إبراهيم عبدالرحيم
رحل ود الجنيد.. فماذا بقي لأصحاب الإساءات..!!؟
قررت مساء أمس الأول.. علي تخصيص مقالي اليوم والذي يصادف مباراة المريخ والنيل الحصاحيصا في الدوري الممتاز.. لحالة اللاعب مرتضي ود الجنيد.. ولحث وحض جماهير الكرة السودانية عموماً.. والمريخية علي وجه الخصوص.. علي التدافع بكثافة لهذه المباراة التي قرر مجلس المريخ التبرع بعائدها لصالح علاج اللاعب الذي يعاني من ويلات المرض منذ وقت طويل.. وبالفعل بدأت في حشد كل الكلمات المؤثرة التي تدفع كل من في قلبه ذرة تعاطف وتكافل علي الحضور لإستاد المريخ والمساهمة قدر الإستطاعة في علاج اللاعب ود الجنيد.. لأن الأمر يتعلق بواحد من أفضل أجيال الكرة السودانية.. لعب للمنتخبات الوطنية كلها.. وحتي نعيد للمبادرة النبيلة التي أطلقها المريخ ألقها ومعناها بعد أن سعي البعض لإساءة الظن بها.. ولكنني فشلت في إكمال المقال.. بعد أن وصلني خبر رحيل ود الجنيد عن هذه الدنيا الفانية.. فحلت الدموع مكان المداد.. ومنذ أن تلقيت خبر رحيله الفاجعة.. طافت في ذهني المعاناة الطويلة التي تعرض لها ود الجنيد منذ أن أُصيب.. وطافت معها الكثير من الصور القبيحة والإساءات المعلنة والمغلفة والمستترة التي طالعناها وسمعنا عنها لمجرد أن بادر لاعبو المريخ بإقامة مباراة خيرية للمساهمة في علاج زميلهم.. وكيف تحولت هذه المبادرة الإنسانية الجميلة لساحة عراك وتبادل إساءات.. دون النظر إلي قيمتها.. وإلي الرشاش الذي أصاب أسرة ود الجنيد.. بعد أن إستغل البعض حديث غير مسؤول من رئيس الهلال.. فرصة لزيادة مساحات التعصب بتناول غير كريم.. وغير محبب في مثل هذه الحالات التي تذوب فيها الإنتماءات وتتعمق فيها المعاني الأنسانية.. فكان أن أُفرغت هذه المبادرة من محتواها الجميل الشفيف.. من أجل إرضاء الذات الفانية.. وها هو ود الجنيد يرحل عن دنيانا.. مخلفاً الأسي علي شبابه.. وأكثر الأسي علي الذين نصبوا أنفسهم أوصياء علي علاجه.. وما دروا أنهم خاضوا في الأوحال.. ونسوا أن الموت قريب منهم.. وهاهو يختطف ود الجنيد في ريعان شبابه.. فهل إرتاح أصحاب الأجندة.. ومروجي الإساءات.. وخاطبي ود التعصب.. الذين نزعوا الحياء من وجوههم بتناولهم القبيح ودفاعهم المستميت عن تصريحات غير مسؤولة.. وعن ترويجهم لمفاهيم أكثر قبحاً.. عنوانها المن والأذي.. رغم أن ما أطلقوا المبادرة كانوا أبعد الناس عن المن والأذي..!!
رحل ود الجنيد عن دنيانا الفانية.. وفي موته راحة له ولأسرته.. ولكن.. بماذا يشعر الأمين البرير والإعلام الأزرق الذي سعي بشتي السبل للحديث بطريقة غير كريمة عن المريخ ورئيسه.. ألا يشعرون بالخجل وتأنيب الضمير.. ولا أخالهم يشعرون بالراحة أبداً.. لأنهم تعمدوا مع سبق الإصرار والترصد الخوض في أحاديث تعف النفس عن ذكرها.. ناسين أو متناسين أن اللاعب وأسرته قد تأذيا من موشحاتهم التي خالفت الأعراف والأخلاق.. فماذا كان يضيرهم لو تعاملوا مع الأمر بعيداً عن سوء الظنون.. وبعيداً عن محاولات الإنتصار الذاتي التي باتت تشكل جزءاً كبيراً من عمل الصحافة الرياضية.. والسبب هو التعصب للآراء.. وللكيانات.. ومحاولات(تكبير الكيمان).. لا يحسب أي أحد منهم أن مثل هذه الموشحات(منكورة).. لأنها(شينة).. ولا أظن من خاض في قضية أفك مبادرة علاج ود الجنيد.. يمكن أن يشعر ولو لثانية.. بتأنيب الضمير.. لأن ضميرهم كان غائباً تماماً.. وحتي ولو شعر أحدهم.. فإن الكبرياء سيتملكه من أعلي رأسه وحتي أخمص قدمية.. ولن يملك الجرأة الكاملة للإعتذار عن ما أصاب الأبرياء.. ولكنه أو لكنهم.. سيظهرون بمظهر الحزين علي رحيل ود الجنيد.. وسيسيرون في جنازته وكأن شيئاً لم يكن.. وسيتحدثون عن مآثره.. رغم أن يدهم كانت مغلولة تماماً عن تقديم العون للاعب ظل يعاني لقرابة الأعوام العشرة.. وسينسون الغي الذي سدروا فيه أياماً وصفحات ومقالات وحروف مسمومة.. تجبر أي أحد من أخيار هذا الوسط الرياضي المشهور بالتكافل علي الرجوع للخلف مائة درجة.. قبل الإقدام علي إعلان أي تبرع.. لأن هناك من يسعي جاهداً لصبغ ذلك بألوان قاتمة.. تحركه العصبية البغيضة القائمة علي التبشير بمفاهيم لم يألفها الناس أبداً.. ظناً منهم أن مثل هذه الأفعال يمكن أن ترفعهم مكاناً علياً في أوساط الجماهير التي يسرقون لسانها كثيراً.. وما دروا أنها أردتهم أسفل سافلين..!!
