تأمُلات
البرازيليون يثورون والسودانيون يحتفون
كمال الهِدي
kamalalhidai@hotmail.com
· يا لها من مفارقة.
· فقد حملت الأنباء أن البرازيليين الذين أُشتهروا بعشقهم الشديد لكرة القدم يثورون هذه الأيام على الفساد.
· البرازيليون - الذين لديهم ألف مبرر لهذا الوله بكرة القدم- باعتبار أنهم سادتها في العالم وأن لاعبيهم يُمتعون الكل بشتى أنحاء البسيطة يثورون في وجه الفساد.
· ويرفضون أن تُنفق مليارات الدولارات على استضافة كأس العالم في بلدهم في الوقت الذي يعاني فيه البسطاء من نقص الخدمات ويواجهون الكثير من الصعوبات في توفير لقمة العيش الكريم.
· أما كورنجية السودان فيفرحون عندما ينفق الوالي مليارات الدولارات في لاعب (سفيه) لا يحترم نفسه ولا يقدر الآخرين ولا يجلب لناديه سوى المشاكل.
· يسعدون عندما يدفع صلاح إدريس للاعب أجنبي آلاف الدولارات دون أن يقدم ما يشفع له، ليتم التخلص منه في أقرب فترة تسجيلات قادمة.
· كورنجية السودان يستهترون بمجلسي البرير وعصام الحاج لأنهما لم ينفقا كما صرف الوالي والأرباب على اللاعبين.
· كورنجية بلدنا يفرحهم جداً البريق الزائف.
· ويتراقصون طرباً عندما يصرح أي رجل مال بأنه تبرع بكذا من الدولارات للنادي الفلاني.
· وتحتفل صحفنا الرياضية برجال المال وبكل من ينفق جنيهاً على ناد ويمنحونه صكوك الوطنية الحقة، حتى وإن كان يتكسب على عرق البسطاء وينهب ثروات البلد.
· ويطالب بعض من يسمونهم بالكبار في إعلامنا الرياضي الدولة بأن تنفق المزيد من الأموال على منتخب يديره اتحاد فاشل وفاسد.
· يقولون أن الإمكانيات تقف حجر عثرة أمام تقدم المنتخب في البطولات.
· ويصدق بعضنا الحديث ( الهباب) الذي يطلقه بعض قادة ( الغفلة) في اتحاد الكرة.
· تسمع محمد سيد أحمد مثلاً متحدثاً عن ضعف الإمكانيات وعدم دعم الدولة السخي للمنتخب، فتوشك أن تصدق أن المشكلة فعلاً في المال.
· لكن ما أن تعود بذاكرتك للأخطاء الجسيمة والعشوائية والتخبط والارتجال والفساد المستشري والمحاباة التي يتعامل بها رجال اتحاد الكرة، حتى تدرك سريعاً أن الموضوع أكبر من مجرد شماعة إمكانيات يعلق عليها هؤلاء أخطاءهم، بل فضائحهم المخجلة.
· ما أن تتذكر نقاط مباراة زامبيا التي فقدناها بسبب فضيحة إدارية، تقول في نفسك: أي مال وأي ضعف إمكانيات يتحدث عنه هؤلاء!
· تناقش رجلاً عاقلاً راشداً ومثقفاً في حال البلد فتسمع منه ما يعجبك ويسر بالك.
· لكن ما أن تأتي على سيرة الكرة وتقول له أن فلاناً أنفق الكثير من مال أحق به الخدمات الأخرى في البلد، إلا وتراه قد انصرف عنك لموضوع آخر، لأن الحديث لم يرق له.
· عاطفتنا تجاه الناديين الكبيرين تحديداً أوردتنا الهلاك.
· وكثيراً ما عزف بعض ضعاف النفوس على وتر العاطفة.
· كثيراً ما استفاد السياسيون من ولهنا بكرة القدم وعشقنا الكبير لناديي الهلال والمريخ.
· كل من يريد أن يصنع لنفسه اسماً بين عشية وضحاها، امتطى صهوة جواد اسمه الهلال أو المريخ.
· يصعد الكل على ظهري الناديين الكبيرين من أجل الشهرة والثراء السريع.
· بينما تعيش معظم جماهير الناديين على الكفاف ورغماً عن ذلك تسمح هذه الجماهير لهؤلاء المتكسبين على حساب الناديين الكبيرين من تحقيق المزيد من الثروات والشهرة.
