التحكيم ضاغط
* الملمح الأبرز في المباريات الست التي خاضتها فرق الممتاز في اليوم الأول للبطولة هو الظهور المكثّف للبطاقة الحمراء ، أشهر قضاة الملاعب 5 بطاقات حمراء في ست مباريات وهي نسبة كبيرة جداً ورقم قياسي في بطولة لم تكمل أسبوعها الأول إذا اعتبرنا أن مباراة الأمس بين الموردة وأهلي مدني خارج منظومة المباريات التي شهدت الظهور المكثّف للبطاقات الحمراء التي لم تستثنِ أحداً ، ظهرت في وجه لاعبي المريخ مرتين في كادوقلي وظهرت مرتين في وجه لاعبي الميرغني ومرة واحدة في وجه لاعبي الهلال.
* والحديث هنا عن البطاقات الحمراء فقط باعتبارها القرار الأصعب الذي قد يلجأ له أي حكم تبدأ خياراته من الإنذار الشفهي وتمر بالبطاقة الصفراء ثم تصل بعد ذلك إلى محطة البطاقة الحمراء التي تفرض على اللاعب المغادرة لغرفة الملابس قبل نهاية المباراة أو هاية الزمن المحدد لوجوده داخل الملعب، والشئ لذي استخلصه الجميع من مباريات الدور الأول في بطولة الممتاز هو أن التحكيم سيكون ضاغطاً ومتشدداً إلى أبعد حد.
* لقد ظل التحكيم منذ انطلاقة بطولة الدوري الممتاز يجد النصيب الأكبر من سخط وغضب المتابعين للمنافسة، لم يكن الهجوم على التحكيم وقفاً على الهلال والمريخ وأنصارهما الذين لا يرضون بالفوز الدائم بديلاً، لكن نغمة الهجوم على التحكيم كانت النغمة الأكثر رنيناً في كل مباريات البطولة بغض النظر عن الفريقين المتباريين، وفي تقديري أن الحملة قد بلغت أشدها الموسم الماضي وهو ما دفع اتحاد الكرة لتشديد الخناق على الحكم وتسليط سيف العقوبات البتّار فوق رؤوسهم جميعاً.
* الحزم في مباريات كرة القدم أمر جيد بالنسبة للحكم، لكن الأجود منه إحقاق الحق وعدم الميل لهذا الفريق أو ذاك، وعندما نقول مثل هذا الحديث فإننا بكل تأكيد لا ننادي بأن يتسامى الحكم فوق أخطاء البشر، بل أن الأخطاء غير المؤثرة على نتيجة مباراة تبقى من الضروريات مثلها مثل أخطاء اللاعبين التي تنتج عنها الأهداف، معروف عن كرة القدم أنها لعبة أخطاء، والفريق الذي يستفيد من أخطاء خصمه هو الذي يكسب ويحصد النتائج، ومن هذا المنطلق يمكن قبول بعض أخطاء الحكّام.
* ومع أهمية التشدد مع الحكام يصبح هنالك دور متعاظم أمام المدربين وإدارات الكرة بالأندية المختلفة لتجنيب اللاعبين مغبة الوقوع تحت طائلة البطاقات الملوّنة التي تفقد الفرق مجهودات لاعبيها وتخرجهم في كثير من الأحيان عن أجواء المباريات، بل أن أثرها في أوقات كثيرة يمتد إلى المدرجات فيتشنّج الجمهور وتعلو هتافاته المعادية ليست فقط للحكم، لكن حتى لاعبي فريقه، وهنا يصبح الأمر دورة لا تنتهي وتسلب المباراة الكثير من متعتها وجمالها.
* الشدة التي أظهرها حكام الممتاز في مباريات اليوم الأول من شأنها أن تسهم في نزع فتيل عنف الملاعب، لكن يبقى الأمر المهم أن ينتزع فتيل التوتر والاحتجاج الذي تتسبب فيه بعض أخطاء الحكام المؤثّرة ونركّز على المؤثّرة هذه لأننا ننادي بالنظر إلى الحكم باعتباره بشر يعتريه ما يعتري البشر من أخطاء نتيجة فقدان التركيز في لحظة من اللحظات.
* وختاماً نقول إن أمر التحيكم لا ينصلح فقط بإشهار البطااقات الملوّنة والسخاء في حالات الطرد، الحكام بحاجة إلى تأهيل، نحن بحاجة لأنّ نقدّم حكامنا إلى العالم ليست على طريقة خالد عبد الرحمن صاحب اليتيمة في نهائيات أمم إفريقيا بأنجولا لكن على طريقة الحكام الكبار الذين تسند إليهم إدارة المباريات الصعبة ذات الثقل الفني والجماهيري الكبير، ونتمنى أن يساعد الحكام أنفسهم قبل أن يساعدهم الغير للتقليل من هتاف التحكيم فاشل في خطوة نحو اختفاء الهتاف بصورة نهائية مستقبلاً إن شاء الله.