولة قد ولى وحل محله نموذج من الإداريين المتحضرين ممن يستطيعون استعياب القوانين واللوائح ويشرفوا على تطبيقها والإلتزام بها.
رئاسة الأمين البرير لبعثة بورتسودان في حد ذاتها لا تستحق أن تكون محل إهتمام فهي شيء طبيعي بالنسبة لرئيس نادي الهلال وهو طرف منافس على لقب البطولة، ولكي يحافظ على حظوظه فيها لابد له أن يكسب هذه المباراة وينتظر تعثر المتصدر، وأن تكون البعثة برئاسته يعني من زاوية أخرى الحرص والإهتمام من مجلس الإدارة والأقطاب، ولكننا نخشى ان يكون وراء ذلك أي نوع من التحدي للجهات المعنية بعقوبة البرير بعد أن لاحت في الأفق قرارات الكاف والمفوضية، وتسربت معلومات عن العقوبة المفترضة، أو أية محاولة لإستعطاف الجمهور وحشده لرفض القرارات المحتملة في هذا الموضوع، ففي ذلك تصرف ربما لا يقل عما أتى به الرجل مع الحكم الجزائري، وفيه ضعف واضح لقراءة معطيات الأحداث حتى الآن لأننا قد تجاوزنا تماماً مرحلة الفعل في الحدث وننتظر رد الفعل، والطبيعي أن يأتي موازياً وغير متأثر بالعواطف خاصة إذا قلنا أن المسألة ترتبط بالقوانين.
حتى على مستوى المباريات العادية في ملاعب الخرطوم المختلفة شهد هذا الموسم عدد كبير وغير معتاد من التفلتتات، في دوري الدرجة الأولى ودوري الدرجة الثانية في الملاعب الثلاثة كانت قد شهدت جميعها عنفاً لافتاً للنظر في هذا الموسم الذي يبدو متأثراً بما جرى على الصعيد السياسي وفي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وما من مباراة انتهت بفوز طرف على الآخر وحتى شهدنا بعدها عراكاً يتسبب فيه الفريق المهزوم، ولو كان هنالك اعتراف بطريقة أو بأخرى بأن فريقهم لم يقدم ما يستحق عليه الفوز، ولكن المسألة تبدو وكأنها تقترب من أن تكون ثقافة أو تقليداً، وأن المهزوم لابد أن يفتعل اشتباكاً مع الطرف الفائز أو الحكم أو حتى إداري من الفريق الآخر حتى يفسد أجواء الفوز على الطرف الآخر.. والأغرب في الأمر أننا قد شهدنا في أكثر من موقف عدد من الشخصيات المعروفة بمثل هذه التصرفات تسيء مباشرة للإتحاد وتصف حكامه بالمرتشيين على مرأى ومسمع من شخصيات تعتبر أصحاب قرار في الإتحادات المحلية، ومع ذلك تمضي الأمور دون أن تظهر ردود أفعال تدل على حرص هذه الإتحادات المشتومة على الإنضباط أو النظام.. وفي الوقت الذي آثر فيه المحترمين الإبتعاد من أجواء المشاحنات والمهاترات لأن كرة القدم في الأصل لا تستحق أن تكون سبباً للحرب والعنف اللفظي والبدني وغيرها من التصرفات التي لا تجلب لأصحابها إلا المتاعب، ولا تخدم كرة القدم عندنا إلا بالمزيد من صكوك التخلف والتدهور..!
حاشية:
الأخوة أعضاء منتديات المريخ والمنتديات الرياضية الأخرى يجب ألا يحملوا الأمور فوق طاقتها، وألا يندفعوا في إطلاق الأحكام إيجابية كانت أم سلبية على الغير، وأن يبتعدوا عن الزج ببعض العبارات التي قد تعطي إنطباعاً غير مستحب عن شخصية كاتبها.. فبعض رواد هذه المنتديات من المندفعين لا تتجاوز أعمارهم بداية العشرينات أو دونها.. وما يزال أمامهم مشوار طويل لإكتساب المزيد من الخبرات للتعامل مع بعض القضايا بالعمق المطلوب.. ومع ذلك نقول لهم: كل سنه وانتم طيبون..!