· ينعدم كل شيء،ويواجه الإنسان السوداني البسيط صعوبات جمة في تعليم وعلاج وإطعام أبنائه، لكن هذا المواطن البسيط الفقير الفاقد لكل شيء يسعد جداً عندما يسمع بعودة الحضري ولو كلفت مليارات الجنيهات.
· يفرح هذا المواطن البسيط لحد الغبطة إن تبرع إداري أو قطب ببعض المال لحل مشكلة سيد بيه.
· أما هناك في ذاك البلد البعيد الذي يعد أحد دول عالمنا الثالث، فيثور المواطن لأنه مظلوم وبائس وفقير حتى وإن جلبوا له أعظم لاعبي العالم من أجل المتعة والمشاهدة الحية.
· لو كنا مكان البرازيلين وتمكن بلدنا من استضافة كأس العالم لاحتفلنا وغنينا وطربنا وملأنا الدنيا ضجيجاً ولأنفقنا بغير حساب دون أن نفكر في العائد، أو نتذكر مشاكلنا التي لا تحصى ولا تعد.
· أليس فيما يجري حالياً من احتفاء مبالغ فيه ببطولة سيكافا الضعيفة وأنديتها المنهكة دليلاً على مدى سذاجتنا!
· لو قُدر لنا أن نستضيف كأس العالم لوجد الكثيرون فرصتهم لتحقيق المزيد من المكاسب ولضللوا الناس وأوهموهم بأن استضافتنا لهكذا بطولة عالمية سيحل كافة مشاكلنا.
· أليس في المهرجان الذي أقيم مؤخراً للاحتفال بالرئيس ( الأكثر شعبية) ما يؤكد على سطحيتنا.
· برافو كورنجية البرازيل فقد احترمتكم كثيراً والله.
· حتى نيمار الذي ملأت شهرته الآفاق رغم صغر سنه عبر عن دعمه للمظاهرات السلمية المطالبة بتحسين خدمات الصحة والتعليم وحل الضائقة المعيشية.
· أما من هم أقل من نيمار مهارة ومكانة وثروة فتجدهم في بلدنا يهللون للإداريين ولا مانع لديهم من تشييد تماثيل لرجال المال طالما أنهم يمنحونهم الكثير من المال رغم ضعف موهبتهم.
· فهل نتعلم شيئاً من درس كورنجية البرازيل!
البرازيليون يثورون والسودانيون يحتفون
كمال الهِدي
kamalalhidai@hotmail.com
· يا لها من مفارقة.
· فقد حملت الأنباء أن البرازيليين الذين أُشتهروا بعشقهم الشديد لكرة القدم يثورون هذه الأيام على الفساد.
· البرازيليون - الذين لديهم ألف مبرر لهذا الوله بكرة القدم- باعتبار أنهم سادتها في العالم وأن لاعبيهم يُمتعون الكل بشتى أنحاء البسيطة يثورون في وجه الفساد.
· ويرفضون أن تُنفق مليارات الدولارات على استضافة كأس العالم في بلدهم في الوقت الذي يعاني فيه البسطاء من نقص الخدمات ويواجهون الكثير من الصعوبات في توفير لقمة العيش الكريم.
· أما كورنجية السودان فيفرحون عندما ينفق الوالي مليارات الدولارات في لاعب (سفيه) لا يحترم نفسه ولا يقدر الآخرين ولا يجلب لناديه سوى المشاكل.
· يسعدون عندما يدفع صلاح إدريس للاعب أجنبي آلاف الدولارات دون أن يقدم ما يشفع له، ليتم التخلص منه في أقرب فترة تسجيلات قادمة.
· كورنجية السودان يستهترون بمجلسي البرير وعصام الحاج لأنهما لم ينفقا كما صرف الوالي والأرباب على اللاعبين.
· كورنجية بلدنا يفرحهم جداً البريق الزائف.
· ويتراقصون طرباً عندما يصرح أي رجل مال بأنه تبرع بكذا من الدولارات للنادي الفلاني.
· وتحتفل صحفنا الرياضية برجال المال وبكل من ينفق جنيهاً على ناد ويمنحونه صكوك الوطنية الحقة، حتى وإن كان يتكسب على عرق البسطاء وينهب ثروات البلد.
· ويطالب بعض من يسمونهم بالكبار في إعلامنا الرياضي الدولة بأن تنفق المزيد من الأموال على منتخب يديره اتحاد فاشل وفاسد.
· يقولون أن الإمكانيات تقف حجر عثرة أمام تقدم المنتخب في البطولات.
