بعثة المريخ إلى دبي..!

شاهد عيان نقل لنا أحداث معارك طاحنة دارت على حلبة قاعة الإجتماعات الخاصة بمجلس إدارة نادي المريخ على محور هامشي جداً، ولكن مبدأ التعارك على الأمور الهامشية هو الموضوع الذي نحن بصدد تناوله اليوم، لأن ما حدث بالفعل سابقة لم تحدث من قبل في المريخ، وحتى لو كانت هنالك سابقة مسجلة فإنها لا ترتقى لهذا المستوى.. وكذلك يحتوي الموضوع على إشارات نحو كيف يتعامل أعضاء هذا المجلس مع القضية المريخية وفي هذا التوقيت الذي شكك فيه الناس في قدرات المجلس وقالوا أنه كان ينبغي على عضويته أن تقدم إستقالاتها مع إستقالة الرئيس مباشرة ولا تنتظر لأنها كانت السبب الأول في أن تزداد المسؤولية وتثقل كاهل الرئيس وتنهكه وتجبره على الإستقالة بحثاُ عن الراحة وهرباً من كل العيون التي أصبحت لا تجيد سوى الفرجة عليه وإثارة المشاكل وزعزة التركيز.
عن نفسي سبق أن كتبت متناولاً عقلية مجموعة النهضة في التعامل مع المريخ كنادٍ وكيان، وكيف أنهم ينظرون إليه من زوايا موغلة في الخصوصية، وأنهم يسعون خلف جماعات المصالح بطريقة تلفت النظر وتجعل من وضعهم داخل النادي شاذاً، وينبه إلى أن قضية تقرير سيكافا المالي (مثلاً).. لم يكن قضية مفرغة من المضمون كما حاول البعض نشره على القاعدة المغلوب على أمرها، وإنما كانت قضية حقيقية أخرت مناقشة التقرير وإجازته إلى أن استقال جمال الوالي من مجلس الإدارة وفي أول إجتماع بعد قبولها خرجت القرارات وعلى متنها (إجازة تقرير سيكافا).. وفي الإجتماع الثاني أو الثالث منذ استقالة الرجل نشبت مشادات عنيفة وصراع قوي بين تيار النهضة داخل المجلس المكون من العضوية الأصلية التي تنتمي لجمعية النهضة والخيرية وهم: متوكل أحمد علي وحسن يوسف وأمين عبد القادر ، والمنسوبين إليهم مثل محمد جعفر قريش وعادل محمد عثمان وكان موضوع المعركة هذه المرة هو إختيار رئيس ونائب بعثة الفريق المتجهة للدورة الرمضانية المقامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولو كانت البعثة متجهة إلى توغو مثلاً لما عرفنا من يرأسها.. والدليل على ذلك أن الفريق كان في مهمة رسمية قبل أيام إلى نيامي حيث لعب مع الجيش النيجري ولم نسمع بآثار معركة لإختيار رئيس البعثة.
المهم أن رئاسة البعثة قد أصبحت محل صراع رسى في النهاية على الكتلة الأخرى التي تضم حلفاً مكون من محمد علي الجاك ضقل وعادل أبوجريشه وحسن إدريس وطارق تفاحه وجمال أحمد عمر الكيماوي وهاشم الزبير وعبد القادر الزبير همدوآخرين، فلجأ الجميع للتصويت من أجل إختيار رئيس البعثة وكل من الطرفين يهتف بإسم واحد.. حيث أراد قريش أن يرأس البعثة وكذلك متوكل أحمد علي الذي يرغب في أن يكون ضمن كل البعثات التي تغادر السودان، بينما طرحت المجموعة الأخرى إسم محمد على الجاك ضقل، والأخير هو من فاز بشرف قيادة بعثة المريخ إلى كأس العالم للأندية في الإمارات.. أقصد الدورة الرمضانية، ولأن أهل المريخ قد إعتادوا على أن يجعلوا من كل حبة قبة، لم ينته الصراع بعملية التصويت التي انتصرت فيها مجموعة ضقل، بل استمرت توابع الزلزال لكي تتمكن من توجيه أشكال العلاقات التي تربط المجموعتين وكأفراد أيضاً، وبطبيعة الحال ستوضع كل قضايا المريخ القادمة على هذا الميزان بغض النظر عن مصلحة النادي في الأمر برمته، وهو نفس الوضع الذي شهده آخر مجلس للمريخ في القرن الماضي.. ولعل الناس قد نسوا تلك الحقبة لذلك سأذكرهم:
في عهد آخر مجلس إدارة في الألفية الماضية نشبت المعارك داخل مجلس الإدارة وتعمدت بعض المجموعات كانت النهضة على رأسها إثارة الأزمات والمشكلات في داخل المجلس الذي حرص عراب تلك الفترة على تشكيله من كافة ألوان الطيف المريخي، فشاركت النهضة بثلاثة أعضاء استقطبوا ثلاثة آخرين ليدور الصراع بين كتلتين جعلت من النادي كتلة من لهب في تلك الحقبة، وفريق كرة القدم أوهن ما يكون من بيت العنكبوت، حيث تشكلت هزائمه بالأرقام وتنوعت من حيث الكيفية من فرق تافهة لا تعني شيئاً مقارنة بتأريخ المريخ وقدراته البشرية، وهذه الأيام وذلك الحدث جلعنا نتذكر أن النهضة كانت القاسم المشترك فيها وأن ما يحدث الآن يحمل شيئاً من ملامح الماضي... فضلاً عن أنه لا يبشر بشيء أصلاً، خاصة وأن محمد إلياس محجوب كان قد إختار تعيين مجلس إدارة من طرف واحد من أطراف الصراع فتم تشكيل مجلسه الذي أعاد الفريق إلى درب الإنتصارات في، ليس لأنه كان غنياً، ولكن بسبب إستقرار مجليه وتجانسه ليحقق المريخ هاتريك الممتاز الشهير (2000- 2001 و2002).
الآن.. وحتى لو عاد فريق المريخ بلقب البطولة التي سيشارك فيها هناك بالإمارات، لن تعني تلك البطولة له شيئاً يذكر، ولن تعوضه أيضاً الخروج من البطولات الأفريقية ذات القيمة المادية والمعنوية الأدبية، ومع ذلك لن تكسبه الهيبة التي أهدرها صراع الجماعتين على زعامة البعثة، أما إذا خسر الفريق من تلك الفرق التي تشارك فيها وعاد مهزوماً، وإذا حزن الجميع من أنصار المريخ ومات نصفهم كمداً وحسرة على هوان الفريق فإنهم لن يحركوا ساكناً لأن من يذهب في هذه البعثة سيكون قد حقق المكاسب التي يريدها.. وبعدها: لفتحرق روما بمن فيها..!