• ×
الأحد 5 مايو 2024 | 05-04-2024
جلال داوود ابوجهينة

نحن كدة

جلال داوود ابوجهينة

 1  0  1680
جلال داوود ابوجهينة
( من عرف لغة قوم .. ضمن واسطتهم ( ..
وما أكثر اللغات واللهجات في السودان الكبير بأهله..
أنا شخصيا لغتي النوبية أنقذتني في مواقف كثيرة .. على سبيل المثال، سافرت برا وبحرا إلى سواكن .. كان الصف طويلا في الميناء .. والعفش أطنان .. و الحر يلحم .. فإذا برجل توسمت فيه أنه من أهلنا .. توكلت على الله و (دقّيت معاه اللغة(.. فما كان منه إلا أن عانقني و حمد الله على سلامتي ثم في دقائق كنت في الفندق مع كامل عفشي دون أن يفتحوا أي شنطة. هذا يقودنا إلى :
الماعندو ضهر ، ينضرب على بطنو ، و ربما في أماكن أخرى من جسده لو ما عندو وجيع كمان. والواسطة يبدو أنها قديمة قدم التاريخ، فيحكى أن الخليفة عمر بن عبد العزيز لما تولى الخلافة ، وَفَدَ إليه الشعراء من كل حدب وصوب ، ووقفوا ببابه أياما لا يؤذن لهم ، فجاء ( الشاعر رجاء بن حيوة ) و كان من خطباء أهل الشام ، فلما رآه الشاعر جرير داخلا على عمر ، قال له :
يا أيها الرجل المرخي عمامته ** هذا زمانك فأستأذن لنا عمرا

ويبدو أن أن ( رجاء ) هذا كان زول واصل ، وبيلف العمة مرخية بطريقة ود اللحو ( جاري العزيز ) ، و يبدو واسطته ما بتقع الأرض.
فدخل الخطيب عند عمر ولم يذكر من أمر الشعراء الملطوعين برة شيئا ( شوفوا الغتاتة )، برضو الغتاتة قديمة قِدم الكسرة ، لإنو كان عاوز يطلب حاجة من الخليفة، فلو ذكر الشعراء ربما ضاعت حاجته وسط الزحمة.
ثم مر بالشعراء الملطوعين برة ، الشاعر ( عدى بن أرطأة ) فقال له جرير :
يا أيها الراكب المزجي مطيته**** هذا زمانك إني قد مضى زمني
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه ** أني لدى الباب كالمصفود في قرن
لا تنس حاجتنا لقيت مغفرة ** قد طال مكثي عن أهلي و عن وطني

بالضبط كما يحدث الآن ، تقيف ملطوع قدام باب مسئول ، والله ما تدخل إلا يدخلك المراسلة أو السكرتير أو مدير المكتب. بعدين شوفوا المسكين جرير دة ، سايب أولادو كم يوم و يمكن فارش ليهو فروة و قاعد راجي مقابلة الخليفة ، و طبعا لا موية باردة و لا ساندويتشات ولا موبايل يطمن وليداتو.
فدخل عدى على عمر و قال : يا أمير المؤمنين ، الشعراء ببابك و سهامهم مسمومة و أقوالهم نافذة.
طبعا يقصد إن الصحافة الحرة برة ، و ناس المعارضة منتظرين يعملوا معاهو مناظرة سياسية، و أحسن تدخلهم قبل ما يشرشحوك.
فأنظروا لثقة الحاكم و إعتداده بعدله و ثقته بحكمه الذي يستند فيه إلى حجة القرآن والسنة.
قال عمر : ويحك يا عدى ، مالي و للشعر ؟
قال عدى : أعز الله أمير المؤمنين ، إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد مدحه الشعراء فأعطى ، ولك في الرسول أسوة حسنة . قال فكيف ؟ قال : إمتدحه العباس بن مرداس السلمي فأعطاه حلة قطع بها لسانه. قال عمر : أفتروي من قوله شيئا ؟ قال نعم و أنشد :
رأيتك يا خير البرية كلها نشرت كتابا جاء بالحق معلما
شرعت لنا دين الهدى بعد جورنا عن الحق لما أصبح الحق مظلما
أقمت سبيل الحق بعد إعوجاجه و كان قديما ركنه قد تهدما

