بعد 84 عاما نفتقد احتفالات المولد النبوي الشريف في حوش الخليفة
كفرووتر/ الخرطوم/ بعد 84 عاما
نفتقد احتفالات المولد النبوي الشريف في حوش الخليفة
( أم درمان و المولد زمان)
فى العام 1939م قال مفتش أم درمان المستر برمبل للشيخ محمد البدوي وهو صاحب القبة المشهورة فى حى العباسية بأم درمان :- "نحن في لندن بنعمل لنبينا عيسى عيد ميلاده بهجة وبهرجة وجمال، إنتو ليه ما بتعملوا عيد ميلاد نبيكم كده ؟ " . رد عليه الشيخ البدوي :- "بنعملوا لكن في الجوامع" فقال له برمبل بصيغة إقتراح :- " لا أنا عاوزكم تعملوه في فسحة كبيرة علشان الناس كلها تجي وتتفرج " . لاقى الإقتراح ترحيبا من الأهالى وتم إختيار ساحة جامع الخليفة لإقامة الإحتفال السنوى بذكرى المولد النبوى الشريف و أصبحت الجموع تلتقي في كل عام حيث الخيام يتبرجن ويعلن الهيام .
تبدأ الأستعدادات لتهيئة الساحة ويتم تركيب السارية " صارى المولد" في منتصف الميدان وإنارته قبل يومين من الزفة حتى أن بعض النساء كن يتبركن ويتمسحن به وتنصب الخيام أو الصيوانات الخاصة بالطرق الصوفية إلى جانب صيوان الحكومة . أيضا يتم تجهيز المساحة المخصصة لمحلات بيع الحلويات وتجهيز المساحة المخصصة لبيع و تناول المأكولات أو سوق "الزلعة" كما كان يسمى. يتم الافتتاح برفع العلم الخاص بالمناسبة علي الساريه (الصارى) بحضور ممثل رفيع للحكومة إيذانا ببداية أيام المولد التي تمتد الي 12 يوما . قبل الإستقلال و من أجل ترسيخ كيان الخريجين كان محمد عامر بشير(فوراوى) يقوم بالدعاية له عبر الصحف وكان ممثلاً للخريجين في إحتفالات المولد النبوي وبعد الإستقلال لا أنسى تلك الليلة من العام 1956عندما جاء رئيس الوزراء السيد/ إسماعيل الأزهرى برفقة قاضى القضاة الشيخ/ حسن مدثر الحجّاز لحضور الإفتتاح .
تعد زفة المولد من التقاليد الراسخة في أم درمان حيث ينطلق موكبها بعيد صلاة العصر. طوال فترة الخمسينات كنا في أم درمان ننتظر بفارق الصبر زفة المولد لنسير معها إبتداءا من ساحة المولد جنوبا الي السوق الجديد بودنوباوى وحى العمدة شمالا ثم العودة بشارع كررى مرورا بالمحطة الوسطى و إنتهاءا بساحة المولد مرة أخرى. زفة يشارك فيها الجيش والشرطة والشعب وتكسوها الألوان الزاهية والأعلام والرايات المميزة وتعلو معها أصوات المنشدين والمكبرين والمهللين وكانت تعزف المارشات العسكرية ومقدمات الاغاني الحماسية وكانت تشارك فيها جماعات الحرف المختلفة من حدادين ونجارين وجزارين وغيرهم يركبون الدواب أوعربات الكارو ويحملون في إيديهم نمازج من أدوات العمل ويهتفون بشعارات تمجد مهنهم (العز لمين ؟ للنجارين ... العز لمين ؟ للجزارين...) وهكذا . كنا ونحن صغارا يافعين نتبعهم حتي ميدان المولد.كانت زفة كبيرة يشارك فيها أهل مدينة أم درمان من خلال مشاركة الرجال والنساء والأطفال مع وجود كبير لممثلي الطرق الصوفية الكثيرة بالسودان والذين يحضرون بملابسهم المميزة ومعهم البيارق والأعلام بألوانها المختلفة وشعاراتها الدينية مع الطبول والدفوف والسيوف للمشاركة في الزفة وحضور كبير من الأتباع والمريدين ويستمرون جميعا في السير داخل المدينة فى حالة من الفرح والزغاريد إبتهاجا وإحتفالا بمولد المصطفي صلى الله عليه و سلم .
