• ×
الخميس 18 أبريل 2024 | 04-17-2024

إرتدت الطرقات الأحزان وتلون الأفق بالسواد

إرتدت الطرقات الأحزان وتلون الأفق بالسواد
علي احمد حسن لست أحسن التحبير والتعبير حين تكون انت عنوانه ، فبقدر ما حاولت جاهداً أن ألملم الحروف وإنتقي العبارات علها تفئ بالوصف إلا أن جلباب اللغة يظل قصيراً ومشحتفاً...
فعذرا ً أبي إن أتي وصفي ناقصاً ومبتورا ، فالكتابة عنك تحتاج لعطرٍ خاص وانا لا أمتلك ذلك العطر ...فرغم تراكم الكلمات الحزينة فوق بعضها ما بين الشفاه والأفئدة تظل أقصر وأعجز من أن تخفف حرقة الفجيعة أو تضمد نزف الجراح .
فأنا لم أشعر بعجزي عن التعبير كما أشعر اليوم وأنا أسرج خيل الحزن وإمتطي براق الوجع لأكتب عن أبي حسن الأخلاق ، حلو الشمائل ، نظيف الأعماق ، طاهر السريرة ، عامر النفس بحب الآخرين.
كان أبي صواماً قواماً ، متفقهاً في الدين وقرآنياً قدم كتابه بيمينه ، لم يتغن بلحن الهوامش ولم يدندن بتافه الكلم ، ولكنه إتخذ القرآن مرفأ صدق وملجأ آمن .. خصاه الله بالحكمة والحنكة والدراية وسعة الأفق .
كان التجرد طابعه ونكران الذات جوهره والعفو مظهره والصفح طعمه والمثابرة رائحته . كان أبي عطوفاً ورحيماً ومعطاء في غير شح ومبذولاً في غير من .
يوم ما زي أي يوم "
يوم أسود طلت فيه سحابة حزن رمادية حولت نهارنا إلي ليل حالك ، وخضرتنا إلي يباب . يوم مهيب كل شئ فيه كان يوحي بالخوف والقلق . يوم عبوس خيم فيه البؤس وسكت فيه صوت المدينة وتلون الأفق بالسواد ولبست كل الأزقة ثوب الحداد .
يوم حزين تفجرت فيه كل القلوب ،أثكلت فيه البراكين الدفينة نفسها وتجمدت فيه الإبتسامة علي الشفاه وسيطر علي الطرقات فاجعة النبأ الأليم .
كنت أظن سابقاً ان تعبير البكاء هو وصف مجازي ولكني اليوم أبكي عليك بعين تجف بها دموع الحنايا ونزف الفؤاد ..فلا الدمع المتحجر في المآقي ولا الحسرات التي مزقت الأحشاء وهردت الجوف قادرة علي مسح الحزن المميت ..فالصباحات تبكي والمساءات مفعمة بالوجع ، وصدورنا تزوي مجروحة بالصمت علي فقدك .. نزرف دموع الحرقة وأكبادنا تنزف ألماً وتوجعاً ، ومآقينا تجود بالدموع بلا رقيب فتسيل دماً ينساب علي خدودنا أحر من نار الجحيم .
رحل أبي فتكحلت المقل بسحابات الحزن وتوطن الآسي في الدواخل وتصلب الدم في الشرايين وتوقف لحن الحياة .
رحل أبي وتركنا معلقين ما بين ألم الحزن وصدمة الفجيعة ..رحل أبي الذي يبعث الأمل كله وسط ركام الأشياء المفقودة ، تاركاً فراغاً كبيراً ومخلفاً جروحا لا ينطفئ أوارها.
رحل أبي الفارس الذي كان يضع للرجولة نفسها أصبعه في عينها مفارقاً الحياة عالي الهمة مرفوع الرأس ، وضاء الجبين .
رحل أبي عنا سريعاً وبلا مقدمات تهيئ الأذهان والنفوس لرحيله المفاجئ الذي خلف من ورائه حزمة من الأحزان وأنهار من الدموع .. فليته حين رحل ترك لنا بعضاً من تجسيدات خصاله نستعين بها علي رحيله الأليم .
لم أرد أن أختم ولكن الكيبورد يتمنع رغم محاولتي كسر عناده ومساحة الحزن تبسط ظلالها الكثيفة على روحي..
نحن لا نستطيع أن نتخير للدمع ثياباً وها هي ثيابنا تبتل للمرة الثانية بمفارقة أعز عزيز ..ولكن ستظل ذكراهما حياة وحياتهما موت تموت فينا ونحن أحياء .
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا ابي لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي الله
لك الرحمة والمغفرة يا أبي ولا حول ولا قوة إلا بالله .

الإبن المكلوم / علي احمد حسن
الإثنين 25/1/2016 م
امسح للحصول على الرابط
 0  0  5312
التعليقات ( 0 )
أكثر

جديد الأخبار

د. مزمل أبو القاسم يفند أكذوبة الرصاصة الأولى بالتفصيل.. وينشر أخطر التفاصيل الحرب لا تُشن برصاصة واحدة، والتحضير لها لا يتم بين يوم وليلة، ولا بين..

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019