قال عمر : ويحك يا عدى ، من بالباب منهم ؟ قال : عمر بن أبي ربيعة.
قال الخليفة عمر : أليس هو الذي يقول :
ثم نبهتها فهبت كعابا طفلة ما تبين رجع الكلام
ساعة ثم إنها بعد قالت ويلتا قد عجلت يا إبن الكرام
أعلى غير موعد جئت تسري تتخطى إلي رؤوس النيام

فكما هو واضح من الأبيات ، فإن الشاعر بن أبي ربيعة ، أتى متسللا ليلا بعد نوم ناس الفريق لهذه الطفلة و أيقظها من النوم التي عاتبته لعدم إخبارها بهذا القدوم المفاجيء ، والقصيدة طويلة و بها من المجون الكثير لذا فإن الخليفة عمر قال :
فلو كان عدو الله إذ فجر كتم نفسه ، لا يدخل علي و الله أبدا .
أنظروا للحسم ، بلا بلا صحافة و بلا معارضة ، مادام فاجر و يتبجح بهذا الإثم ، لا يدخل ولو ملأ الدنيا شعرا و ضجيجا. مافي مجاملة تب.
ثم قال الخليفة عمر : ، فمن بالباب سواه ؟
فقال عدى : همام بن غالب ( الفرزدق الشاعر المعروف ، يساوي الآن قناة الجزيرة و السي إن إن ، لأن شعره كان سهما قاتلا و هو من أفصح الشعراء ).
فقال الخليفة عمر : أوليس هو القائل :
هما دلتاني من ثمانين قامة **** كما أنقض باز أقتم الريش كاسره
فلما إستوت رجلاى بالأرض **** قالتا أحي يرجى أم قتيل نحاذره

و المعنى واضح ، و لا داعي لشرحه حفاظا على الموضوع.
قال الخليفة : و الله لا يطأ بساطي.
منتهى الحزم .
قال : فمن سواه بالباب ؟ قال عدى : الأخطل
قال الخليفة : أيا عدى ، أيدخل عندي و هو القائل :
و لست بصائم رمضان طوعا *** و لست بآكل لحم الأضاحي
و لست بزاجر عنسا بكورا *** إلى بطحاء مكة للنجاح
و لست بقائم كالعير يدعو *** قبيل الصبح حى على الفلاح
و لكني سأشربها شمولا **** و أسجد عند منبلج الصباح


الأخطل ، لو خيروه ، فلن يصوم شهر رمضان ، ولا حيروح الزرايب يشتري ضبيحة و ياكل لحمها و لا حيصلي الملعون. يذكرني هذا بقصة واحد ( برضو من عندنا ) طول عمرو عايش في مصر ، عمرو ما صام يوم واحد إلى أن بلغ من العمر عتيا ، و رجع للسودان قي قريته بالشمال و شهر رمضان على الأبواب ، فقال له أهله : لا بد لك من الصوم ، هنا عدم الصوم عيب ، و دي قرية صغيرة و ما زى مصر واسعة .
المهم صام أول يوم ، و لسوء حظه ، الشمس من ( قولة تيت ملهلبة ) ، الساعة عشرة لسانو بقي زى أم فتفت المغسول بي موية حارة ، و متدلدل لى نص صدرو ، الساعة إتناشر، جاب كل أحفادو ، و الشايل بشكير و باليهو بي موية و البالي ملاية ، و البالي كيس مخدة ، كلهم يمصروا فوق راسو ، المهم المغرب كان قطع الإرسال و الإستقبال ، والشوف بقى طشاش ، أها أدوهو صينية فطور رمضان و قالوا ليهو روح المسيد مع الرجال، و هو مارق لفح ليهو منجل و ختاهو في الصينية ، لما سألوهو ناس المسيد المنجل لي شنو ، قال ليهم : علي الطلاق و علي اليمين ، تاني واحد يقول لي صوم إلا أفتح كرشو بالمنجل دة. أنا العطش الدخل فيني الليلة ، عمرو ما حيمرق مني.

