• ×
الإثنين 6 مايو 2024 | 05-05-2024
هنادي الصديق

بلا حدود

هنادي الصديق

 0  0  2032
هنادي الصديق
هلال مريخ بسجن كوبر!
محادثة هاتفية لم تزد عن دقيقة قادتني لأكتشف عالم كثيرا ما تساءلت عن ماهية الحياة بداخله ,خاصة عند مروري بذلك السور الشاهق الذي سرعان ما تستحضرني عند رؤيته صور القمع والترهيب وأكل الرغيف الناشف (حاف)ومنع الكثير من نعم الحياة ,وكثيرا ما أشفقت من خلال الشريط (الخيالي)الذي يمر بذاكرتي لمن هم بداخل هذا البناء المخيف لإبتعادهم عن العالم الخارجي وما يدور فيه من أحداث سياسية وثقافية ورياضية ,والأخيرة تحديداً أضع تحتها أكثر من خط باعتبار معرفتي بميول الرجل السوداني وهوسه الرياضي الذي يشتهر به دونا عن بقية الشعوب العربية والأفريقية ,فقد دعتني بعض الجهات إلي حضور حفل ختام الدورة الرياضية التي يقيمها السجن القومي ( كوبر)صبيحة الثلاثاء ,ورغم غرابة الفكرة وصعوبتها وخطورتها بالنسبة لأي فتاة إلا أن دوافعي الإنسانية ظلت تحثني بقوة علي خوض التجربة التي ظننتها ستكون الأخطر والأصعب في حياتي عموما وفي مشواري الصحافي علي وجه الخصوص,إلا أنه وللأمانة وأنا أقترب من مدخل السجن راودتني عدة أفكار مخيفة سرعان ما زالت بعد المقابلة البشوشة بإستقبال السجن ومرافقتي بصحبة مسئول الإستقبال لمقر الإحتفال المدهش والذي لا زمتني تفاصيله الجميلة طيلة يوم أمس واليوم الذي قبله وغداً,فالمكان إحتشد بجميع نزلاء السجن تقريبا حتي خيل إليَ أنه لم يعد بالزنازين أحد علي ما يبدو وصوت مكبرات الصوت والهتافات والتصفيق يطغي علي المكان,ولحظة دخولي تداعت الصور الكئيبة لمخيلتي مجددا خاصة وانا أري رجالا من مختلف الأعمار وهم يرتدون (المريلة الحزينة) التي غيرت من ملامحهم الكثير وسقطت مني دمعة ساخنة وأنا أري زميلي الأستاذ الكاتب الصحافي الرائع (أبو ذر علي الأمين)الذي جيئ به إلي هذا المكان غدراً في قضية صحافيو رأي الشعب الشهيرة وهو يرتدي تلك البدلة الكئيبة, المهم ان الدمعة أنقذتني النظارة السوداء من أن يلحظها أحد ممن أوقعتهم ظروف الحياة التعيسة ليبقوا خلف الأسوار العالية والجدران الضيقة بعيدا عن أحبابهم وزويهم وسرعان ما تحولت الدموع الي سعادة غامرة في ظل الجو الجميل(لحظتها) الذي يعيشه النزلاء والروح الاسرية التي يتعاملون بها مع بعضهم وقادة السجن علي السواء ,نشوة غامرة شعرت بها وأنا اشاهد الزي الرياضي الجميل ولاعبو الهلال والموردة يصعدون الي خشبة المسرح لإستلام الميداليات وكأس البطولة الذي فاز به فريق الهلال أو(حبيب البلد)كما وصفه مقدم البرنامج صاحب الإمكانات المهولة في الخطابة وإلقاء الشعر وتقديم الضيوف والذي ينافس بإمكاناته كبار المذيعين بقنواتنا الرسمية.
تسلم لاعبو الهلال كأس البطولة والميداليات من سعادة اللواء ابوعبيدة سليمان مدير عام السجون والاصلاح واللواء عمر عبد الماجد مدير السجن القومي بالخرطوم بحري(كوبر)ومن رئيس الإتحاد الرياضي بالسجن القومي وسط فرحة عارمة من جمهور الهلال صاحب الشعبية الجارفة بسجن كوبر,ولم ينس أشهر نزيل سوداني إطلاق قفشاته ومفرداته الساخرة بصوت عالي والذي أوقعتني الصدفة في الكرسي الذي امامه وهو الشهير بدقلش حيث شكل حضورا جاذبا وفكاهياً,ولعل أكثر ما لفت نظري في تلك الإحتفالية الجميلة هو الشعور الرائع الذي يكنه النزلاء للعميد بدرالدين شريف المشرف الرياضي للدورة والعميد سيزر وللأستاذة سعاد بركات المشرف الإجتماعي بالسجن والتي هتف لها الحضور كثيرا لحظة تكريمها بوشاح بجانب الملازم أول تعبان وهو ما أكده لي بعض النزلاء عن تقدير جميع من بالسجن لدور الثنائي,خلاصة القول أن سعادتي ودهشتي لا توصف بهذا العالم الجميل فداخل السجن إتحاد رياضي وفرق رياضية ونشاط متواصل وكم تمنيت حضور زملائي بالصحافة الرياضية,وهي دعوة للزملاء بالإتحادات الرياضية لتقديم دعمهم بالمعدات للأنشطة الرياضية بالسجن ليسهموا في ترقية العمل الإصلاحي وإختصار الزمن وإختزال المسافة للنزلاء لحين لحظة معانقتهم لإسرهم وأحبائهم,وختاماً أقول لكل النزلاء وأسرة السجن(شكراً بلا حدود) فقد أتحتم لي فرصة عظيمة ووضعتموني أمام إمتحان أتمني فيه النجاح وهو دعمي ومؤازرتي لتلك الشريحة التي تحتاج لكل فرد في المجتمع الدعم والمؤازرة .
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : هنادي الصديق
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019