• ×
الأربعاء 8 مايو 2024 | 05-07-2024
صلاح شكوكو

لاولى النهى

صلاح شكوكو

 0  0  1281
صلاح شكوكو
اللياقة الذهنية للاعبين
( صلاح شكوكو)
من الأمور الهامة في عالم التدريب جانب اللياقة الذهنية، وكثيرون في الحقيقة يتصورون هذا الجانب ليس مهما ، وربما يعتقدون أنه جانب من جوانب الترف التدريبي أو الفلسفة العامة التي يتشدق بها المدربون والمحللون لتشتيت التركيز وزيادة رقعة المناورة، لكن قليلون فقط من يؤمنون بأهمية اللياقة الذهنية وهؤلاء الذين يؤمنون بهذا الجانب هم من الذين مارسوا كرة القدم حقيقة ويدركون بوعيهم الذاتي ضرورة البنيان الذهني بين اللاعبين لتحقيق أقصى قدر ممكن من حسن التصرف الفني والإنساني .

المشاهد لمباراة الهلال والأفريقي التونسي الأخيرة يمكن أن يستدرك جانبا هاما من هذه اللياقة الذهنية والتي تتأتى في عدم السماح للأحداث من أن تجتاحك .. بل أن تتصرف على نحو وكأن هذا الإجتياح قد كان متوقعا من قبل وأن ردة الفعل ذاتها كانت معقودة في اللاعبين ولم يضطر الإداريون الى الدخول الى ساحة اللعب لتثبيت اللاعبين من أي حماقة كانت يمكن أن تكلف اللاعبين كثيرا .

ولرفع الإنجاز الرياضي لأقصى درجة يحتاج الرياضيون إلى تنمية هذه المقدرات الذهنية حتى يكون التفكير إيجابيا وعلى نحو مفيد من خلال حسن التصرف والكياسة، خاصة حينما يقع الفريق في براثن تصرفات لم تكن في التصور وجاءت على نحو من الفجائية والصدفة، أوجاءت على نحو طاريء حتى أصبحت حدثا يسيطر على الموقف بحيث إحتاجت هذه الأفعال لردود أفعال منضبطة فيها قدر كبير من الألتزام وضبط النفس .

لذلك كان من أوجب الواجبات على المدرب أن ينمي القدرات العقلية للاعبين من خلال ضخ كم كبير من التوجيهات المباشرة واللامباشرة لمساعدتهم على التفكير السليم والتصرف المناسب أثناء المباراة، وأثناء الأزمات التي تعترى الفريق في التنافس الداخلي والخارجي ، خاصة وأن هناك كثير من اللاعبين لا يقتنع إلا بالأحداث الواقعية التي أمامه، مما يجعلها خير معلم له في الحياة، كما أن من أوجب واجبات المدرب أن يكسب لاعبيه المعارف والمعلومات النظرية والتطبيقية الهامة مثل قواعد وقوانين اللعب والنواحي الصحية والنواحي الفنية والخططية الخاصة، لمساعدة لاعبيه على تفهم مثل هذه الأمور والتعامل معها ذهنياً.

إن الشعور بالرهبة عند المباريات أمر طبيعي يزداد كلما كان التناول الإعلامي لها كبيرا، بل قد تصبح المباريات هاجساً يعيشه اللاعبون بقلق وتوتر كبيرين، وقد يعاني من ذلك المدربون والإداريون والجمهور وهنا تكمن الخطورة لأن شدة الإنفعالات تكون عند الذروة وهنا يتصرف الجميع بردود أفعال سريعة ربما تقود الى نتائج كارثية، ومن الصعب إزالة الاعتقاد السلبي بمجرد التعرف عليه، وهنا يأتي دور الإعداد الذهني خلال جرعات التدريب والمباريات، للعمل على المعالجات الممكنة التي تجعل اللاعبين على قدر كبير من التوازن النفسي والذهني..