يقول الراحل خالد الفكي شقيق يوسف الفكى صاحب المقهى الأمدرمانى الشهير : - " زمان كانت زفة المولد حاجة جميلة جدا يتقدمها مأمور أم درمان على صهوة حصان ويشترك فيها العسكر وأصحاب الحرف و المهن المختلفة، تبدأ من جامع الخليفة إلى ودنوباوي وتعود مرة أخرى من حيث بدأت. "
قديما كانت الحلويات فى المولد تشترى جاهزة من تاجر واحد يدعى عبد الفضيل لكن يوسف الفكي قرر أن يصنعها بنفسه فأسس مصنعاً فى حى العرضه بكلفة ألف جنيه . حينها كان المنتجون قلة أمثال حجوج و مبروك و أحمد يوسف وحجير وعثمان الجلال وعم عبد الرحمن بالموردة . كانت حلويات المولد رخيصة جداً... قرشين و3 قروش للكليو والعروس ذات الحجم الكبير لا يتجاوز سعرها 15 قرشاً حينها كان سعر جوال السكر سعة 100كيلو 6جنيهات فقط وسعر جوال السمسم 12جنيها وجوال الحمص 8 جنيهات أما الجلوكوز المستورد من بريطانيا والهند فلا يتعدى سعره 4 جنيهات وإيجار محل راكوبة لعرض الحلويات بـ 7 جنيهات لقد كانت أيام المولد في تلك الفترة أيام باهيات وكنا نقوم في الليلة الاخيرة بشراء كميات مقدرة من حلويات المولد ... سمسمية وفولية وحمصية وسمنية و غيرها وفى سنوات لاحقة طغت حلويات يوسف الفكى و الطيب سيد مكى على الساحة.
العم خضر رحمة الله (الحاوى) كان له فى ساحة المولد مسرح خشبى ثابت يقدم منه الألعاب السحرية المدهشة والأراجوز الشهير "مستر شيكو" و العزف على آلة الأكورديون يصحبه فى تلك العروض إبناه عبد اللطيف و حسين . فى واحد من تلك العروض رأيته يدخل إبنه عبداللطيف بجسمه الفارع فى صندوق خشبى بنفس طوله ويرقد ممددا بالداخل ثم يحكم قفله ويقوم بقص الصندوق بالعرض الى نصفين من أعلاه الى أسفله بواسطة منشار. يفتح الصندوق و يخرج منه عبداللطيف سالما معافى وسط دهشة المشاهين . أيضا رأيت إبنه حسين يظهر وفى رأسه زهرية وباقى جسمه مختفيا تماما عن الأنظار وتعرف تلك الحيلة بالبلورة السحرية. عمنا خضر كان الحاوى الوحيد فى السودان .
وقد تميز المولد في أم درمان بما عرف بسوق "الزلعه" ومن لم يتجول في سوق "الزلعة" فكأنه لم يحضر المولد. كان يقع فى الجزء الجنوبى الغربي من الميدان حيث تصطف مطاعم تصنع الماكولات المختلفه ويشاهد الدخان ينبعث من مواقد الشواء وغالبا مايتناول رواد المولد العشاء في هذه المطاعم وكنت شخصيا أحبذ تناول قطع " أبدمّام " المشوى على الجمر وسلطة الروب بالشطة و في خيام الطرق الصوفيه كانت تقدم للحاضرين وجبة الفته باللحم مجانا بالاضافة الي الشاي المعطر بالنعناع أو الحبهان. ذلك هو سوق "الزلعة" فى إحتفال المولد كما وصفه محمد المهدى المجذوب فى قصيدته المشهورة " سر الليالى" :
هو سوق (الزلعة)
وبه طبل وبوق
من صراخ الرغبة
حفلت دولته في (حلة(
سلبت كل العيون
والظنون
كيف لا يا لذة الليل ويا أم الفتون
ربها قلّب عينيه خطيباً في الجماهير الغفيرة
مرسلاً من ناره ريح شواء
تتهادى في الفضاء
بنداء لم يجد فينا عصيا
ودعانا .. ثم حيّا .. وتهيّاً
***
وحواليه الكوانين الوقورة
ولها من داخن الفحم ذريرة
وحريرة وضفيرة
ترشق (الأسياخ) فيها
نظمت باللحم نظماً
وإرتوت دهناً وشحماً
***
ودخلنا مطبخاً زاط ولا قصر الإمارة
ربه البادن عراف اتته كل حارة
وتعشينا وأحسسنا أمانا
وشربنا وارتوينا
ومشينا، وشعرنا بنعاس في خطانا
لم تخل تلك المناسبة فى أزمان مختلفة من بعض الأحداث المؤسفة ففى عام 1961 وقع صدام دامى بين الحكومة والأنصار حيث تحولت الخيمتان إلي ساحة قتال مات فيها عدد من الطرفين.
