زووم
هل سنستوعب درس الكاتلونيين؟
أنصار ورواد الكرة السودانية لا يقبلون مقارنة الأوضاع عندنا بما يحدث في الدول الأوربية أو أي من دول العالم الثالث المعروفة بمستوياتها الرفيعة في هذا المجال، إما استخفافاً بالكرة السودانية وما يجري في مسرحها من تفاصيل، أو خجلاً من المستوى المتواضع لكرتنا وهرباً من المقارنات المباشرة وبالتالي كشف النقاط التي توضح حجم المهزلة التي نمارسها هنا، ولكن تشاء الأقدار أن تأتي الرياح بما لا تشتهي سفن أصحاب الغرض ولتجعل المقارنات مسألة لا مفر منها، فأبناءنا من أجي التسعينات والثمانينات وما بعدهما غير مقتنعين تماماً بما نفعله بالكرة السودانية مهما قدمت من نجوم وأبطال، ومهما حاول الإعلام المحلي أن يضخم شخصياتهم ويجملها لأنهم لن يكونوا عند المقارنة مع نجوم الكرة العالمية إلا نمور من ورق.. هذه هي الحقيقة وإن كانت مؤلمة.. لذلك كان لزاماً علينا أن نتقبل المقارنة.. بل ونبادر بها، وإن لم نفعل فإن العالم من حولنا سيزج بنا في أتون المقارنة التي ستفضي إلى نتيجة حتمية مختصرها أننا متخلفون من حيث المفاهيم والممارسات.. والقائمون بأمر رياضتنا يهدفون دائماً للحصول على الصورة الجميلة للشخصيات دون أن تقدم ما هو مقنع، وإعلامنا يصنع بأيديه أصناماً ليعكف على عبادتها، وجمهورنا مخدوع ما بين البرق والبريق، والرهاب والمطر.. محتار بينما هو صحيح وما هو مغشوش.
من المؤكد أن كل من شاهد مباراة برشلونه الأخيرة أمام إسبانيول في ديربي كاتالونيا قد وجد نفسه دون ان يدري أمام مقارنة حية بينما حدث في تلك المباراة وما يحدث عندنا محلياً في الكرة السودانية، من سلوك جماهيري يتخطى في كثير من الأحيان مسألة الهوس والجنون بكرة القدم إلى الفوضى والهمجية، وما يحدث هناك من ممارسة تنوعت ما بين الرقي والتحضر، والذوق والإحترام والوقار، على أساس أن التنافس الرياضي الشريف قائم على إحترام الخصم والنفس واللعبة أيضاً، وهي الأشياء التي تخلق الأجواء الحميمية في أي ملعب تقام عليه مباراة لكرة القدم مهما كانت الحساسيات القائمة بين الطرفين، فقد رأينا جماهير برشلونة تقيم حفلاً مؤثراً للمدرب بيب غوارديولا بعد أن إختار مفارقة النوكامب وقد صنع من نفسه أسطورة في ذهن الانصار، ولا أظن أن الجماهير الكاتلونية قد احتاجت إلى لجنة للحشد والتعبئة على غرار ما سيفعله كرنديس وصفوت قاسم عندما اجتمعا مع رئيس نادي المريخ ودار نقاش حول كيفية حشد الجماهير أمام مازيمبي الكنغولي في المباراة المصيرية القادمة، مع أن المباراة نفسها تحمل صرخة مدوية تنتزع أي مريخي غيور من مكانه لتحمله حملاً للإستاد من أجل مساندة وتشجيع الفريق، وإن كانت جماهير المريخ قد وصلت مرحلة أن تحشد بميزانيات طائلة واجتماعات وغيرها من مظاهر هذه الأيام فاسمحوا لي بالقول أنها ليست جماهير المريخ الحقيقية فابحثوا عن الجمهور الأصيل واعرفوا إلى أين هرب وطريقة إرجاعه إلى المدرجات حتى تستقيم الأمور من جديد..!
