اصبر" شوية " حتى متى .. ترى ما المشكلة؟!
بقلم مصطفى محكر اصبر" شوية " حتى متى .. ترى ما المشكلة؟!
حينما تأخذنا الاشواق بعيدا الى حيث الوطن ومراتع الصبا ، نستعين بالهاتف لعله يخفف من لوعة الشوق ، ويقرب المسافات ، فنحدث هذا ، ونتجاذب حلو الحديث مع ذاك ، ونسأل عن اخبار الجيران ، والاصدقاء..ولكن عندما تطرح الاسئلة الصريحة حول امكانية وضع عصا الترحال ، وكتابة نهاية للغربة الممتدة ، سنينا عددا ، تأتي الاجابة من الذين تنتظر منهم افادة مفرحة " اصبر شوية " ! ، واذا قُدر لك ان تطرح سؤالا لمحاولة الفهم الكامل سنبري لك احدهم ليحدثك بمعرفة الخبير الذي يصعب التشكيك في افاداته .. ستسمع حديثا طويلا عن واقع صعب يعيشه اهلنا في السودان .. زيد سيقول لك ان الاسعار يارجل طارت حتى ظننا ان ليس لها ارضا ستهبط عليها مجددا ، ويمضي معددا لائحة طويلة .. اللحم ، السكر، الزيت ، البصل ، الصابون ، الدقيق ، وحتى الفول حبيب الشعب تدلل في غفلة من الزمن.. وسيضيف عبيد .. ان الاسرة لاتتوفر في المستشفيات ، وان وجدت سريرا عليك بشراء الادوية التي بدورها بلغت مبلغا لن يستطيع معه الفقراء صبرا.. وسيصدمك ثالث .. يارجل انت وين عايش " ده الاوكسجين " الان غير متوفر ، .. الم تسمع بحكاية مستشفى بحري ومن ماتوا لانهم لم يجدوا اوكسجينايستنشقوه!.. وسوف تستمع ايها المغترب والمهاجر الذي يهزه الشوق هزا الى حضن الوطن افادات اخرى صادمة ، عن تردي كثير من الخدمات الاجتماعية التي ينبغي ان توفرها الدولة كأساس للحياة الادمية .
وحينما تستمع لهذه الحكايات ، ستصاب بإحباط بالغ ، وفي غمرة ذلك ستعدل عن أي برامج تصب في اتجاه وضع عصا الترحال ..
ترى ماهي المشكلة .. السياسيون السودانيون يشبهون بعضهم البعض .ز تتغير الاسماء ، والرتب ، ولاينصلح الحال .. وقد جرب الناس كل انواع الحكم من شمولية قابطة الى ديمقراطية منفتحة ،ولم يتحقق حلم الناس البسطاء الذين يحلمون بنوم هادئ ، ولقمة عيش حلال ، ومقعد شاغر في مدرسة لاتعرف لغة الرسوم .. وسرير نظيف في مستشفى حكومي يعالج مرضاه مجانا.. وطبيب يشرف على المرضى وهو غير مشغول بمطالب تحسين وضعه الوظيفي .. وممرض لاتشغلةركشة يجري بها شمالا ويمينا حتى لايجوع صغاره.
ترى ما المشكلة .. والحكومة في كل يوم توقع اتفاقية .. وتبرم صفقة مع جهات خارجية لدعم مشروعات التنمية ..
ترى ما المشكلة والحكومة توقع الاتفاقية تلو الاخرى مع حركات متمردة ، وعجلة التفاوض تدور منذ اكثر من عشرين سنة بلا توقف من اجل ان يهنأ اهل السودان كلهم جميعا بأمن واستقرار وسلام ، لايعرف لغة البندقية..
ترى ما المشكلة .. والحكومة تقول انها انهت حربا ضروسا في الجنوب ، باتفاقية قضت بميلاد دولة جديدة عاصمتها جوبا ، وحسمت اضطرابات الشرق ، وبسطت سلطة الدولة في دارفور. و اقامت السدود ، ومدت الطرق ، وشيدت الابار ، وانارة القرى والفرقان..
ترى ما المشكلة .. والقيادة السياسية تتحدث في كل حين عن طهارة اليد ، واخلاص النوايا من اجل سودان لايجوعاو يعرى اهله .. وكيف يجوع ويعرى من كانوا قبلة للجوعى ، وابناء السبيل وهم القول القائل شاعرهم ، اسماعيل حسن:
بلادي انا بلاد ناسا مواريثم في اول شيء كتاب الله
وخيل مشدود وسيف مسلول حداهو درع
تقاقيبن تسد الليل مع الحيران وشيخا في الخلاوي ورع.
ويمضي مغردا ليضيف:
بلادي الجنة للشافوها او للبرّة بيها سمع
بلاد ناسا تكرم الضيف
حتى الطير يجيهاجعان ومن اطراف تكيها شبع.
ترى ما المشكلة .. وبلادنا تكتظ بالأحزاب التي تمارس السياسة في الهواء الطلق ، ومن بين هذه الاحزاب من " توالى" ضمن منظومة الحكومة الحالية ، فيما بقيت اخرى تحمل راية المعارضة ..
ترى ما المشكلة .. في ان نصبح " ناسا" ليهم قيمة في وطن يرعى الحقوق ، ولايبُخل عليه بالواجبات ..وتعود الطيور المهاجرة الى حضن الوطن وهي تلقي بجوازات السفر في جب عميق ، ويُكف الصادحون بالشكاوى عن الحديث ، حتى ننعم كلنا جميعا بخيرات بلادنا التي لاتحصىولاتعد.. حينها لن تجد الحكومة من يعارضها ، ولن تسعد المعارضة لانها لن تجد من ينتظرها.
