• ×
الإثنين 29 أبريل 2024 | 04-28-2024

الإلتحاق بالمدرسة في سن مبكرة خطر على طفلك

الإلتحاق بالمدرسة في سن مبكرة خطر على طفلك
الخرطوم/ كفر ووتر/ 

«بسمة» طفلة جميلة لم تتعد الخامسة من عمرها، ولدت في أسرة ميسورة الحال فألحقها والداها بإحدى المدارس «الخاصة» بالصف الأول مرحلة الأساس، غير أنها لم تكن سعيدة بالمدرسة، وكانت دائمة البكاء في كل صباح مدرسي فهي لم قله كبقية قريناتها إضافة الى أنها كانت الأصغر سناً بينهن، فلم تستطع الإندماج معهن، فعرفت معنى العزلة وهي في هذه السن الصغيرة، ولم تتوقف معاناة «بسمة» عند هذا الحد فقد أحضر لها والدها «مدرسة خاصة» لإعطائها دروس «تقوية» «عصراً»، بالمنزل فحُرمت من متعة اللعب واللهو أيضاً، وقد ألقيت مرة نظرة على «كراستها» فوجدت الخط متعرجاً ومتمايلاً، فعزت المعلمة ذلك الى «لين» أصابعها وعدم قوتها على الرغم من الذكاء الخارق الذي تتمتع به «نسمة»، لا شك أن هناك العشرات من أمثالها يعانين مثل معاناتها بصمت تعجز طفولتهن البريئة عن الإفصاح عنه، مما دعانا للوقوف عند هذا الموضوع، صحيفة الرأي العام تطرقت لهذا الموضوع والتقت بخبراء تربويين ليدلي كل بدلوه من خلال التحقيق التالي:

العيوب كثيرة
تحدث أولاً الخبير التربوي «حسين الخليفة الحسن» مشيراً الى أن السن المبكرة جداً لدخول المدرسة الأولية أو الأساس فيها عيوب كثيرة منها على سبيل المثال:عدم التركيب الجسماني والعقلي حيث نجد أن تركيبة الجسد ليس بنفس التركيبة لمن هم في سن «السابعة» مثلاً وقبل سنوات خلت كان الطفل أو التلميذ يقبل في المدرسة وهو في السابعة أو الثامنة، وأكثر منها، ونحن كمعلمين نضع التلاميذ بحسب فئاتهم العمرية وأجسادهم بالإضافة الى المقدرة العقلية والشعور النفساني الواحد، فإذا أراد التلميذ من هؤلاء ان يلهو ويلعب لن يجد صعوبة في ذلك لتقارب السن لأن الطفل في سن الخامسة إذا لعب مع طفل آخر في السابعة مثلاً فإنه يشعر بالغربة لأن أدوات اللعب تكون مختلفة عنه، لذلك فإن «الإنجليز» أنشأوا «الخلوة» لأنه لم تكن هنالك رياض لما قبل التعليم المدرسي، فكانت الخلوة هي المعين الأول والمنهل العذب للطفل لكي يهيأ وينخرط بعد ذلك في المدرسة الأولية التي هي حالياً مرحلة «الأساس»، والطفل كما يقول خليفة يجيء للمدرسة فتتكامل رغبته فيها ويكون التكوين الجسماني والوعي والإدراك العقلي مكتملاً وليس هناك نفور من المدرسة لأن المكان الوحيد الذي كان ينطلق منه هو «البيت» الذي يطلقه للخلوة أو الروضة، وواصل قائلاً: إن الطفل يمكن ان يذهب للمدرسة دون سن السابعة غير أنه من الأفضل لو أكملها، إذ أن هناك تجارب للأطفال الذين تم إلحاقهم بالمدرسة مرحلة الأساس بأعمار صغيرة «5» سنوات استمر البعض منهم في الدراسة بينما تعثرت خُطى البعض الآخر، وذلك لأسباب نفسية وجسمانية وذهنية، والذين تخطوا هذه العقبة كان ذلك بمساعدة من البيت، بمعنى أن البيت كان كالروضة يهيء الطفل للمدرسة حيث نجد الأم تهتم وتسأل طفلها «أدوك شنو» في المدرسة؟ فإذا لم يسأل ويهيأ فسوف يصاب بالعقدة وقد دلت التجارب على أن مثل هؤلاء الطلاب بدأوا ينفرون من المدرسة ليعودوا الى «البيت» ليمكثوا فيه شهراً أو شهرين.. لكن إذا اكتمل نموه في الفئة العمرية الواحدة فإنه يكون في نفس السفينة التي يبحر فيها رصفاؤه، وواصل خليفة قائلاً: إنه لا يسمح لطالب بدخول المدرسة الأولية ما لم يتم إعداده وتهيئته للمدرسة سواء كانت هذه التهيئة نفسية أو جسدية، مع التأكيد على أهمية اللعب لأنه يقوي أجسادهم ويهيئهم للتحصيل، وقال إنه لا يحبذ إلحاق طفل بمرحلة الأساس أقل من «ست سنوات ونصف السنة» مثلاً، ولا يستوعب أقل من ذلك لأسباب تربوية، وعاد ليؤكد على أهمية الخلوة للدور الكبير الذي كانت تضطلع به آنذاك إذ أنها معين ثر للصغار ومشبعة بروح الدين من حيث القرآن والحديث، وكان الملاحظ فيها وجود نوع من العنف البريء، فالشيخ كان لديه «سوط» يسلطه على التلاميذ، لكنه ليس سوط «عذاب» وإنما نابع من تربية دينية، مع ملاحظة أن «الأعمار» كانت متباعدة تتراوح بين «8 - 18» عاماً، لكن لم تكن في التربية شواذ خلقي أو جنسي كما الآن، ولم يحدث ان خدشت الأخلاق أو الحياء، وختم مشيراً الى أن الروضة الآن تتميز بالعطف والحنان في التعامل مع الأطفال.
سن التعليم* الأستاذ «موسى قسم السيد» الخبير التربوي ببخت الرضا أكد على ضرورة ان يصل الطفل للسن التي يستطيع فيها ان يستوعب عقلياً «الكلام» الذي يقال ويستطيع أيضاً كتابة الخط كتابة صحيحة ليتماشى مع القواعد التي تُعطى له وكذلك لابد من القراءة بالطريقة السليمة، ومعلوم أن سن التعلم ست سنوات وما دون ذلك «روضة» حيث تُنمى فيها قدراته وأفكاره وسلوكياته وأيضاً قوته البدنية، ويعرف تعاليم دينه ودنياه، ولقد كنت في (سلطنة عمان) حيث لا يقبل طفل أقل من ست سنوان فإذا كان عمره خمس سنوات وأحد عشر شهراً لا نقبله ما لم يكن في السادسة أو السابعة من عمره، غير أن الناس كوزارة يتسامحون فيدخلون التلاميذ بحسب رغبة المدارس مع أن القانون ينص على عدم قبول التلميذ الذي يقل عمره عن ست سنوات.