ذات مرة وفى أثناء الإحتفال بالليلة الكبيرة و بينما كان زوار المولد فى بهجة و سرور تسلق رجل الى أعلى الصارى حتى وصل قمته و أمسك بسلك كهربائى مكشوف ثم فجاة إشتعلت فى جسمه النيران و هوى الى الأرض جثة هامدة وسط أجواء تطغى عليها أصوات نوبات الذكر و تراتيل الذاكرين. كان ذلك الرجل هو (ابو طالب) من مشاهير ظرفاء و مهابيش أم درمان فقد كان متيما " بتشعبط " التراميج وتناول " الدخاخين " التى ذهبت بعقله و أدت به فى النهاية إلى " تشعبط " صارى المولد ليلقى حتفه فى ساحة جامع الخليفة .
فى زمن لاحق قررت حكومة مايو عدم إقامة المولد في ميدان جامع الخليفه وحولته الي ميدان البحيرة بحى الملازمين حينها قاطع معظم أهالى أم درمان إحتفالات المولد والذي إرتبط فى أذهانهم بميدان جامع الخليفه تماما مثلما قاطعوا كرة القدم بعد قرارالرياضه الجماهيرية الذى فرضته أيضا حكومة مايو.
ياحليل ليلة المولد زمان فى أم درمان فقد كانت سرا لليالى قضيناها زفة وزلعة وحلاوة و سحرا وسرورا. وكل عام وأنتم بخير.
الشكر موصول لكل من زودنا ببعض من هذه المعلومات-- الزين حجّاز
نفتقد احتفالات المولد النبوي الشريف في حوش الخليفة
( أم درمان و المولد زمان)
فى العام 1939م قال مفتش أم درمان المستر برمبل للشيخ محمد البدوي وهو صاحب القبة المشهورة فى حى العباسية بأم درمان :- "نحن في لندن بنعمل لنبينا عيسى عيد ميلاده بهجة وبهرجة وجمال، إنتو ليه ما بتعملوا عيد ميلاد نبيكم كده ؟ " . رد عليه الشيخ البدوي :- "بنعملوا لكن في الجوامع" فقال له برمبل بصيغة إقتراح :- " لا أنا عاوزكم تعملوه في فسحة كبيرة علشان الناس كلها تجي وتتفرج " . لاقى الإقتراح ترحيبا من الأهالى وتم إختيار ساحة جامع الخليفة لإقامة الإحتفال السنوى بذكرى المولد النبوى الشريف و أصبحت الجموع تلتقي في كل عام حيث الخيام يتبرجن ويعلن الهيام .
تبدأ الأستعدادات لتهيئة الساحة ويتم تركيب السارية " صارى المولد" في منتصف الميدان وإنارته قبل يومين من الزفة حتى أن بعض النساء كن يتبركن ويتمسحن به وتنصب الخيام أو الصيوانات الخاصة بالطرق الصوفية إلى جانب صيوان الحكومة . أيضا يتم تجهيز المساحة المخصصة لمحلات بيع الحلويات وتجهيز المساحة المخصصة لبيع و تناول المأكولات أو سوق "الزلعة" كما كان يسمى. يتم الافتتاح برفع العلم الخاص بالمناسبة علي الساريه (الصارى) بحضور ممثل رفيع للحكومة إيذانا ببداية أيام المولد التي تمتد الي 12 يوما . قبل الإستقلال و من أجل ترسيخ كيان الخريجين كان محمد عامر بشير(فوراوى) يقوم بالدعاية له عبر الصحف وكان ممثلاً للخريجين في إحتفالات المولد النبوي وبعد الإستقلال لا أنسى تلك الليلة من العام 1956عندما جاء رئيس الوزراء السيد/ إسماعيل الأزهرى برفقة قاضى القضاة الشيخ/ حسن مدثر الحجّاز لحضور الإفتتاح .