مصطفى محكر mmuhakar1@yahoo.com
حينما تأخذنا الاشواق بعيدا الى حيث الوطن ومراتع الصبا ، نستعين بالهاتف لعله يخفف من لوعة الشوق ، ويقرب المسافات ، فنحدث هذا ، ونتجاذب حلو الحديث مع ذاك ، ونسأل عن اخبار الجيران ، والاصدقاء..ولكن عندما تطرح الاسئلة الصريحة حول امكانية وضع عصا الترحال ، وكتابة نهاية للغربة الممتدة ، سنينا عددا ، تأتي الاجابة من الذين تنتظر منهم افادة مفرحة " اصبر شوية " ! ، واذا قُدر لك ان تطرح سؤالا لمحاولة الفهم الكامل سنبري لك احدهم ليحدثك بمعرفة الخبير الذي يصعب التشكيك في افاداته .. ستسمع حديثا طويلا عن واقع صعب يعيشه اهلنا في السودان .. زيد سيقول لك ان الاسعار يارجل طارت حتى ظننا ان ليس لها ارضا ستهبط عليها مجددا ، ويمضي معددا لائحة طويلة .. اللحم ، السكر، الزيت ، البصل ، الصابون ، الدقيق ، وحتى الفول حبيب الشعب تدلل في غفلة من الزمن.. وسيضيف عبيد .. ان الاسرة لاتتوفر في المستشفيات ، وان وجدت سريرا عليك بشراء الادوية التي بدورها بلغت مبلغا لن يستطيع معه الفقراء صبرا.. وسيصدمك ثالث .. يارجل انت وين عايش " ده الاوكسجين " الان غير متوفر ، .. الم تسمع بحكاية مستشفى بحري ومن ماتوا لانهم لم يجدوا اوكسجينايستنشقوه!.. وسوف تستمع ايها المغترب والمهاجر الذي يهزه الشوق هزا الى حضن الوطن افادات اخرى صادمة ، عن تردي كثير من الخدمات الاجتماعية التي ينبغي ان توفرها الدولة كأساس للحياة الادمية .
وحينما تستمع لهذه الحكايات ، ستصاب بإحباط بالغ ، وفي غمرة ذلك ستعدل عن أي برامج تصب في اتجاه وضع عصا الترحال ..
ترى ماهي المشكلة .. السياسيون السودانيون يشبهون بعضهم البعض .ز تتغير الاسماء ، والرتب ، ولاينصلح الحال .. وقد جرب الناس كل انواع الحكم من شمولية قابطة الى ديمقراطية منفتحة ،ولم يتحقق حلم الناس البسطاء الذين يحلمون بنوم هادئ ، ولقمة عيش حلال ، ومقعد شاغر في مدرسة لاتعرف لغة الرسوم .. وسرير نظيف في مستشفى حكومي يعالج مرضاه مجانا.. وطبيب يشرف على المرضى وهو غير مشغول بمطالب تحسين وضعه الوظيفي .. وممرض لاتشغلةركشة يجري بها شمالا ويمينا حتى لايجوع صغاره.
ترى ما المشكلة .. والحكومة في كل يوم توقع اتفاقية .. وتبرم صفقة مع جهات خارجية لدعم مشروعات التنمية ..
ترى ما المشكلة والحكومة توقع الاتفاقية تلو الاخرى مع حركات متمردة ، وعجلة التفاوض تدور منذ اكثر من عشرين سنة بلا توقف من اجل ان يهنأ اهل السودان كلهم جميعا بأمن واستقرار وسلام ، لايعرف لغة البندقية..
ترى ما المشكلة .. والحكومة تقول انها انهت حربا ضروسا في الجنوب ، باتفاقية قضت بميلاد دولة جديدة عاصمتها جوبا ، وحسمت اضطرابات الشرق ، وبسطت سلطة الدولة في دارفور. و اقامت السدود ، ومدت الطرق ، وشيدت الابار ، وانارة القرى والفرقان..
ترى ما المشكلة .. والقيادة السياسية تتحدث في كل حين عن طهارة اليد ، واخلاص النوايا من اجل سودان لايجوعاو يعرى اهله .. وكيف يجوع ويعرى من كانوا قبلة للجوعى ، وابناء السبيل وهم القول القائل شاعرهم ، اسماعيل حسن:
بلادي انا بلاد ناسا مواريثم في اول شيء كتاب الله
وخيل مشدود وسيف مسلول حداهو درع
تقاقيبن تسد الليل مع الحيران وشيخا في الخلاوي ورع.
ويمضي مغردا ليضيف:
بلادي الجنة للشافوها او للبرّة بيها سمع
بلاد ناسا تكرم الضيف
حتى الطير يجيهاجعان ومن اطراف تكيها شبع.
ترى ما المشكلة .. وبلادنا تكتظ بالأحزاب التي تمارس السياسة في الهواء الطلق ، ومن بين هذه الاحزاب من " توالى" ضمن منظومة الحكومة الحالية ، فيما بقيت اخرى تحمل راية المعارضة ..
ترى ما المشكلة .. في ان نصبح " ناسا" ليهم قيمة في وطن يرعى الحقوق ، ولايبُخل عليه بالواجبات ..وتعود الطيور المهاجرة الى حضن الوطن وهي تلقي بجوازات السفر في جب عميق ، ويُكف الصادحون بالشكاوى عن الحديث ، حتى ننعم كلنا جميعا بخيرات بلادنا التي لاتحصىولاتعد.. حينها لن تجد الحكومة من يعارضها ، ولن تسعد المعارضة لانها لن تجد من ينتظرها.
مصطفى محكر mmuhakar1@yahoo.com