العناد ما زال مستمرا
الخروج غير المتوقع لفريق الهلال من نصف نهائي مسابقة كاس الاتحاد الافريقي (الكونفدرالية) امام نظيره الصفاقصي التونسي بركلات الحظ الترجيحية امس لن يقلل من قيمته او يؤثر على سمعته او يتسبب في بعثرة استعداداته لمباراة القمة الخميس المقبل.
ووداع مثل هذه البطولات امام فريق كبير كالصفاقصي في نصف النهائي بركلات الحظ الترجيحية افضل مليون مرة من الخسارة بفضيحة على الارض وامام الجمهور وفي النهائي.
فالفرق الكبيرة كالهلال ومن هم في مرتبته لا يتاثرون في العادة بهزيمة عابرة او خسارة عارضة او ظلم تحكيمي او أي عارض آخر اذا تسبب في حرمانها من نيل فوز في متناول اليد او لقب مستحق.
فهي سريعا ما تقوم وتنهض لتستجمع قواها وتلملم جراحها وتنطلق من جديد بروح معنوية عالية كطائر الفينيق من اجل ان تحقق اهدافها وتصل لمبتغاها , طالما كان هناك بصيص امل.
فقد الهلال نتيجة مباراة امس بسبب الحظ الذي لازمه خلال المباراة وفي ركلات الترجيح , لكنه تعرض قبل ذلك لظلم بائن من الحكم الموريشصي باسدار الذي ادار المباراة وكان سببا رئيسيا في حرمان الهلال من التاهل للنهائي في الوقت الاصلي للمباراة.
صرف الموريشصي ضربة جزاء صريحة للهلال في الشوط الاول ارتكبت مع الزيمبابوي سادومبا بشهادة المحلل التونسي نجيب الامام الذي كان جالسا في الاستديو التحليلي وبشهادة كل من شهد المباراة.
وفوت باسدار الذي يبدو انه استجاب لضغوط التوانسة بعض الاخطاء التي ارتبكبها لاعبو الصفاقصي بالقرب من منطقتهم والتي كان يمكن ان يستفيد منها الهلال ويسجل عبرها اكثر من هدف.
وبعيدا عن ما اقترفه هذا الموريشصي في حق الهلال من ظلم , فاننا لا بد ان نشيد باداء الفريق الازرق في المباراة والطريقة التي لعب بها والتي مكنته من بسط سيطرته التامة على الملعب.
في الشوط الاول سيطر الهلال على اكثر من سبعين في المائة من وقت المباراة وسجل هدفا جميلا عن طريق كاريكا من عكسية هيثم البديعة , واضاع حوالي ثلاث فرص.
وفي الشوط الثاني زادت نسبة سيطرة الفريق الازرق عن الشوط الاول وارتفعت الى 85% لكنه لم يوفق في الوصول لشباك الحارس الخلوفي , لسوء الطالع في اغلب الاحيان ثم لعدم التركيز في احيان اخرى.
لم اشاهد الهلال يؤدي بهذا الشكل الرائع والبديع منذ امد بعيد , فقد كنا نشعر ان كل شيء كان مرتبا ومخطط له , حيث كان كل لاعب يؤدي دوره المطلوب منه في الميدان بمسؤولية واحترافية.
حتى عبداللطيف بويا الظهير الايسر حديث التجربة في مثل هذه المباريات والذي كنا نخشى عليه من (صعلقة) التوانسة كان من ابرز نجوم المباراة وقدم مردودا جيدا.
الخطأ الوحيد الذي ارتكبه المدرب ميشو في المباراة , اطاح بالفريق من البطولة , والخطأ هو وضعه للنيجيري يوسف محمد ضمن اللاعبين الذين كلفوا بتنفيذ ضربات الترجيح الخمسة الرئيسية.
فالنيجيري الذي غاب عن المشاركة مع الهلال في ثلاث مباريات رسمية بسبب الاصابة , وجلس امس على دكة الاحتياطي امس لانه لم يكن جاهزا , كان الزج به في الركلات الترجيحية خطأ شنيعا.
