• ×
الأحد 5 مايو 2024 | 05-04-2024
جلال داوود ابوجهينة

نحن كدة

جلال داوود ابوجهينة

 0  0  1487
جلال داوود ابوجهينة
تفاحة آدم والنوم في البصل:
بما أن التفاح في السودان يدخل في باب ( الرفاهية وأحيانا باب البوبار الاجتماعي وفي أحيان قليلة جدا يدخل عند البعض في باب العلم بالشيء ولا الجهل به ) ، وشجرته لا تنمو عندنا في معظم أقاليمنا شأنه شأن شجرة الموز والذي يقال عنه أن أحدهم لم يكن قد رآه من قبل فقام بأكل قشرته ورمى بالثمرة الأصلية على أساس أنها (النواية ) وأن واحدة قد قامت بطبخه على أنه بامية من نوع غليد وماكن و ( أنه بيتلايق ) بسرعة دون اللجوء للمفراكة ،، لذا فإن البصل والدوم (نسميهما تفاح الغلابة ) .. ويقومان بعمل البديل النفسي الذي نخدع به أنفسنا كلما رأينا التفاح وعجزنا عن شراءه تماما كذلك القط الذي حاول مرارا الوصول لقرعة الحليب القابعة في المشلعيب ( المعلاق ) وعندما فشل في الوصول إليه قال ( أكيد دة حليب معفن وبايت ) .. وذهب و هو يلعن ( الحاجَة التي هي أم الإختراع )..

الغريب أنه لا تفاح لدينا، والتفاح أول من أكله هو أبونا آدم في الجنة، ولكن رغم ذلك فإن أسم آدم منتشر لدينا انتشار البنغال في الخليج ... لذا فإن أي آدم سوداني لديه ذلك النتوء الغضروفي يمكن أن نطلق على نتوءه ( دومة آدم ) أو ( بصلة آدم ) .. لأننا لو قلنا له: يا آدم دي أسمها تفاحة آدم فسيضحك ويقول : ( هو في تين ؟ ) وسيعتبرنا نستهزئ به ..

( قَرْشة تمهيدية )

عشاق البصل لدينا من الرجال والنساء يتمتعون بخاصية متفردة في المقدرة على النوم وقتما شاءوا وأينما كانوا وكيفما أرادوا ،، فكم من رجل سبح في بحور النوم وفاتته محطته ، فنزل في محطة ( طيرها عجم ) وهو يلعن الكمساري وسائق الباص .. وكم من امرأة نامت في الباص فتدلدل رأسها على صدرها ثم ترفعه بحركة آلية فينحسر التوب عن رأسها ويظهر شعرها ( المكوفت ) ونصف الممشط .. ثم تدريجيا يتدلدل رأسها مرة أخرى على ترقوتها لترفعه بحركة مفاجئة ليرتاح على كتف الرجل الجالس على يمينها ، فيعطيها كتف قانوني ليرتمي رأسها على صدر الرجل الذي على يسارها وكأنها في رقصة ( ظار ) بفعل الدقداق والباص معدوم اليايات وبمفعول تلك البصلات .. ولو استعملنا الأشعة فوق الحمراء أو التي تحت البنفسجية بعد الوجبة البصلية لوجدنا أن طبقة كبيرة من الفوسفور المُشِع ينطلق من فتحتى الأنف ومن الفم ويقال والعهدة على الراوي أن طبقة الأوزون قد (إنخرمتْ ) بفعل هذا الفوسفور المتنامي لدينا ولدى ( الصعايدة ) في مصر السٌفْلَى ... وينطلق هذا الفوسفور بمصاحبة ( شخرة سيمفونية ) تصلح لأن تكون خلفية موسيقية لفيلم الفك المفترس الجزء الرابع ..

( توابع البصل كتوابع الزلزال ) : من أقوال ريختر سوداني :