تعد زفة المولد من التقاليد الراسخة في أم درمان حيث ينطلق موكبها بعيد صلاة العصر. طوال فترة الخمسينات كنا في أم درمان ننتظر بفارق الصبر زفة المولد لنسير معها إبتداءا من ساحة المولد جنوبا الي السوق الجديد بودنوباوى وحى العمدة شمالا ثم العودة بشارع كررى مرورا بالمحطة الوسطى و إنتهاءا بساحة المولد مرة أخرى. زفة يشارك فيها الجيش والشرطة والشعب وتكسوها الألوان الزاهية والأعلام والرايات المميزة وتعلو معها أصوات المنشدين والمكبرين والمهللين وكانت تعزف المارشات العسكرية ومقدمات الاغاني الحماسية وكانت تشارك فيها جماعات الحرف المختلفة من حدادين ونجارين وجزارين وغيرهم يركبون الدواب أوعربات الكارو ويحملون في إيديهم نمازج من أدوات العمل ويهتفون بشعارات تمجد مهنهم (العز لمين ؟ للنجارين ... العز لمين ؟ للجزارين...) وهكذا . كنا ونحن صغارا يافعين نتبعهم حتي ميدان المولد.كانت زفة كبيرة يشارك فيها أهل مدينة أم درمان من خلال مشاركة الرجال والنساء والأطفال مع وجود كبير لممثلي الطرق الصوفية الكثيرة بالسودان والذين يحضرون بملابسهم المميزة ومعهم البيارق والأعلام بألوانها المختلفة وشعاراتها الدينية مع الطبول والدفوف والسيوف للمشاركة في الزفة وحضور كبير من الأتباع والمريدين ويستمرون جميعا في السير داخل المدينة فى حالة من الفرح والزغاريد إبتهاجا وإحتفالا بمولد المصطفي صلى الله عليه و سلم .
يقول الراحل خالد الفكي شقيق يوسف الفكى صاحب المقهى الأمدرمانى الشهير : - " زمان كانت زفة المولد حاجة جميلة جدا يتقدمها مأمور أم درمان على صهوة حصان ويشترك فيها العسكر وأصحاب الحرف و المهن المختلفة، تبدأ من جامع الخليفة إلى ودنوباوي وتعود مرة أخرى من حيث بدأت. "
قديما كانت الحلويات فى المولد تشترى جاهزة من تاجر واحد يدعى عبد الفضيل لكن يوسف الفكي قرر أن يصنعها بنفسه فأسس مصنعاً فى حى العرضه بكلفة ألف جنيه . حينها كان المنتجون قلة أمثال حجوج و مبروك و أحمد يوسف وحجير وعثمان الجلال وعم عبد الرحمن بالموردة . كانت حلويات المولد رخيصة جداً... قرشين و3 قروش للكليو والعروس ذات الحجم الكبير لا يتجاوز سعرها 15 قرشاً حينها كان سعر جوال السكر سعة 100كيلو 6جنيهات فقط وسعر جوال السمسم 12جنيها وجوال الحمص 8 جنيهات أما الجلوكوز المستورد من بريطانيا والهند فلا يتعدى سعره 4 جنيهات وإيجار محل راكوبة لعرض الحلويات بـ 7 جنيهات لقد كانت أيام المولد في تلك الفترة أيام باهيات وكنا نقوم في الليلة الاخيرة بشراء كميات مقدرة من حلويات المولد ... سمسمية وفولية وحمصية وسمنية و غيرها وفى سنوات لاحقة طغت حلويات يوسف الفكى و الطيب سيد مكى على الساحة.
