إنطباعات عائد لأرض الوطن
الحياة في وطني أصبحت دنيا ..!!
الخرطوم : عبد السلام القراي
ما أفظع أن يحس الإنسان بالغربة داخل وطنه وما أحرَ أن يتولد الإحساس بالمرارة لمن كان يرسم صورة وردية وهو يحزم حقائبه عائداً ليتنسم عبير الحرية في تراب الوطن ..! فالوطن لم يعد الوطن والناس فيه لم يعودوا كما تركهم ..! يا ترى ماذا جرى ..؟ حالة من الإندهاش أصابت مُحدِثنا .. تمددت جيوش الشر لتضمحل مساحات الخير ..! الماديات تزحف بقوة والروحانيات اندثرت ..! والفضائل انهزمت ..! والحكماء في الوطن الحدادي المدادي يتفرجون .! الوفاء أصبح عملة نادرة .! في زمن الدهشة انفرط عقد الأسرة الممتدة لذا فمعدلات الحب الأصيل بدأت في التراجع .!ّ والحياء انخدش والأذواق انحطت .! والقدوة لم تعد قدوة .! تواصل الأجيال على النيل الخالد انقطعت حباله والضمائر بدأت تموت والعيون أعماها الطمع والألسنة تحتاج لصيانة جامدة ورغم البؤس والجوع والمرض الأيادي القوية تبطش الغلابة بدون رحمة ..! الميزان إختلَ والحقوق ضاعت في أرض بلادي الحبيبة تفتحت أبواب رزق جديدة من خلال أساليب جديدة لا يضبطها شرع ولا عُرف ولا عادات ولا تقاليد ..! الناس في بلدي المحبوب أصبحوا يأكلون ويأكلون دونما توجيه الأسئلة المشروعة .. كيف ولماذا وإلى متى ..؟!! المعايير في بلدي اختلفت والحياة في وطني أصبحت دنيا ..!! في شارع بلدي اختلط الحابل بالنابل والغريب أصبح له قيمة ..! وحواء في بلدي كبُرت مملكتها وعلا صوتها والمصيبة زادت معدلات العنوسة ..! في وطني الكلمة فقدت قدسيتها ..! في وطني انتشرت عبارات الحرية والتحرر لكن في المقابل يغرق الناس في بحور من الفشل ..!! يا ترى هل تهب رياح التغيير في وطني ..؟ بصراحة ما افتكرش .. إذا كنت ترغب العيش في وطنك عليك أن تركب الموجة وشعارها : وطني يعني أن أملأ بطني ..!!!