· ويصدق بعضنا الحديث ( الهباب) الذي يطلقه بعض قادة ( الغفلة) في اتحاد الكرة.
· تسمع محمد سيد أحمد مثلاً متحدثاً عن ضعف الإمكانيات وعدم دعم الدولة السخي للمنتخب، فتوشك أن تصدق أن المشكلة فعلاً في المال.
· لكن ما أن تعود بذاكرتك للأخطاء الجسيمة والعشوائية والتخبط والارتجال والفساد المستشري والمحاباة التي يتعامل بها رجال اتحاد الكرة، حتى تدرك سريعاً أن الموضوع أكبر من مجرد شماعة إمكانيات يعلق عليها هؤلاء أخطاءهم، بل فضائحهم المخجلة.
· ما أن تتذكر نقاط مباراة زامبيا التي فقدناها بسبب فضيحة إدارية، تقول في نفسك: أي مال وأي ضعف إمكانيات يتحدث عنه هؤلاء!
· تناقش رجلاً عاقلاً راشداً ومثقفاً في حال البلد فتسمع منه ما يعجبك ويسر بالك.
· لكن ما أن تأتي على سيرة الكرة وتقول له أن فلاناً أنفق الكثير من مال أحق به الخدمات الأخرى في البلد، إلا وتراه قد انصرف عنك لموضوع آخر، لأن الحديث لم يرق له.
· عاطفتنا تجاه الناديين الكبيرين تحديداً أوردتنا الهلاك.
· وكثيراً ما عزف بعض ضعاف النفوس على وتر العاطفة.
· كثيراً ما استفاد السياسيون من ولهنا بكرة القدم وعشقنا الكبير لناديي الهلال والمريخ.
· كل من يريد أن يصنع لنفسه اسماً بين عشية وضحاها، امتطى صهوة جواد اسمه الهلال أو المريخ.
· يصعد الكل على ظهري الناديين الكبيرين من أجل الشهرة والثراء السريع.
· بينما تعيش معظم جماهير الناديين على الكفاف ورغماً عن ذلك تسمح هذه الجماهير لهؤلاء المتكسبين على حساب الناديين الكبيرين من تحقيق المزيد من الثروات والشهرة.
· ينعدم كل شيء،ويواجه الإنسان السوداني البسيط صعوبات جمة في تعليم وعلاج وإطعام أبنائه، لكن هذا المواطن البسيط الفقير الفاقد لكل شيء يسعد جداً عندما يسمع بعودة الحضري ولو كلفت مليارات الجنيهات.
· يفرح هذا المواطن البسيط لحد الغبطة إن تبرع إداري أو قطب ببعض المال لحل مشكلة سيد بيه.
· أما هناك في ذاك البلد البعيد الذي يعد أحد دول عالمنا الثالث، فيثور المواطن لأنه مظلوم وبائس وفقير حتى وإن جلبوا له أعظم لاعبي العالم من أجل المتعة والمشاهدة الحية.
· لو كنا مكان البرازيلين وتمكن بلدنا من استضافة كأس العالم لاحتفلنا وغنينا وطربنا وملأنا الدنيا ضجيجاً ولأنفقنا بغير حساب دون أن نفكر في العائد، أو نتذكر مشاكلنا التي لا تحصى ولا تعد.
· أليس فيما يجري حالياً من احتفاء مبالغ فيه ببطولة سيكافا الضعيفة وأنديتها المنهكة دليلاً على مدى سذاجتنا!
· لو قُدر لنا أن نستضيف كأس العالم لوجد الكثيرون فرصتهم لتحقيق المزيد من المكاسب ولضللوا الناس وأوهموهم بأن استضافتنا لهكذا بطولة عالمية سيحل كافة مشاكلنا.
· أليس في المهرجان الذي أقيم مؤخراً للاحتفال بالرئيس ( الأكثر شعبية) ما يؤكد على سطحيتنا.
· برافو كورنجية البرازيل فقد احترمتكم كثيراً والله.
· حتى نيمار الذي ملأت شهرته الآفاق رغم صغر سنه عبر عن دعمه للمظاهرات السلمية المطالبة بتحسين خدمات الصحة والتعليم وحل الضائقة المعيشية.
· أما من هم أقل من نيمار مهارة ومكانة وثروة فتجدهم في بلدنا يهللون للإداريين ولا مانع لديهم من تشييد تماثيل لرجال المال طالما أنهم يمنحونهم الكثير من المال رغم ضعف موهبتهم.
· فهل نتعلم شيئاً من درس كورنجية البرازيل!