• ×
الإثنين 29 أبريل 2024 | 04-28-2024

قاسم أبو زيد........ شاعر عصر يتطاول فوق العادية !!!

قاسم أبو زيد........ شاعر عصر يتطاول فوق العادية !!!
 
كتب / سراج الدين مصطفي /

حينما كان الهادي الجبل في مهرجان ميلاد الأغنيات قبل عام من الأن ..كانت الدهشة تعتلي الوجوه وترتسم فيها ..لأن الرجل قدم أغنية كانت عصرية وجديدة في كل تفاصيلها ومكوناتها ،حيث اللحن الذي يعتبر فتحاً جديداً في شكل التلحين ،وذلك اللحن البجيع والجميل ليس بغريب علي الهادي حامد(ود الجبل )الفنان الذي تتطاول قامته اللحنية بل هي اصبحت سمته الأبرز..وأغنية ( من ناس وين) بغير لحنها المتجاوز كانت تحتشد بلغة غير مالوفه إستحدثها الشاعر قاسم ابو زيد،وهوشاعر دائماً يبحث عن الأفكار غير المطروقة مع إنه يستخدم اللغة العادية اليومية، حيث يقول :

بين المغرب والعصرية..

ظهرت أجمل بت عصرية..

سمحة الوطفة الغصن الفارع

لون الشمس الما ذهبية..

خاته معالم ماعادية..

بين الجيد والوجه النهر

هكذا بدأ النص الشعري لتلك الأغنية بنوع من التفكير الجديد الذي يتسامي فوق العادية وهو نوع متطور من أشكال التوصيف الأحداث الذاتية التي تحتشد وتملئ عن أخرها بالدراما حتي احياناً تصبح وكأنها نص مسرحي يتسم بكل حراكات المسرح وإنفعالته..والقصيدة عند قاسم أبو زيد لها نفس تلك الأبعاد الدرامية حيث الحكاية والعقد ثم الأجابة التي احياناً تصبح ذات نفسها عبارة عن سؤال كبير وعريض..وقاسم أبو زيد شاعر المفدرة عند تتحرك وتتفاعل وتتعايش ولا تعيش بعيداً عن الهموم اليومية، ولعل تجربته الحياتية كانت لها إسقاطاتها علي التفكير الكتابي لديه..لذلك تجده يتجه نحو الواقعية:

كتير بنعاتب الحاضر
ولا أسفاً على الماضى
صدق الرؤية من قلبك .. بين الشوف وإنسانك
نغم فنان يعيش راضى
مداك إتعدى حد الشوف
دخلت على الشعر .. إنسان
وهواك .. إتختّ جوة الجوف
وإنتحر النهار .. هسـّة
نغنيك لى مدن .. شاخت
معاك أحلامى .. ما تنسى
تغنيك القرى الراحت
خلاص يا غربة .. ما ترسى
غنيناك .. وبنغنى
وبتحدى الزمن .. فنان ..





· عبقرية قاسم ابو زيد ظهرت تأثيراتها علي غنائية مصطفي سيد أحمد ..والمدرسة الغنائية التي جأ بها مصطفي لايمكن مطلقاً أن نشير إليها دون التوقف عند قاسم أبو زيد ويحي فضل الله..ومصطفي سيد أحمد حينما يحكي عن قصة تأمر بعض الشعراء عليه لايستحي لأن يقول بأنه إتجه (للشعراء الصعاليك)ولعلها الكلمة الأعمق في توصيف التمرد الأبدعي والأشكال الكتابية التي طرقوها ..وهذا إتضح في كل الأغنيات اللاحقة التي تغني بها مصطفي سيد احمد،حيث غني ليحي فضل الله أغنية (يا ضلنا) وهي الأغنية التي رفضتها لجنة النصوص وقتها بسبب إيغالها في الرمزية:

يا ضلنا

المرسوم علي رمل المسافة

وشاكي من طول الطريق..

قول للبنية الخايفة من نار الحروف

تحرق بيوتات الفريق..

قول ليها ما تتخوفي

دي النسمة بتجيب الأمل

والأمل بصبح رفيق..

ورغم إختلاف الأسلوب الكتابي ما بين قاسم أبو زيد ويحي فضل الله ولكن نجد أن هناك ثمة ما يجمع بينهما وهذا يتضح في قصيدة ضليت:

مرقت علي محطات السفر غربة

وما لقيتك..أمل شارد

مع إنك معاي

في زحمة لمشوار

وحتي يقيني عاد من تاني

صحاك من حنين ذاتي...

نجمة الفرحة يا عايد

· الخيوط الأبداعية:

ثمة تراكيب ومكونات إبداعية لقاسم ابو زيد فهو بغير إنه شاعر فهو كاتب درامي رفيع المستوي والخيال وكذلك هو مخرج له رؤية تتوغل في جذور الأشياء وتغوص فيها ،وتلك المكونات خلقت له فضاء أبداعي واسع وخيوط كثيرة إستطاع بها أن ينسج تجربته ويتقن تقويتها وتماسكها ثم القدرة علي تطويرها حتي تواكب الحياة ودورانها المتسارع..وتتعد الأدوات الأبداعية لدي قاسم ساهم في أن يجعله حاضراً لايعرف الغياب.

· غياب مصطفي سيد أحمد:

صحيح أن رحيل مصطفي سيد احمد كان سبباً كبيراً في غياب وتغييب الكثير من الأسماء الشعرية التي ساهمت في تشكيل تجربة مصطفي وتقديمها في قالب فكري جديد هو أقرب للمشروع الغنائي الذي له دلالاته ورسالته..ومع إنطفأ نجم مصطفي سيد أحمد إنطفأت تلك المصابيح الشعرية التي كن نعول عليها في تكوين دولة شعرية جديدة ..وألأمثلة تتعد لتلك الغيابات ،الاّ قاسم أبو زيد لم يركن أو يتوقف في محطة الأحزان فواصل مسيرته الكتابية وكفاحه مع الهادي الجبل حيث أصبحت التجربة الغنائية مع الهادي هي أشبه بالثنائية التي في طريقها لأن تكون مثل رصيفاتها السابقات من الثنائيات التي عطرت وجدان الشعب السوداني ..ففي ظرف زمني وجيز تكونت تجربة كاملة ورغم قصر عمرها ولكنها مليئة بالغناء الجديد الذي يعد أضافة ثرة وغنية للغناء السوداني..ومن تلك الأغاني ألف نهر ونيل ـ إنتي في الدم وأسألي الطير:

أسألي الطير

قولي ليهو:

لمل يتغيب خريفك

بتحتو ريشك شان تعيش

ولا بتموت بره جلدك

ولا بتغني المواويل للرذاذ

· وهكذا ظل قاسم أبو زيد يكتب في جو بارد وقارص لايحتمل التفكير الجديد أو ذلك الخطاب الشعري الذي يشرح الواقع..ولكنه ظل يتطاول فوق كل ذلك ليكرس لشاعريته الوسيمة التي اصبحت جزءً أصيلاً من التراث الشعري لهذا البلد.

امسح للحصول على الرابط
 0  0  16566
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019