كما يجب على المدرب أن يقتنع فعلا بأهمية الإعداد الذهني وأن لا يتصوره قدرا من الترف التدريبي لأنه لو لم يقنع بذلك فإنه سيهملة وسيكون فريقا غير قادر على إدارة ذاته أثناء الأداء والأزمات الطارئة في الملعب ،

والإعداد الذهني لم يعد واجبا مهما من واجبات المدرب التعليمية بل أصبح جانبا لا يقل عن التدريبات الفنية الأساسية التي يقوم بها، لأن تنمية القدرات العقلية للاعب تجعله لاعبا واعيا ودركا وعلى نحو من النضوج الفكري ، بل أن اللياقة الذهنية تجعل اللاعب بملكات إبداعية خلاقة، وتجعله قادرا على التصرف على نحو من الهدوء والرويّة وحسن التصرف، والأمر الذي يكسبه حب الجمهور ويزيد رصيده الفني بين زملائة والخصوم والجمهور .

فكثيرا ما نشاهد لاعبين يمسكون بالكرة في وسط الملعب ويرفعون رؤوسهم للأعلى بكل ثقة وإقتدار حتى إذا مالاحت الفرصة يوجهون الكرة على نحو طيب بعد قراءة الأحوال التي أمامهم، وفي ذات الوقت نجد معظم اللاعبين يتحركون بسرعة قد تكون غير مبررة في أحايين كثيرة لدرجة أنهم يخطئون في التمرير والتسليم، والسبب وراء هذا وذاك أن الأول على قدر عال من اللياقة الذهنية بينما الآخر مرتبك على نحو فوّت عليه حسن التصرف والهدوء .

والمشاهد أن التركيز والانتباه يؤثر تأثيراً مباشراً في أداء اللاعبين أثناء سير المباراة التي تتغير فيها المواقف والظروف على نحو مستمر في كل لحظة ولحظة ، فتارة يكون الفريق مهزوما وهذا يحتاج الى تصرفات على نحو معين، وتارة أخرى يحقق الفريق قدر من التعادلية أو الفوز وتارة قد تهبط معنويات الفريق الى أدنى مستوياتها، وهنا يحتاج الفريق الى قدر كبير من التركيز الذي لا يتأتى إلا من خلال عناصر تمتلك خاصية التصرف الهادي الذي يمكن أن يجعل الفريق قادرا على التوازن من جديد .

لذا فإن التركيز يلعب دوراً مهما وبشكل واضح أثناء المباراة فيتمكن اللاعب من التعامل الدقيق وفق موجهات اللحظة، من خلال الإدراك الحقيقي والدقيق للمواقف ومن خلال قراءة الفريق المنافس والزمن والوقت المتبقى من المباراة ، حيث يستطيع أن يؤدي العمليات الذهنية بالسرعة المطلوبة وبالطريقة السليمة، ولذلك يتم التدريب على تركيز والانتباه في أثناء التدريبات بحيث تكون كلها عمليات مستمرة تحقق درا عاليا من الإستيعابية الذهنية من خلال وحدة التدريب.

ويبقى السؤال الأهم عن مدى ضرورة الحد الأدنى من الدراسة الأكاديمية التي تتيح للاعب فرصة إستيعاب هذه العناصر التدريبية وهضمها لتكون جزءا مكملا من الممارسة التي بدونها لن تحقق هذه التمارين غاياتها النهائية وفائدتها المرجوة ، وتتضح أهمية ذلك من خلال (الملاحظة) التي تعد أحد المكونات المهمة للمقدرة الذهنية لأنها تعطي اللاعب القناعات ويكون لها أثر كبير في اليقين بها،لأنها تشكل اليقين الذاتي الذي يبني شخصيته.
..................
ملء السنابل تنحتي بتواضع .. والفارغات رؤوسهن شوامخ
................
صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو)
Shococo@hotmail.com

امسح للحصول على الرابط
بواسطة : صلاح شكوكو
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019