• ×
الجمعة 26 أبريل 2024 | 04-25-2024

الإبحار في سديم العشق ... سفر : التهجد في حضرتها

الإبحار في سديم العشق ... سفر : التهجد في حضرتها
 كتب / ابوبكر يوسف إبراهيم /
الإصحاح الثالث ... سفر : التهجد في حضرتها


كانت هذه أول مرة نخرج سوياً ... نعم زرت صالونك الأدبي كثيراً ... وإلقينا في عدة عواصم كانت أثخراها باريس لقاءات كان جُلها في أماكن عامة ؛ كنا نجلس سوياً ونتحدث في شئون الأدب والشعر وفي كل شيء .. كنا معاً أو ضمن آخرين ؛ ولكن لم يحدث أن تجولنا منفردين لا ثالث بيننا في نزهة مفتوحة التوقيت إلا ذاك اليوم الذي فتح لي فيه الزمان أبواب الفرح ... أتذكرين حينما نزلنا من بيت (.... ) وقلت لي:- ( اليوم أنت الدليل السياحي) وقلت لك: شرف ما كنت أتوقعه ؛ فأحياناً الأقدار تغدق علينا بما نتمنى بدون سابق ترتيب منا؛ إنها محض صدفة ؛ وأي صدفة هي!!؟ ليت كان ذلك ً دائماً ديدن الصدف معي !!. أذكر أنه قد علت شفتيك إبتسامة جميلة أفضت عن در يندر مثله أو وصفه ؛ وقد حملتني تلك اللثغة في حديثك إلى حيث فضاءآت الأماني والأحلام التي لا تمر في حياتنا إلا لماماً ؛ كانت كأمنيات صعبة؛ ربما بعيدة المنال؛ وفكيف وقد تحققت ؛ أليس هذا الحدث كفيل بأن يخرسنا عن الكلام و يعجزنا عن التعبير ؛ يومها كان الصمت بيننا أبلغ من كل لغات الدنيا !!.
أذكر تساؤلك في تلك اللحظة إن كنت فعلاً أتمنى أن يتحقق ما أسميته أنا شرف لم أكن تتوقعه ؟ وبدون تفكير أو تردد قلت لك : أجل... أجل فالأقدار أحياناً تستجيب لرغباتنا التي نظن أنها مستحيلة التحقيق ؛ ربما كانت تلك رغبة جامحة ودفينة تكتمتُ عليها وواريتها تحت حياء ربما يكون مفتعلاً ؛ ولكنه على كل حالٍ؛ حياء ؛ ورغم كل هذا الشعور الطاغي الذي يدفعني باتجاهك لم أكن قادراً على التصريح به خوفاً من أن أُصدم بردة فعلٍ قد تفقدني سعادة أقلها رؤيتك !! فقد كنت أجد سعادتي مجرد اللقيا ؛ وأن ألتقيك في صالونك العامر فهذا غاية ما يتمناه المرء فالسعادة بالنسبة لي هي العشق ؛ فما أجمل أن تكون في حضرة أديبة لثغاء يخرج الحديث من فيها كأنها حسناء باريسية تلثغ الراء كما يلثغها الفرنسة ،و مثلي يجب أن يكون حذراً حتى لا يفقد سويعات سعادة يندر أن يجود بها الزمان .!! عند جلوسي في حضرتك كنت أشعر بأنني قد تحللتُ من كل تحفظات نسجها خيال العاشق، وكذلك أتحلل من متاعب الدهر...و كأنما عشقك وصية سرية ورثتها من ( هليانة الاغريق) وسأورثها( إلياذتي ) لأضمن لها الخلود ؛ أرويها بكل ما في قلبي من نزف وعشق ؛ وأغنيها بكل ما ماتختزنه عينيَّ من أشواق ، وشيء واحد لا أفصح به؛ آلا وهو كل هذا الذي علق بوجداني من معاناة في العشق والحب والهوى!!.
