• ×
السبت 20 أبريل 2024 | 04-19-2024

عبد الرحمن القادري يبدع بشخصيتين في "الهيبة"

عبد الرحمن القادري يبدع بشخصيتين في "الهيبة"
الرباط / حنان فهد / عندما تشاهد عملًا على الشاشة، فإنّك تنجذب في البداية إلى الأداء التمثيلي لفنانيه، ومع متابعة العمل تستكشف براعة الإخراج وإتقان السيناريو وجودة المونتاج وباقي تفاصيل وأركان العمل، ولكن دائمًا أول ما يقتحم عين المشاهد هو الممثل والأداء.
نلاحظ أن بعض الممثلين يجيدون فقط الظهور في أدوار نمطية، تعبر أكثر عن شخصياتهم الحقيقية التي تميل إلى طابع معين، إما الكوميديا أو التراجيديا أو الحماس..، لتصبغ الصفة ظهورهم في سائر أعمالهم الفنية، إلا أن الموهبة الحقيقية تتجلى في أن يجيد الفنان أكثر من ظهور.
سنكتشف اليوم دهاليز الأداء التمثيلي العالي بمسلسل الهيبة، الذي يُشهد لكل ممثل فيه بإثقان دوره، وايصال روح الدور لدرجة تجعلك تشعر بجودة تعليمات الإخراج في كل مشهد، ونرصد أداء استثنائي لممثل برع في اداء شخصيتين مختلفتين بالعمل نفسه، نعم دورين بالهيبة لنفس الممثل والمشاهد لم يلاحظ.
شخصية "برهوم" بالجزء الثاني وشخصية "زكّور" بالجزء الرابع من أداء نفس الممثل، هل تصدق!؟
عبد الرحمان القادري يرتدي بالهيبة ثوبين من القماش نفسه لكن بلونين مختلفين، وبراعة الأداء تكمن في تجسيده لدور الشر في كلتا الشخصيتين، لكن دون تكرار لصيغة واحدة في تمثيلهما. الأولى شخصية "برهوم" همجية ومحتالة، لا تحمل أي قيمة لمعاني الأخوة والصداقة والمشاعر، تبيع في أول منعطف، وتغدر عند الملصحة، و الشخصية الثانية "زكّور" تتسم بالقوة وحب الانتقام للأُخُوّة، تملك أسلوبا فجا ومباشرا في التعاطي مع الآخر، والصعوبة هنا في التجسيد، تخلق الثراء في الشخصية والإقناع في الأداء، هذه الأدوار تجبرك حتما على الإبداع والبحث والأداء الفريد الخالي من الرتابة.
عبد الرحمان القادري يأكد على امتلاكه لقدرات تمثيلية كبيرة، وأدوات مكنته من الظهور بشخصيتين مختلفتين وبفروق واضحة لدرجة التخفي حتى، مثل هذا النجاح الذي لم تلحظه عين المشاهد، ولم يرصده الناقد، توقف على قدرة الممثل في إبراز الفروقات بين الشخصيتين في الأداء، وقدرة المخرج على إبراز الاختلافات، كما فعل هنا المخرج "سامر البرقاوي" بمهارة فائقة، حيث بدى جليا الإهتمام بتغير الشكل الظاهري كملامح الوجة والشعر والملابس، كما نجح في توظيف الشخصية بزاوية التصوير التي تجعل الشكل مختلف لدرجة إخفاء أي تشابه شكلي.

هناك ممثلون موهوبون لدرجة تمكنهم من لعب أدوار مختلفة في نفس العمل، وتجسيد كل شخصية تماما بكل تفاصيلها ومشاعرها، حتى تشك أنه ممثل آخر، وعبد الرحمان فنان أتبث أن الموهبة هي أساس كل مهنة، لكن الضمان هي معرفة كيفية استغلالها، ومع احترافية مخرج مشبعة بالخبرة والمعرفة والنظرية والتطبيق قد تجلى الطريق إلى تجسيد الشخصية الدرامية الجديدة للممثل بهذا الموسم "الرد"، بحيث لا تمس ولا تقارب ولا تعاود ما سبق وقدمه ب"العودة".

نادرا ما يقدّم ممثل شخصيتين في عمل فني واحد، لما يترتب عن ذلك من مخاطر فنية كبيرة قد يقع بها العمل، فيما لو لم تكن الحرفية المطلوبة موجودة عند الفريق التقني خاصة المخرج، لذلك لم تسجل لهذه الحالة ظهورا بارزا في حركة الفن على الساحتين العالمية والعربية رغم قدمها، ومع هذه المخاطرة طالما أُستُحِبَّ وضع هذا التحدي الدامي على عاتق بطل ونجم العمل، لكن بالهيبة أن تقدم هذه الفكرة، ويكون الرهان على أحد الممثلين، فهذا معناه أن الجميع نجوم وأبطال للعمل، وأن يتصدى هذا الفنان لعمل ذلك بإثقان، معناه أن المخرج ليس فقط قد توفق بحسن الإنتقاء، بل أنه قد دخل غمار تحدي واختبار، ليس لقوة ممثليه فحسب، بل هذا استعراض لطيف منه لقدراته هو كمخرج.
"سامر البرقاوي" باشتغاله على شيء إبداعي من هذا القبيل، قد رفع سقف التحدي بهذا الجزء، إذ تولى بشجاعة وبراعة حمل عبء نجاح أو فشل هذه الفكرة.

استخدام ممثل لتجسيد أكثر من شخصية أمر غير مستحدث في الدارما أو حتى في السنما، فقد تفنن بعض النجوم في تقديمها، وغالبا ما كان الهدف هو فرد مساحة أكبر للبطل في استعراض مواهبه، لكن عندما يتصدى ممثل في بدايات ضهوره لعمل يتطلب منه التَشَكُّل في قالبين، فهو دليل على موهبة تستحق النجومية، وحيث يصبح الموضوع ثريا مملوء بالتفاصيل والمتعة، نقول من الجيد أن نرى تجديد وتنوع في القوالب الدرامية، و تفنن أيضا في تكنيك العمل ككل نحو تقديم الأفضل، وليس مجرد تصوير عمل تجاري ناجح، بل تقديم نموذج متكامل لدراما حقيقية مشغولة بحِرفية عالية.
امسح للحصول على الرابط
 0  0  9645
التعليقات ( 0 )
أكثر

جديد الأخبار

أكــد الســنغالي لامیــن ندیــاي مــدرب مازیمبــي الكونغولــي، أن فریقــھ یجــب أن یكــون فــي أفضــل حالاتــھ، عندمــا یسـتضیف الأھلـي..

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019