• ×
الأربعاء 8 مايو 2024 | 05-07-2024
احمد الفكي

ثقافة الحوار

احمد الفكي

 0  0  1707
احمد الفكي

الحوار الوطني الذي يتنسم عبيره وطني الحبيب سودان العزة و الكرامة خطوة نحو أفق السمو و النهضة و السلم و تنمية العقد الاجتماعي .
منذ نهاية يناير 2014 و دعوة رئيس الجمهورية فخامة المشير عمر البشير لحوار شامل و قومي لكل القوى السياسية هي بشرى خير.. لما لا و الحوار هو مفتاح لحل كافة المشاكل السهلة و المستعصية و للحوار ثقافته التي تعتمد على المبدأ الأساسي المتمثل في العقيدة التي لا تقبل المساومة حيث أرشدنا القرآن الكريم إلى الخطاب العام لعامة أهل الكتاب من اليهود و النصارى و من جرى مجراهم فكانت دعوة لحوار شفاف لا لبس يكتنفه فقال الحق في محكم التنزيل : ( قُل يا أهلَ الكتابِ تَعالَوا إلى كلمةٍ سواء بيننا و بينكم ألا نعبُدَ إلا اللهَ و لا نُشركَ به شيئاً و لا يتخذَ بعضُنا بعضاً أرباباً من دونِ اللهِ فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنَّا مُسلِمونَ .)64 آل عمران . هدف الحوار واضح جلي في هذه الآية الكريمة تحديد القضية و الهدف التي لا تقبل المساومة حيث جميعنا ألا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئاً , لا وثناً و لا صليباً ولا صنماً ولا طاغوتاً ولا ناراً و لا شيئاً . بل إفراد العبادة لله وحده .
كما جاء الحوار في كثيرٍ من الآيات التي تبين لنا أهمية الحوار للوصول للحقيقة و الهدف .
للحوار ثقافته التي من أهمها تفعيل ثقافة التنازل في سبيل الوصول لاتفاق يُفضي لتحقيق الهدف و لنا في صُلح الحُديبية المثل و القدوة الحسنة . هنا أدعوك عزيزي القارئ لعودةٍ إلى الوراء الزمني قليلاً لنُقلِّب بعضاً من صفحات الحوار الذي حمل عنوان صُلح الحُديبية , بعد أن تأكد لدى سادات مكة بالوجه القطعي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرر دخول مكة بالقوة العسكرية , فقد أصاب القرشيين الخوف و الذعر بناء على تقرير إخباري تلقته قريش من بعض زعمائها الذين ذهبوا للحديبية لاستطلاع الموقف وقتها سارع زعماء قريش في طلب الحوار من أجل الصُلح مع المسلمين .
لرسول الله صلوات ربي و سلامه عليه نظرته الثاقبة و هو العالم بثقافة الحوار الذي لا بُدَّ فيه من تنازلات حيث النقاط الرئيسة لتلك المعاهدة التي توصَّل إليها مع ممثل قريش سهيل بن عمرو بن عامر تتضمن هذه النقاط
أن يرجع رسول الله صلى الله عليه و سلم بأصحابه عن مكة هذه السنة على أن يعود إليها في العام القادم .
أن تضع الحرب أوزارها بين الفريقين لمدة عشر سنوات يأمن كل طرف الطرف الآخر .
أنَّ من يأت النبي صلى الله عليه و سلم مسلماً بدون علم أهله فإنَّ عليه أن يرده . و أنه من يأت قريشاً مرتداً عن الإسلام فإنَّ ليس للمسلمين الحق بالمطالبة به أو رده إليهم . و لم يبق إلا الكتاب .
حتى كتابة الوثيقة قد شعر فيها المسلمين بالإجحاف و الظلم عندما كان يعترض سهيل بن عمرو بن عامر على ما يمليه رسول الله صلى الله عليه و سلم لكاتب المعاهدة علي بن أبي طالب , عندما قال له أكتب " بسم الله الرحمن الرحيم " فاعترض سهيل قائلاً لا أعرف الرحمن . أكتب باسمك اللهم . فضج الصحابة على هذا الاعتراض قائلين هو الرحمن و لا نكتب إلا الرحمن و لكن الحبيب المصطفى صلوات ربي و سلامه عليه تمشياً مع سياسة الحكمة و المرونة و الحلم أمر الكاتب ن يكتب باسمك اللهم . و استمر في إملاء صيغة المعاهدة فأمر الكاتب أن يكتب : " هذا ما اصطلح عليه رسول الله , و قبل أن يُكمل الجملة اعترض سهيل قائلاً : لو أعلم أنك رسول الله ما خالفتك , و اتبعتك , أفترغب عن اسمك و اسم أبيك محمد بن عبد الله ؟ هنا تجلت ثقافة الحوار بكل معانيها للمصطفى صلى الله عليه و سلم وتسامحه الجم و بعد نظره عندما أمر الكاتب أن يمسح كلمة رسول الله من الوثيقة , و بذلك انتهت آخر مرحلة من مراحل النزاع و كُتبت المعاهدة من نسختين و تم التوقيع و الإشهاد عليها . فكانت نتيجة ذلك الصلح الفتح المبين الذي قدره الله .
من ثقافة الحوار التي نبعت من صُلح الحُديبية يجب أن تكون قبسها حاضراً في الحوار الوطني الذي انطلق في العاشر من أكتوبر 2015 بالخرطوم التي رسخت بناء الثقة و تهيئة الأجواء ليكون مطلب الحريات و التحول الديمقراطي , لنردد جميعاً نعم للحوار الوطني السوداني من غير وسيط من أجل سودان يسع الجميع .
نعم لحوار وطني يخرج بوثيقة سياسية و عقد اجتماعي فريد يرتضيه الجميع ينتقل به وطننا إلى مرافئ النهضة و السلام و التقدم و العمران و التنمية .
* آخر الأوتاد :
لنتعلم ثقافة التنازل في الحوار من أغصان الشجرة عندما تهب عليها الرياح فنراها تميل اتجاه الرياح طواعية ًحتى تهدأ فتعود أغصانها كما كانت قبل العاصفة دون أن يُصيبها كسر أو سقوط .
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : احمد الفكي
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019