مات ود الجنيد.. مبكياً علي شبابه الغض النضر.. مخلفاً الحسرة في النفوس.. بعد رحلة طويلة ومريرة مع المرض اللعين الذي هدّ من حيله.. وهو الذي كان يشد ساعده القوي المفتول دفاعاً عن الوطن وعن شعار الهلال.. حتي داهمه المرض وهو في فورة الشباب وعنفوانه.. فما أقسي موت الشباب.. ورغم أن الموت سبيل الأولين والآخرين.. وكلنا إلي زوال.. إلا أن ما صاحب مبادرة علاجه كان أكثر إيلاماً.. ولا يقل ألمه عن ألم رحيل أحد أفذاذ الكرة السودانية.. ولعل رحيل ود الجنيد يكون رادعاً لهؤلاء الذين إستمرأوا الخوض في أمور تافهة بعيدة كل البعد عن الأخلاق الرياضية.. ونتمني أن يكون الأمين البرير الذي أشعل نار هذه الفتنة عن جهل وجهالة قد إتعظ برحيل ود الجنيد.. لأن ما أتي به لم يأت به أحد من قبله.. لذا وجد الإستنكار من الجميع.. وأن يعي تماماً أن المعاني الجميلة التي ظل يتميز بها الوسط الرياضي دوناً عن كل الأوساط.. رغم الإختلافات الكبيرة التي تنشأ بين أفراده.. حتماً لن تموت.. ولن تموت النفوس التي تحمل الخير في ثناياها لأنها جُبلت علي فعل الخيرات.. ولن تتوقف المساعدات ووقفات الجميع مع أي حالة إنسانية تحدث فيه.. فهذا سر عظمة الوسط الرياضي.. وأن مثل هذه المبادرات لا يُنظر لها إلا نظرة واحدة.. نظرة الخير.. بعيداً عن سوء الظن الذي حاق بمبادرة علاج ود الجنيد.. ومن هذا المنطلق فإنني أتمني أن يتدافع الجمهور الرياضي بكثافة لمباراة اليوم بين المريخ والنيل الحصاحيصا.. لأن جذوة ود الجنيد ستظل متقدة فينا.. ولن تموت.. والمعاني الجميلة التي سعي لها المريخ يجب أن تستمر ولو كره الكارهون.. والهدف الذي أجبر المريخ علي التنازل عن دخل مباراة اليوم يجب أن يبقي حياً.. وأن يذهب عائد المباراة لأسرة اللاعب التي عانت وعانت لفترات طويلة من أجل أن تري إبتسامة الحياة علي محيا أحد أفرادها.. فهي تمكست بأهداب الأمل حتي آخر شهقة نفس في روح ود الجنيد.. وعلي المريخ أن يتمسك بمبادرته النبيلة وأن لا يتأثر بكل الغثاء الذي لحقها.. رغم قناعتي أن المال لا يعوض رحيل أي عزيز.. ولكن يجب أن ينفذ المريخ وعده.. وأن لا يتوقف مسعاه النبيل عند صعود روح ود الجنيد لباريها..!!
إتجاه الرياح..!!
رحل ود الجنيد.. وودع دنيانا الفانية.. فماذا بقي للذين ظلوا يوزعون الإساءات يومياً لرئيس المريخ ومبادرة لاعبيه..!!؟
هد المرض جسد ود الجنيد.. ولكنه ظل صابراً حتي آخر رمق في حياته.. وبدلاً من أن يسعي الإعلام الأزرق للوقوف معه في محنته.. إتخذوا منها وسيلة جبانة لإرضاء الأمين البرير والذين يمشون بين الناس بالعصبية..!!
الذين أساءوا فهم مبادرة المريخ.. سيكونون أول من يبكي علي ود الجنيد.. وهم الأحق بالبكاء علي أنفسهم.. لأنهم قصروا في حقه.. ولم يتركوا لمبادرة إنسانية نبيلة أن تري النور..!!؟
قالها الوالي.. أنه يحتسب كل ما تعرض له من إساءات.. وأن يكون ذلك في ميزان حسناته.. وهذا هو تأثير الكلمة الطيبة.. إن تقل خيراً أو لتصمت..!!
ولكن البرير والإعلام الأزرق لا قالا خيراً.. ولا صمتا.. وأظن الصمت يلفهما بعد رحيل ود الجنيد..!!
الكلمة الطيبة(بخور الباطن).. وهي الأبقي أبد الدهر.. وسيئ الكلام كزبد البحر يذهب جفاءً.. وقد ذهبت كل الإساءات جفاءً..!!
الأمين البرير رئيس الهلال الذي إندفع للحديث بطريقة غير كريمة وغير لائقة.. دون أن يضع أي إعتبار للأعراف.. تُري ماذا يقول بعد رحيل ود الجنيد..!!؟
كل المبادرات التي هدفت لعلاج الراحل ود الجنيد.. يجب أن تستمر.. وتسلم كل المبالغ لأسرته المكلومة.. فهو قدر ترك أطفالاً صغاراً يحتاجون لمن يرعاهم ويوفر لهم سبل العيش الكريم..!!
والدعوة خاصة لكل خيريي الوسط الرياضي.. بالتكفل ببناء منزل لأسرة ود الجنيد.. فهذا أبسط ما يمكن تقديمه لروح الراحل..!!
لك الرحمة ود الجنيد.. ونسأل الله العلي القدير أن يعوض شبابك الجنة.. وأن يكون ثواب معاناتك الطويلة مع المرض في سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة..!!