• ×
الجمعة 29 مارس 2024 | 03-28-2024

وبلادنا تتنسم ذكرى الاستقلا المجيد ... ( كفر و وتر ) تصطحبكم في سياحة وطنية خاصة ... محمد احمد المحجوب ... وجه الاديب المشرق في معترك السياسة !!!

وبلادنا تتنسم ذكرى الاستقلا المجيد ... ( كفر و وتر ) تصطحبكم في سياحة وطنية خاصة ... محمد احمد المحجوب ... وجه الاديب المشرق في معترك السياسة !!!
 كفر و وتر / الخرطوم / عثمان الحاج الامين /
اول ما يتبادر الي الذهن ونحن نتناول هذه الاضاءة المقتضبة من حياة الاديب والسياسي البارع محمد احمد المحجوب هي تلك المقدرة الفذة علي ارساله للمجتمع رسالة مفادها ان الادب ليس ترفا في حياة الشعوب بل هو جزء من ثقافاتها ..ومع بروز العديد من النظريات التي تؤكد علاقة الادب بالسياسة والنظريات المضادة التي تنكر هذا الجانب يبرهن المحجوب انه الوجه المضئ للالتزام بأداب المهنة من حيث القاعدة ويحول النجاح الي واقع نتلمسه في حياته.
وللذين يرون ان اداب المهنة تقتصر علي اصحاب المهنة الواحدة يقول المحجوب حجته الشهيرة ويؤلف المثل السائر ( اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ) ولو لم يكن في حياة الرجل الحافلة سوي هذه الجملة المقتضبة لكانت كافية للحكم عليه بأنه وجه الاديب المشرق في معترك السياسة.
ولد السيد محمد احمد المحجوب يالدويم 1908 وهو من اسرة الهاشماب الشهيرة .التحق بكلية غردون والتي كانت تمثل الغاية والطموح لراغبي التعليم في السودان في تلك الفترة الي ان تخرج منها مهندسا 1929 وعمل بعد تخرجه بمصلحة الاشغال الي ان ترك مجال العلوم الهندسية لينتقل للقانون ارضاء لرغبة التطلع في نفسه وملامسة الواقع الاجتماعي. وقد كان من ابرز كتاب مجلة الفجر لمؤسسها عرفات محمد عبدالله .عمل بالقضاء وبعدها بالمحاماة قبل ان يتولي وزارة الخارجية 1957 وقد اختار حزب الامة ليعمل من خلاله ورفع علم استقلال السودان مع الزعيم محمد احمد الازهري كما تولي وزارة الخارجية في فترات لاحقة منها في عهد حكومة اكتوبر 1964 وينسب له الفضل في انجاح قمة الخرطوم الشهيرة 1967 وهي قمة اللاءات الثلاثة والتي كانت نقطة تحول في الموقف العربي تجاه قضاياه الخارجية .وقد كان جديرا بهذه المواقف وهو الذي ثقلته تجارب الشعوب وهو يتنقل بين دول العالم ويشارك في المحافل الدولية ويؤسس( عصبة الشعوب الملونة)

في لندن ويرشح نفسه لمنصب الامين العام للامم المتحدة ويلقي سندا قويا لما يملكه من صلات وثيقة وحنكة ادارية هذا بالاضافة لاجادته التامة للغه العربية وامتلاكه ناصية بيانها واسرارها وتمكنه من اللغة الانجليزية وطلاقته فيها.

ومن عصارة هذه التجارب الثرة اثري المحجوب مكتبة الفكر والادب بمؤلفاته .ففي جانب مؤلفات الفكر له : الحركة الفكرية في السودان 1941 والحكومة المحلية في السودان 1945 ومؤت دنيا مع عبدالحليم محمد1946 ونحو الغد 1970 وله بالانجليزية democracy on trial الديموقراطية تحت المحاكمة ..

اما في جانب الادب له : قصة قلب 1961 والذي تحول الي قلب وتجارب 1964 والفردوس المفقود 1969 ومسبحتي ودني 1972 .

ونلاحظ ان فترة النشاط الادبي للمحجوب كانت في فترة الستينات وهي فترة نهضة الشعوب فقد اندلعت فيها الثورة الثقافية في الصين والثورات الشهيرة في كل من اليابان وفرنسا وقد كان العالم بأكمله في تلك الحقبة يطرح لغة مغايرة ويتجه نحو هموم المجتمع وملامسة قضاياه وقد كان المحجوب حاضرا بقوة في ذلك التغيير

وذلك لارتباطه الوثيق بالعالم الخارجي .

اعمال المحجوب الادبية متينة السبك والصياغة من حيث الشكل ومهمومة بقضايا المجتمع وحاجاته في مضامينها السامية.فعند زيارته للاندلس وحزنه لما اّل اليه حالها الف قصيدته الشهيرة الفردوس المفقود والتي يقول مطلعها :

نزلت شطك بعد البين ىولهانا وذقت فيك من التبريح الوانا

وسرت فيك غريبا ضل سامره دارا وشوقا واحبابا واخوانا

فقد تحسر في القصيدة علي ضياع ماضي امته التليد وملأ المفردات بشحذ الهمم والاستعداد لاسترجاعها.

ويصور محمد احمد المحجوب قوة البيان وجزالة الحجة والاعتداد بالنفس ورقة العاطفة في الابيات التي صاغها بعد ان اخذ احدهم قلمه دون علمه فخاطبه قائلا :

ماذا صنعت به وكان اذا جري نفث البيان الحر غير مقيد

قلم تحرر من قيود زمانه ومضي طليقا لا يدين لسيد

كالحية الرقطاء ينفث سمه اما غضبت علي اثيم معتد

واذا رضيت فما ارق سطوره حسنا وابهاها عقود زمرد

كم غادة خلدت بحسن زمانه ومضت تتيه بحسنها في المشهد

يا سارق القلم جهلت مكانه لا يعمل الصمصام الا في يدي

ويبين قوة السبك والخيال وروعة التشبيه والتصوير في الابيات التي يتحسر فيها علي شبابه بعد ان غزا رأسه الشيب وهو علي قمة جبال الالب الباردة ويزهو ضمنا حين يشبه الثلج فوق هامات الجبال بالشيب حين يقول :

باسقات الجبال في الافق سكري صاعدات مع الشعاع شعاعا

كلل الثلج هامها فتراءت كشيوخ خاضوا الزمان صراعا

ليت شيبي كشيبها موسمي يكشف الصيف عن صباه القناعا

وفي الختام لا شك ان مثل هذه السطور لا توفي القامة والمفكر الاديب محمد احمد المحجوب حقه

ولكنها لمحات من حياة رجل اثري وجدان الامة بابداعاته ورفد المكتبة السودانية بروائع الفكر والادب .توفي محمد احمد المحجوب في يونيو 1976 رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته.

امسح للحصول على الرابط
 0  0  5803
التعليقات ( 0 )
أكثر

جديد الأخبار

..................... .................... في اطار سعيها الجاد في تدعيم اللجان الادارية استطاعت مجموعة التجديد لجماهير نادي الهلال للتربية التي..

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019