نرجع للخليفة عمر الذي قال : و الله لا يدخل علي و هو كافر ، فهل بالباب سوى من ذكرت؟
قال عدى : نعم ، الأحوص. قال عمر : أليس هو الذي يقول :
الله بيني و بين سيدها يفر مني بها و أتبعه.
أحوص الشوم دة ، لايوق لياقة تغيظ ، يعني الجارية الهو متكسر فيها دي ، كلما سيدها يزوغ بيها حتة ، صاحبنا دة وراهم.
أنظروا إلى إلمام الحاكم بما يقوله المحكومين قبل توليه الخلافة ، كان يسمع و يحفظ ويحكم على الشاعر من شعره ، دون اللجوء إلى مخابرات و مباحث و أمن مركزي و إستجواب ، كان يستطلع و يسمع و يحفظ و يقيم الشعر لوحده إلى أن تولى الخلافة. و لكن لم يكن ليفتح السيرة لولا وقوفهم ببابه.
المهم لم يدخل الأحوص عليه.
ثم صار يذكر له الشعراء ، و الخليفة عمر يذكر أشعارهم المجونية إلى أن أتى على ذكر جرير ، فقال عمر : أليس هو القائل :
طرقتك صائدة القلوب *** و ليس ذا حين الزيارة فأرجعي بسلام

فقال عمر : فإن كان لابد من دخول شاعر ، فهو.
فأذن لجرير فدخل ، فقال عمر : ويحك جرير ، إتق الله و لا تقولن إلا حقا. فقال جرير :
أأذكر الجهد و البلوى التي نزلت *** أم قد كفاني ما بلغت من خبري
كم باليمامة من شعثاء أرملة *** و من يتيم ضعيف الصوت و النظر
ممن يعدك تكفي فقد والده كالفرخ *** في العش لم ينهض و لم يطر
يدعوك دعوة ملهوف كأن به خبلا *** من الجن أو مسا من النشر
خليفة الله ماذا تأمرون بنا *** لسنا إليكم ولا في دار منتظر
مازلت بعدك في هم يؤرقني قد طال *** في الحي إصعادي و منحدري
الخير ما دمت حيا لا يفارقنا **** بوركت يا عمر الخيرات يا عمر

والقصيدة طويلة وجميلة من أروع قصائد المدح ، ولكن اللافت للنظر ، أن جرير ، وهو يدخل لأول مرة على الخليفة ، لم يطلب قطعة أرض درجة أولى ، أو مزرعة ، أو منصب حكومي ، إنما طلب منه أن يلتفت إلى الأيتام والأرامل ، يعني يلفت نظره إلى شريحة من المجتمع تحتاج بالفعل إلى اهتمام الخليفة وبيت المال ، وهي لفتة بارعة من الشاعر ، لأن الشاعر يعرف أن عمر رجل دولة من الطراز الأول لا يمكن أن تمدحه ثم تخرج محملا بالدنانير والدراهم دون وجه حق.
فقال له عمر : يا جرير ، لا أرى لك هنا حقا. فقال جرير : بلى يا أمير المؤمنين ، أنا إبن سبيل منقطع. فأعطاه عمر من حر ماله مائة درهم . أعطاه من جيبه الخاص وليس من خزينة الدولة
ثم خرج جرير ، فسأله الشعراء الواقفين بالباب : ما وراءك ؟ فقال : ما يسوءكم ... فقد خرجت من عند أمير يعطي الفقراء ، ويمنع الشعراء وأنا راضٍ عنه.

يعني بمعنى آخر ، سأله الشعراء : أها إن شاء الله خير ، الزول دة من وراهو في فايدة ؟ فقال لهم جرير : سجم خشمكم لو راجين حاجة ، الفقير يخش ، والشاعر ال راجيلو فايدة يفرتق ولا يشتت.

امسح للحصول على الرابط
بواسطة : جلال داوود ابوجهينة
 1  0
التعليقات ( 1 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    مجدي 12-19-2011 12:0
    بصراحة انت الشخص الوحيد فيهم..تصنع البسمة وتوزع الدعابات....الله يخليك.
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019