بهدوء
اقالة البرير وازمة القوانين !
اخيرا حسم السيد وزير الشباب والرياضة بولاية الخرطوم القضية الادارية بنادى الهلال وذلك باقالة الامين البرير رئيس النادى منصبه دون بقية زملائه فى مجلس الادارة الذين حولهم الى ( لجنة تصريف اعمال ) وهى الخطوة التى تشير بوضوح ان قرار الوزير كان القصد منه الامين البرير قبل ان يكون معالجة قانونية للازمة الادارية بالنادى التى شهدت مراحل من التصعيد خلال الفترة الماضية وذلك منذ ان اصدر البرير قراره بشطب كابتن الفريق هيثم مصطفى !
من الطبيعى ان يجد مثل هذا القرار تأييدا واسعا وسط مجموعة كبيرة من انصار النادى الذين يعتبرونه انتصار لهم وبداية تصحيح لكثير من الاخطاء التى صاحبت مسيرة مجلس ادارة الامين البرير الذى كما نعلم تعرض من ( ذوى القربي ) الى كثير من الضربات تحت الحزام مصاحب بهجوم اعلامى منظم الا انه صمد امام كل ذلك وحافظ على شرعيته دون ان يتعرض للانهيار من الداخل كما كان مخططا له من بعض الاعضاء الذين استخدموا سلاح الاستقالة بقصد احراج البرير والتعجيل برحيله بعدما سدت امامهم كل المنافذ من اعتصامات ومسيرات وحملات اعلامية ,, الى ان جاءت استقالة العسقلانى التى قصمت ظهر البرير وسحبت منه الشرعية ليتحول مجلسه الى لجنة مسؤولة عن تصريف الاعمال الى حين تعيين للجنة للتسيير !
لايستطيع احد من المناهضين لاستمرارية الامين البرير ان يكابر على ماقدمه للنادى خلال فترة توليه الرئاسة خاصة فيما يتعلق بملف المحترفين وقدرته على توفير المال اللازم فى التعاقد مع اللاعبين والاجهزة الفنية فضلا عن تسديد فواتير العمل اليومى الذى كما نعلم اضحى هاجسا فى الاندية الكبيرة التى لاتحصل على اى دعم من الدولة ,, ولكن بعيدا عن كل ماقدمه الامين البرير فان قرار اقالته على النحو الذى تم بالامس يعيد الاندية الى المربع الاول الذى يتعلق بالتصادم المستمر والتقاطع بين القوانين الادارية لدى المفوضية والشرعية التى تحصل عليها ادارات هذه الاندية من خلال انتخابها المباشر من الجمعيات العمومية , حيث وضح ان اى خلاف بين الاعضاء داخل مجالس ادارات هذه الاندية يمكن ان يكون سببا مباشرا فى ان يعطى الشرعية للوزير عبر المفوضية بالتدخل وحل مجالس ادارات الاندية واللجوء الى التعيين , و اصبحت الاستقالة هى السلاح الذى يمكن ان تستخدمه اى مجموعة داخل المجلس على خلاف مع الرئيس ان تكون سببا فى اقالته من منصبه وبالتالى نسف الاستقرار داخل النادى ومايترتب على ذلك من التزامات مالية تجاه اللاعبين والمدربين وغيرهم من العاملين فى النادى .
الوزارة او المفوضية يجب ان توفر الحماية لمجالس الادارات المنتخبة ومنحها الفرصة فى دعوة الجمعية العمومية لاتخاذ ماتراه مناسبا بوصفها اعلى سلطة فى النادى ومخولة بمحاسبة الرئيس او غيره من الاعضاء , بدلا من التسرع فى اتخاذ قرار الحل والتعيين وادخال الاندية فى ازمات مفتعلة يصعب على من يتم تعيينهم حلها ,, فالهلال تحول الان الى ناد مديون للسيد الامين البرير الذى قال ان ديونه بلغت 14 مليار جنيه وهو عازم على المطالبة بها امام اللجنة التى شكلها الوزير كما قال لحصر ديون النادى ,, فهل تستطيع لجنة الدكتور التهامى او من يأتى بعدها تسديد هذه الديون الى جانب تسيير الاعباء الاخرى التى يحتاجها الفريق ولاعبيه وجهازه الفنى ؟
اقالة الامين البرير من منصبه ليست قضية فردية وانما هى جزء من ازمة القوانين التى تحد من حرية الراغبين فى العمل الرياضى وتعمل على تقييدهم فى الوقت الذى يفترض ان يدخل العمل الرياضى فى السودان فى هذه الفترة مرحلة انتقالية تحرر الاندية من قيود الحكومة الى فضاء الاحتراف الواسع بتحويلها الى شركات مساهمة عامة ومنحها التراخيص التى تبيح لها ان تتحول الى سلطة الافراد ليديرونها ويقرروا فى شأنها وفقا لقانون الشركات العامه ,, ولكن كما يبدو ان هذا التحول سيظل مجرد حلم يصعب تحقيقه طالما ان مسودة قانون الشباب والرياضة الجديد الذى عرض مؤخرا فى ندوة بمجلس الوزراء لم يحمل جديدا فى هذا الشأن بل كرس من سلطة الدولة وهيمنتها على الاندية ووصفها من جديد بالهيئات الشبابية والرياضية لتكون تحت رحمة ولاة الولايات وموظفى وزارات الشباب والرياضة ,, لهذا ابشروا بعهد جديد وبالمزيد من الاقالات والحل والتعيين !
مرة اخرى نؤكد ان هذا ليس دفاعا عن البرير الذى نتفق على اخطائه التى ارتكبها فى حق ناديه وجماهيره وانما دفاعا عن حق الاندية فى ان تدير نفسها وتحاسب اعضائها متى ماتشاء وكيفما تريد ,, فالهلال ومن قبله المريخ اصبحا الان محرومان وممنوعان من اى تمثيل مع كتلة الممتاز فى اجتماع الجمعية العمومية التى سوف تنتخب مجلس ادارة جديد للاتحاد العام فى الشهر القادم ,, وهذا مثال صغير لاهلية وديمقراطية الحركة الرياضية كما تريدها الحكومة ,, ورمضان كريم .