لقد كان مشهداً مؤثراً وجماهير البارسا تحمل اللافتات وقد كتبت عليها (قراسياس بيب) أي شكراً بيب، وهي تقف إجلالاً وتوالي التصفيق لدقائق وهي واقفة، وعند الأوربيين تعني الوقفة مع التصفيق غاية الإحترام والتقدير، وقد فعلت جماهير البارسا ذلك لتودع مدربها المحبوب في أبلغ درس، ولكن الأهم في هذه المقارنة أنه لابد لجماهير المريخ وبقية الأندية السودانية أن تدعم لاعبيها بأساليب حضارية تترك الأثر الطيب في نفوسهم وتحفزهم على تقديم الأفضل، فما نشاهده في الفترة الأخيرة لا علاقة له بالتشجيع والمؤازرة، وإنما تمثل الكثير من الممارسات والمظاهر الجماهيرية خصماً على روح اللاعبين ومعنوياتهم، فبعضهم مازال يعتقد أن الصراخ في وجه اللاعبين يحثهم على اللعب بشكل أفضل، ولكنه يوترهم ويخرجهم من أجواء اللعب بعد أن يصبحوا متجمدين لا يستطيعون النظر إلى المدرجات، فيصبح الجمهور خصماً عليهم، خاصة وأن اللاعب يحتاج للدعم عندما يكون في برج نحسه أكثر من حاجته إلى التصفيق والهتاف له وهو نجم متألق.. وفي نهاية المطاف لن تضيف له الصرخات والشتائم مخزوناً لياقياً ولا مهارياً إذا كانت المباراة بحاجة إلى ما هو أكبر من قدراته، ولا يمكن أن يفعل التعصب وكل تلك الألفاظ النابية التي يشتم بها اللاعب ما يمكن ان يغطي القصور الإداري الذي نشأ في التعامل مع بعض التفاصيل التي تسهم في صناعة الصورة الزاهية للفريق والصعود به ليكون فريقاً بطلاً ينزل الهزيمة بأكبر فريق في القارة.. وفي نهاية المقال أوجه سؤالاً للجميع.. متى تكون لدينا جماهير مثل جماهير برشلونه.. تدعم اللاعب ولا ترعبه ولا تهزه نفسياً؟.. مجرد سؤال ستكون الإجابة المقنعة عليه كالآتي: سنقلدهم حتى نصبح قريبين منهم..!
مع أن قناعتي التامة في أنه كان ينبغي أن يقلدوننا في السلوك الطيب.. والنأي عن الألفاظ النابية.. فنحن أصحاب حضارة ودين عظيم يحث على مكارم الأخلاق.. بينما يعتمد أولئك على أعراف وتقاليد فقط..!
هل سنستوعب درس الكاتلونيين؟
أنصار ورواد الكرة السودانية لا يقبلون مقارنة الأوضاع عندنا بما يحدث في الدول الأوربية أو أي من دول العالم الثالث المعروفة بمستوياتها الرفيعة في هذا المجال، إما استخفافاً بالكرة السودانية وما يجري في مسرحها من تفاصيل، أو خجلاً من المستوى المتواضع لكرتنا وهرباً من المقارنات المباشرة وبالتالي كشف النقاط التي توضح حجم المهزلة التي نمارسها هنا، ولكن تشاء الأقدار أن تأتي الرياح بما لا تشتهي سفن أصحاب الغرض ولتجعل المقارنات مسألة لا مفر منها، فأبناءنا من أجي التسعينات والثمانينات وما بعدهما غير مقتنعين تماماً بما نفعله بالكرة السودانية مهما قدمت من نجوم وأبطال، ومهما حاول الإعلام المحلي أن يضخم شخصياتهم ويجملها لأنهم لن يكونوا عند المقارنة مع نجوم الكرة العالمية إلا نمور من ورق.. هذه هي الحقيقة وإن كانت مؤلمة.. لذلك كان لزاماً علينا أن نتقبل المقارنة.. بل ونبادر بها، وإن لم نفعل فإن العالم من حولنا سيزج بنا في أتون المقارنة التي ستفضي إلى نتيجة حتمية مختصرها أننا متخلفون من حيث المفاهيم والممارسات.. والقائمون بأمر رياضتنا يهدفون دائماً للحصول على الصورة الجميلة للشخصيات دون أن تقدم ما هو مقنع، وإعلامنا يصنع بأيديه أصناماً ليعكف على عبادتها، وجمهورنا مخدوع ما بين البرق والبريق، والرهاب والمطر.. محتار بينما هو صحيح وما هو مغشوش.
