بهدوء
تحدى سيكافا وروعة كاس القارات !
اسدل الستار على بطولة سيكافا التى كانت نسختها الاخيرة تمثل اكبر تحديا للسودان بعدما وافق على استضافتها خارج الخرطوم وفى ولايتين لديهما وضع استثنائى مقارنة ببقية ولايات ومدن السودان الاخرى .
كثيرون تخوفوا وربما اعترضوا سرا للمسؤولين فى الدولة بعدم الموافقة على مثل هذا القرار لاعتبارات امنية لاسيما وان قرار الموافقة على استضافة كادوقلي لعدد من مباريات البطولة تزامن حينها مع موجات من القصف العشوائى الذى كانت تتعرض له المدينة وشكلت اكبر مهدد لحياة المواطنين ولكن مع ذلك تحدى سعادة الوالى احمد هارون الجميع وقبل التحدى على نفسه وحمل ولايته مسؤولية حماية كل ضيوف البطولة, وما اقدم عليه والى جنوب كردفان فعله ايضا والى شمال دارفور محمد عثمان كبر وان كانت مدينة الفاشر تعيش فى وضع امنى افضل بكثير عن ماهو عليه فى مدينة كادوقلى .
الهاجس الامنى كان هو الشغل الشاغل بالنسبة للمسؤولين على مستوى الدولة الا انهم امام اصرار حكومة الولايتين تمت الموافقة وصدر القرار الذى اعلنه مجلس الوزراء فى جلسة استثنائية برئاسة النائب الاول فكان ذلك القرار بداية التحدى الكبير الذى تعامل معه اتحاد سيكافا وكذلك اللجنة المنظمة التى شكلها الاتحاد العام فى ترتيب الاقامة والاعاشة ووسائل النقل اضافة الى ملاعب التدريب والمباريات , ورغم ان هناك عدد من الدول تراجعت عن فكرة المشاركة عقب معرفتها باقامة البطولة فى كادوقلي والفاشر الا ان ذلك لم يضعف من حماس المسؤولين فى سيكافا واللجنة المنظمة فنجحوا فى ايجاد البديل واعادة برمجة المجموعة الثالثة لسد اى ثغرة يمكن ان تؤثر سلبا على مجريات المنافسة .
مضت سيكافا كما خطط لها بداية من حفل الافتتاح فى كادوقلى وانتهاءا بحفل الختام فى الفاشر بالامس والذى رغم بساطته واختصاره فى حدود الامكانيات المتاحة الا انه فى نهاية المطاف جاء معبرا عن فرحة اهل دارفور باستضافة مثل هذا الحدث فى عاصمتهم الفاشر وبمشاركة ناديهم المريخ الذى فرض نفسه فى مباراة الامس وحصل على المركز الثالث بالفوز على رايون سبورت الرواندى وهو من وجة نظرى انجاز يستحق عليه الاشادة والتقدير اذا ماوضعنا فى الاعتبار انها المشاركة الافريقية الاولي له رغم ان عمره لم يتعدى الثلاثة اشهر فى الدورى الممتاز .
فالتحية لكل الرياضيين فى دارفور وجنوب كردفان الذين قبلوا التحدى الكبير على انفسهم و مساهمتهم فى انجاح هذا الحدث الرياضى المهم فى تاريخ السودان .
فاذا كانت جنوب كردفان وشمال دارفور فى ظل المهددات الامنية التى نعلم حجمها قد عبرت ببطولة سيكافا الى بر الامان ,, فان البرازيل بكل ثقلها الكروى قدمت للعالم بالامس درسا جديدا فى كيفية استغلال كرة القدم لتكون اداة للتهدئة وامتصاص للغضب الشعبى ضد كل مظاهر الفساد وسوء الخدمات وانتهاك العدالة الاجتماعية ,, فقد راجت اشاعات قوية قبل نهائى كاس القارات بين البرازيل واسبانيا بان الجماهير الغاضبة فى الشوارع لن تسمح بوصول الفريقين الى ملعب ماراكانا وستقطع الطريق على كل مداخل الاستاد حتى تفشل اقامة النهائى وتحرج حكومة بلادها وتهدد حقها فى استضافة مونديال 2014 ,, ولكن رغم ذلك مر النهائى بسلام وتنفست البرازيل الصعداء بعدما انحازت جماهير السامبا الى مشاهدة الفن الجميل داخل الاستاد بدلا من ان تقف الى المحتجين فى الشوارع , فكانت اجمل لوحة ختامية لافضل نهائى فى تاريخ بطولات كاس القارات من حيث المستوى الفنى والتنظيمى كما وصفها رئيس الفيفا جوزيف بلاتر الذى رد على المحتجين بان كرة القدم لم ولن تكون فى يوم من الايام مصدرا للغضب والاحتجاج بل للترويح والمتعة النفسية واظن ان الجميع داخل وخارج البرازيل قد اخذوا نصيبهم من هذه المتعة التى منحنا اياها الفتى نيمار وبقية كوكبة السحر البرازيلى وهم يسقطون ابطال العالم بثلاثية مستحقة عن جدارة لم يتوقعها اكثر المتفائلين من عشاق الكرة البرازيلية ليكتبوا بهذا الفوز الكبير اخر سطر من اسطورة وسطوة الكرة الاسبانية على العالم ,, فسحر كرة القدم لايقاوم فى كل المجتمعات الفقيرة والغنية !