• ×
الجمعة 17 مايو 2024 | 05-16-2024
الصادق مصطفى الشيخ

بالمرصاد

الصادق مصطفى الشيخ

 0  0  1713
الصادق مصطفى الشيخ
بالمرصاد

الصادق مصطفى الشيخ

مرصاد حزين

نقد- التجانى حميد وورى
فقد العظماء ومسلسل الرحيل
كلهم كتبوا عن نقد ووردى وحميد إلا أنا ظللت امزق الورقة تلو الاخرى
واستخدم مفتاح (الدليت) حتى اشتكى جهاز الكمبيوتر الذى استخدمه جراء هذا
التردد والارتجاف
فقد كان الشهر الماضى عصيا على الوصف تجاه كاتب محاط بعلاقات مختلفة من
ثلاثتهم وردى الذى أحاطنى تلاميذه بمدينة البرارى بكثير من المعلومات
والطرائف وحميد الذى شهدناه اول مرة فى دار القوى الإشتراكية بالبرارى
وكان حضور تلك الامسية لا يتعدى اصابع اليد الواحدة اما نقد فقد كان
الأنا ذاتها رعانى صغيرا وراسلنى من المخابئ مشيدا ومؤازرا على الكتابة
حتى خيل لى انى اكتب له فقط واحرص على ان لا تخرج الكلمات فى غير موضعها
اوصانى ان لا اتناول الاشياء الشخصية فهى آفة الجدية وعندما رأيته لأول
مرة بعد الظهور الاخير كان سؤاله لماذا تركت الكتابة وتوجهت للرياضة وقبل
ان ارد برر بما تعرفون وأعرف
وعندما عادت الميدان قابلنى منشرحا خصصنا لك ركن خاص فأكتب ما تريد ولكن
دعاوى التحرير وضرورة إيجاد قسم للرياضة بالميدان كان لزاما على ان ابقى
به رغم مطالب اعز انسان على هذه البسيطة وتقبله بعدم اقتناع وظل لا يفوت
فرصة الا ويسألنى عن أمد نهاية تسليم القسم الرياضى لأخر وفق وعد قطعته
له وللأستاذ الراحل التجانى الطيب بابكر الذى أعلم كيف كان فراقه قاسيا
على فقيدنا نقد فكان دائم التواصل معه مناقشين هموم الميدان وتبادل أخبار
الرقابة ومقاومتها كانوا معا يعانون من ويلات المرض ورغما ذلك يحرصوا على
التواجد فى مكاتبهم فى الموعد المحدد هذا بخلاف إستباقهم الكامل للجميع
فى الإجتماعات وحتى التى يأتوا فيها متاخرين كان يخيل لى ذلك انه متعمد
لترسيخ مبدأ الإعتذار وجعله ديدنا بين عضوية الحزب الذى نراه الآن وقد
ترسخ وهو ما يميزهم عن الاخرين
عندما تلقينا النبأ الفاجعة بالمركز العام كان الامر بالنسبة لنا مثل
الشائعات التى اطلقوها على وردى ولأن إعتصارنا على ألم حميد وفراشه الذى
مازال منصوبا يعزى فيه الأهل الغرباء كان التسليم بالقدر
فسيطرت الدموع والإحباط على الواقع وبعد أقل من دقائق وقبل ان نتبادل نحن
المتواجدون بالمركز التعازى والمواساة ووضع خطة للتحرك وجدنا الزملاء
والجيران وقد تدافعوا الينا سيلا منهمرا صعب بعده التفكير وظل الإرتباك
والسيطرة الغير ارادية على كل شئ اناس يدخلوا ويخرجوا من والى الفردوس
حتى اطل فجر الاحد
وحطت الطائرة رحاها بمطار العاصمة الحزين لم تكن حتى اللحظة جموع الناس
قد قلت بل إذدادت بتوافد العشرات من الولايات القريبة والبعيدة كهول لا
يقدرون على المشى كانوا فى مطار الخرطوم فى الواحدة ليلا اطفال حملوا
لافتات وصور الفقيد حركات ساهمت بإسمها فى المطار والمقابر والفردوس
امتلأ الشارع المؤدى الى المركز العام الذى عمه الصمت رغم الإكتظاظ كان
اول الوفد بداخل المركز واخره فى عفراء بهذا السبيل والصمت العارم إلا من
صوت المكلوم سيف سماعريت الذى قطع نياط القلوب وهو يروى مسيرة نقد حكمته
واتزانه وحلحلته للعقد ليست الاسرية بل القومية لم يشاطره احد فالكل غير
قادر على فتح فمه او مغالبة الدموع
كان هناك شاب متوسط العمر يجلس بجوار الدار منذ إعلان النبأ ولمدة ثلاثة
ليالى فشلت معه كافة محاولات الحديث ناهيك عن الاكل والشرب وعندما وصلت
الجموع بالجثمان الى مقابر فاروق بصعوبة بالغة كانت الشمس تستعد لتقسو
على عادتها فى نهايات مارس إلا انها لم تتمكن كأنما أنفاس الجموع
المحتشدة قد منحتها الإذن بأن لا تفعل ولم يغتاظ النهار انذاك ابدا اللهم
الا اذا كنا لا نشعر من هول الفجيعة
كانت الزميلة نعمات كوكو تطلب من اهلها ان لا يغادروا ويتركوا نقد وحيدا
