لقد أخطأ حاج ماجد فوجب التوضيح 1..

 

البعض كاد يُفسد علينا حلاوة العيد, ولا أبالغ إن قلت لكم انّ آلاف الرسائل من الشتائم والسب والمهاترات والجدال قد تمّ تبادلها - للأسف الشديد - في مجموعات الواتساب بين الأخوة السودانيين في المنطقة الشرقية خلال أيام العيد المبارك, وذلك رداً على دعوة عادية لبرنامج إجتماعي - معايدة - دعا له نفر كريم من أبناء السودان, بينما أصرت لجنة تسيير الجالية التي كونها الأمين العام مؤخراً أن تتبنى هذه الدعوة!!

كنت متردداً طيلة الأربعة أشهر الماضية أن أعلق على قرار الأمين العام الذي أمر فيه بحل الجالية, حتى لا يُحسب ذلك أنه نوع من رد الاعتبار أو الخصومة حيث أنني مقرر اللجنة التنفيذية التي أمر القرار بحلها, الاّ أنّ ما حدث من إختلافات شديدة وخصومات بالغة أيام العيد المباركة نتيجة هذا القرار تُحتم علينا وبصورة هادئة هذا التوضيح, وبالتأكيد فإن إحترام القرارات الصادرة عن مؤسسات الدولة سيكون حاضراً.

بداية يجب أن نوضح أن ( الجالية السودانية في المنطقة الشرقية ) والتي أمر بحلّها الأمين العام في قراره في يونيو الماضي, وعين لجنة التسيير ( محل الخلاف الدائر الان ), ظلت الى حدٍ ما وعلى مدار عشرات السنين تحافظ على وحدة السودانيين في المنطقة الشرقية, بل برز علمائها وقادتها في التصدي للكثير من قضايا المغتربين بصورة عامة كما أنها كانت سفارة قائمة بذاتها للسودان في المنطقة الشرقية وخلقت لنفسها علاقات واسعة مع السلطات المحلية السعودية وهذا بشهادة عدد من سفراء السودان الذين مروا على الرياض.

أُنشأت الجالية قبل قيام جهاز المغتربين نفسه, وبعد قيام الجهاز في الثمانينيات لم تسجل أي حالة تدخل فيها الجهاز مباشرة في حل أو تكوين لجان هذه الجالية طيلة هذه السنوات, كيف ذلك إذ لا يعقل أن يمنح القانون موظف في الدولة حق حل وتشكيل منظمات المجتمع المدني ( الجاليات ) في الخارج وهو جالس على كرسيه في الخرطوم!, بل الأغرب من ذلك فقد تمّ إلزام السفارة بتنفيذ القرار دون مراعاة لخصوصية البلد المضيف والذي ظلّ يدعم بسخاء ويرعى هذه التكوينات الاجتماعية السودانية التي تتكون بعفوية, حيث تعلم المملكة تماماً أن هذه الكيانات السودانية ذات طابع وخدمات إجتماعية.

المهم تطورت الجالية تباعاً حتى أستحدث لها نظام أساسي تُكونت بموجبه اللجنة التنفيذية ويُعمل بهذا النظام مند العام 1999م, حيث عُدل في العام 2005م ثم عدل في نسخته الأخيرة في العام 2007م وهو ينص على تكوين المجلس العام من سبعين عضواً يمثلون الفئات التالية:

( عشرة أعضاء منتخبون من المجلس السابق - ستة عشر عضواً يمثلون المهنيين - ستة وعشرون عضواً يمثلون ولايات السودان - أربعة مقاعد تمثل الروابط الرياضية - أربعة مقاعد خاصة بجاليات المحافظات - أربعة مقاعد للمناطق التي ليس لها تمثيل أي جمعيات - ستة أعضاء يرشحهم المجلس العام الجديد استكمالا للمجلس من الشباب والكوادر النشطة في المنطقة ليصبح إجمالي المجلس العام سبعون عضواً تنتخب منه اللجنة التنفيذية ).