والبصل به مادتين يدمنهما الآكل ولا علاج من إدمانهما ،، فقرقشة البصل بين الأسنان تجعل مادة سائلة لها رغوة خفيفة تنساب وتلتصق بالأسنان و تعطيها إحساسا بالخَدَر الوقتي وإدمانا وقتيا يستغرق زمن الوجبة ويجعل الرأس في حالة (نَتْح) طلبا للمزيد ، ويزول الخدر والإدمان تدريجيا عند التهام اللقمة التي تَلِي القرقشة البصلية ، وخاصة إن كانت اللقمة من وجبة مكونة من ملاح ( أم رقيقة أو الويكة الحمراء ) أو ( العصيدة بأنواعها ) .... أو عِشْقي الأزلي (التركينج سيء السمعة والرائحة ) ...... لأن هذه الأكلات بها مادة أسمها ( Anti Onion Anesthetic ) ويسميها بعض علماء الفرنجة ( Onion Nectar Eraser ) ولأن هذه الأكلات تقتل فقط مفعول المادة إياها التي في البصل ، لذا فقد تجاهلها عمدا علماء ومخترعو ( معطرات الفم ) حتى لا ينطبق عليهم المثل ( كالمستجير من الرمضاء بالنار ) .. ولاذوا بالمثل ( جِنَا قديم ولا جِنًا جديد ) ..
والمادة الثانية تبدأ مفعولها كما أسلفنا بعد انتهاء الوجبة حيث نجد أن آكل البصل قد زاغت عيناه وأصابهما ( حَوَلٌ ) طفيف ولكنه ليس من النوع الذي يمكن أن نطلق عليه ( إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا ) ، بل هو حَوَلٌ يجعل الآكل منكسر النظرات، لا اتجاه لها، عابس الوجه، لا يراك رغم أنك تجلس على بعد متر واحد منه ومع أن عينيه نصف مفتوحتين.. وتنتابه على فترات متقطعة رجفة طفيفة في الشفة السفلى ويتمتم بكلام مبهم ويمضغ لقمة وهمية في فمه ويزدرد ريقا معدوما لا وجود له، مع مط الشفتين للأمام وكأنه يقول ( أدٌوني قدٌوم ) .... وتنساب هذه المادة من لسانه بواسطة لعابه إلى المعدة ثم عن طريق الجهاز العصبي المركزي إلى المخ مباشرة دون الحاجة إلى تلك الإشارة العصبية التي تحتاجها الكحوليات للصعود بالتبخر إلى المخيخ و إصابته بالسُكْر و العربدة ،، فهذه المادة تنتقل كانتقال الصوت عبر اللاهوائيات ( اللاسلكي ) ويمتد مفعولها إلى حين موعد ( البصلة ) التالية في أقرب وجبة .. وهَلٌم بَصَلا ..

( كَدًة ثانية لها صوت )

أحب الدوم عموما و خاصة الذي ما زال طريا ولم يصل حالة النشفان الحجري والذي كان يستلزم منا ضربات متتالية من ( يد الفندق ) وتلويث الدوم برائحة البهارات العالقة به .. وكنت وأنا صبي بارعا في إصابة مرمى شجرة الدوم العالية بالحجارة لتتساقط حبات الدوم ونتسابق لتلقفها.. وأحب الدوم رغم كراهيتي للذي ينحشر بين الأسنان بعد كل كدَة ..

( كَدًة أخيرة قبل رمْى الكَدٌويَة ) :

أما عشاق الدوم الجاف فهم غالبا من ذوي الأسنان الصلبة والقواطع الحادة و الأضراس المتينة وذوي أفكاك راسخة في القوة، وغالبا ما تكون أسنانهم الأمامية العلوية نافرة للأمام كالبطل الكرتوني (بَقْز بَنِي) مع لسان قصير مدبب من الأمام وخشن الملمس كالحجر المستعمَل في فَرْك كعب القدم لإزالة ( القشف والكَدَب ) وتفيدهم هذه المواصفات المكتسبة وراثيا في تفادي الأطراف المدببة والخشنة في الدومة اليابسة، ( رأيت مرة أحد هؤلاء يقضي على كوب آيس كريم من لحسة واحدة وبقيتْ بين أصابعة فقط قطعة صغيرة من بسكويت الآيسكريم تشكو الغربة المفاجئة ) ..
واحد من هؤلاء الفئة من مدمني الدوم اليابس ،، قام بأكل تفاحة لأول مرة في حياته في زمن قياسي ( يؤهله لموسوعة غينيس ) ،، أكلها بنفس طريقة أكْل الدوم ( 2-4-2 ) وبعد أن انتهى منها دون أن يترك أثرا للبذور أو الجزء الذي في وسط التفاحة .. فقد أبتلعها في غمرة اكتساحه للفاكهة الناعمة الهشة.. قال وهو بين مستغرب ومستمتع مفنجلا عينيه : غريبة .. الشي دي مافيها كَدٌويَة ..






امسح للحصول على الرابط
بواسطة : جلال داوود ابوجهينة
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019