وكان اخرون يرفضوا ان يشاركهم احد فى تشيع الفقيد خفيف الجثة والظل كانوا
يتذكروا معه مواقف لا تنسى ولم يصدقوا ان تصبح ذكريات
اول من قابلته من الرياضيين فى كل مراسم التشييع كان الاستاذ محمد ضياء
الدين سكرتير الاتحاد السودانى لكرة السلة
ثم الطيب العباسى قطب نادى الهلال المعروف
ثم كابتن الهلال المدرب المعروف شوقى عبد العزيز وكان الدكتور كمال شداد
يسأل بصورة متواصلة عن موعد وصول الجثمان ومن اسف ان اتحاد الكرة واللجنة
الاولمبية لم تكن لهم حتى برقيات تعزية رغم فعلهم لشخصيات غير رياضية ولا
تحسب مشاركة ضياء باسم الاولمبية مثلما لا تحسب مشاركة عضو مجلس ادارة
الاتحاد محمد سيد احمد الذى خاطب مهرجان التأبين بإسم حزبه الاتحادى
الاصل
ولا اظن ان الإتحاد واللجنة الاولمبية بحاجة بتذكيرهم بقومية نقد وتهربهم
من اصدار وريقة تذكر منسوبى المؤسسات المعنية بنضالاته ما هو إلا تخوف من
ردة فعل السلطة الحاكمة وعدم وجود أمرهم فى يدهم فان وقبل هذا وذاك يجب
ان نؤكد ان نقد ليس بحاجة لنعى المؤسسات الميته التى دفع حياته ثمنا
لإستقرارها واستمرارها وإن غادر البسيطة احدا من اسرة أولياء النعمة وأهل
القرار لأستخدمت اوراق الاتحاد واللجنة المروسة بإهمال
عموما اكدت الفعلة ان هذه المؤسسات الرياضية لاتعرف تاريخ الوطن ولا
دورها فى مثل هذه المواقف
هذا وكان الاتحاد السودانى لتنس الطاولة ممثلا فى امين ماله المنتخب
حديثا الاستاذ عبد المنعم البيلى قد أبرق معزيا بإسم الاتحاد رغم تواجده
خارج البلاد كما أرسل الاستاذ ابو هريرة حسين طالبا نقل تعازيه لكل اعضاء
الحزب واسرة الفقيد واصفا إياه بالمفكر الوطنى وهذا نص برقيته
احسن الله عزاؤكم فى فقيد الوطن البطل العلم والمفكر نقد لك ولكل اعضاء
الحزب الشيوعى السودانى ولكل المخلصين فى بلادى له الرحمة والمغفرة
اخوك ابو هريرة حسين
وهو الرئيس والسكرتير السابق لاتحاد الناشئين بولاية الخرطوم
كما قالوا فى التأبين وفى خطابات التعزية فلم تترك شاردة او واردة عن
الاستاذ نقد واقول ان ذلك كله لا يمثل الا جزء يسير مما يحيط به او مما
خطاه من رسم واسم ومخطوطات ومقالات لم يكتب لها النشر ومن روايات ونكات
ومواقف فاضلة نتمنى ان تتاح لنا السانحة لسردها رغم علمنا بأن الموقف لا
يتحمل لكن شخصية نقد المرحة لا تفارق مخيلتنا ولا مواقفه التى من محاسن
الصدف انها متعلقة بابوهريرة صاحب النعى الأخير وقد رواها عنه احد
مرافقيه لإجتماع القصر الجمهورى قبل إنفصال الجنوب حيث كان الجميع
انتظارا خارج صالة القصر الجمهورى (الاستقبال) وكان الحذر والتشدد واضحا
فى الدخول والخروج الى باحة القصر إلا ان منظر هذا الشاب الذى يدخل ويخرج
دون رقابة او تفتيش فى ظل دهشة رؤساء الأحزاب سأل نقد محدثه عن هذا الشاب
فقال له انه الذى وصفه عمر البشير بالفتى المدهش عند إفتتاح ملعب
الناشئين بشرق النيل بل طالبه بالزواج امام جموع الحاضرين لم يفكر
الاستاذ الراحل كثيرا فبادر محدثه برد قال فيه عليك الله عمر البشير ده
ذاته ما مدهش
رحم الله أستاذنا الجليل محمد ابراهيم نقد الذى كان سباقا للملمة جراح
الوطن تحسر كثيرا على انفصال الجنوب وتشريد اهالى دارفور وكان أخر ما
سرده فى هذا الصدد بدار حزب المؤتمر الشعبى فى ندوة خاطبها عدد من رؤساء
الأحزاب إلا أن كلمته كانت المؤثرة خاصة المقطع الذى ابان فيه بلغته
السلسة وحديثه الجاذب ان اهل دارفور هم أصحاب مملكة أى ملوك حرام يعيشوا
على الإعانات وفى معسكرات وقال ساخرا ده شنو ده قالها بحرقة جعلت أحد
ابناء دارفور يهتفوا دون شعور وخر خارجا من الدار لا يستطيع تغطية دموعه
ومن المواقف التى تؤكد عظمة هذا الفقيد ان ذات الشاب شوهد فى اول
المشيعيين وفى خدمة المعزيين
إنه السودان وكفى

امسح للحصول على الرابط
بواسطة : الصادق مصطفى الشيخ
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019