الجميل بعد المباراة هو تقبل جماهير الهلال للخسارة بصدر رحب والتزامها ادب التشجيع المثالي وحرصها على رفع معنويات اللاعبين وتذكيرهم باهمية مباراة الخميس.
والاجمل تجسد في ثبات اللاعبين ورباطة الجأش التي اظهروها عقب نهاية المباراة وعدم تاثرهم بالخروج ثم الالتفاف غير العادي الذي حدث نحوهم من الادارة والاقطاب.
وما حدث امس من الجماهير واللاعبين والادارة والاقطاب وتجاوزهم لصدمة الخسارة بتلك السرعة , يشير الى ان الجميع كانوا مستعدون لمواجهة كل الاحتمالات.
ونحسب ان ذلك سيصب في مصلحة الفريق وسيجعله مؤهلا لكسب مباراة القمة يوم الخميس وتعويض الخروج من الكونفدرالية بالمحافظة على لقب الدوري ثم كاس السودان.
آخر الكلام
في الوقت الذي كنا ننتظر من ميشو ان يمنح الفرصة لخليفة وبشة تنفيذ ركلات الترجيح باعتبار انهما اصحاب تجربة , فاذا به يحرمهما ويتيح الفرصة ليوسف غير الجاهز وباري دمبا المتردد.
يوسف الذي اطاح باكثر من ركلة جزاء وهو في كامل جاهزيته كان من الطيعي ان يفشل امس في تنفيذ الركلة بشكل صحيح وهو متاثر باصابة حرمته من اللعب مع الهلال في ثلاث مباريات.
الدقيقة 11 التي سجل فيها الهلال هدفه في شباك الصفاقصي امس , في هذا الوقت كانت شباك المريخ من نفس الفريق قد اهتزت مرتين في نهائي الكونفدرالية عام 2007.
وضح من مباراة امس ان ادارات الفرق التي لا تحسن التعامل مع الحكام الافارقة لن تستطيع تحقيق أي بطولة مهما بذلت من جهود في بناء فرقها وتدعيمها.
ليس هناك سببا واحدا يجعل الصفاقصي التونسي يتاهل لنهائي البطولة على حساب الهلال , ونعتقد ان اي شخص بيفهم في الكرة شاهد المباراة سيتاسف على خروج الهلال وعلى حال التحكيم الافريقي الظالم.
ولذلك ننتظر من اداراة الهلال ان تعيد النظر في التعامل مع قادة الاتحاد الافريقي ومع لجانه المختلفة , وبالذات لجنة تحكيمه , لان السكوت عن هذا الظلم سيغري بالمزيد من الظلم.
في عام 1989 فاز المريخ بكاس الكؤوس الافريقية (مانديلا) لان ادارته بقيادة الراحل عبدالحميد الضو حجوج ومحمد الياس محجوب عرفت كيف تتعامل مع الحكام.
ولولا براعتها في ذلك لما تمكن الفريق الاحمر من الفوز بتلك البطولة اليتيمة , رغم ان الفرق التي واجهها لمريخ في تلك السنة كانت جميعها من الفرق المغمورة.
الاداء القوي الذي قدمه الهلال امام الصفاقصي يشير الى افضليته محليا ويؤكد بانه سيكون جاهزا لاكتساح المريخ في مباراة الخميس وبعدد وافر من الاهداف.
تحققت امنية اغلب المريخاب بعدم تاهل الهلال لنهائي الكونفدرالية , وامكانية فوزه بلقب خارجي لكن يبدو انهم لا يدرون عن الراجيهم يوم الخميس في نهائي الدوري.
ومن الاسباب غير الخافية والتي تجعل غالبية المريخاب لا يتمنون فوز الهلال ببطولة خارجية, عدم ثقتهم في قدرة فريقهم بتكرار انجاز 89, وخوفهم من انطلاق الهلال خارجيا وفوز بالقاب عدة اذا فاز باللقب مرة.