هذا التكوين الأخير جاء على هذا الشكل بعد تسجيلات استمرت ستين يوماً في مدينة الدمام, سُجلت خلالها حوالي سبعة وثمانون كياناً إجتماعيا ومهنياً بالجالية, ثم انتقلت الخطوة الأخيرة وهي إجتماع المجلس العام ولأسباب موضوعية الي السفارة, حيث عقد المجلس العام أول جلساته في السفارة وبشهادة وحضور قنصل عام سفارة جمهورية السودان, وإختار المجلس العام اللجنة التنفيذية حسب النظام, لكن اختيار اللجنة لم يرضِ عدداً من الأخوة وهذا شيء طبيعي فالإختلاف يحل بالانتخاب وهذا ما تم في المجلس, ثم أرسلت الاسماء بمحضر موقع من القنصل العام باعتباره شاهداً الي أمين عام جهاز المغتربين في تاريخ 15 / 3 / 2014م ومنذ ذلك اليوم باشرت اللجنة التنفيذية مهامها في سلاسة حيث أنجزت عدداً من البرامج الاجتماعية والخدمية المتعلقة بالطلاب والأيام العلاجية المجانية واللقاءات العامة وأهمها لقاء الأمين العام نفسه, كما شاركت في صيف ( سايتك ) وعقدت عدد من الاجتماعات مع السفارة وإمارة المنطقة الشرقية لتهيئة مناخ العمل, كما استقبلت عدداً من الوفود القادمة من السودان, وأثناء إنشغال الجالية بتوزيع آلاف الأرقام الوطنية وآلاف الجوازات إنابة عن القنصلية نفاجأ بقرار الحل!

المهم في الأمر صدر القرار, وشكل بموجبه لجنة تسيير للجالية من ثلاثة عشر فردا, غالبيتهم لم يسمعوا ولم يستشاروا في ذلك, بل بعضهم قد اعتذر عن التكليف, والمؤسف أن الامين العام لم يكلف نفسه بالاتصال أو ارسال خطاب يوضح فيه ذلك, بل لم يوضح وبكل شفافية الجهة التي رشحت له هذه الاسماء, ولماذا تجاهل اللجنة التنفيذية للجالية المنتخبة؟ وتجاهل المجلس العام المنتخب من أكثر من سبعة وثمانين كياناً في المنطقة الشرقية؟ وكيف لجالية أقدم من جهاز المغتربين وتُشكل وفقاً لنظام أساسي واحد منذ أكثر من خمسة عشر سنة, أن تعرف أنها قد حُلت من الواتساب؟!!! بل وعن طريق معارضيها! أنا لا أجد تفسيراً لذلك إلا إذا كان الأمين العام يريد أن يقول لهم ها أنا قد انتصرت لكم فأشمتوا! لماذا يجامل الأمين العام على حساب الجالية وقياداتها ومؤسساتها ومصالح الناس؟ هل هناك صراع بين الجهاز والسفارة وبالتالي يريد أن يحسمه خاصة وأن الجالية قامت وانتخبت بإشراف القنصل العام؟!

ليس المقصد من هذه الكتابات الرغبة في الإستمرار في الجالية, بل ويعلم الله أنه للأسف الشديد ليس هناك أي محفزات للتعاطي مع الشأن العام, ولا أعتقد أن مستقبل جالية الشرقية ووحدتها ووفاقها يتحقق من خلال هذا القرار المعيب, بل العكس تماماً فان هذا القرار ساهم في إفساد الحياة الإجتماعية بالمنطقة الشرقية والنشاط العام بصورة عامة, فالعمل العام عبارة عن تجرد وتجارب وصبر وحوار وتفاهم.

اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ,,

كل عام وأنتم بخير جميعاً وتقبل الله صالح الأعمال

نعود إن شاء الله الي الآثار المترتبة لهذا القرار.

هشام عثمان مكي

hishammakki@hotmail.com