بدأت خطواتنا الأولى في طرقات (....) تلك المدينة الجبلية الساحرة وهدير شلالها والثلوج البيضاء كأنما هي نقاء دواخلك الجميلة ... كنتِ طفلٍ يتعلم الحبو ... ولن أنس تعثرك في المشي بين الأبنية المنتشرة في المرتفعات والمنحدرات الجبلية ؛يومها كنت جد ممنون لما أتاحه الكعب العالي الذي كان سبب تعثرك وحين منتِ تشارفين السقوط أندفع أنا لأمسك بك حتى لا تسقطين ؛ حينها كانت تلامس يداي يدا ك وخصرك ... يا الله؛ لم أكن أتوقع يوماً أن الحظ سيبتسم فتلامس يداي ولو عفوياً ومن غير قصد تلك التضاريس في جسدٍ بضٍ ينضح بأنوثة طاغية... اليوم شاءت الأقدار أن تحقق لي حلمي وتهديني أمنيتي ... ويومها أدركتِ مدى خوفي عليك من السقوط في شوارع (.... ) و منحدراتها .
أتذكرين حين وصلنا مقهى (اساندرا) وطلبتُ لك عصير الليمونادة حتى يهديء من من أنفاسك المتهدجة التي علت بسبب طلوعك المرتفعات أو هبوطك المنحدرات فقلت لك: الحمدالله سليمة فقد كنت سألوم نفسي واقرِّعها إن كان قد حدث طاريء لقدمك ؛ فحينها كنت سأجتر الألم و ,اعيش الندم لأنها كانت أول مرة نتمشى مع بعض وكأني يومها قد ملكت الكون ، أو كأنما لآمست يداي خد القمر ؛ وكان سيكون فألاً سيئاً إن حدث لك أي مكروه ؛ ولكنّ الله سلم ؛ فلولا أن تجرأت وضممتك بسرعة وشدة إلى صدري حتى لا تسقطين فلربما وقعت على الأرض الجبلية الصخرية التي حتماُ ستنال من جسدٍ خلته بضاً؛ كانت سلامتك في سرعة تصرفي .. في ضمة عفوية . وأعماقي كانت تطرب لوقع دقات خفوقك و كانت تعربد طرباً ونشوةً وسعادة !!..كانت تلك أسعد وأجمل الأمنيات قد حققتها !!
أتذكرين يومها حين قلت لك: كأنما هذا الشلال االهادر في أعلى الجبل يعزف سيمفونية ترحاب بمقدمك ... تلك أمسية جميلة ؛ وتلك أيضاً أمنية سجلتها في جوف وجداني وعلى ورق السوسن سحّلت ذكراها بمداد من روحي ودمي .!! فكيف لا أسعد وأنا في صحبة أجمل ليلكة؟! ؛ حديثك كان هامسٌ وهمسك كان كأنغام ملائكية تسحر وتسكر .. فقلت لي: وبس ؟!! .... فقلت لك وما بالقلب كثير ليقوله ولكن من يطلق حياء اللسان؟! ، سأترك ما لم أقله لك للوجدان فميلاده وطلاوته في لحظاتٍ عفوية!! .... وطلبتُ لي كأس من عنب !! وقلت لك هذا بعض من طقوس إحتفاليتنا بحظات السعادة فاشربي من عُنّاب الجبال ؛ فهو نادر المذاق ؛ كنتُ ساهماً في ملكوت العشق أجزلة روحي أعبر لنفسي عن نفسي وا لاقته من سعدةٍ في تلك الحظات ؛ حديث النفس ببنفس ضربٌ من جنون ؛ ولكن ما الذي سيحل عقدة لساني هذه حتى أفصح لها بما هو أكثر من النظرات!!... فإبتسمتِ وقلتِ لي : هل لك أن تطلب لي قدحٌ منه؟!! .. كانت الأجمل ؛ والاجمل، والاكثر سحراً رغم وحدتها التي تحاربها بمن يلتف حولها في صالونها الادبي ، وكأنها تحاول أن تستمد من عقارب الزمن؛ ذاك الذي يحفر في قلبها بصمت معاناة وحدتها، جمالها مرئي و غير مرئي!!... جمالها المعنوي مخزونٌ في دواخلها ؛ يزداد توهجاً للمدركين العاشقين رغم ما يعلو محياها من آثار حزنٍ دفين لا يكتشفه إلا من سبر غور الجمال الحزين ؛ ففي الجمال وحزنه وقار وهيبة وأبهة؛ فيه دلٌ لا تحسه إلا في حزن النبرات وتكسُّرها؛ وفي نبرات الحزن أغنيات للجمال ؛ فيستميلك إليه !!
يتصل....
امسح للحصول على الرابط
 0  0  1786

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019