مدرسة حلة حسن الابتدائية حيث مارنجان السودان تسعة لغات و العاشرة الابتسامة , هكذا يحلو لأهل مدينة ود مدني عامة و أهل مارنجان خاصة مناداتها بتلك الصفة الجميلة .
في المدرسة الابتدائية كنت من المحظوظين حيث كان أبونا الأستاذ حسن عبد الوهاب حسن خليل , أستاذ العربي أبو الفصل سنة ثانية و ثالثة و رابعة , طالت المدة لذا أقول الله يرحمه رحمةً واسعة حياً كان أم ميتاً حبب إلينا الفنان الذري إبراهيم عوض " طيَّبَ الله ثراه " من واقع ألحان الأناشيد التي كان يلحنها لنا مجاراة بأغاني الفنان إبراهيم عوض .
في سنة خامسة جاءنا الأستاذ محمد أحمد الحاردلو مدرساً للعربي وكان هو فنان محترف في مدينتنا ود مدني , لحنَّ لنا أنشودة بيض الحمائم و كذلك صرخة لاجئ ولا زال اللحن حتى كتابة هذه السطور في الذاكرة لم يُفارقها
صرخة ابن القرير أعاد لي ذاكرة شريط المرحلة الابتدائية و نشيد صرخة لاجئ الذي مطلعه ( أنا لن أعيش مشرداً .. أنا لن أظل مقيداً . )
تلقَّى بريد أوتاد رسالة من العُمَرين , الإنسان الأديب الأريب الأستاذ عمر محمد علي ترتوري , نائب رئيس مجلس إدارة منتدى القرير , و الأستاذ عمر الشيخ محمد وهما من أبناء القرير . منتدى القرير عامرٌ بزواره الكُثر لما يضم في عضويته قمم من فطاحلة أهل الثقافة و العلم بكل ما في الكلمة من معنى .
منتدى القرير منتدى مقروء يعج بالزوار الذين لا يقلِّون عن الألف زائر في اليوم , رغم ذلك آثر الأديب الأستاذ عمر محمد علي ترتوري صاحب القلم المُجيد و الأستاذ عمر الشيخ محمد أن يرسلا لي صرختهما عبر رسالتهما التي خطها يراعهما المعتاد على حرث الثقافة ليل نهار , فيما يخص توزيع أراضٍ زراعية لأبناء القرير . وها أنا عزيزي القاري أحيلك إلى رسالة ابني القرير دون تصرٌّف مني لنصرخ معهما حتى نرى على أرض الواقع تطبيق قول الحق عزَّ وجل : ( و أقيمُوا الوَزنَ بالقِسطِ و لا تُخسِرُوا الميزَانَ ) 9 الرحمن
و ها هي الرسالة بين أيديكم بحذافيرها :
(( اللجنة صنَّفت أهالي القرير لشريحتين هما :
1- المقيمون بالقرير
2- المغتربون و من يسكنون مدن السودان الأخرى .
قد تم منح الشريحة الأولى فدانين في حين تم منح الشريحة الثانية فدان واحد . مع ملاحظة الآتي :
هذا التصنيف لم يتوخْ فيه عدالة التوزيع أو المصداقية و الشفافية و تضمن محاباة و محسوبية واضحة ظهرت بهذه الكشوفات , حين نجد مغتربين و مواطنين من الشريحة الثانية منحوا فدانين و أيضاً من هم في نفس الشريحة تم منحهم فدان واحد , عكس التصنيف الذي اتفق عليه أعضاء هذه اللجان .
تم منح مواطنين من الشريحة الأولى فدان واحد بدلاً عن فدانين و بما لا يتفق مع تصنيفهم الذي يمكن نعته بالظالم , الذي قالوا اتبعوه .
تم منح أطفال و شباب صغار من أسر كاملة فدان لكل فرد من أفراد الأسرة , في الوقت الذي حُرِمَ آخرين من الكبار و أرباب الأسر بسبب سقوط أسمائهم في ظلم واضح .
أنا من الذين سقط اسمي و ما كان اسم جدي أبو لهب ولا اسم عمي شارون بل اسمي عمر محمد علي محمد الحسين أحمد ترتوري و أمي التومة علي محمد خير موسى عيساوي , و لي أولاد و بنات أكثر من عدد أصابع اليد الواحدة و أقل بقليل من عدد أصابع اليدين , يعني أنني من القرير التي ولدت و ترعرعت فيها و أخشى أن يُثير هذا التوزيع الغير عادل و الفساد الذي رافقه من محسوبية و محاباة و ظلم موجةً من الغضب العارم بين المغتربين و أبناء القرير المُقيمين و غير المُقيمين الذين تضرروا مما تم . و أخشى ما أخشاه أنَّ هذا التوزيع قد تكون له عواقب وخيمة في إشعال نيران الفتنة و الحقد و بذر بذور الشقاق و التشرذم بين أهالي القرير ما لم تتدخل الجهات المسئولية و العقلاء بإلغاء هذه الكشوفات و إعادة التوزيع و أن يتم حل اللجان الأولى و تكوين لجان جديدة محايدة تلغي عملية تصنيف مواطني البلد الواحد إلى شرائح غير منطقية و غير مقبولة و تتوخى عدالة التوزيع للجميع و أن يُرفع الظلم من المواطنين الذين تم منحهم فدان واحد و يتساوى الناس كأسنان المشط , خاصة و أنَّ الأرض متوفرة و شاسعة و يجب أن تكون فيها الأولوية للمواطنين دون الغرباء ممن هم ليس من مواطني القرير , علماً أنَّ شريحة المغتربين و القاطنين في العاصمة و المدن الأخرى من أبناء القرير هم من يقومون بتقديم الدعم و المساعدة لأهلهم بالقرير و مشاريعهم التنموية و الخيرية تقف شاهدة عليهم , لذا تجب أن تكون لهم الأولوية القصوى في أراضي امتداد المشروع و ذلك حتى يتم إخماد نيران الفتنة التي تلوح في الأفق و تجنُّب الشقاق و التشرذم حتى لا تتنامى و تستفحل الأحقاد بين أبناء البلد الواحد و حينها يكون قد فات الأوان .
إنَّها ظاهرة الظلم و ما أدراك ما أدراك ما الظلم الذي حرَّمه الله سبحانه و تعالى على نفسه فيما رواه رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديث القدسي : ( يا عبادي إني حَرَّمت الظلم على نفسي و جعلته بينكم مُحَرَّماً فلا تظالموا . ) رواه مسلم
و عن جابر أنََّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( اتقوا الظلم فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة , واتقوا الشُح فإنَّ الشُح أهلك من كان قبلكم , حملهم على أن سفكوا دماءهم و استحلوا محارمهم . ) رواه مسلم
* آخر الأوتاد :
احترام النقد البنَّاء من أبجديات مكارم الأخلاق , الرسالة أعلاه واضحة المسار و الهدف لذا على من يهمه الأمر مراجعة ذلك التوزيع و ليس العيب الخطأ إنَّما العيب التمادي في الخطأ .. و رحم الله أمريء أهدى لي عيوبي , و المسلم مرآة أخيه . نعم للمراجعة لأنَّ للرقيب عين لا تأخذها سنةُ و لا نوم .