العم خضر رحمة الله (الحاوى) كان له فى ساحة المولد مسرح خشبى ثابت يقدم منه الألعاب السحرية المدهشة والأراجوز الشهير "مستر شيكو" و العزف على آلة الأكورديون يصحبه فى تلك العروض إبناه عبد اللطيف و حسين . فى واحد من تلك العروض رأيته يدخل إبنه عبداللطيف بجسمه الفارع فى صندوق خشبى بنفس طوله ويرقد ممددا بالداخل ثم يحكم قفله ويقوم بقص الصندوق بالعرض الى نصفين من أعلاه الى أسفله بواسطة منشار. يفتح الصندوق و يخرج منه عبداللطيف سالما معافى وسط دهشة المشاهين . أيضا رأيت إبنه حسين يظهر وفى رأسه زهرية وباقى جسمه مختفيا تماما عن الأنظار وتعرف تلك الحيلة بالبلورة السحرية. عمنا خضر كان الحاوى الوحيد فى السودان .
وقد تميز المولد في أم درمان بما عرف بسوق "الزلعه" ومن لم يتجول في سوق "الزلعة" فكأنه لم يحضر المولد. كان يقع فى الجزء الجنوبى الغربي من الميدان حيث تصطف مطاعم تصنع الماكولات المختلفه ويشاهد الدخان ينبعث من مواقد الشواء وغالبا مايتناول رواد المولد العشاء في هذه المطاعم وكنت شخصيا أحبذ تناول قطع " أبدمّام " المشوى على الجمر وسلطة الروب بالشطة و في خيام الطرق الصوفيه كانت تقدم للحاضرين وجبة الفته باللحم مجانا بالاضافة الي الشاي المعطر بالنعناع أو الحبهان. ذلك هو سوق "الزلعة" فى إحتفال المولد كما وصفه محمد المهدى المجذوب فى قصيدته المشهورة " سر الليالى" :
هو سوق (الزلعة)
وبه طبل وبوق
من صراخ الرغبة
حفلت دولته في (حلة(
سلبت كل العيون
والظنون
كيف لا يا لذة الليل ويا أم الفتون
ربها قلّب عينيه خطيباً في الجماهير الغفيرة
مرسلاً من ناره ريح شواء
تتهادى في الفضاء
بنداء لم يجد فينا عصيا
ودعانا .. ثم حيّا .. وتهيّاً
***
وحواليه الكوانين الوقورة
ولها من داخن الفحم ذريرة
وحريرة وضفيرة
ترشق (الأسياخ) فيها
نظمت باللحم نظماً
وإرتوت دهناً وشحماً
***
ودخلنا مطبخاً زاط ولا قصر الإمارة
ربه البادن عراف اتته كل حارة
وتعشينا وأحسسنا أمانا
وشربنا وارتوينا
ومشينا، وشعرنا بنعاس في خطانا
لم تخل تلك المناسبة فى أزمان مختلفة من بعض الأحداث المؤسفة ففى عام 1961 وقع صدام دامى بين الحكومة والأنصار حيث تحولت الخيمتان إلي ساحة قتال مات فيها عدد من الطرفين.
ذات مرة وفى أثناء الإحتفال بالليلة الكبيرة و بينما كان زوار المولد فى بهجة و سرور تسلق رجل الى أعلى الصارى حتى وصل قمته و أمسك بسلك كهربائى مكشوف ثم فجاة إشتعلت فى جسمه النيران و هوى الى الأرض جثة هامدة وسط أجواء تطغى عليها أصوات نوبات الذكر و تراتيل الذاكرين. كان ذلك الرجل هو (ابو طالب) من مشاهير ظرفاء و مهابيش أم درمان فقد كان متيما " بتشعبط " التراميج وتناول " الدخاخين " التى ذهبت بعقله و أدت به فى النهاية إلى " تشعبط " صارى المولد ليلقى حتفه فى ساحة جامع الخليفة .
فى زمن لاحق قررت حكومة مايو عدم إقامة المولد في ميدان جامع الخليفه وحولته الي ميدان البحيرة بحى الملازمين حينها قاطع معظم أهالى أم درمان إحتفالات المولد والذي إرتبط فى أذهانهم بميدان جامع الخليفه تماما مثلما قاطعوا كرة القدم بعد قرارالرياضه الجماهيرية الذى فرضته أيضا حكومة مايو.
ياحليل ليلة المولد زمان فى أم درمان فقد كانت سرا لليالى قضيناها زفة وزلعة وحلاوة و سحرا وسرورا. وكل عام وأنتم بخير.
الشكر موصول لكل من زودنا ببعض من هذه المعلومات-- الزين حجّاز