من المؤكد أن كل من شاهد مباراة برشلونه الأخيرة أمام إسبانيول في ديربي كاتالونيا قد وجد نفسه دون ان يدري أمام مقارنة حية بينما حدث في تلك المباراة وما يحدث عندنا محلياً في الكرة السودانية، من سلوك جماهيري يتخطى في كثير من الأحيان مسألة الهوس والجنون بكرة القدم إلى الفوضى والهمجية، وما يحدث هناك من ممارسة تنوعت ما بين الرقي والتحضر، والذوق والإحترام والوقار، على أساس أن التنافس الرياضي الشريف قائم على إحترام الخصم والنفس واللعبة أيضاً، وهي الأشياء التي تخلق الأجواء الحميمية في أي ملعب تقام عليه مباراة لكرة القدم مهما كانت الحساسيات القائمة بين الطرفين، فقد رأينا جماهير برشلونة تقيم حفلاً مؤثراً للمدرب بيب غوارديولا بعد أن إختار مفارقة النوكامب وقد صنع من نفسه أسطورة في ذهن الانصار، ولا أظن أن الجماهير الكاتلونية قد احتاجت إلى لجنة للحشد والتعبئة على غرار ما سيفعله كرنديس وصفوت قاسم عندما اجتمعا مع رئيس نادي المريخ ودار نقاش حول كيفية حشد الجماهير أمام مازيمبي الكنغولي في المباراة المصيرية القادمة، مع أن المباراة نفسها تحمل صرخة مدوية تنتزع أي مريخي غيور من مكانه لتحمله حملاً للإستاد من أجل مساندة وتشجيع الفريق، وإن كانت جماهير المريخ قد وصلت مرحلة أن تحشد بميزانيات طائلة واجتماعات وغيرها من مظاهر هذه الأيام فاسمحوا لي بالقول أنها ليست جماهير المريخ الحقيقية فابحثوا عن الجمهور الأصيل واعرفوا إلى أين هرب وطريقة إرجاعه إلى المدرجات حتى تستقيم الأمور من جديد..!
لقد كان مشهداً مؤثراً وجماهير البارسا تحمل اللافتات وقد كتبت عليها (قراسياس بيب) أي شكراً بيب، وهي تقف إجلالاً وتوالي التصفيق لدقائق وهي واقفة، وعند الأوربيين تعني الوقفة مع التصفيق غاية الإحترام والتقدير، وقد فعلت جماهير البارسا ذلك لتودع مدربها المحبوب في أبلغ درس، ولكن الأهم في هذه المقارنة أنه لابد لجماهير المريخ وبقية الأندية السودانية أن تدعم لاعبيها بأساليب حضارية تترك الأثر الطيب في نفوسهم وتحفزهم على تقديم الأفضل، فما نشاهده في الفترة الأخيرة لا علاقة له بالتشجيع والمؤازرة، وإنما تمثل الكثير من الممارسات والمظاهر الجماهيرية خصماً على روح اللاعبين ومعنوياتهم، فبعضهم مازال يعتقد أن الصراخ في وجه اللاعبين يحثهم على اللعب بشكل أفضل، ولكنه يوترهم ويخرجهم من أجواء اللعب بعد أن يصبحوا متجمدين لا يستطيعون النظر إلى المدرجات، فيصبح الجمهور خصماً عليهم، خاصة وأن اللاعب يحتاج للدعم عندما يكون في برج نحسه أكثر من حاجته إلى التصفيق والهتاف له وهو نجم متألق.. وفي نهاية المطاف لن تضيف له الصرخات والشتائم مخزوناً لياقياً ولا مهارياً إذا كانت المباراة بحاجة إلى ما هو أكبر من قدراته، ولا يمكن أن يفعل التعصب وكل تلك الألفاظ النابية التي يشتم بها اللاعب ما يمكن ان يغطي القصور الإداري الذي نشأ في التعامل مع بعض التفاصيل التي تسهم في صناعة الصورة الزاهية للفريق والصعود به ليكون فريقاً بطلاً ينزل الهزيمة بأكبر فريق في القارة.. وفي نهاية المقال أوجه سؤالاً للجميع.. متى تكون لدينا جماهير مثل جماهير برشلونه.. تدعم اللاعب ولا ترعبه ولا تهزه نفسياً؟.. مجرد سؤال ستكون الإجابة المقنعة عليه كالآتي: سنقلدهم حتى نصبح قريبين منهم..!
مع أن قناعتي التامة في أنه كان ينبغي أن يقلدوننا في السلوك الطيب.. والنأي عن الألفاظ النابية.. فنحن أصحاب حضارة ودين عظيم يحث على مكارم الأخلاق.. بينما يعتمد أولئك على أعراف وتقاليد فقط..!