الجامعيون الأطفال
الأستاذ (يوسف محمد عماري) إدارة التعليم قبل المدرسي ، محلية الخرطوم أشار الى أن الطفل إذا لم يلتحق بالمدرسة في سن معقولة فإنه لا يستطيع الكتابة بالطريقة الصحيحة السائدة إذ لابد أن يكون عمره ست سنوات أو أكثر لأنه يفترض أن يتماشى النظر مع اليد عند الكتابة لكنه عاد ليبين أن سن السابعة هي السن المعقولة لدخول الطفل للمدرسة، لأن الطفل كي يكون مستعداً للدراسة يجب أن تكون لديه المقدرة على كتابة الحرف بالطريقة الصحيحة، وقد حكى لي أستاذ بإحدى الجامعات العريقة أن الطالب الذي يلتحق بالجامعة في سن مبكرة تجده يلهو ويجري ويشتري الحلوى، ومنهم طلاب كبار جداً في السن تجدهم يذهبون الى (شارع الجمهورية) لشراء (لعب) أطفال علماً بأن (اللعبة) لابد أن تكون (تربوية) الصنع فهو ما زال يتوق الى اللعب غيرأنه لكل سن اللعبة التي تناسبها فإذا عدنا الى الوراء فسوف نجد الطالب من هؤلاء لم يكمل (لعبه) بل أدخله والده في سن مبكرة وهذا يتسبب في (إعاقة) أصابع الطفل عند مسك القلم بطريقة صحيحة فهو يمسك القلم وكأنه يمسك (ملعقة).
وواصل يوسف في ذات السياق مشيراً الى أن رياض الأطفال قد تحول البعض منها لما يشبه المدارس حيث يكتب الأطفال وهذا يتم بإيعاز من أولياء الأمور الذين يعتبرون أن كتابة الطفل دليل على نجاحه غير أن هذا الأمر ينفِّره يجعله يكره التعليم والمدرسة. وختم بإشارة الى أن وزارة التربية بولاية الخرطوم لديها برنامج كامل يصب في التعليم قبل المدرسي حتى سن (6) سنوات.

التعليم.. أمس واليوم
أما الأستاذ (حسين محمد عثمان) فقد عقد مقارنة بين التعليم في حقبة الستينات والخمسينات بقوله إن الظروف الآن تختلف عما كانت له في الخمسينات والستينات فقد ألحقنا أهالينا بالمدارس في سن (8-9) أعوام، أما الوقت الحاضر فقد أصبح سن التعليم من (6-5) سنوات، كما أن (بيئة) الطفل تؤدي الى عدم استيعاب الطفل لدروسه نسبة لـ (العولمة) حتى معيشة هذا الطفل أضحت غير سليمة ولا صحية وبالتالي فإن الحواس الخمس التي تشارك في العملية التربوية نجد وأن الطفل ضعيف البنية ولا يستطيع الاستفادة وذلك نسبة لتناوله (الشبيس) أو البطاطس المقلية وغيرها بصورة مزعجة على الرغم من مقولة إنه واحد من الأطعمة التي تسبب السرطان، وهناك أيضاً ضمور الأعضاء وهذه مشكلة، فنحن نرى أنه كلما كانت حواسه سليمة ومتناسقة مع بعضها كلما تجلى ذلك في سهولة العملية التربوية.
وقال الأستاذ حسين إن الأسرة الآن منشغلة بهموم كثيرة جداً، وقد سبق وأن أجريت (استطلاعاً) فوجدت أن الصف (السابع) لا يفرق تلاميذه بين حرف (السين والصاد) وهذا يعني أن البيت لايساعد في استيعاب التلميذ ومعرفته إضافة الى (الانترنت) وكذلك (البلاي استيشن) حيث نجد مثل ذلك التلميذ يلهو طوال اليوم بالبلاي استيشن لأن اللهو أصبح يستقطع جل اهتمام التلميذ.
وقال إنه كلما كان التلميذ ناضجاً من حيث البيئة الجسمية والعقلية كلما ساعد ذلك على التحصيل بالإضافة الى مشاركة البيت والشارع ليصبح التلميذ (أكاديمياً) بالفعل.
وأشار الى أنه يمكن للطفل في سن (5-4) سنوات أن يلتحق بالروضة شريطة أن تكون هذه الروضة على أساس علمي غير أننا نلاحظ أن البعض منها للعب فقط، ومن المؤسف حقاً أن نحضر مجموعة من المدرسين قد يكونون جامعيين غير أنهم ليسوا مدربين لذلك أرى أنه لابد من الرجوع والعودة لسابق عهدنا حتى نستطيع السير قدماً بصورة صحيحة، فالآن لا يوجد منهج يتناسب وكفاءة التلميذ (الذهنية) فالموجود الآن (كثير جداً) عليه وقد سبق وأن كتبنا رأينا كثيراً حول المنهج وسن التعليم غير أننا لم نجد أذناً صاغية.
امسح للحصول على الرابط
 0  0  7256
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019